عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

غادة حامد تكتب: الملامح البلاستيكية، هل تعجبك؟

غادة حامد تكتب: الملامح البلاستيكية، هل تعجبك؟
غادة حامد تكتب: الملامح البلاستيكية، هل تعجبك؟

يحاسبني علي هفواتي و سقطاتي، علي ضحكي و بكائي، علي كلماتي ،ما أقصد و ما لم أقصد .. و لم أحاسبه قط.. يحاسبني اليوم علي تلقائيتي التي أحبها و طيبتي التي فرح بها، و طبيعتي النقية التي لا تذكر سقطاته و لا هفواته و لا ذنوبه أو حتي كبائره ..عقد جلسة الحكم و أقر العقوبة  دون أن يأبه بدفاعي! 

یبدو كالمصاب بالتهاب حاد، یتألم في صمت، أرى الآلم في عینیه و لم یكن یفصح، كبریاؤه یمنعه ، إلي أن زاد الآلم عن حد الاحتمال حتي انفجر أخيرًا، و  بدأ یلقي شظایاه في وجهي و قلبي معا، لم یعد الكلام مجد مع الآلم ! أصبحنا نتألم سویا ، كل في داخله، یبكي قلبه وحیدًا.



تتعثر الكلمات علي لساني، تتوه بین الدموع و الآهات یصدر أحكامه وأدافع، یقرر و یعاقب بسوط حاد .. لم یعد الدفاع یجد ، أصبح الكلام أسوء من الصمت .. هل أنا حقا مذنبة لهذه الدرجة؟ هل آلمته لهذا الحد؟ إنه ینتفض من الآلم حتي و إن لم يمس جرحه! ا

أنزوي في قفص الاتهام ، ابكي ، تنساب دموعي ، و یعلو نحیبي ، و ینفطر قلبي.. تشتعل الاهات في داخلي بین جلد الذات و حسابها و بین جلده لي بسیاط حادة، یحترق قلبي من نیران الاهات ، لم اتوقع یوما ان اري مثل هذه اللیالي ، تتقطع كل عروق الحیاة في داخلي فانزف دمعا .. 

لحظات ، بل ساعات و ايام و ليال متعاقبة لا تنتهي، لا اشعر فيها بانسدال الليل و لا ببزوغ الشمس ، ربما ليست أيام و ليال بل وقت جديد  لم يعرفه البشر بعد، وقت لا فرق بين بدايته و نهايته لانه لا ينتهي ، وقت مظلم ، كئيب ، ثقيل ، طويل ، لا فجر فيه و لا سحر ! وقت تتواصل فيه ليلة عقب ليلة في ظلام دامس دون ظهور لا لضوء القمر و لا لنور الشمس ! وقت تهاجمني فيه آلاف الافكار و تتزاحم في  ذهني بسرعة مهولة، ربما  بسرعه اكبر من سرعة الصوت و الضوء.  و كل فكرة تهتز لها دماغي بقوة ١٠ ريختر علي الاقل ، حتي كاد فصي الدماغ ان ينفلقا الي دماغين او اكثر ، او كادت خلايا المخ ان تستقل عن الدماغ لتكون دماغ جديدة .

لاشئ یستطیع ایقاف توارد هذه الافكار المحمومة التي تتناثر كشظایا البركان في كل انحاء دماغي الصغیر ... حمم الافكار بعضها یسقط علي قلبي فیحطمه، بعضها حوافه حادة كنصل الخنجر ، و بعضها غریب مرطب كالبلسم.!

بحثت و فتشت كثیرا في كل الكتب التي طالتها یدي علي أرفف المكتبات و في كل مواقع الانترنت سألت اصدقائي في كل جروبات الواتس اب ،طالت نقاشاتي مع كل من اتوقع منه ردا ناجعا او طریقا ناجحا ، عن طریقة تطفئ هذا البركان الذي أعیاني و كادت حممه تقضي علي، و لم اجد ما یشفي غلیلي!

اتساءل ؛ هل هو ملاك؟ و هل لیس له سقطات او هفوات؟ 

لكنه یتقن التسجیل و یتقن الحساب و لا اتقن الدفاع! 

.. اغسل وجهي ، و احاول ان تطفئ المیاه نیران قلبي المشتعله ، انظر من خارج الصورة فأرى النیران كطاقة نور ساطعه ، تضئ لي طریقا جدیدا في الحیاة، استهله، ربما متأخرا، فيتساقط عني رداء التلقائیة

هل ان الاوان لاتغیر ؟ لقد بلت تلقائیة الطفولة و تفتقت و لم تعد تصلح في هذا الزمان ، الذي يجب فيه  ان ترتدي ماسك العقل  طوال الوقت و كأنك في حفلة تنكرية لبداية سنة جديدة . 

يجب ان تتقن الرقص و انت مذبوح في هذا الزمان، ان ترتب مع دموعك موعدا للانهمار و لا تتركها حرة طليقة ، و ان ترسم الضحكة علي شفاهك طوال الوقت ، يجب ألا تكشف ما بداخلك لمن حولك مهما  كانوا مقربين منك، لكن هل لو تغیرت ستبقى نفس الشخص الذي اراه في المرآة؟ هل ستبقي ملامحي نفس الملامح؟ هل سيبقي نفس البريق يلمع في عيني؟   و هل سیظل لصوتي نفس الرنین؟ 

يبدو انه لم يصبح مهما ان تحافظ علي لا  ملامحك و ، فنحن في زمن عملیات التجمیل التي لم تخطئ احدا .. سأخوض التجربة .

سأدخل غرفة العمليات ، فامسك بمشرط الطبيب لاتجمل ، ربما، أضيف بعضا من البوتوكس حول عيني فأبتر عروق الشفافية لتتجمد نظراتي  فلا تعكس الا النظرة الثابتة التي أريد، لن تعكس طيبتي ، و لن يرى من خلالهم ما يعتمل في قلبي،   ساحقن شفتاي بحقن فيلر حتي تتثاقلان عن البوح بما داخلي، و أضيف بعضا من تلك الحقن الي  وجنتاي فأبدو مبتسمة دائما و سعيدة دائما،  ، .. سأصنع بمشرط الطبيب ابتسامة هوليودية رائعة تسحر الالباب،  و اسنان بيضاء بياضا شاهقا و كانها لم يمسها طعاما و لا شرابا قط،! 

سأجاري العصر يا عزيزي و اتجمل ، حتي لا اتأخر خلف الركب، ساسجل كلماتك و كلماتي علي اليوتيوب حتي لا ننساهما و سنري هل ستعجبك الملامح البلاستيكية المحبوكة ام ستتحسر علي تلك الملامح الطبيعية الاصلية!
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز