أحمد عمر بالحمر يكتب:حلقات البصل

دعانا أحد الأصدقاء إلى الغداء مشكوراً في أحد المطاعم، واحترنا في أمرنا فالخيارات كثيرة ولله الحمد، فهناك الهندي والتركي والياباني والكثير من المطاعم الأخرى، ولكن اقترحت أحد المطاعم البسيطة التقليدية التي تعودنا عليها في السابق، وهو أحد المطاعم الهندية الذي قد يطلق عليها البعض مطاعم "low class" لكن لا يزال الجلوس فيها وتناول إحدى الوجبات شعورًا مميزًا، كما أنه دائمًا للبساطة طعم جميل، ودائمًا ما تقترن البساطة بالماضي الجميل البسيط الخالي من التكلف والمظاهر الخداعة.

بدأ المطعم بتقديم صحن السلطة- كما يقول صاحب المطعم- وهو عبارة عن صحن مليء بالبصل وقطعة من الليمون الطازج جدًا، وورقة خس علا على سطحها الصدأ.

تأخر الغداء علينا فلم أقاوم نفسي فالتهمت صحني وصحن جاري من الجوع، وبدأت أول الأمر بالبصل، وبعد ما فرغت وأنهيت صحني السلطة علمت أنني في ورطه لأن رائحة البصل فواحة وتؤذي من هم بالقرب منك.

هذه الفعلة جعلتني قليل الكلام خوفاً من اكتشاف من حولي فعلتي التي فعلت وخروج رائحة البصل من خلال أنفاسي العطرة أثناء حديثي معهم، فصرت أحاول أن أتكلم بقدر وأستعيض بالإيماءات والحركات قدر الإمكان، وألاحظ ردود أفعالهم وأفسر أي حركة أو ردة فعل غير مناسبة للحديث بأنه تم اكتشاف أمري.

هذا الموقف أعطاني تدريبًا على عدم الكلام إلا بما هو نافع ومفيد، وتطبيق فعلي وعملي للمقولة إذا الكلام من بصل فالسكوت من ذهب، ومن هذه التجربة أنصح الكثير بالسكوت أو بمعنى آخر أكل البصل بل وأن يكثروا منه خصوصًا لبعض هؤلاء الذين بقاؤهم صامتين أسلم لهم ولنا.