عاجل
الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

المستشار محمد سامي يكتب: عن الضريبة العقارية والدستور

المستشار محمد سامي يكتب: عن الضريبة العقارية والدستور
المستشار محمد سامي يكتب: عن الضريبة العقارية والدستور

لا شك أن من يعمل في مهنة المحاماة هو من أحرص الناس على تطبيق القانون، لإيمانه بأن تطبيق القانون أحد ركائز قوة وتقدم الدول.



من هذه القاعدة فإنني كمواطن قبل أن أكون رجل قانون، أفنى جل حياته بين أروقة المحاكم وفي كنف قضاتها الأجلاء، يعنيني في المقام الأول والأخير أن تصدر القوانين متوافقة مع الواقع الذي نعيشه وتعالج مشاكله، وألا تتعارض مع "الدستور" بشكل يعرضها للطعن.

سأتحدث هنا عن قانون الضريبة العقارية وتبعاتها، فهناك ثوابت قانونية لا يمكن المساس بها كفلها الدستور في المادة 34.. كما أن حق الملكية أمر كفلته كافة دساتير دول العالم.

وفقا للقانون، فإن هناك واقعة منشئة للضريبة، وهذه الواقعة تنتج عن بيع أو شراء وزيادة في الدخل بجميع صوره المعروفة، سواء في صورة مرتبات أو أرباح  تجارية.. إلخ.

وقد رسم القانون طريقة استحقاق الضريبة، وقسمها إلى شرائح وحدد نسب الإعفاءات.

إلا أن قانون الضريبة العقارية الحالي الذي صدرت لائحته التنفيذية عام 2013 لم يتم تطبيقها سوى الشهر الماضي مصحوبا بالتهديد والوعيد والحجز على الجدران الأربعة التي يعيش فيها المواطن وأسرته إذا لم يقم بسداد الضريبة بأثر رجعي منذ عام 2013 أي – خمس سنوات ونصف حتى الآن، وإلا سيتعرض للغرامات والحجز.

النقطة الثانية التي تزعج المواطن والقانوني هي كيفية تقدير قيمة العقار وهو الأمر الذي يتم من خلال موظفي المحليات بدون معاينة للعقار بما يسمى معاينة مكتبية.. ونظرا لافتقاد كثير من هؤلاء الموظفين للخبرة اللازمة في تقدير قيمة العقارات، يتم تقدير العقار حسب قيمته السوقية مهدرين بذلك العقود الرسمية (عقود الشراء) حتى لو كانت صادرة من جهات حكومية.

لذا فإن المواطن الذي اشترى عقارا من جهة حكومية قيمته مليون جنيه في 2013 ونتيجة للطفرة الهائلة في زيادة مواد البناء وأسعار الأراضي وتعويم الجنيه، تضاعفت قيمة هذا العقار 3 مرات على الأقل لتصبح مثلا 3 ملايين جنيه، وهو الأمر الذي يجعله وفقا لقانون – الضريبة العقارية – قد تجاوز نسبة الإعفاء المحددة، ومن ثم فعلى المواطن صاحب العقار دفع الضريبة المستحقة، رغم أنه لم يحقق أي ربح حقيقي من العقار الذي يسكنه هو وأسرته.

والأدهى من ذلك أنه بعد تطبيق قانون الضريبة العقارية هذا العام يصعب تماما الخروج من القانون أو الفكاك منه وسوف تزيد الضريبة المستحقة على فترات محددة حسب القيمة السوقية للعقار الذي يقيم فيه.

من حق الدولة أن تحصل ضريبة عقارية في حال استغلال المالك للعقار في أي عمل تجاري يجني منه ربحا، وهي الضريبة الموجودة بالفعل، كما أن صاحب العقار يسدد ضريبة تصرفات عقارية بواقع 2.5 %  يدفعها مالك العقار عند تصرفه في العقار بالبيع.

الأمر الجدير بالذكر هو أن المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكما تاريخيا في القضية رقم 15 لسنة 10 قضائية بتاريخ 19 يوليو 1993 بعدم دستورية بعض نصوص قانون الضريبة العقارية لمخالفتها لنص المادة 34 من الدستور مستندة إلى أن الضريبة تم فرضها على رأس مال لا يحقق دخلا ينطوي على عدوان على الملكية المصانة بالدستور.

الأغرب مما سبق أن المواطن الذي سيطعن على قيمة الضريبة المفروضة عليه سيتم زيادة قيمة الضريبة المربوطة على العقار، استنادا إلى أن معيار ربط الضريبة يرتبط  بالقيمة السوقية للعقار وهي في زيادة مستمرة, وهو الأمر الذي يضرب القاعدة القانونية المعروفة وهي "لا يضار الطاعن بطعنه".. أين العدل في ذلك.

إن حكم الدستورية العليا واجب احترامه.. وقانون الضريبة العقارية أهدر حكم الدستورية، لأنه نص على تحصيل هذه الضريبة بما يمثل اقتطاع جزء من رأس المال الثابت.

ماذا ننتظر؟ هل ننتظر كالعادة تدخل الرئيس لتصحيح المسار؟

هذه مسئولية رجال القانون والعدالة والمتخصصين لأن لكل منا رسالة ونسأل الله صلاح الأحوال فمصر تستحق منا بذل الكثير.

المستشار القانوني

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز