عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أشهر حاوي بالأقصر في القرن العشرين قتلته كوبرا

أشهر حاوي بالأقصر في القرن العشرين قتلته كوبرا
أشهر حاوي بالأقصر في القرن العشرين قتلته كوبرا

الأقصر - محمد راشد

فقد حياته بسبب مهنته، بعد أن دخل في أحد الأيام معبد الأقصر لاستخراج ثعبان من نوع الكوبرا فخرج صريعا من المعبد، ولم يكن يعلم وقتها أن التاريخ سيظل بعد ٦٠ عامًا من رحيله يحتضن قصته ليكن الأشهر حتى أوائل القرن الـ٢١.



موسى القرناوي أقدم حاوي في الأقصر والأشهر خلال القرن العشرين استطاع من خلال مواهبه نقل طقوسه الساحرة في السيطرة على الأفاعي أمام أعين الأجانب والزائرين للأقصر فحول مهنته الفرعونية المتوارثة إلى أثر حديث يجذب آلاف السائحين العاشقين لعروضه.

مواهبه ونيل شهرته عن طريق شقيقات الملك فاروق

مواهب موسى الفريدة في تعاملاته مع الأفاعي والسيطرة عليها مهما كانت شراستها وقوتها مع عدم إغفال حجمها جعلته يستمر في مهنته حتى ستينيات القرن الماضي ما خلا بالمجلات الأجنبية أن تضعه تحت مرصدها كنموذج فريد من الحواة الذين وصفهم البعض في ذلك الوقت بالدجالين.

يقول عمر الكوتري - مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بالأقصر - إن موسى نبغت موهبته في وقت كانت الحيات والعقارب تنتشر فيها بكثرة تبعًا للعمران الضئيل ووجود الخرائب التي وصلت إلى حد الإزعاج، الأمر الذي اضطر الكثيرين مثل موسى وغيره من أهالي بلدته إلى امتهان صيد تلك الحيوانات والزواحف السامة للقضاء عليها خاصة بعد موت الكثيرين ضحية لدغاتها الغادرة.

وأوضح الكوتري أن مهنة صيد العقارب والثعابين وغيرها من الحيات الغادرة كانت من أصعب المهن في ذلك الوقت فلم تكن توجد أي إرشادات لكيفية التعامل معها أو على الأقل تجنبها خاصة أنها كانت تنتشر بكثرة في منطقة جبال القرنة الأثرية.

ويضيف محمود السيد -باحث في التاريخ الإسلامي أن أشهر "الحواة" في ذلك الوقت "القرن الماضي" بالأقصر كان هو موسى الحاوي ذلك الرجل الذي امتلك وجهًا يملوءه شارب كث، وطوله الفارع، نال شهرته عند زيارة الأميرتين فوزية وفايزة شقيقتي الملك فاروق للأقصر ذات مرة حيث أردنا الترويح عن أنفسهن فجاء لهما بمجموعة من "الحواة" للتسلية وبعد العرض كان تعليق الأميرات كل الحواة دجالين إلا موسى الحاوي.

الاستعانة به في مجال الكشف عن الآثار

 "بوابة روزاليوسف" ألتقت "عبد الجواد الحجاجي" مدير الآثار الإسلامية والقبطية بالأقصر سابقا للحديث أكثر عن موسى فأكد أن مهنة الحاوي أو صائد الثعابين كانت أشد خطرًا من نظيره صائد العقارب، وفي الوقت ذاته كانت أعمال الكشف عن الآثار بمنطقة جبال القرنة الأثرية تنتشر بعد أن قادها الأثري العظيم هوارد كارتر فكان في بعض الأحيان يستعان بموسى للقضاء على الأفاعي التي تظهر أثناء عمليات الحفر.

وألمح الحجاجي إلى أن عالم المكتشفات الأثرية كان يتفق تمامًا على كون الأفاعي السامة تعد أحد أهم المخاطر التي يواجهها الأثري وعمال الحفائر، الذين يكونون في مواجهة المخاطر وجهًا لوجه، فالدير البحري والذي اكتشفت به المقبرة الذهبية للملك توت عنخ آمون كان قديمًا يعرف بكثرة الأفاعي، فاضطر بعض علماء الآثار إلى ابتكار طريقة لصيدها حتى لا تتوقف خططهم الحفرية، بينما اضطر آخرون إلى الاستعانة ببعض الحواة وكان أكثرهم موسى.

أشار أشرف محمد - حاوي بمدينة القرنة إلى أن مهنة موسى جعلت الفنادق السياحية بالمدينة تستعين به في استخراج الأفاعي الضالة التي كانت تستقر بغير هدى في الأماكن القريبة منها آنذاك في أوقات الحر الشديد "أوقات انتشارها" في عشرينيات القرن الماضي.

جذب السائحين عن طريق الاستعراض

أما الدكتور مؤمن سعد - مدير إدارة البحث العلمي بمنطقة الكرنك - فأوضح أن كارل فلهام جينتز، الرسام الألماني الشهير، كان قد رصد في رسومات رائعة ودقيقة طقوس الحواة والرفاعية للسيطرة على الأفاعي في معبد هابو بالأقصر عام 1822م؛ حيث كان الحواة يقومون بعمل استعراضهم في المعابد.

ورصدت كثير من الأعمال استمرار موسى في جذب الكثيرين من الأجانب والمصريين العاشقين لموهبته في السيطرة على الأفاعي ومراقصتها، حتى أشيع أن إحدى أميرات العائلة المالكة في مصر، في عهد الملك فاروق، طلبت أن يقوم بتقديم عروضه في القصور الملكية في القاهرة بعد مشاهدتها لأحد عروضه في فندق وانتر بالاس الذي كان بمثابة الاستراحة الملكية بالأقصر.

مفارقة غريبة

يتابع عود أشرف محمد قائلًا: إن المعتقدات الشعبية التي تربى عليها موسى كانت تتوارث بعض المفاهيم الخاطئة بعكس الأساطير الفرعونية التي وضعت للأفاعي مكانة خاصة تتضح من خلال الرسوم الفرعونية المنقوشة على جدران المعابد والمقابر، مشيرًا إلى أن ما يعرف حاليًا بوجوب صنع بعض الموسيقى لكي تجذب الأفاعي ليس شيئًا رئيسيًا نصت عليه الأساطير قديمًا للسيطرة على تلك الزواحف الغادرة.

ويؤكد محمد على مدلوله بالرواية التاريخية الشهيرة التي تنسب للمغربي الطاهر بن جالون "الأفعى الزرقاء" والتي كاد بطلها أن يلقى مصرعه بعد لدغة أفعى زرقاء إثر عدم استجابتها لموسيقى كان قد صنعها من أجل أن تتراقص عليها الزاحفة الغادرة.

ويختتم " محمد " أحد متوارثي مهنة موسى الحاوي بأن معلمه لم يعترف بخطأ ذلك الموروث "صنع الموسيقى لجذب الأفاعي" وبجانب ذلك فإن تقدمه في العمر نهاية الستينيات كانا سببين كفيلين في أن يلدغ من أفعى لم تسيطر عليها أنغام الموسيقى التي صنعها خصيصًا له فكانت المفارقة الغريبة أن يلقى مصرعه على أيدي محبوبته.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز