عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

دينا أبو الوفا تكتب : إهانة اللاعبين بعد المباراة أحزنني كخسارتها

دينا أبو الوفا تكتب : إهانة اللاعبين بعد المباراة أحزنني كخسارتها
دينا أبو الوفا تكتب : إهانة اللاعبين بعد المباراة أحزنني كخسارتها

بعيدًا عن أداء منتخب الفريق المصري لكرة القدم المذري والسيئ والذي لا يختلف عليه أحد، وبعيدًا عن الأسباب اللانهائية التي أدت إلى تلك النتيجة الحتمية وخروجنا من الدور الأول بهذا الشكل المخزي والمهين، الذي أدى إلى شعورنا نحن كشعب مصري بالانكسار والإحباط والخيبة



إلا أن من بين جميع المشاهد والبوستات والتعليقات والتعقيبات والتحليلات وما إلى ذلك، استوقفني وأحزنني بالأخص مشهد قد حدث بعد هزيمتنا أمام منتخب السعودية وعودة منتخبنا إلى الفندق ونزوله من الحافلة التي أقلته إلى هناك..

رأيت بعض مشجعي الكرة المصرية من المصريين طبعًا، يهتفون ضد اللاعبين ويوجهون اليهم ألفاظًا بذيئة للغاية.. ما ترك في نفسى أضعاف الحزن الذي كان قد طالني بسبب هزيمتنا وأضعافا مضاعفة من الشعور بالخزي والعار.

لمَ؟! لأنني ان كنت قد حزنت وشعرت بالخزي في أول الأمر من أداء الفريق، الا ان أداء هؤلاء الأشخاص- كممثلين للجمهور المصري- بعد النتيجة كان أكثر إحباطا،

فكما فشل المنتخب المصري في تمثيل الكرة المصرية بشكل لائق أمام العالم، فقد أخفقت تلك الجماهير أيضا في تمثيلنا نحن كشعب مصري أمام العالم.

فشلوا في الالتزام بقواعد الأدب والأخلاق والتحلي بالروح الرياضية وأخفقوا في تشريفنا

قد ينسى العالم يومًا ما، ما فعله منتخب كرة قدم في الملعب، لكنني أكاد أجزم بأنه لن ينسى أبدا ما قامت به جماهير منتخب ما من تعديات وإهانات لمنتخبه إثر سقوطه!

ربما يعكس فشل منتخب ما: سوء تدريب، سوء تخطيط، ضعف فريق، أو إمكانيات محدودة.. كل هذا مغفور ويمكن إصلاحه إذا ما أردنا ذلك حقًا، ولكن ردة فعل الجمهور تعكس: ثقافة شعب متدنية، سوء أخلاق، روح رياضية غابت وفي الأغلب لن تعود حتى إشعار آخر.

فكيف سينسى العالم ذلك وكيف سنغير نحن ما بأنفسنا! هذا هو السؤال المعضل

ولهذا اجتاحني هذا الشعور العميق بالغضب والثورة تجاه المشجعين.. إن جاز التعبير واستطعنا أن نلقبهم بمشجعين.. فكلمة مشجع تأتي من الفعل "شجع".. شجعَ يشجع مشجِع (معروفة).

فإذا كنت سأقف كالأبله أسب لاعبي منتخب وطني هكذا على مرأى ومسمع من الجميع وأمام مشجعي الدول الأخرى.. فهل أستحق لقب "مشجع"

بالأحرى أن ألقب بالـ"محبط" وألقاب أخرى كثيرة سأمتنع عن سردها حتى احتفظ بأخلاقي أمام العالم!

والسؤال الآخر الذي جعلتني أجابته أستشيط غيظًا.. هو: لم ردة الفعل الهوجاء تلك!؟ فأتت الإجابة بسيطة سهلة.

لأننا وبمنتهى البساطة اعتدنا أن نعلق أخطاءنا على شماعة الآخرين ونجيد كشعب فن الإسقاط بحرفية تامة.

اى نعم.. فشل المنتخب المصري في أداء مهمته على اكمل وجه، لكن من منا لم يخفق يومًا في أداء مهمته على أكمل وجه!

هل أصبحنا جميعًا معصومين من الخطأ!؟

هل نجحنا في كل الأدوار التي أسندت لنا.

هل نجحنا جميعًا في دراستنا وكنا دومًا من الأوائل.. ألم نذق كلنا يوما طعم الرسوب بشكل أو آخر.

ألم نجد مئات الأسباب والمبررات لأنفسنا حينها!؟

ألم نقل لأنفسنا أنها ليست نهاية العالم.. فلماذا هي إذن نهاية العالم بعد عدة مباريات لكرة القدم!؟

هل استتب الأمن في جميع النواحي الأخرى من معيشتنا ولَم يتبق سوى الرياضة خصوصًا رياضة كرة القدم لنندب حظنا عليها؟!

هل المنظومة التعليمية في بلادنا رائعة وهل يضرب المثل بالمنظومة الصحية في بلادنا مثلًا!؟

هل تفوقنا وبرزنا في جميع المجالات ولَم يتبق سوى الكرة!؟

هل نجحنا في عملنا ووصلنا إلى اعلى المراكز بالجد والاجتهاد.. أم تظل "الكوسة بالبشاميل" تتصدر العوامل الرئيسيّة حتى يومنا هذا في النجاح والتفوق!

هل نحن سعداء حقًا وراضون بِمَا آلِ إليه حالنا.. بمرتباتنا الشهرية، بمستوى معيشتنا، بحياتنا بصفة عامة.

اعتقد لا.. فأنا واحدة من الملايين الذين أصابهم الإحباط الشديد وكادوا يرفعون الراية البيضاء ويستسلمون طوعًا للاستسلام

انا واحدة من هؤلاء الذين امتلأوا يومًا بكم هائل من الطاقة الإيجابية ولَم يعد لديهم منها اليوم شيء يذكر!

كلنا نشعر بذلك، كلنا نبحث عن بداية جديدة، عن امل وليد ينمو ويصبو أمام أعيننا

عن قشة نتشبث بها، بينما نغرق في بحور الخيبة وقلة الحيلة.

وكانت قشتنا، المنتخب المصري لكرة القدم.. وضعنا على عاتقه تلك المسؤولية الثقيلة.

نحن حزانى فعليك ان تفرحنا.

نحن محبطون فعليك ان ترفع من معنوياتنا.. نحن فشلنا في بلوغ القمة، فابلغها انت نيابة عنا.

نحن حطام بشر، فكن أنت الكيان الراسخ لنا

هل هذا من العدل.. ان نسقط كل شيء عليه

أليس هذا المنتخب جزء من نسيج هذا الوطن

ألم نفكر للحظة أنه ربما، ربما، يمر لاعبيه أيضا بنفس تلك المشاعر المتضاربة!

ألم نفكر أن ما أصابنا هو في الأغلب ما أصابهم.

ألم نفكر أنهم ربما يكونون مثلنا، مشروع نجاح لم يكتمل، بذرة طموح لم تنمُ، لأن أحدًا لم يعتنِ به اعتناء صحيحًا .

والاعتناء لَيْس فقط عبارة عن دخل جيد وراتب مغرٍ.. فمنا من يتلقون راتبًا جيدًا ولكن هل يشعرون بالنجاح حقًا!

الاعتناء يكون بأشياء أخرى كثيرة لن أتطرق إليها لأنها ليس مجال للنقاش الآن، لكن دعوني أذكر واحدة منها وهي الرعاية الصحيحة وتبني القدرات.

هل نشعر ان هناك من يلتفت إلى قدراتنا حقًا وينمي تلك القدرات أو ينظر إلى نقاط تطوير داخلنا فيعملون على تطوير تلك النقاط!

دعونا لا ننسى ان افضل الفرق الموسيقية "هتنشز" لو لم يكن لديها مايسترو محترف يقود تلك الفرقة ويوجهها توجيهًا صحيحا ويوظف جميع الآلات توظيفًا ذكيًا حتى تخرج إلى النور أروع السمفونيات.

ختامًا، حتى لا أطيل عليكم الحديث، دعونا نكف عن جلد بعضنا البعض، فكلنا في "الهوا سوا".. دعونا نتوقف عن البحث عّن "الشماعة " التي نلقي عليها جميع همومنا وأوجاعنا وانكساراتنا... فربما تكون الشماعة هي الأخرى مكسورة!

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز