عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أشهر شائعة في الإسلام

أشهر شائعة في الإسلام
أشهر شائعة في الإسلام

كتبت - هبة عوض

في عالم يشهد تطورًا تقنيًا واسعا في وسائل الاتصال، أصبحت الإشاعة أكثر رواجًا وأبلغ تأثيرا، لا سيما على من لا يهتمون بتدقيق المعلومة، كون الباطل لا يفتر أبدا في استخدام كل وسيلة تعوق الحق عن مواصلة طريقه، وتحقيق أهدافه من إعمار المجتمع وتحقيق استقراره وأمنه، ومن ثم فإن أعداء الوطن والعباد تستخدم الإشاعات وتحسن صناعتها لصد الناس عن الحق وأهله، أو لتفريق جمعهم ووحدتهم، ما ينتج عنه وطن منهار.



إن أسرع الأمم تصديقًا للإشاعات هي الأمم الجاهلة، التي تردد الأخبار الكاذبة دون تمحيص ولا تفنيد، وأما الأمم الواعية فلا تلتفت إلى الإشاعات، وتكون مدركة لحيل وألاعيب المنافقين وأعداء الوطن، فلا يؤثر على مسيرتها، وهو ما يتطلب دائما رفع درجة الوعي للمواطنين، لتشكيل مجتمع واعٍ وناضج، يمكنه فهم المؤامرات التي تحيق به، لتحقيق نمو ورخاء وطنه.

وأكبر مثال على انتشار الشائعات المغرضة، الهادفة لتفكيك الوحدة، والنيل من معنويات الجميع، حادثة الإفك التي اتهم فيها المغرضون، السيدة عائشة- رضي الله عنها- بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين، وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحب نسائه إليه، والتي كان لها أثر كبير في رواية الكثير من الأحاديث التي وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أنزل الله فيها آيات في القرآن لتبرئتها من حادثة الإفك التي اتهمت فيها بالفاحشة مع أحد الصحابة الكرام وهو صفوان بن المُعَطَّل.

ذكر القرآن الكريم قصة الإفك أو حادثة الإفك بشكل مفصل في سورة النور، وبيّن تفاصيلها، وما لحق بأم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فيها من ظلم وأذى، وقد وقعت هذه الحادثة في زمن الرسول- صلى الله عليه وسلم- بينما كان خارجًا مع عائشة التي أصابتها القرعة في إحدى غزواته، وهي غزوة بني المصطلق، وقد كان من عادات النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا خرج إلى إحدى غزواته عمل قرعة بين نسائه، وبعد انتهاء الغزوة نزل المسلمون إلى بعض المنازل، فخرجت السيدة عائشة لحاجتها، وبينما هي في الطريق فقدت عقدًا لأختها كانت قد أعارتها إياه، فلم تنتبه لذلك لأن العقد كان رقيقًا، وعندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بمؤذن يؤذن في الناس للرحيل، فقدت السيدة عائشة العقد، فرجعت إلى المكان الذي فقدته فيه تبحث عنه في وقتها، وفي هذه الأثناء جاء النفر الذين كانوا يقودون هودجها، فظنوها فيه فحملوه، فعادت عائشة إلى المنازل التي كانوا يقيمون فيها، وكانت قد وجدت العقد، لكنها لم تجد فيها أحد، فقعدت فيها، وتلفعت في عباءتها، ظنًا منها أنهم سيفقدونها، ويعودون إليها، فغلبها النعاس، ونامت عيناها.

استيقظت السيدة عائشة بقول صفوان بن المُعَطَّل‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله، صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فلما رآها عرفها، حيث إنه كان يراها قبل نزول الحجاب، فاسترجع وأناخ راحلته، فقربها إليها فركبتها، وما كلمها كلمةً واحدةً، ثمّ سار بها يقود الجمل، حتى قدم بها إلى الجيش.

عندما شاهد الناس عائشة تكلم كلٌ منهم بشاكلته، فوجد المنافقون والحاسدون في ذلك متنفسًا لهم كي يخرجوا النفاق والحسد الذي في صدورهم، وقد وصل الخبر للرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه بقي ساكتًا لا يتحدث، لكنه كان يشعر بالحزن الشديد على ما يقال عن أم المؤمنين عائشة، فلما لبث الوحي طويلا، واستشار أصحابه في فراقها، ومرضت السيدة عائشة مرضًا شديدًا، وطلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم أن تمكث عند أمها، خاصة بعد ما أحسّت بالجفاء الذي وقع بينها وبين الرسول.

خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، وألقى خطبة في الناس، يستنكر ما وقع منهم من الحديث عن زوجته وعرضه، ومن ثمّ توجه إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه، للقاء السيدة عائشة، فلما رآها قال لها: (يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتُ بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتُ ألممت بشيء فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عليه) [صحيح البخاري]، فردت عليه قائلة بأنها لن تتوب عن ذنب لم تقترفه، وأنّها واثقة من براءتها، وتلت قوله تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) [يوسف:18].

 

براءة السيدة عائشة

ونزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ليبين براءة السيدة عائشة رضى الله عنها وكان ذلك في سورة النور:(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ* لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ۚ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـٰئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ* وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّـهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَيُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّـهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)[النور: 11ـ20]

هذا هو سيد الخلق رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، فما بالنا نحن الخلق العاديين، كيف تؤثر الإشاعة على حياتنا، كم يمكنها إحباط عزائمنا، وتثبيط أرواحنا، في وقت ما أحوج وطننا إلى تكاتفنا ووحدتنا، والتحلي بالمثابرة لتحقيق وحدته ورفعته.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز