الشاهر: مصر الشقيق الأكبر لسوريا.. ونتمنى دورًا أكبر منها

سوريا - شذى يوسف

- الجيش السوري استعاد زمام المبادرة وبدأ بعمليات نوعية توجت بتحرير المناطق المستهدفة

- فضح الدور القذر لحكومة قطر أمام الرأي العام العربي والدولي ساهم في هزيمة الإرهابيين

- لا أستبعد احتلال إسرائيل لجزء من سوريا تحت أي مسمى لتكون نقطة تفاوض مع سوريا تنسيها القضية الرئيسية "الجولان".. ولكننا جاهزون

- الإمساك بـ"الخوذ البيضاء" سيشكل فضيحة لدول تتشدق بالإنسانية.. ولذا أعلنت كندا عن استضافة عدد منهم!!

- أكبر انتصار في الحرب على سوريا هو بقاء الدولة السورية، وقد فشلوا في تقسيمها أو إنهاء وجودها

 

الدكتور شاهر إسماعيل الشاهر أستاذ العلاقات الدولية في جامعتي دمشق والفرات ومدير المركز الوطني للبحوث والدراسات بدمشق .. يسر "بوابة روزاليوسف" أن تحل ضيفًا على أسرتها.

لنناقش معكم آخر التطورات الميدانية والعسكرية في سوريا.. وعمليات فك الحصار عن المدنيين في بلدات إدلب.. ودور الوساطة المصرية في ذلك.. نتحدث عن خلفيات العدوان الإسرائيلي المتكرر وخاصة عند انهيار الجماعات الإرهابية المسلحة في مناطق متفرقة من سوريا.

 

* على صعيد التطورات الميدانية العسكرية في الجنوب السوري كيف تم الإطباق على البلدات بهذه السرعة وخاصة بعد سنوات من العصيان المسلح على الدولة؟

- معركة الجنوب أتت استكمالا للمعارك التي يخوضها الجيش العربي السوري بدءًا من حلب ووصولا إلى معركة تأمين العاصمة دمشق عبر تحرير الغوطة ومخيم اليرموك وأخيرًا معركة الجنوب لتحرير درعا والقنيطرة.

من استعراض المعارك الأخيرة يبدو جليًا أن الجيش العربي السوري استعاد زمام المبادرة وبدأ بعمليات نوعية توجت بتحرير المناطق التي اتخذ القرار بحسم المعارك فيها.

وفي الوقت ذاته نلاحظ انهيارًا في صفوف المجموعات الإرهابية يعود لأسباب عديدة أولها: الهزائم المتتالية التي منيت بها تلك العصابات وتقلص المساحة التي تسيطر عليها، وكذلك الخلافات وتقاذف الاتهامات بين تلك المجموعات وداخل كل مجموعة وقيادتها بعد افتضاح فساد تلك القيادات وكذبها وكذلك افتضاح الدور القذر للدول الداعمة لتلك العصابات وتراجعها عن دعم هذه العصابات بعدما أوهمتهم بقوتها وقدرتها على إسقاط الدولة السورية، وكذلك لعبت "الأزمة الخليجية" دورًا باعتقادي في كشف الدور القذر لحكومة قطر وافتضاح حقيقتها أمام الرأي العام العربي والدولي، كل هذه الأسباب جعلت تلك المجموعات الإرهابية ترى أنه لا خيار أمامها سوى "الاستسلام والخروج" أو "القتل والسحق" من قِبل الجيش العربي السوري، وسكان تلك المناطق لعبوا دورًا كبيرًا في القضاء على تلك العصابات، بسبب رفضهم لها وتعاونهم مع الجيش والدولة السورية، وربما بعض التفاهمات الدولية لعبت دورا في الإسراع في تفكيك تلك المجموعات.

 

* بشرح كاف، كيف نقرأ العدوان الإسرائيلي المتكرر خاصة بعد انهيار المسلحين جنوبا"؟

- كون سوريا من أهم دول منطقة الشرق الأوسط هذه حقيقة استراتيجية وليس إدراكًا مبالغًا فيه للمكانة الإقليمية، وإسرائيل كانت ومازالت وستبقى العدو اللدود لسوريا شعبًا وقيادة، والدور الإسرائيلي تجاه الأزمة السورية كان قائمًا منذ بداية الأحداث عام 2011 ولكن بشكل غير مباشر وإنما من خلال أدواتها من المجموعات المسلحة. وكانت الحكومة السورية تقول ذلك منذ البداية لكن حجم الكذب والضخ الإعلامي المعادي جعل البعض يشكك حينذاك، لكن بعد الهزائم المتكررة للمجموعات المسلحة وجدت إسرائيل نفسها مضطرة للتدخل العلني لحماية تلك الأدوات أحيانا، خاصة عندما كان الجيش السوري يستهدف تلك العصابات ويقترب من هزيمتها تتدخل إسرائيل لرفع معنويات وكلائها، ثم بدأت إسرائيل باستهداف مواقع للجيش السوري ومستودعات أسلحة لإضعاف أي تقدم للجيش باتجاه الجنوب وكانت الذريعة استهداف إيرانيين أو عناصر لحزب الله، والاستهداف الأخير لمصياف جاء برأيي لصرف الرأي العام عن موضوع تهريب عناصر القبعات البيضاء الإرهابية إلى الأردن وهو ما سأتحدث عنه لاحقا. ولا استبعد أن تحاول إسرائيل العمل على احتلال جزء ولو بسيط من الأراضي السورية تحت أي مسمى منطقة خضراء أو عازلة أو أي شيء من هذا القبيل لتكون نقطة تفاوض مع سوريا تنسيها قضية الجولان لكن هذا مرفوضًا، وسوريا جاهزة للرد وقادرة عليه وقد شهد العالم كله على ذلك في 14/4/2018. وفي نموذج "مثلث النزاع" إذا تغير السياق يتغير السلوك، السلوك الإسرائيلي تجاه النزاع السوري يتغير من سلوك المراقب إلى سلوك المشارك.

* تم تداول مصطلح الخوذ البيضاء مؤخرًا.. لماذا هذه السرية في التعامل معهم ولماذا سيرحلون إلى كندا؟ هل من بين الخوذ البيضاء مخابرات عربية وأجنبية؟

- الخوذ البيضاء مجموعة إرهابية كباقي المجموعات المسلحة اتخذت من العمل الإنساني غطاءً لنشاطاتها، بدأت عملها من إدلب حيث قامت بارتكاب مجازر بحق مجموعات الدفاع المدني السورية واستولت على معداتهم وقامت بتصوير عمليات الذبح التي ارتكبتها والتسويق لها إعلاميًا على أنها مجازر من قبل الدولة السورية بحق مدنيين.

قامت هذه العصابة بفبركة الأفلام والصور حول ما سمي مجازر وانتهاكات نسبت إلى الجيش السوري، وكذلك فبركة أفلام حول هجمات كيماوية مزعومة، ولها دور في القضاء والتخلص من جثث المجموعات المسلحة في بعض المناطق، وخاصة في إدلب والغوطة الشرقية لإخفاء حجم خسائرهم.

تم تدريب هذه المجموعة استخباراتيًا في عدد من الدول ومن قبل عدة أجهزة استخبارات، ونتيجة لتقدم الجيش السوري في الجنوب أصبحت هذه العصابة في خطر، وخشية أن تقوم القوات السورية بأسرهم حدث تنسيق دولي بين كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا ودول خليجية مع إسرائيل والأردن، فتم تهريب أفراد هذه المجموعات إلى الكيان الصهيوني ومن ثم إلى الأردن حيث تعهدت الحكومة الأردنية باستضافتهم وحمايتهم حتى يتم ترحيلهم إلى كندا وبعض الدول على ألا يبقوا أكثر من ثلاثة أشهر في الأردن.

 إن الإمساك بهم كان سيشكل فضيحة كبرى للدول التي تتشدق بالديمقراطية والتدخل الإنساني وقد أعلنت كندا عن رغبتها باستضافة عدد كبير منهم لتكون معسكرًا تدريبيًا لهم على مهمات قادمة في دول أخرى.

 

* في موضوع ترحيل المسلحين إلى الشمال "إدلب" تحديدا ما الضمانات التي قدمتها الحكومة السورية ومركز حميميم للمسلحين والتي أسفرت عن تحرير كفريا والفوعة؟

- الحكومة السورية ومن منطلق مسؤوليتها عن حماية وأمن مواطنيها، ونتيجة للحصار الذي تعرضت له بلدتا كفريا والفوعة، وبسبب التحضير لعملية عسكرية واسعة لاستعادة إدلب ودحر المجموعات الإرهابية قامت الدولة السورية بإجلاء أهالي البلدتين لتأمين حمايتهم خلال معركة تحرير إدلب مقابل إطلاق سراح عدد من السجناء الذين كانت تحتجزهم الدولة السورية نتيجة تورطهم بالأعمال الإرهابية وبالمقابل قامت المجموعات الإرهابية بالإفراج عن عدد من المخطوفين من قرية اشتبرق حيث تم تأمين وصولهم إلى محافظة اللاذقية، وكان تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمجموعات المنضوية تحت زعامته قد ارتكب في الـ 26 من نيسان عام 2015 مجزرة في قرية اشتبرق، حيث قتل الإرهابيون ما يقارب مائتي مدنى واختطفوا العشرات بينهم عائلات بكامل أفرادها في حين نزح المئات من أهالي القرية باتجاه المناطق الآمنة وخاصة في محافظة اللاذقية.

 

* هل سنجد تغييرا ديموغرافيا من حيث تواجد السكان في سورية بعد فترة من إرساء الأمن والأمان في البلد؟

- كل ما تم الترويج له منذ بداية الأحداث في سوريا عار عن الصحة ومحض أوهام. فسوريا ستعود كما كانت دولة واحدة لكل السوريين، فمخططات ودعايات التقسيم فشلت وبث الفكر الطائفي والترويج له لم ينجح في تفتيت وحدة الشعب السوري ولا تغيير ديموغرافي ولا شيء من هذا القبيل سيحدث. مجرد أيام وتبدأ معركة إدلب ولن تطول وستتحرر وسيعود أهالي كفريا والفوعا إلى بيوتهم معززين مكرمين.

 

* كيف نجح 6 من مقاتلي حزب الله داخل كفريا والفوعة في إخفاء هويتهم عن إرهابيي داعش طوال سنوات احتلالها لهاتين المدينتين؟

- حزب الله مقاومة شعبية تجيد فن التعامل مع حروب العصابات والحروب غير التقليدية، والعلاقة بين حزب الله وسوريا علاقة وحدة مصير ووحدة دماء، سوريا قدمت الكثير لحزب الله الذي نجح في تحرير جنوب لبنان في العام 2000، واليوم مقاتلي الحزب يقابلون الوفاء بالوفاء ويدافعون عن سوريا ووحدة ترابها ضد ما يحاك لها من قبل إسرائيل وأذنابها في المنطقة. ونحن في سورية نقدر ونثمن ما يقوم به الأشقاء في الحزب في دفاعهم عن سوريا.

 

* عندما خرج أهالي الغوطة لاقوا الدعم النفسي والمادي بانتظارهم.. والآن يتداول عدد من الناشطين أخبارًا مفادها أن أهالي كفريا والفوعة يلاقون حالة من الإهمال والتجاهل الحكومي ما مدى صحة ذلك؟؟

- الحكومة السورية وقفت وتقف مع جميع أبنائها، لا تميز بين منطقة وأخرى أو حالة وأخرى. وأنا كمواطن سوري من أبناء محافظة دير الزور لم يختلف شعوري وتعاطفي مع أهالي البلدتين عن شعوري تجاه أبناء محافظة دير الزور التي عانت الحصار من داعش لسنوات. إن الترويج لموضوع إهمال الحكومة لأهالي كفريا والفوعة جزء من الحملة الإعلامية القذرة ضد الدولة السورية هذه الدعاية مفضوحة والهدف منها محاولة شق وحدة الشعب السوري والحكومة السورية قدمت وستقدم كل ما يمكن لأبنائها. لكن الحرب شرسة والدمار والاستهداف كبير والإمكانات والإنجازات الحكومية، رغم كل الانتقادات، لكنها فاقت كل التكهنات والتوقعات وحققت الكثير.

 

* لماذا لم يكن إعلامنا على قدر الحدث في تغطية أخبار انتصار الجيش العربي السوري في كفريا والفوعة؟؟

- نتخذ مواقف كثيرة بناءً على متابعتنا لوسائل الإعلام ونتناسى أن إعلام ما بعد الحداثة يصنع الحدث ولا ينقله فقط، وبعد أن أصبحت وسائل الإعلام تصنع الأحداث ولا تنقلها فقط، فإن مواقفنا التحليلية والسياسية معرضة بشكل كبير للتشوش. وإعلامنا إعلام رسمي حكومي له محددات أي إعلام حكومي هذا من حيث المبدأ، يعاني الإعلام من الكثير من الصعوبات والمشاكل لكنه صمد وطور نفسه واستطاع مواجهة اقوى الإمبراطوريات الإعلامية في العالم واستعاد ثقة المواطن السوري به وان كان بنسب معينة. ولإعلامنا سياسة معينة تقوم على التركيز على وحدة سوريا ووحدة شعبها والابتعاد عن أي خطاب دون ذلك.

 

وأذكر أنه حين تحرير الغوطة تم الترويج لنفس الدعاية بأن الحكومة السورية أهملت المحررين ولم تقدم الرعاية لهم ونفس المنتقدين آنذاك يقولون اليوم إن الحكومة كانت قد قدمت كل الرعاية لأهالي الغوطة لكنها اليوم تهمل كفريا والفوعة. يجب أن نكون حذرين.

 

* شاهدنا استفزازات الجماعات المسلحة لباصات الحكومة السورية التي تقل المُحَرَرين.. ما سبب ذلك؟

- السبب باختصار هو ما كانت تقوله الدولة السورية منذ بداية الأحداث من أن هؤلاء مجرمين ورعاع وليس لهم علاقة بالمطالب الإنسانية وقضايا الحريات، واليوم يفضحون أنفسهم أمام العالم عبر سلوكياتهم الرخيصة وكذلك رأينا أن اغلبهم من خارج سوريا ولا يحملون الجنسية السورية وهو ما كنا نقوله من أن غالبية المسلحين قذف بهم من خارج الحدود عبر دول أدوات بيد مشغل أمريكي صهيوني.

 

* رساله صغيرة ومفتاح لخزانة طعام وجدت في أحد مساكن كفريا والفوعة وضح منها شهامة أبناء هذه المنطقة وخاصة بعد جملة "عشنا تحت سماء واحدة في يوم من الأيام".. برأيك هل سنجد ما يقابل هذا الشعور "المتسامح" من الأهالي بين صفوف المسلحين؟

 - أهالي الفوعة وكفريا كباقي الشعب السوري يحملون من القيم والأصالة والشهامة الكثير. لكن هؤلاء المجرمين الخارجين عن التاريخ، حاملي فكر القرون الوسطى، لا يرقون إلى أي مستوى إنساني فهم مجردون من الإنسانية ولا يحملون أي قيمة من قيمها. وكل السوريين الذين شاهدوهم يؤكدون ذلك.

 

* المصالحة التي تمت كانت بوساطة مصرية ما تعليقكم على ذلك؟ والى أي مدى سنرى تعاونا مصريا سوريا في القضاء على الإرهاب وخاصة أن مصر عانت من ضربات الإرهاب الموجعة لها؟

- في سوريا وبمخيلة المواطن السوري لا نرى في مصر إلا الشقيق الأكبر، وقدر سوريا ومصر أن يكونا معًا.. تلك حقيقة، نحن نرى أن مصر ليست بمنأى عن الإرهاب، وهي جزء من مخطط إرهابي كبير يستهدف المنطقة، ونتمنى دورًا أكبر للحكومة المصرية في المستقبل.

 

*لماذا يكون الساحل السوري "البيت الكبير" الذي يضم كل مكسور من هذه الحرب، وإلى أي درجة سيكون الساحل أمنا" وخاصة بعد رصد عدة تحركات للمسلحين في ريف اللاذقية للهجوم على الساحل؟

- لو عدنا إلى التاريخ والجغرافية السياسية وعلم الاجتماع السياسي سنرى أن سكان المناطق الساحلية بشكل عام، عادة ما يكونون الأكثر وعيًا وانفتاحًا وتقبل للآخر نتيجة انفتاحهم على الآخر بشكل مختلف عن سكان المناطق الداخلية. وبالإسقاط على الحالة السورية نرى أن الوعي في المناطق الساحلية كان الأكبر وهو ما جعل الساحل بأمان شبه مطلق، فكانت المحافظات الساحلية الملاذ لجميع السوريين الذين خرجوا نتيجة الأوضاع الأمنية في محافظاتهم، فضم الساحل أبناء حلب وإدلب والرقة ودير الزور ولم تحدث أي مشكلات أمنية لسبب كرم الضيافة الذي حضي به النازحون ونتيجة نوعية النازحين الذين هربوا بسبب ظلم داعش والمجموعات الإرهابية وعدم قدرتهم على التعايش مع تلك العصابات، فالساحل كان الملاذ الأخير لأبناء سوريا جميعا لذا سيبقى بمأمن من الإرهاب.

 

* ماهي أولى مهام الحكومة تجاه المحررين برأيكم ومن أين نبدأ؟

- بالتأكيد التركيز على القضايا الإنسانية من صحة وغذاء ودواء ومسكن والإسراع بتأمين عودتهم إلى مناطقهم بعد تحريرها، وحل جميع المشكلات التي ترتبت عن الحصار.

 

* ماذا يميز طابع المدينتين المحررتين عن غيرهما من حيث المسؤولية والإرادة والصمود؟

- الصمود الأسطوري لأبناء المدينتين ادخلهما التاريخ مسطرين أروع المثل في الحفاظ على المبدأ والثبات على العقيدة، ورغم كل ذلك بقيت كفريا والفوعة صامدتين بوجه الإرهاب ثابتتين في موقفهم الداعم والمؤيد لدولتهم وحكومتهم.

 

* كيف استطاعوا الصمود لكل هذا الوقت مع قلة المواد الغذائية والدوائية وأقل مقومات المعيشة؟

 - لعل التآخي والتعاضد بين أبناء المدينتين كان عاملًا من عوامل الصمود في وجه الحصار.

 

* ما رأيك بإجلاء المحاصرين عن أرضهم بدلًا من التوصل لاتفاق تركي روسي لفتح طريق إمداد لهم؟

- الحرية السلبية هي أن يعطى لك حق الاختيار بين الأشياء السيئة فقط. وأدهى أنواع السياسة هي التي تصنع مسارين: مسار وهمي يوجه إليه النقد، ومسار فعلي تتحقق به الأهداف، الإجلاء من أجل الحفاظ على سلامتهم في معركة تحرير إدلب التي ستبدأ في غضون أيام وسيعودون منتصرين إلى ديارهم.

 

* كثر الحديث عن حل سياسي في إدلب يلوح في الأفق.. كيف ستتلقف الدول الممولة للجماعات الإرهابية هذا الحدث؟

- قليلون جدًا من يقيمون الأمور من منطلق المبادئ، كثيرون يقيمون الأمور من منطلق المصالح والاحتياج، لا حل سياسي إلا بزوال الإرهاب وتحرير إدلب، ما يعني خروج المسلحين خارج سوريا.

 

* ما مصير الدول التي دعمت الإرهاب بعد 7 سنوات من التمويل لوجستي لهم في سوريا؟

 - "دحر الإرهاب" في سوريا يعني خروج المسلحين منها بعد هزيمتهم على أرضها، وهو ما سيجعل الدول التي دعمت الإرهاب في سوريا عرضة لمجابهة نفس المصير في قادم الأيام، أي أن الإرهاب سيرتد على داعميه ومموليه.

 

* ما رؤيتك للشرق الأوسط بعد الانتصارات الأخيرة للجيش العربي السوري؟ وشكل المنطقة بعد التخلص من ذيول داعش؟

- سيكون شرق أوسط جديدًا، لكنه ليس الشرق الأوسط الذي بشرتنا به كونداليزا رايس. بل شرق أوسط مقاوم. شرق أوسط يكون لسوريا فيه دور ريادي لأنها الصخرة التي تكسرت عليها المشاريع الاستعمارية ومحاولات التفتيت للمنطقة. والصراعات الإقليمية التي لم تحسم على الأراضي السورية، سيعاد إخراجها إلى البيئة الإقليمية من أزمة الخليج إلى أزمة لبنان والبقية تأتي.

 

* أين تتجه بوصلة التحالفات العسكرية بالشرق الأوسط بعد الدور المحوري الذي يلعبه الدب الروسي بالمنطقة؟

- من افتراضات المنظور الواقعي أن إعادة تشكيل التحالفات غالبًا ما يكون مقدمة لحرب، واعتقد أن هذا مطابق لما سيحدث في منطقة الشرق الأوسط، وسيكون للمحور الروسي السوري الإيراني العراقي دور في قيادة الشرق الأوسط في قادم الأيام.

 

* ما طبيعة العلاقات الروسية الأمريكية؟ وكيف تلقي بظلالها على "الكيان الصهيوني"؟

- النظام الدولي يفقد جزئيًا طابعه الأيديولوجي الليبرالي، ولذلك لم يعد هناك تشديد على الديمقراطية في الخطاب الدولي، وروسيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعمل على اختراق نظام أيديولوجيا العولمة الغربية، أما باقي دول العالم فإنها تتكيف أو تقاوم فقط، ولطالما كانت العلاقات الروسية الأمريكية تجسيدًا لشكل النظام الدولي القائم، واليوم النظام العالمي يشهد زوال القطبية الأحادية والانتقال إلى شكل آخر أي أننا نعيش اليوم قطبية دولية هشة هي الطريق لتبلور نظام دولي جديد كان قدر سوريا أن يكون المنتصر في حربها هو من سيفرض شروطه ويسيطر على النظام الدولي القادم، الموقف الأمريكي من الأزمة السورية مجرد انعكاس للمصلحة الإسرائيلية في استمرار الأزمة، واستفادة إسرائيل من دور المراقب.

 

* ما حجم الاستفادة الصهيونية من تواجد "ترامب" بالسلطة خاصة بعد نجاح مخططاتهم بالاستيلاء على القدس؟

- العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قديمة قدم قيام "الكيان الصهيوني"، فـ"إسرائيل" ومنذ قيامها حرصت على أن تكون حليفًا استراتيجيًا لأمريكا، وهو ما أظهرته بالفعل بمشاركتها في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي عام 1987 أعلنت الولايات المتحدة أن "إسرائيل" هي أول حليف لها خارج حلف الناتو، الشيء الذي سمح لها بالحصول على مجموعة من الأسلحة في قواعد هذه الأخيرة، لتصبح حيفا قاعدة البحرية الأمريكية في البحر المتوسط.

ونجد "إسرائيل" حاضرة وبقوة في السياسة الخارجية وفي قضايا الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

 ويسوّق الإعلام الأمريكي أمن "إسرائيل" على أنه أولوية أمريكية في الشرق الأوسط بدعوى أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وبسبب التشابه الثقافي والاجتماعي بين الدولتين، خلافًا لذلك أعتقد أن حفظ أمن "إسرائيل" لا يمثل مصلحة أمريكية خالصة بقدر ما هو رضوخ سياسي من الإدارة الأمريكية لجماعات الضغط الموالية لـ "إسرائيل"، فـ "إسرائيل" تربطها علاقات قوية مع جماعات الضغط الصهيونية والمسيحية المتطرفة وشخصيات مؤثرة في عملية صنع القرار الأمريكية، مما جعل أمنها أولوية أمريكية.

الرئيس ترامب شخص قوي قادر على تنفيذ رؤيته قام بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كما وعد في برنامجه الانتخابي، هو لا يتوانى عن إحراج حليفه ويتصرف بوقاحة وعفوية، تسيطر عليه عقلية التاجر، بين السياسة الخارجية والتجارة الخارجية. ينطلق من منطلق (صفر مبادئ) وتعظيم المصالح.

وختامًا لابد من القول: إن الأزمة السورية استوعبت كل الضغوط الإقليمية في المرحلة السابقة، واليوم دخلنا في مسار معاكس، فمخرجات تلك الأزمة ستؤثر على كل النطاق الإقليمي. وأكبر انتصار في الحرب على سورية هو بقاء الدولة السورية، وقد فشلوا في تقسيمها أو إنهاء وجودها.