عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

چيهان جمال تكتب: اختفاء.. حينما يحب الشيطان

چيهان جمال تكتب: اختفاء.. حينما يحب الشيطان
چيهان جمال تكتب: اختفاء.. حينما يحب الشيطان

أبدع المتميز، والمبدع.. محمد ممدوح.. بالمسلسل الدرامى.. اختفاء.. حتى وصل ألى رتبة فنان قدير.. حين أهداه  دور المقدم أحمد موافى أو سليمان عبد الدايم.. رتبة العاشق الذي أعماه العشق الأسود.. فبرع، وصال، وجال بمقوماته  الفنية، و الجسدية.. التى مكنته من اداء  هذا الدور  بمنتهى التميز..



فرأيت ضابط النظام.. الذي لم يخلع عن قلبه بدلة المقدم أحمد موافى ضابط جهاز النظام.. بفترة الستينيات من القرن الماضى .. ليصير بالزمن، وكأنه يلوى أذرع الأيام.. بأقنعته  المتعددة.

رغم حرصه أمام  الجميع على أن يظل طوال تلك السنوات.. صاحب الوجه الواحد.. مرتدياً  بدلة المهندس سليمان عبد الدايم.. الذي بدأ مشوار حياته بفترة الستينيات.. مهندس عصامى بنى نفسه.. بنفسه بشركة المقاولين العرب.. ثم رحل إلى الخليج.. كى يتسنى له أن يبنى هذا الصرح الكبير.. ليصير رجل الاقتصاد  المخضرم، وصاحب قلعة اقتصادية عظيمة من خلال مجموعات شركات نسيمة دوت كم.

ظل المقدم أحمد موافى.. مرتدياً لباس هذه الشخصية الحركية.. التى كان يعرف بها من خلال جهاز النظام  بالدولة .. ليكذب الكذبة الكبيرة، ويصدقها.. حتى صارت حقيقة بين الناس.. ألى أن كشفته قصة حبه الطويلة.. لنسيمة، و التى لم تمت بموت نادر الرفاعي.، والذي قام بدوره الفنان محمد علاء.. بتمكن، و هدوء رسام له عالمه الخاص.

رأينا سليمان رجل  كهل.. مريض.. لكنه لم يتخلَّ للحظة عن سلطة جبروته.

لم  يستشعر سليمان عبد الدايم  ببدايات شبابه.. أن ذاك الحب الذي غرق  فيه حد الثمالة.. ببحور عِشق نسيمة .. من المفترض أن له مقومات، و أصول..  تجمع بين قلوب العباد.. فتتألف من فوق سبع سماوات.. بلا حِيلة لهم فيها.. لذا أنزوت نسيمة راهبة بدير.. ليعم حبها على كل من يحتاجها من العالمين بعيداً عن سطوة، وجبروت سليمان. بعد موت نادر.

لم  يرَ سليمان سوى ذاته، وفقط، وأن قلبه العاشق هو الأجدر بحب نسيمة.

ليلومها، بل، ويسحقها.. بعد أن تزوجها، وقتل نادر .. لأنها أحبته.

و يظل التساؤل القاتل يدميه.. عن من يكون هذا الصعلوك من وجهة نظره.. كى تعطيه نسيمة قلبهٓا .، وترفضه هو رجل الدولة، ووجهة النظام.

بعد أن تأكد بنفسه أن نسيمة امرأة شريفة.. وأن هؤلاء الناس الذين يجتمعون بشقتها.. أصدقاؤها، وأن معظمهم إن لم يٓكُن جٓميعهم.. ليس لهم علاقة بأي شيء يمس أمن الدولة فى شيء.

لكن سليمان ظل  مُدرك تمام الإدراك أن جٓمعهم هذا يضر بأمن قلبه، ومشاعره الغبية العمياء التي لا تعرف كيف تُحب.

فلم  يراهم سليمان مجرد  مجموعة أصدقاء فيهم الطيب، والبرىء، ومن الممكن جِداً أن يكون بينهم الطالح المؤذي  لنفسه، وليس لأصدقائه.

لم يعرف سليمان أن يكون مثلهم.. ويغلق ملفهم البرىء بصِدق.

لذا لم يٓشعُر بقلب نسيمة  البرىء الذي لا يعرف وصولية أو انتهزاية  المقدم أحمد موافى.

ولم يعرف معنى الحب بالمنظور الإنساني، وأنه له مدلولاته، وقياساته العقلانية الخاصة به.

لذا تجد قلب المحب العاقل.. حين يدرك أنه فى حالة حب حقيقية.

يهتز بعُمق، وربما ينحى عقله جانباً، ويعيش الحالة التى سرقته من نفسه، وممن حوله وتجده فى تلك الحالة مهما بلغ أتزانه يختل ذلك الاتزان لا محالة.. لكنه يختل ليصب مذيد من العطاء،  والود فى قلب من أحب.

وهذا كان حال نسيمة حين أحبت بصدق الرسام نادر الرفاعى.

لم يدرك سليمان أن نسيمة كانت أنسانة عاقلة..مترنة، ومسئولة.. سوى بعد أن ذرع ببيتها  أحهزة للتجسس عليهٓا بشقتها.. بعلم  وأمر رٓجُل  آخر  من رجال النظام.. الذي رأها بنفسه المريضة،  أمرأة أجنبية سيئة أو منحلة.. حين فتحت باب شقتها على مصرعيها للجميع.. لكنهٓا نهرته، ورفضته.

رفضتهم الرقيقة الحالمة المٓحبة للحياة.. وأحبت الفنان المُبدع.. النكرة من منظور الأخرين، وأولهم  كان شيطان الحب المدعى سليمان عبد الدايم.. الذي أوجعه أن نادر صٓار العالم بأسره بعينيهٓا.

لم ير  سليمان  أن نادر، ظل كما هو نادر الفنان، والإنسان الحقيقي وليس المدعى.

فلم يدعِ نادر  حب نسيمة، و لم تبهره حٓياتها  بكل الأضواء المبهرة، والحياة  المنفتحة التى كانت حولهٓا.

لذا لم يتأثر نادر   الرفاعي بوجود هذه  الكوكبة  المجتمعية المتنوعة .. بحياة نسيمة ،  و لم يغلق عليهٓا الأبواب لترى العالم من  خلاله، وفقط.

كما أراد لها فيما بعد سليمان.. لأن نادر فنان حر.. كالطائر الطليق.. ولم يٓكُن عبد مأمور سجين أمراضه النفسية كما قال لسليمان.

لم  يرى نادر سوى نسيمة الأنسانة، وليست المسيحية الأرمينية  التى لا يصح أن يتزوجها كرجل مسلم.

جٓمعهم  الحب.. فجمعتهم الأنسانية، ومحبة الناس، و حب  مساعدة الغير.

كما جمعهم الفن، و حُب الحٓياة ، والرسم، والتانجو ،  والموسيقى.

ذهب الحب بنادر.. لأكثر مما حلم، وتمنى، وأخذ بيديه  ليصير أكثر أبداع، وانتشار بين الناس.. بزمن كان يحتوى جميع الطوائف، و الأديان.

فعاش الحب رغم كل مقومات الحٓياة التى فقدها.. على يد سليمان.. لكنه لم يفقد أو يمت.. كما  فقد سليمان سنوات تمنى أن يعيش فيها بحب نسيمة.. ليموت أمام عينيه، ولايستطيع أن يدفنه.. ليعيش بحسرته.

لم يقدر  سليمان معنى حب الرسم، والتانحو، والموسيقى.، والشعر.. فعاش بين الناس ميت بلا روح.. رغم هذه المجموعة الرأسمالية الضخمة التى يعلم تٓماماً أنهٓا سوف تشيع لمثواها الأخير من بعده.

أما لوحة نادر التى رسم فيها نسيمة.. ظٓلت هى الباقية من مجمل أعماله التى أحرقها بيديه ضابط النظام أحمد موافى، وهو يتحرق غل، وحقد وغيرة ، ملئت قلبه.

لم تستطع  تلك النيران أن تطمس.. أو تخفى بمرور السنوات الحب البرىء بقلب نسيمة، ونادر الرفاعى.

وهكذا .. أستطاع الفنان محمد ممدوح أن يثبت نفسه.. كفنان متمكن من  أدواته بين مجموعة ليست بهينة من النجوم الذين قطعوا قبله شوطاً طويلاً عبر  سنوات من الفن الجميل.

فأمتعتنا كعادتها  الجميلة نيللي كريم.. حين  أبدعت ،  وتفوقت على نفسهٓا بدور نسيمة، وبخاصة بتِلك اللقطات التى تكتشف فيها حقيقة موت نادر ، وحقيقة سليمان عبد الدايم.

أبهرتني نسيمة  كثيراً  عن  فريدة التى شعرت معها أنى أشاهد نيللي كريم.. أما نسيمة فلا.

كذلك كان الراقي المتميز الفنان هشام سليم..  الذي لعب دور  الكاتب شريف عفيفي.

ليبرع فى القيام بدور الكاتب الحقيقي.. الصادق.. الذي لم تٓخلو مٓشاعره كرجُل من بعض أنانية، ومن لٓحظات ضعف لم يخشي أن يعترف فيها بالانكسار .

كمشهده المتميز  بالنسبة لي، وهو يجلس على أطراف سرير النوم الذي يجمعه بزوجته.. ليرتعد كطفل صغير  طالباً الحماية من أمه.. بلحظة خوف أو ضياع  ليقول  لهٓا: احضنيني.

كانت الزوجة هىى الفنانة بسمة حيث قدمت دور سولافا بتمكن وحدية تحتسب لها، وكٓأن الدور كان بانتظارها.. أو كأنه  رسم خصيصا لهٓا .. لتعود به تحارب بشراسة المقدم أحمد موافي، أو سليمان عبد الدايم بعد انقطاعها الذى  طال عن الفن.

نعود للكاتب شريف عفيفي الذي لم  ينكسر ، وقرر  أن يصمد بقلمه.

على الرغم  من تشكك الناس  فيه.. لكنه ظل.. واقف كالأسد الجريح .. لايلتفت لمن  رحلت عنه .. أو  لمن خانه، و من لم ينصفه.

لنجده بالأخير  كاتب له رونق خاص.. فهو لايشترى بمال أحدهم.. ولا يباع.. بل هو  محارب بدرجة مقاتل من أجل الوصول للحقيقة.

شريف عفيفي.. أنسان بالمقام الأول.. لذا رأيناه مبدع حقيقي، وليس  من  مدعى الأبداع.. لأن الأنسانية، والأبداع وجهان لعملة واحدة.

شريف عفيفي ليس كمثل صديقه صاحب دار النشر ، وشريكه فيها. .  والذي باعه لسليمان عبد الدايم عند أول محطة.. وظل يخدعه.. ثم تركه وحده.. ووقف يدعى دور الصديق البرىء.

أقنعني  الفنان إسماعيل شرف بأدائه الجيد لدور عمرو  الصديق الندل.

أمتعتنا  القصة الأنسانية التى أمن بهٓا الكاتب الحقيقي شريف عفيفي ..  بأحداث رواية اختفاء ليحٓول  الحب، والإبداع  هذه الكوكبة من النجوم لقارورة عطر يفوح شذاها بين الناس.

اختفاء رواية ذات أحداث متميزة.. أبهرنى تطابق الأحداث مابين الحلقات، وكأن التاريخ كان يعيد نفسه بذات الوقت مابين زمن نسيمة، ونادر الرفاعى وفريدة وشريف عفيفي، و أن قاسم هذا الزمن المشترك كان سليمان عبد الدايم، وهذا يحتسب لكاتب الرواية والسيناريو والحوار.، والإخراج.

جميع الممثلين بلا أستثناء أدوا أدوارهم ببراعة مرورا بدرية أم سولافا بالحلقات، ووصولاً لشلة الستينيات.

أما الموسيقي التصويرية لتامر كروان.. فكانت سيمفونية أبداع.. أمتعتنا بكل مراحل حياة نسيمة التى تشابكت فيها خيرط ناعمة من الحب، و الحرية ، والأنطلاق بأحزان  شجية صارت  تغفو وًتصحو عبر دقات الزمن.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز