عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

"عبدالناصر".. يتيم الطفولة صانع التاريخ

"عبدالناصر".. يتيم الطفولة صانع التاريخ
"عبدالناصر".. يتيم الطفولة صانع التاريخ

كتب - عادل عبدالمحسن

سر زيارة "عبدالناصر" السرية لقبر جده فى بنى مر بأسيوط 



"ولقد كنت أقول لكم دائماً: إن الأمة هي الباقية، وأن أي فرد مهما كان دوره، ومهما بلغ إسهامه في قضايا وطنه، هو أداة لإرادة شعبية، وليس هو صانع هذه الإرادة الشعبية"

 مات عبدالناصر من نصف قرن وعاش في الدنيا نصف قرن ورغم ذلك لا يزال حاضرا في كل شيء تتناقل سيرته الأجيال من رآه ومن لم يراه فمنذ مائة عام و6 أشهر و8أيام وتحديداً يوم 15يناير سنة 1918ولد جمال عبدالناصر حسين سلطان بحي باكوس في الإسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919

ولما بلغ الطفل جمال السابعة من عمره سنة 1925 دخل مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة، كان عبد الناصر يتبادل الرسائل مع والدته، ولكن الرسائل توقفت في أبريل 1926، وعندما عاد إلى منزل الأسرة، علم بأن والدته قد ماتت قبل أسابيع بعد ولادتها لأخيه الثالث شوقي، ولم يملك أحد الشجاعة لإخباره بذلك

وقال عبدالناصر في وقت لاحق: "لقد كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرا محزنا للغاية، فقد كان فقدها بهذه الطريقة، وعدم توديعي إياها صدمة تركت في شعورا لا يمحوه الزمن".

 

 

منشغل بهموم الوطن منذ نعومة أظافره

منذ نعومة أظافره وفى مرحلة تكوينه كان ناصر مهموما بقضايا وطنه حيث اشترك في أول مظاهرة ضد الإنجليز وعمره 12 عامًا في 1930 احتجاجا على قرار رئيس الوزراء وقتها إسماعيل صدقي بإلغاء دستور 1923، وألقي القبض عليه واحتجز لمدة ليلة واحدة.

وفي 13 نوفمبر 1935، قاد ناصر مظاهرة طلابية ضد الحكم البريطاني احتجاجا على البيان الذي أدلى به صمويل هور وزير الخارجية البريطاني قبل أربعة أيام، والذي أعلن رفض بريطانيا عودة الحياة الدستورية في مصر، وقتل اثنان من المتظاهرين وأصيب عبدالناصر بجرح في جبينه سببته رصاصة من ضابط إنجليزي، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها، ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماءالجرحى.

 وكان عبدالناصر متأثرا بشدة برواية «عودة الروح» للكاتب توفيق الحكيم، التي قال فيها توفيق الحكيم إن الشعب المصري كان فقط بحاجة إلى «الإنسان الذي سيمثل جميع مشاعرهم ورغباتهم، والذي سيكون بالنسبة لهم رمزا لهدفهم»، وكانت هذه الرواية هي مصدر إلهام لعبد الناصر لإطلاق ثورة 1952.

ولم يترك ناصر قبل الثورة قوى سياسية في البلاد بحثاً عمن يحمل هموم الشعب، حيث وجدها كلها قوى تبحث عن مصالحها الشخصية فبحث ناصر عن قوى سياسية.

 

 

 

لما التحق بالحربية اعتقد والده أنه سيبتعد عن السياسة

 

ولما التحق بالكلية الحربية اعتقد والده أن ناصر سوف يتفرغ لحياته الخاصة وينسى هموم الوطن وعندما تخرج ضابطاً ألحق بمعسكر الجيش في منقباد، وأرسل والده إلى جده حسين أن يقوم بزيارة حفيده، وبالفعل ذهب الجد للمعسكر، وهناك دعاه جده هو وزملاءه على الغداء يوم الجمعة، ونظراً لأنه زملاء حفيده عددهم كبير ذبح خروفًا وعددا كبيرا من الطيور..

وكان يوماً ممتعاً حتى مازحه الضباط "أنت أرستقراطي إقطاعي ومش باين عليك"

وقال ناصر لجده ادعى لي يا جدي، فقال له الجد يا رب توصل أعلى رتبة وتحكم مصر، فضحك الضباط وقالوا إن شاء الله يا حاج.

وتحركت مياه كثيرة في مجرى الأحداث بمصر حيث حاصرت القوات البريطانية سنة 1942 قصر الملك فاروق، وأرغم السفير البريطاني الملك على إقالة رئيس الوزراء حسين سري باشا، بسبب تعاطفه مع قوات المحور. ورأى ناصر الحادث بأنه انتهاك صارخ للسيادة المصرية، وقال عن ذلك: "أنا أخجل من أن جيشنا لم يصدر أي رد فعل ضد هذا الهجوم".

وعندما دخل الجيش المصري حرب 1948 كان عبدالناصر نائب قائد القوات المصرية المسؤولة عن تأمين الفالوجة، وأصيب بجروح طفيفة في القتال يوم 12 يوليو، لما انتهت الحرب أيقن عبدالناصر أن المعركة ليست على الحدود ولكن في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش، وأصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد علي؛ فكان الملك فاروق هو الهدف.

 

 

عبدالناصر لأشقائه ليلة الثورة: وصيتكم الأولاد

 

بدأ تشكيل تنظيم الضباط الأحرار بنهاية ١٩٤٨سنة، وكانت نية عبدالناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن وتيرة الأحداث أملت عليه القيام بالثورة قبل ذلك بكثير، ففي ليلة الثورة أرسل إلى أشقائه الثلاثة عز العرب والليثي وشوقي وأحضرهم من الإسكندرية وتناول معهم العشاء وقال لهم :"إحنا عندنا مأمورية خطرة ولو حدث لي أي مكروه وصيتكم الأولاد وحاول أشقاؤه أن يعرفوا منه أي شيء عن طبيعة المهمة ولكن لم يخبرهم بأي شيء، وعندما أصروا على البقاء معه حتى يعرفوا حقيقة هذا الموضوع الخطير قال لهم: اذهبوا إلى ميدان العباسية في تمام الساعة الخامسة إذا وجدتكم القوات متحركة كونوا مطمئنين، وأما غير ذلك فالأمر كله بيد الله، ولكني ما زلت أوصيكم بالأولاد.

وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها، وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة، وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة، إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبدالناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبدالناصر.

وفي ١٨ يونيو ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبدالناصر فقد تولى أول منصب عام كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيي الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.

وفى عام ١٩٥٤ وبعد حادث المنشية الذي استهدف فيه الإخوان جمال عبدالناصر أثبتت التحقيقات أن محمد نجيب اتفق مع الإخوان يعلن تأييدهم في حالة نجاحهم في التخلص من عبدالناصر فتمت إقالته وتولى جمال عبدالناصر رئاسة مجلس الثورة وظل منصب رئيس الجمهورية شاغراً.

وفي ٢٤ يونيو ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦، أول دستور للثورة.

وبعدما أصبح جمال عبدالناصر رئيساً قام بزيارة سرية إلى قريته بني مر بأسيوط، وقرأ الفاتحة على قبر جده الذي دعا له يوم جمعة بأن يصبح حاكماً لمصر وتحققت دعوته.

 

 

  استرد 170فداناً استأجرتها عائلته من الحكومة ووزعها على أهل القرية  

وقبل إصدار قوانين الإصلاح الزراعي بـ7سنوات انتزع 170فداناً من أسرته ببني مر مستأجرة من الحكومة وقام بتوزيعها على الفقراء

ورغم أن الرئيس جمال عبدالناصر كان يحترم والده جدًا ويقبل يده كلما رآه ويحرص على طاعة الأب إلا أن هذا لم يشفع لوالده في التوسط عنده لإلحاقابن أحد أصدقاء والده بالكلية الحربية ولما حصل شقيقه مصطفى على مجموع لا يؤهله لدخول الجامعة طلب منه والده أن يبحث له عن حل خوفاً على مستقبل شقيقه فقال الرئيس لوالده إذا أدخلت مصطفى الجامعة فلابد أن أساوى معه كل الحاصلين على المجموع نفسه وهذا ما لا يمكن أن تتحمله الجامعة.

وعندما أرادت الحكومة أن تجعل بني مر قرية نموذجية رفض وقال: لما كل القرى تبقى نموذجية نعمل بني مر قرية نموذجية.

وفي أحد الأيام أشتكى مواطن من أسيوط للرئيس عبدالناصر بأن عمه طه استولى على أرضه أصدر عبدالناصر أوامره بالقبض على عمه والتحقيق في الوقعة وبفحص الشكوى تبين أن الشاكي ليس له حق في الأرض.

وفي ذات يوم فوجئ عم عبدالناصر بأن الجيش استولى على مساحة 10أفدنة يملكها، فذهب إليه عمه بمنشية البكري، وأبلغته زوجة عبدالناصر أن الرئيس في مهمة سرية بالسودان وسيعود غداً وانتظره حتى عاد وقص عليه ما حدث فكان رد ناصر يا عمي الجيش اخذ أرضك أحسن من أن يأخذأرض  الغريب، فكان رد عمه "طيب أنا رايح لعبدالناصر أخويا في إسكندرية وشوف هتأكل عيالي منين"

وكان عبدالناصر صارماً في التعامل مع أقربائه حيث أمر باعتقال ابن خاله عطية محمد الذي يقيم بالإسكندرية عندما قام بطرد ساكن من عمارته، وقال إنه قريب رئيس الجمهورية وأبلغت الأجهزة الرئيس بما حدث فأمر باعتقاله وأودع سجن شبين القناطر.

ولما دعا الليثي عبدالناصر شقيقه جمال لحضور حفل زفاف ابنته وجد حالة من البذخ في الحفل وبوفيه مفتوح في الفندق الذي يقام به الفرح.

وفى اليوم التالي استدعى الرئيس جمال عبدالناصر شقيقه الليثي قال: "من امتى إحنا بتوع بوفيهات يا ليثي" ولم يرد الليثي فأصدر قراراً فورياً بإقالة الليثي من أمانة الاتحاد الاشتراكي وأمره بعدم ممارسة السياسة تماماً

يقول طه حسين عم جمال عبدالناصر إن الزعيم الراحل لما أراد تزويج بنتاه هدى ومنى استلف مبلغ 10 آلاف جنيه من عمه سلطان تاجر الفحم بالإسكندرية، لافتا إلى أن عبدالناصر عندما توفي لم يكن في بيته سوى 610 جنيهات وكان مديناً بمبلغ 6 آلاف جنيه.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز