عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الغرفة البيضاء

الغرفة البيضاء
الغرفة البيضاء

كم هو مُرْعِب أن تستيقظ لتجد نفسك في غرفة بيضاء



كُل شئ أبيض!

الجُدران .. الأرض .. السَرِير .. البطانية

ثم تنظر بجانِبك لتجد ذلك السائِل الأحمر مُعَلَّق .. يتدلى منه أنبوب شفاف رَفِيع جداً لينتهي بتلك الإبرة المزروعةِ في يدك ..

لَعَلَّكُمْ تتسَائَلٌون عمَّا جاء بِي إلى هُنَا .. حسناً

لقد بدأ الأمر بصُداع قوي يُراودني كثيراً خِلال اليوم

و الكثير من الدُوار المُزعِج الذي يجعلني و أنا أ ُذَاكِر أرى الحُرُوف تهْتَز بل أحْيَاناً تَرْقُص الحُروف كأنها تُقِيمُ حفلةً صَاخِبةً على أصوات 'المهرجانات' المُنْتَشِرةِ هذه الأيام

أحْيَاناً و أنا أمشي في الشوارعِ _ذاهبةً إلى دُرُوسِي أو إلى أي مكانٍ آخر_ أرى المبانِي تَقِفُ رأساً على عَقِب كأنَّهَا في قاعةٍ لِدروس 'الجُمباز' أو 'الباليه'

لم أَعُدْ أرى المَكْتُوبْ على السبُّوره .. كُل ما أراه الكثير من 'الشَّخَابِيطْ'  التي تجعل السبورة تبدو كنافذةٍ محطمةٍ مختبأةٍ خلف ستارٍ سميكٍ من 'التٌراب'

.. ذكائي الشديد جعلني أحتفظ بالأمر لنفسي ولا أُخْبِر أحداً بما أُعَانِيه

مع الوقت انخفضَ مستواي الدراسي فأنا لم أَعُدْ أستطِع المُذَاكره ففي إحدى المرات فتحتُ الكِتاب لأجد ال 'ب' تمشي على السطر و عندما نجحتُ أَخِيراً في إيقافِها بدأت ال 'د' بالقفز

كما أن التركيز لدي انْخَفَضَ كثيراً فلقد أصبحتُ لا أُجِيد أياً من العمليات الحِسَابِية ف ال '1' و '2' بدئا يَرْفُضان أن يكون مَجْمُوعُهُمَا '3' كما أن السالب يترجاني أن أَضَعَهُ أسفل الجذر التربيعي !!

مع الجُغرافيا كان الوضعُ سئً أيضاً .. فرنسا لا تُريد أن تكون من الإتحاد الأوروبي ... حتى أن مِصْر لا تُريد أن يُنَاديِها أحدُهُم ب 'أم الدنيا '

ولا أريد أن أتحدث عن بَقِيَّةِ الموَاد فالوضع سئ لدرجةٍ لا تُوصَف

فِي أحدِ الأيام وفِي درسِ العُلُوم كُنْتُ أشعُرُ بِغَثَيَانٍ شديد .. و من بشاعةِ الشعور تمنيتُ أن أتَقَيَّأ و في نفسِ الوقت لَدَيَّ 'صُداع' لا يُحتَمَل و دُوار شديد يُشْعِرُنِي أَنِّي أركب أحد الألعاب الدوارة بالملاهي .. و ازدادَ الأمرُ سوءً عندما أوقَفَنِي الأُسْتَاذُ للإجابةِ على أحد الأسئلة فَبِمُجَرَّدِ نُهوضِي طارَ الأستاذ مُرتَطِمَاً بالسقف وعندها انقطعت الكهرباء

*****

 

أشْعُرُ بالراحةِ الآن فلقد اختفى الغثيانُ وتوقف الصُدَاع .. ولا أشْعُرُ بشئٍ سِوى أنّي نائِمة على ظهري في مكانٍ مريحٍ كما أنِّي أسْمَعُ صداً لأصواتٍ تبدو بعيدة تُتَمْتِمُ بكلماتٍ غيرَ مفهومه

لكن عندما فتحتُ عيناي شعرت بهزة تسري في عروقي و وجدتُ نَفْسِي مُحَاطَةَ بالكثيرِ من الوجوه نائِمةً على هذا السرير ... كان الطبيبُ جالساً أمام المكتبِ

 نظر لوالدي بهدوء وقال :

_"عندها أنيميا حادة"

 

ليلى زايد

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز