عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مروة مصطفى تكتب: مبروك الطلاق!

مروة مصطفى تكتب: مبروك الطلاق!
مروة مصطفى تكتب: مبروك الطلاق!

اعتاد المصريون منذ قديم الزمان أن يهنئ بعضهم الآخر في حفلات الزفاف بعبارة "مبروك الزفاف"، أما الآن ونحن نتلقى دعوات لحضور حفل طلاق بعض النساء في مجتمعنا ينبغي أن نهنئ البعض منهن بعبارة "مبروك الطلاق!"، تلك العبارة الغريبة عن أذهاننا والتي تعبر عن حالة الفشل الذريع التي انتابت أغلب الأسر المصرية، فبعد أن كان خبر الطلاق واقعة سيئة للمرأة وجميع المحيطين بها، لما له من أثر سلبي على الأسرة والمجتمع، أصبح الآن واقعة الطلاق حدثا مهما ينبغي إعداد الحفلات له!



ليس الطلاق بالفعل نهاية العالم مثلما يردد الكثيرون، لكَّن هناك حالات طلاق تتم بطرق محترمة دون المساس بقيم وتقاليد ليست متخلفة كما يعتقد البعض، لكننا تربينا عليها أهمها في المقام الأول احترام العِشرة وفي المقام الثاني احترام مشاعر أطفال لا ذنب لهم فيما يحدث بين أبويهم ليتم الإلقاء بهم في طريق مجهول الهُوية، فالطلاق ليس عيب خاصة عندما تكون الحياة مستحيلة بين الطرفين، ولكن ما أهمية جعل ذلك الحدث مناسبة سعيدة يتم الاحتفال به بشكل مبالغ فيه، وإصدار سلوكيات لا تمت للعقلانية بصلة كتحطيم خاتم الزواج، وارتداء المطلّقة فستانًا أبيض، وإرسال برقيات دعوى لحضور الأهل والأصدقاء حفل الطلاق الذي لا يقلُّ بهجةً عن حفل الزفاف، ومن المفترض أننا نبارك ونهنئ ونساعد في انتشار تلك الظاهرة لتزيد نسب التفكك الأسرى وتشرد الأبناء.

أننا كمجتمع ينبغي أن نحترم جميع أفراده ولا نميز بين الرجل والمرأة، خاصة أن المرأة بالفعل تعاني في ذلك المجتمع سواء كانت متزوجة أم غير متزوجة أم مطلقة، وﻣن غير المنصف ﺃﻥ ينظر بعضنا ﺇﻟﻰ المرأة المطلقة نظرة ﺩﻭﻧﻴﺔ، فقد يكون الطلاق بسبب ظروف اقتصادية أو سوء تفاهم أو عدم إنجاب أو ظروف أخرى لا نعلم عنها شيئا ولا دخل لنا بها، وعندما تتحول الحياة بين الطرفين لمعاناة فالطلاق هنا يكون الحل الأمثل لهما ولأبنائهما حتى لا يتأثروا بذلك المناخ السلبي الذي يعيشون فيه.

يُعد قرار الارتباط والزواج من أصعب القرارات المصيرية التي يتخذها أي إنسان، ومنظومة الزواج في العالم العربي في حاجةٍ إلى إصلاح جذري، فمن أهم أسباب ظاهرة الطلاق الآن في مصر بصفة خاصة والعالم العربي عمومًا "سوء الاختيار"؛ ذلك لأننا نضع حيزًا كبيرًا لبعض العادات والتقاليد الخاطئة في مجتمعاتنا التي أدت إلى تفشي السلبيات، من ضمن هذه العادات نظرة المجتمع السلبية للفتاة التي تتخطى سن الخامس والعشرين تحديدًا دون أن تتزوج ووصفها بـ"العانس" لتهرب تلك الفتاة في بعض الأحيان إلى الزواج التقليدي والاختيار غير الموفق هربًا من براثن العنوسة، وهناك بالفعل ملايين الفتيات اللاتي تزوجن رجالًا لا يشعرن لهم بأي حب، ونحن نعلم أهمية الحب في نجاح العلاقة الأسرية وأثره في تذليل الصعاب بين الطرفين وجعل كل منهما يتجاوز عن أخطاء الطرف الآخر من أجل أن تبقى العلاقة، فهناك مقولة رائعة للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وهي: "في حياة كل منا وهم كبير يسمى: الحب الأول.. لا تصدق هذا الوهم.. إن حبك الأول هو حبك الأخير"، والحب الأخير في تصوري أي الحب الحقيقي الذي سيبقى مدى الحياة.

ولأن الحُّب هو أساس أي علاقة زوجية ناجحة إلا أنه أصبح لا يكفي في زمننا الحالي نظرًا لعوامل وظروف كثيرة أدت إلى هدم البيوت وانتشار حالة التفكك الأسري منها انتشار العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد كان لانتشار "العولمة" أثر كبير في ظهور التفكك الأسري واندثار قيم الترابط والتراحم بين أفراد الأسرة الواحدة، كما أدت الظروف الاقتصادية السيئة وضعف الحالة المادية للزوج إلى حرمان الأسرة من أبسط عوامل الرفاهية اللازمة لحياة صحية سليمة ومتماسكة.

ولكي ينجح الزواج في مجتمعنا لا بد أن يبنى على شيء من الأسس، فالزواج ليس مجرد تجربة لا بد أن تخوضها الفتاة حينما يتقدم لخطبتها أي رجل للخلاص من لقب العنوسة وإرضاء الناس، فقد لوحظ حالات لفتيات يفضلن أن يتزوجن ويطلقن بعد ذلك أفضل من البقاء تحت لقب «عانس»؛ لأنه من الصعب تغيير ثقافة المجتمع الذي ما زال ينتقد الفتاة غير المتزوجة، لينجم بالتأكيد عن مثل ذلك الزواج غير المتكافئ الطلاق.

عزيزتي المرأة لا تتزوجي لمجرد إرضاء البعض فإن لم تحسني اختيارك ستكونين في صفوف التعساء إلى أبد الآبدين، والحقيقة نحن لسنا في حاجة إلى خلق جيل جديد مليء بالعقد النفسية أكثر من ذلك! من الأفضل أن تنتقي نصفك الآخر وتتأكدي أنه الشخص المناسب لتأسيس أسرة سليمة، فالتوافق ضروري من أجل زواج ناجح ينتج عنه جيل جديد قادر على نفع المجتمع والنهوض به، ولا يوجد زواج يخلو من الخلافات فهذا أمر طبيعي، لكن إنقاذ الأسرة من التفكك أمر يستحق المحاولة وإيجاد الحلول، فليس من المفرح أن نقول لكِ "مبروك الطلاق!" وتستعدين لإعداد مناسبة سعيدة لذلك.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز