عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب : الإختيار .. قرار

نشوى سلامة تكتب : الإختيار .. قرار
نشوى سلامة تكتب : الإختيار .. قرار

وفى كل حاجه بنمر بيها  مبنسمعش لحد ، مبنحبش حد يبقى له سلطه علينا ، أوامر ، أو نصايح ، دايماً متمردين ، رافضين ، جايز يكون الكِبر واخد وضعه ، والأكيد ان عدم الوعى هو اللى مستربع ، كل حاجه فى حياتنا كده ، لما كنا صغار وكان اهالينا مافيش وراهم غير كلمه ذاكروا علشان تنفعوا ، الوقت اللى بتضيعوه هترجعوا تندموا عليه ، ركزوا فى دروسكم وبس ، لا تنشغلوا بأمور اخرى ، كان ده بيقابله عند البعض منا  صد عقيم  ورفض حتى للاستماع والتفكير فيم وراء الكلام ، على اعتبار انه تحكم وليس نصح وحب  من اكثر ناس ممكن يهمهم مصلحه اولادهم 
 
 
الأمهات دايما عندهم حواس مختلفه عن البشر ، ليست حاسه سادسه ، انا شخصيا فى تجاربى  مع والدتى رحمها الله ، كنت القبها دائما بالحاسه التاسعه ، لانها فاقت كل التوقعات ، فى بعد النظر وتقييم الأشياء سواء علاقات انسانيه ، او امور ماديه اقتصاديه بحته ، الامهات ينصحن الابناء  بالابتعاد عن فلانه او فلان ، لانها لاترى فيهم خيراً ، لا تقلن ذلك من باب التسلط او حكم قراقوش ، ولكن لبعد النظر ولادراك المصلحه ابعد من الأبناء اللذين لا يزالون يتخبطون ولا يملكون الرؤيه الواسعه لكل امور الحياه 
 
 
بعض الاصدقاء يكن لهم عقول متفتحه اعمق من اعمارهم ، قد حباهم بها الله ، فتجدهم مستنيرين ، متميزين ، لا يقولولون الا صوابا ، لا يحكمون  الا بحكماً  سديداً ، حينما تأخذ رأيهم فى مسأله ، تجد عندهم الحل حتى لو كان به ألم لك بعض الشىء، حتى ولولم تقدر عليه ، حتى ولو لم يكن على هواك  ، ولكنه يحمل لك  مستقبلا ً أملا ً فى ان تتعدى محنتك بل وستقوى عليها بعد ان استقوت هى عليك سابقاً وكادت او بالفعل دمرتك ، ولكنك استمعت لصوت عاقل جعلك تتفكر قليلا ً وتعيد ترتيب امورك ، ليس لتعتاد على الالم ، بل لتهيئة نفسك ان تعتاد على مواجهته ولا تجعل شيئا ً ابداً مهما كان يجعلك تتوقف ، فلا الدنيا وقفت بك ولا وقفت عندك 
 
 
على نفس المنوال وجدتنى لا أقف  عند أزمات كثيره مرت بى ، منها المعنوى المتعلق بالحياة والمعاملات  الانسانيه بما فيها من كل المشاعر الايجابيه والسلبيه منها ،  صدق ونفاق  وخيانه واخلاص وحتى الغدر او الوفاء ، كل ذلك كان يجعلنى اتخطى الالم وأخلص لنفسى منهجاً كى اسير به استكمالا ً للحياه ، إما أستمر اذا كانت الامور تشير بالايجابيه والصواب ، او أعرج لطريق آخر اذا كانت الامور  تهوى الى السلبيه والخطأ ، وهذا بالمعنويات من امور الحياه، فمابالكم بالماديات منها  
 
 
 الاشياء التى تحدث حولنا والتى نضطر الى ان نعدل سلوكنا وطريقتنا حتى لا نقف عندها دون وعى ، مجرد رافضين ، نصد بكل قوه ما يحدث ، ما تؤول اليه الامور وتتطور ونحن لانزال على طريقتنا القديمه ، ولا نسير فى ركب هذا التطور ونعتب على كل شىء حولنا ، ونحن انفسنا من يصر ان يقف فى مكانه لا يريد تطوير نفسه ، او تعديل سلوكه وفقاً لمعطيات جديده تواجدت حولنا ، ولنتذكر مسأله الكهرباء مثلا ً.
 
 
فى القاهره الكبرى وليس المحافظات ، حيث الاهتمام الاكبر طيله سنوات ولو انه اهتمام ( على ماتفرج) ، لم نعتاد على انقطاع الكهرباء ، ولا على ثقافه استبدال الاشياء بغيرها لتسيير امورنا ، لم نعتاد على توفير او ترشيد استهلاكنا من الكهرباء ، لم نحرص يوماً على نزع الأكباس فى حال عدم الاستخدام ،  نترك بعض اللمبات دائما تعمل حتى لا يطن ان المنزل خالى من سكانه،. اما الشوارع فحدث ولا حرج ، عن كهارب  وتعاليق الحج فلان ولافتات محلات الحج علان ، بلاش نتكلم عن شوادر المواسم ، ولا على افتتاح محال ، يكفينا ان ننظر الى اللافتات الضخمه على الطرق ، يكفينا ان نتذكر اعمده الاناره التى تعمل بالعكس ولا يزال بعضها بالمناسبه ، وهو الاسراف والسفه بعينه 
 
 
ولكننا فى المنازل خرجنا من هذه التجربه  التى بدأت معنا فى اكثر الفترات اضطرابا فى احوال البلد وهى فتره ( خوارج العصر) ، خرجنا بدرس ترشيد الاستهلاك ، بالفعل استبدلنا اللمبات بغيرها والتى تقل فى سحب التيار ، استغنينا عن تشغيل اكثر من مكيف هواء كالسابق، بل عدنا الى المروحه  ، بعض المحال اعتمدت  على المراوح ايضا لتقليل الضغط على التيار ، استمعنا الى تعليمات تشغيل الغساله بموعد ، فالتزمنا به ، وكل ذلك لم تنهار الدنيا ولم تتوقف ، بل نحن اللذين طورنا من اسلوب حياتنا ، لن انفى او اتجاهل ان هذه الخدمه بالرغم من ترشيد الاستهلاك قد زادت اسعارها ، لكن لن اتجاهل ايضا ان اسباب ذلك واضحه للجميع ، فتكلفه بناء محطات ، وتكلفه توفير مواد الطاقه من بترول وخلافه ، قد فاقت الوصف ، ومحاوله تدمير بلدنا وجعلها تنهار فى كافه النواحى ، جعلنا وكأننا نبتدىء من الصفر ، ونحن الان فى زمن يجعلنا نقدر الخدمه التى نحتاجها وكانت قد اوشكت على الزوال  ، وندفع ثمناً الان  لها حتى يكون لها استمراريه فلا هى تتوقف ولا نحن نتوقف عندها  ، فقد تعلمنا .
 
 
الان تواجهنا مشكله اخرى لطالما لم نستمع لاحد فى امرها ، الا وهى المياه ، واتذكر قديما ان هناك اعلان تليفزيونى كان ينتقد ربة المنزل ( حرام عليكى ياست سنيه سايبه الميه ترخ من الحنفيه) ، الاعلان ده قديم ، وكنا بنتناوله كنوع من المزاح ونردده دون استيعابه ، ولم ندرك بعد نظر الغير فى تنبيهنا ان نعمه المياه لابد ان نحافظ عليها ، حتى لو كانت مصر هبة النيل ، اسرافنا فى استخدام المياه فاجر ، علشان كده اول ما يحدث انقطاع للمياه ، تتوقف حياتنا نهائياً ، لا نستطيع النزول الى اشغالنا ، لا تستطيع ربة المنزل اتمام امور بيتها ، مابالك المطاعم ، كيف تعمل فى ايام انقطاع المياه ؟؟، لا اريد ان اتخيل ،ولا تقتصر هذه الازمه على الاحياء الفقيره تصنيفاً والتى يقال ان بنيتها التحتيه بعافيه ولابد من اصلاحها ، بل امتدت الى مايطلق عليه الناس مناطق الناس اللى عايشه بجد ، برضه لا استطيع التعليق .
 
 
فى السنوات السبعه الاخيره تكرر انكسار مواسير ورافعات وامتدادات وخلافه وكل مايخص منظومه المياه لمنطقه التجمع بالقاهره الجديده ، الاسباب هى الفساد حيث تم اسناد مناقصه العمل لمتربحى الاموال دون تقديم الخدمه الصحيحه ، ومااكثرهم ، وقد اودعوا الان فى السجون فى اجراءات المحاكمات ، لكن مهما يطول او يقصر الامر فنحن السكان من نتأثر تأثيراً مباشراً ، وتتكلف الدوله طول الوقت فاتوره اصلاح ما اتفق عليه الفسده ، وكم من وقت ضاع ومصالح تعطلت بسبب هذا الانقطاع المتكرر، لقد اصبحنا الان ننتظر تعليمات اخرى غير ترشيد الاستهلاك ، هذه التعليمات خاصه بموعد السياره التى نستطيع ان نملأ منها الاوعيه والجرادل وحل ما يصلح لتخزين المياه ، ونحن فى المنطقه التى يقال عليها ( هى دى الناس اللى عايشه ) فهل لديكم انتم الان تعليق ؟؟
 
 
لكن هذه التجربه علمتنى درساً ، تماماً كالدرس الذى تعلمته اوقات انقطاع الكهرباء، فقد وجدت نفسى حريصه جدا على كميه قليله من الماء ، لانى تحملت مجهوداً حتى احصل عليها ، ووجدتنى اكثر نشاطا وحرصاً على عدم تأجيل اى امر يتعلق باستخدام المياه ، بل وجدتنى اعيد استخدام المياه مره اخرى ، ومثالا لذلك ،اخذت المياه التى نظفت بها الاطباق عبأت بها الجزء الخاص بطرد المياه من المرحاض ، توضأت بزجاجه مياه صغيره ، اعددت طعامى بالقليل من الماء ولم اهدر اى نقطه ، وفى صباح اليوم التالى وجدت ان الماء لايزال فى حوذتى ولم ينفذ ففرحت وكأننى وجدت كنزاً .
 
 
ولكن بعد مرور يوماً اخر وعودة المياه ، تُرى هل سأعود الى سابق امرى واستخدم المياه بسفه ، هل بعد ان يتعلم الانسان درساً من الممكن ان تنزلق قدميه مرة ً اخرى نحو ما حذره منه من يدرك ابعاد الامر ، هل نحن هكذا لابد وان يتم اجبارنا دائما لنجد انفسنا نسير نحو الاصلح ، والاصل فى القاعده يقول اننا مسيرين للاختيار وامامنا كل شىء ، النصح امامنا ، ورؤيه الاخر امامنا ، رأى الحكماءمنا امامنا ، الصواب والخطأ امامنا ،  كل شىء ملك يدينا ، والاختيار هنا قرار، ونحن فى طريقه مسيرين ،   فتُرى  ستهديتا خطانا لما سُيرنا اليه باختيارنا ، ام سنخفق ؟؟
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز