عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامه تكتب: لكل مقامٍ مقال..

نشوى سلامه تكتب: لكل مقامٍ مقال..
نشوى سلامه تكتب: لكل مقامٍ مقال..

كلامنا كتير بيكون سببًا في إثراء حياتنا وعلاقتنا بالناس أو في إفشالها، بس ياترى إحنا بنتحاسب على كلامنا الكتير ولا بنتحاسب على نوايانا اللي أخرجت الكلام ده عننا وبقى ملتصق بنا إننا تفوهنا به.



 طبعا ربنا أعلم بالنوايا وأعلم ببواطن الأمور، لكن الناس معندهاش الصفة الإلهية دى ولا تقدر تعرف ما خفى وراء كل حديث، علشان كده بتحصل مشاكل سوء الفهم، وبدورها بتسوء العلاقات، وصعب جدًا أن كل بنى آدم يفرد لوجهة نظره ولكلماته علشان يقدر يوصل قصده الصحيح لكل متلق، وكمان غير مُفترض إطلاقًا أن كل الناس تكون بتفهم بعضها كصفحات بيضاء دونما أي شوائب.

فى علاقاتنا العادية حتى وان تقولنا بكلام في وقت ضيق أو في غير وعى أو في ظروف استثنائيه، فنحن مسؤولون عن هذا الكلام، وعذرًا أنا لا أعترف بلفظة ظرف استثنائى، إلا في حالة شخص يقع تحت تأثير مخدر أو في فترة إفاقة جراء عملية جراحية، وحتى هذا الشخص مع انه لا يدرك ما يقوله، ولكنه بالفعل صادق في قوله وقد وعى اليه قبل ذلك وفكر فيه وحاول ان ينطق به ولكنه آثر كتمانه حتى أتى وقت لا مجال فيه للكتمان، لأن ما ننطق به هو عبارة عن مخزون في عقلنا الباطن، تخيلناه وشعرنا به، وفكرنا جيدا  في هؤلاء الاشخاص الذين قصدناهم والذين رغبنا في ان يصل اليهم كلامنا، فعندما يصل بالفعل لا يحق لنا ان نلتمس منهم عذرًا بالمقولة الخائبة الرجاء... (لم نقصد ما قلنا ابدًا)، فهذا هو بعينه محض الهُراء.

وده بيحصل في علاقاتنا اليومية والاسرية، بيحصل في العمل بين الزملاء، بيحصل بين المواطنين والقائمين على تنفيذ خدماتهم، بيحصل حتى في المدارس بين الطلبة وبعضهم وبين الطلبة والمعلمين، بيحصل حتى في علاقات العاشقين وبتكون سببًا في انهيارها، لا اعلم إلى متى سننتهى من ظاهره سوء الفهم هذه حتى لا نهدر أوقاتًا في اعادة شرح وجهات النظر، وتبيان المعنى المقصود، الحال بيكون اصعب كمان لما بتكون اللغة غير موحدة المعانى، فمثلا هناك بعض الالفاظ التي يعتادها ابناء منطقة بعينها أو محافظة عن غيرها، من السهل جدا الخطأ في فهمها من أطراف أخرى، وعليه تُبنى أشياء وتنهار أخرى، ولكن كل ذلك من الممكن التغلب عليه، إما بالاعتياد، أو بالتكرار في الأمر حتى يفهم الناس بعضهم البعض على أن يكون جميع الأطراف على حق وعلى استعداد لتفهم الأمور واستيعابها لتمر مرورًا طيبا  دون إحداث تأثير غير طيب.

هناك أيضا نوع من الكلام الذي يجب التدقيق فيه بشدة لانه كما يقال الغلطة فيه بفورة، الكلام ده بيكون كلام الشخص المسؤول، الذي يتعين عليه أن يدرك تمامًا ان كلماته لا يمكن أبدا أن تحمل صدى مختلفًا لدى الجميع، وأنها لابد وان تصل كما هي نصًا ومعنى، لانها كلمات بيانية، إما لتوضيح حقائق، أو لإعلان عن منهج، أو خطة سير عمل، أو إجراءات يجب الالتزام بها مثلا إذا كنا نتحدث عن الصحة أو الاقتصاد.

وهنا حديثي يتعلق بالصحة والسيدة وزيرة الصحة، والصحة في بلدنا بذاتها بعافية شويتين، وأعلم أن هناك جهدا كبيرا وميزانية ضخمة وليس كما يشيع الرويبضة أن ميزانية وزارة الصحة تتقلص، وأعلم أن هناك عددا من المشافى تم بناؤها غير التي تم صيانتها وإعادة افتتاحها بشكل لائق للمرضى والأطباء، وأعلم المعجزة التي قامت بها وزاره الصحة للقضاء على فيروس (س) الذي انهك قوى شعب بأكمله، واعلم عن إدراج الأمراض المزمنة حيز المكافحة تماما كنهج فيروس سي في إجراءات المتابعة، واعلم وكلى امتنان بالقرار الأخير الذي ينص على الانتهاء سريعا من قوائم العمليات الجراحية المنتظِرة منذ وقت طويل رأفةً بحال المرضى من هذا الشعب، وأعلم الإجراءات المشددة لمتابعة التلاعب في اسعار العقاقير، واعلم الحملات التفتيشية على معامل تحت السلم والادوية المهربة المنتهية الصلاحية، واعلم عن منظومة التأمين الصحى التي نحن بصدد تطبيقها حتى لا يكون هناك مريض يمنعه أي مانع من تلقى خدمته الصحية بشكل طبى وإنسانة لائق.

أعلم كل هذا وأكثر، فنحن نحتاج إلى سلسلة مقالات لنفرد فيها جهود هذه الوزارة التي لا تستطيع أن تلاحق على كم الانهيار في المنظومة الصحية التي للأسف تتوارث عامًا بعد الآخر بسبب عدم النظر إلى أي إجراءات اصلاحية، وأعلم أنه حتى تطبيق منظومة التأمين الصحى لتغطى كافة أنحاء الجمهورية سيظل المرضى في قوائم انتظار الأسِرة ليحصلوا على الرعاية، وسيظل الاطفال منتظرين الحضانات التي لا تخلو ابدا ، وسيظل مريض الرعاية في نطاق ( ربنا يستر ) حتى يخلو مكان بالرعاية المركزة، وهذا من أكثر الاشياء إيلامًا وتمزيقًا لصدور هذا الشعب الذي يتشبث بكل كلمة أمل عسى أن تسهم في إبقاء عزيز لهم على قيد الحياة، ولا يتحمل السمع لديهم غير بضع كلمات أهمها أن مريضهم يتحسن، وفقط، ولا يتحملون سماع أي شيء آخر، حتى ولو هم على يقين بأن مريضهم سيصبح فقيدهم شاءوا أم أبوا ذلك.

فهل يسع الناس التي تكون في حال غير الحال، والتي تطيح بكل شيء من تفكيرها إلا التعلق بالأمل في الله، أن تقطع عليهم ما هم فيه لتسمعهم السلام الوطني؟؟ لقد وضعت نفسي مكان هؤلاء، وانا التي لا تحتاج لتعزيز حبى لبلدى أو انتمائي لها، كنت بالفعل منذ فترة قصيرة واحدة من هؤلاء التي حالها حال الناس المتعلقة بالأمل في الله، كنت اذا سمعت لغوا بين الناس في اماكن الانتظار أهرب بنفسى لمكان آخر لأنى لا احتمل، كنت اذا استمعت لاحدهم عند تلقى مكالمة هاتفية وتحدث بكلام أجوف لا يليق بالمكان تمنيت أن ألقى به من شرفه المشفى، حتى صوت وصول المصعد والموسيقى المصاحبة له، لم اكن لأطيقها، وانا مجرد إنسان لا علة بى، لا يطيلنى ألم جسدي، وانما انهيار للحال، لأن قلبى وعقلى مُعلق، بمن هو بالفعل عليل، فلا احتمال.

وضعت حالي أيضا مكان العاملين والممرضات والأطباء وما يلقونه من تعب جراء تعاملهم مع الحالات أو السهر أو تحمل مريض وأهله ومنهم اللين ومنهم الغليظ القول، هل لهؤلاء في هذا الكم من الضغط العصبى والجسدى والعمل الذي يقدرون عليه والبعض منهم لا يقدر، هل لهم ان يتحملوا ان أقول لهم لابد وان اشعر بانتمائك يوميًا لهذا البلد وعليه عليك باستماع ما أقررته من تصريح، وهل لو هذا التصريح موجه للبعض فقط هل سيغير من داخلهم شيء، أرجح أن مجرد ما يستمعون ويشاهدون بل ويتعرضون بأنفسهم لحالات تحتضر بين أياديهم جاءتهم لتوها من معركه انتماء حقيقيه ان تحرك بداخلهم أي نزعة لهذا الانتماء وليس استماعهم للسلام الوطنى.

هكذا خطر إلى ذهني حينما علمت بتصريح السيدة وزيرة الصحة، كيف لك ياسيدتى الا تكونين سديدة في الكلم، كيف لك وانت في الاصل طبيبة وتعلمين ما هو الألم الجسدى والنفسى وتصدرين تصريحًا كاذاعة السلام الجمهورى صبيحة كل يوم بالمشافى، كيف مارستى المهنة ولامستى حال الناس في العهود السابقة ومآسى مابها وانت مازلت بصدد تنفيذ منظومة صحية نأمل ان تكون الافضل، وتصدرين تصريحا كهذا، السلام الوطنى نعتز به جميعنا بل وتدمع اعيننا كلما استمعنا اليه ولا اعلم حتى الآن سببا لهذه الدموع العفوية غير اننا نحب بلادنا ونعتز بها، ولكنى افضل ان استمع لهذا السلام فور انتهاء سيادتكم من تنفيذ كل بند من بنود خطة الاصلاح، فلنقم وقتها الاحتفال ونعزف السلام، أما أن نبدأ المنظومة بالعزف، فعفوًا  لكل مقام مقال.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز