عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد فضل شبلول في حوار خاص:توقعت ما يحدث الآن في عالم النشر الإلكتروني والتواصل الاجتماعي منذ عام 97

أحمد فضل شبلول في حوار خاص:توقعت ما يحدث الآن في عالم النشر الإلكتروني والتواصل الاجتماعي منذ عام 97
أحمد فضل شبلول في حوار خاص:توقعت ما يحدث الآن في عالم النشر الإلكتروني والتواصل الاجتماعي منذ عام 97

حوار- خالد حماد

ما حدث من ثورة إلكترونية تجاوز ما كنت أحلم به وتوقعته في كتابي "أدباء الإنترنت.. أدباء المستقبل"



وسائل التواصل الاجتماعي فرضت كلمتها وسطوتها في عالم الإبداع

عالم النشر الإلكتروني حقق طفرة في مجال نشر الأدب والثقافة والفنون

المجاملات والمحاباة والتكتلات الوهمية جلبت لنا أصواتًا غير أصيلة

يجب على الكاتب العربي أن ينجز أدبًا رقميًا ويجيد استخدام أدوات النشر الإلكتروني

أهم ما يواجه حضور الأدب الرقمي في عالمنا العربي عدم تحمس الكثيرين له

الفكر الورقي هو المسيطر على معظم مناحي حياتنا وعلى أسلوب تفكيرنا

الشاعر والروائي والكاتب الصحفي أحمد فضل شبلول من أوائل المبدعين المصريين الذين انتبهوا لما يسمى الأدب الإلكتروني، وقد بدأ مبكرًا جدًا في رصد هذه الظاهرة عبر وسائل الميديا، وقد سجل هذا عبر كتاب "أدباء الإنترنت أدباء المستقبل عام" في هذا الحوار يتحدث شبلول عن تجربته مع الإبداع الرقمي.

"أدباء الإنترنت أدباء المستقبل" صدر عام 1997 أي ما يزيد على 20 عامًا كنت بدأت الكتابة والإشارة إلى أهمية ودور الكتابة عبر وسائل الميديا الحديثة؟ حدثنا عن هذا التجربة وصولا إلى صك مفهوم الأدب الإلكتروني؟

هي رحلة طويلة بلا شك وتجربة ثقافية قطعتها منذ عام 1997 وحتى الآن حول تأصيل الأدب الإلكتروني، وتوقعت فيها ما يحدث الآن في عالم النشر الإلكتروني والتواصل الاجتماعي، بعضها جاء نتيجة قراءة المجلات الخاصة بعالم الكمبيوتر وشبكة الإنترنت التي كانت في مهدها، وأغلبها كان نتيجة المتخيل الأدبي وكيفية تطويع تلك الشبكة لصالح الأدب والأدباء، وتوقعت أثناء تأليف الكتاب انتشار الأعمال الأدبية عن طريق هذا الوسيط الرقمي الجديد الذي بالتأكيد سيفرض أدواته الخاصة على طقس الإبداع في جميع المجالات، وليس الإبداع الأدبي فحسب.

وأنا أعتقد الآن أن ما حدث من ثورة إلكترونية في جميع مناحي الحياة تجاوز ما كنت أحلم به وما توقعته في كتابي "أدباء الإنترنت.. أدباء المستقبل".

ثم جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتفرض كلمتها وسطوتها في عالم الإبداع غير أنها في الوقت نفسه جلبت لنا أصواتًا غير أصيلة وغير جادة في مسار الإبداع الأدبي سواء العادي أو الإلكتروني، وأنا أعتقد أن هذا شيء عادي جدًا، فمثلما هناك كتب ورقية مكتوب عليها ديوان شعر أو قصص قصيرة أو رواية.. إلخ وما هي بذلك، يحدث هذا من خلال تلك الوسائط الرقمية، ولكن بصورة أكثر فداحة عما يحدث في العالم الورقي، حيث سهولة النشر وسرعته وعدم وجود تكلفة مادية تذكر، وعدم مراجعة ما يكتب وينشر، فضلا عن وجود المجاملات والمحاباة والتكتلات الوهمية، كل هذا أسهم في رفع أناس إلى عالم الأدب وما هم بأدباء في الأصل.

ولكني دائما أنظر إلى الإيجابيات، وإلى نصف الكوب المملوء، وأقول: إن عالم النشر الإلكتروني قد حقق طفرة في مجال نشر الأدب والثقافة والفنون والتعارف بين الأصوات الأدبية على مستوى كبير، لم يكن موجودًا من قبل حين كنا نستخدم طابع البريد لنصل إلى المجلات والجرائد التي ننشر فيها، قبل اكتشاف أو التعامل مع شبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني ونبحر في وسائل التواصل الاجتماعي.

 هل هناك اختلاف بين مفهوم الأدب الورقي وبين مفهوم الأدب الإلكتروني أو الرقمي أم أن هناك فوضي في المفاهيم؟

في الواقع أننا لم نتفق بعد على مفهوم موحد للأدب الإلكتروني، فهناك من يعتقد أن أي كتابة منشورة على شبكة الإنترنت من خلال المدونات والمواقع وفيس بوك أو تويتر وغيرها هو أدب إلكتروني، وهناك من يعتقد أن الأدب الإلكتروني هو الأدب المكتوب بتقنيات شبكة الإنترنت والتي لا تكون فيه الكلمة هي اللاعب الأساسي، وإنما الصوت والصورة والموسيقى وأيقونات الشبكة أو وسائل الميديا بشكل عام هي التي تشكل عالم الكتابة سواء القصيدة أو القصة أو الرواية، وهنا يكون المبدع ليس مجرد كاتب، ولكن بالإضافة إلى الكتابة لا بد أن يكون متمكنًا من استخدام أدواته الإلكترونية الجديدة التي تساعده في التأليف الجديد، للدرجة التي إذا تم الاستغناء فيها عن أداة من تلك الأدوات ينهار العمل الإبداعي بشروطه الجديدة، تمامًا مثلما إذا حذفنا مقطعًا من قصيدة أو من رواية ورقية ينهار العمل.

وأنا أميل إلى التعريف الأخير، لأنه الأقرب إلى روح الإبداع الجديد من خلال شبكة الإنترنت، وأعتقد أن الأدب الإلكتروني ليس هو رفع عمل أدبي - مكتوب على الورق أو في ملف وورد - على الشبكة، وفي جملة سريعة أستطيع أن أقول إن الأدب الإلكتروني هو الأدب الذي يستحيل نشره على الورق أو عن طريق الورق، وأعتقد أنه في الفترة الأخيرة صارت الصحافة الرقمية تتمتع بميزات وتقنيات ومغامرات رقمية أكثر من المغامرات الأدبية، وأعتقد أن السبب هو وجود مؤسسات وجهات داعمة للصحافة الإلكترونية لم نجد مثيلها لدى المؤسسات الأدبية التي لم تزل معظمها تأبى المغامرة والدخول إلى عالم الأدب الإلكتروني أو الأدب الرقمي.

 هل الكاتب العربي جاهز للاشتباك مع ما يسمي الأدب الرقمي؟

الإجابة عن هذا السؤال تتعلق بالفقرة الأخيرة في إجابة السؤال السابق، فإذا وجد الكاتب العربي الدعم والمساندة من المؤسسات الأدبية والثقافية عامة، فإنه سرعان ما يشتبك مع الأدب الرقمي، ولكن معظم دور النشر العربية الآن لم تزل تمارس لعبة "الأكثر مبيعًا" ولعبة "حفلات التوقيع" الوهمية بهدف الترويج للكتاب الورقي، وهؤلاء لا يهمهم الترويج للكتابة الإلكترونية التي هي ضد أهدافهم الورقية، وبذلك فهم يقفون ضد المستقبل الذي هو آت لا محالة، مهما تأخر وصوله إلينا.

 ما هي الأدوات التي تمكن الكاتب العربي من إنجاز منتج أدبي رقمي؟

على الكاتب العربي الذي يريد أن ينجز أدبًا رقميًا أن يجيد استخدام أدوات النشر الإلكتروني وأن يمتلك ثقافة إلكترونية عريضة، وأن يعرف تطور تاريخ الكتابة بشكل عام وصولا إلى العصر الرقمي الذي سيصير واحدا من أفراده، وقبل كل ذلك عليه الإخلاص للفكرة، وليس مجرد مسايرة الموضة، وقد قرأت لبعض مبدعينا أعمالًا تتناول العالم الرقمي مثل رواية صديقي الكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد "في كل أسبوع يوم جمعة"، وقرأت أيضا رواية "بنات الرياض" للكاتبة السعودية رجاء الصانع، ولكنهما لم يبحرا في عالم الأدب الرقمي أكثر من ذلك، ولم يقدما منجزًا جديدًا يخص الرواية الرقمية، بالمفهوم الأدبي الذي تحدثت عنه قبل قليل.

ما هي الأزمات التي تواجه حضور الأدب الرقمي أو الإلكتروني في عالمنا العربي وكيف يمكن مواجهتها؟

أهم ما يواجه حضور الأدب الرقمي في عالمنا العربي عدم تحمس الكثيرين له، ومعظم الكتاب يبدأون بدايات خجولة ثم يرتدون إلى عالم الأدب الورقي، وأعتقد أن الأدب الرقمي يحتاج إلى الكثير من الصبر والتدريب والاشتباك مع مفردات الحياة الرقمية الجديدة، والتفكير بالصورة الرقمية وليس بالجملة الإنشائية التي عهدناها في البلاغة العربية المتداولة الآن. كما أن على الكليات الأدبية أن تتجاوز مفهوم الأدب التقليدي وتطرح على طلابها والمنتسبين إليها أفكارًا جديدة تساير العصر الرقمي الذي نعيشه حاليا.

أيضا من الأزمات التي تواجه حضور الأدب الرقمي هو عدم مسايرة النقد للإبداع الرقمي الضئيل المطروح، هناك بعض المؤلفات التي تطرح الكثير من التنظير للأدب الرقمي، ولكن التطبيق قليل جدًا، والمؤلفات المطروحة تروج لأفكار لم يتم تطبيقها عمليا بعد، والمشكلة هنا أن التصورات النظرية تسبق العملية الإبداعية، والمفروض العكس.

هل ورش كتابة الأدب الإلكتروني تصنع كاتبًا إلكترونيًا؟

أعتقد أن الورش مهمة جدًا في هذا المجال، لكنها لن تصنع كاتبًا موهوبًا، قد تساعد الورش في تعلم التقنيات اللازمة للكتابة الرقمية، ولكن إذا لم يكن الكاتب موهوبًا في الكتابة من الأساس فإنها قد تخلق منه متذوقًا وفاهمًا في أساسيات الكتابة الرقمية، لكنها لن تخلق منه كاتبًا لأن الموهبة هي هبة من عند الله، ولا تصنع صناعةً مهما كانت قوة الورش الكتابية أو الأدبية والمحاضرين فيها.

هل ترى أن ثمة تأثيرًا على الأدب الإلكتروني في مواجهة المطبوع الورقي؟

ليس هناك شك أننا لا نزال نعيش نهاية العصر الورقي الذي بدأ ينحسر تدريجيا لصالح العصر الرقمي، والدليل على ذلك أن عددًا كبيرًا من الجرائد في أوروبا وأمريكا – على سبيل المثال - أغلقت أبوابها لصالح النسخة الرقمية لإصداراتها. وأصبحت المؤسسات الصحفية الجديدة تُدار من خلال شقة واحدة أو اثنتين بالكثير، وعدد أقل من العاملين عن مثيله في المؤسسات الورقية التي تحتاج إلى مبانٍ ضخمة وإدارات وأقسام كثيرة مثل مبنى مؤسسة الأهرام في شارع الجلاء بالقاهرة على سبيل المثال.

ولعل إقرار عدم التعامل بالشيكات الورقية في المعاملات الحكومية في مصر في الشهور الأخيرة يصب تمامًا في تقدمنا نحو العصر الرقمي.

وإذا كنا نسير بسرعة معتدلة نحو الاقتصاد الرقمي، فإننا نسير بسرعة بطيئة جدا نحو الأدب الرقمي، مع أن في المجتمعات القديمة كان الأدب فيها هو المبشر وهو الرائي، وأعمال جول فيرن والدوس هكسلي وجورج أورويل – على سبيل المثال - أكبر دليل على ذلك.

  هل ترى أننا أمام ثقافة إلكترونية بالمعنى الواسع ومن ضمنها يبقي للأدب والنقد الإلكتروني مستقبلهم؟

على الرغم من مرور أكثر من عشرين عامًا على دخول شبكة الإنترنت في عالمنا والتحكم في إيقاعه على نحو متسارع، إلا أن الثقافة الإلكترونية نفسها بالمعنى الواسع لم تصل إلى الأذهان بعد، فما زال الفكر الورقي هو المسيطر على معظم مناحي حياتنا، وعلى أسلوب تفكيرنا.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز