عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نص كلمة الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73

نص كلمة الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73
نص كلمة الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73

نيويورك - بوابة روز اليوسف



أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أهمية الحفاظ على الدولة الوطنية، وضرورة حمايتها ومؤسساتها من الانهيار، مشيرا إلى أن تفكيك الدولة الوطنية لصالح موجة إرهابية أو صراعات طائفية ومذهبية، إنما يستنزف مقدرات الشعوب، ويخلق نزاعات مسلحة تقضي على كيان الدول وسيادتها.

وقال الرئيس السيسي، في كلمته أمام جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ73 بنيويورك الليلة: إن الأزمات الكبرى تحتاج إلى حلول عاجلة وشاملة، مؤكدًا التزام مصر بالحلول السياسية وخصوصًا في سوريا واليمن.

وطالب بضرورة إدخال تعديلات على النظام الدولي القائم في الأمم المتحدة، مؤكدًا أن هذا النظام غير عادل وغير منصف.

ولفت إلى أن القضية الفلسطينية خير دليل على عدم عدالة النظام الدولي القائم، مشددا على ضرورة إيجاد حل لهذه القضية يضمن إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:

 

بسم الله الرحمن الرحيم.. سيادة الرئيس

"اسمحوا لي أن أعرب عن تقديري لجهود السيد ميروسلاف لايتشاك رئيس الدورة السابقة، كما أحييكم على اختيار موضوع هذه الدورة، فما أحوجنا لتجديد التزام ومساهمة الدول الأعضاء في تعزيز مكانة ودور الأمم المتحدة كقاعدة أساسية لنظام دولي عادل وفاعل يقوم على توازن المصالح والمسؤوليات واحترام السيادة ونشر ثقافة السلام والارتقاء فوق نزعات العنصرية والتطرف والعنف وتحقيق التنمية المستدامة.. تلك هي القيم التي حكمت الرؤية المصرية تجاه الأمم المتحدة منذ مشاركتنا في تأسيسها قبل 7 عقود، وخلال الفترات الست التي انتخبت فيها مصر لعضوية مجلس الأمن الدولي وآخرها عام 2016-2017، كما أنها الدافع وراء إسهام مصر النشط في عمليات حفظ السلام الأممية لتصبح سابع أكبر مساهم على مستوى العالم في هذه العمليات بهذا الإيمان الراسخ بقيم ودور الأمم المتحدة.

"ومن منطلق المصارحة أرى أن علينا أن نعترف بأن ثمة خللًا يعتري أداء المنظومة الدولية ويلقي الكثير من الظلال على مصداقيتها لدى كثير من الشعوب خاصة في المنطقتين العربية والإفريقية، اللتين تعيش مصر في قلبيهما.. فكيف نلوم عربيًا يتساءل عن مصداقية الأمم المتحدة وما تمثله من قيم في وقت تواجه فيه منطقته مخاطر التفكك وانهيار الدولة الوطنية لصالح موجة إرهابية وصراعات طائفية ومذهبية تستنزف مقدرات الشعوب العربية، أو يتساءل عن عدم حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة للعيش بكرامة وسلام في دولة مستقلة تعبر عن هويته الوطنية وآماله وتطلعاته.

وهل يمكن اعتبار الإفريقي مغاليًا إن شكي من انعدام فاعلية النظام العالمي، بينما تعاني قارته من نظام اقتصادي يكرس الفقر والتفاوت ويعيد إنتاج الأزمات الاجتماعية والسياسية ولا يتيح آفاقًا للتطور أو التقدم.

السيدة الرئيس.. أنقل لكم أسئلة شعوبنا من منطلق رئاسة مصر لمجموعة الـ 77، والصين التي تضم غالبية سكان هذا الكوكب وصاحبة المصلحة الأكبر في تفعيل دور الأمم المتحدة.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي: فالدول النامية لا تحتمل العيش في منظومة دولية لا يحكمها القانون والمبادئ السامية التي تأسست عليها الأمم المتحدة وتكون عرضة للاستقطاب ومحاولات البعض الهيمنة على النظام الدولي وفرض توجهاتهم على أعضاء المجتمع الدولي.

وسأوجز رؤية مصر في ثلاثة مبادئ يتعين تجديد الالتزام بها وثلاث قضايا يتوجب إعطاؤها الأولوية لكي تستعيد الأمم المتحدة فاعليتها ودورها.

أول هذه المبادئ أنه لا مجال للحديث عن تفعيل النظام الدولي، إذا كانت وحدته الأساسية أي الدولة الوطنية القائمة على مفاهيم المواطنة والديمقراطية والمساواة مهددة بالتفكك.

إنني أتكلم من واقع خبرة مصرية فريدة لشعب قام بجهد جبار لاستعادة دولته وإنقاذ هويته، واختار أن تكون الدولة الوطنية القادرة والعادلة بابه للإصلاح وتحقيق تطلعاته في الحرية والتنمية والكرامة.

إن تفكك الدول تحت وطأة النزاعات الأهلية والارتداد للولاءات الطائفية بديلًا عن الهوية الوطنية هو المسؤول عن أخطر ظواهر عالمنا المعاصر.. مثل النزاعات المسلحة وتفشي الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة في السلاح والمخدرات.

ولا شك أن المنطقة العربية أخطر بقاع العالم عرضة لمخاطر تفكك الدول الوطنية وما يعقبها من خلق بيئة خصبة للإرهاب وتفاقم الصراعات الطائفية.

وتابع الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "ويعد الحفاظ على قوام الدولة وإصلاحها أولوية أساسية لسياسة مصر الخارجية في المنطقة العربية، فلا مخرج من الأزمة في سوريا والكارثة التي تعيشها اليمن إلا باستعادة الدولة الوطنية والحفاظ على سيادتها وسلامة مؤسساتها وتحقيق التطلعات المشروعة لمواطنيها، ومصر في طليعة الداعمين للحل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة في هذين البلدين الشقيقين وترفض أي استغلال لأزمات الأشقاء في سوريا واليمن كوسيلة لتحقيق أطماع وتدخلات إقليمية أو كبيئة حاضنة للإرهاب والتطرف والطائفية.

والمبدأ نفسه ينطبق على سياستنا تجاه ليبيا التي تضطلع مصر فيها بدور مركزي لدعم إعادة بناء الدولة، خاصة فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية لتوفير بنية قادرة على الدفاع عن ليبيا ومواجهة مخاطر الإرهاب.

ولا يجب أن ننسى أن عامًا قدر مر منذ تبني مبادرة الأمم المتحدة للمعالجة الشاملة للأزمة الليبية دون تحقيق تقدم في تنفيذها، وهو ما يستوجب منا تجديد التزامنا بالحل السياسي، كما تضمنته عناصر تلك المبادرة بصورة غير منقوصة فلا مجال لحلول جزئية في ليبيا أو سوريا أو اليمن، فالأزمات الكبرى تحتاج لمعالجات شاملة وليس لحلول جزئية، إن أردنا تجاوز استنزاف البشر والموارد والبدء في مرحلة البناء.

السيدة الرئيس.. أما المبدأ الثاني.. فهو الالتزام بإيجاد حلول سلمية مستدامة للنزاعات الدولية، فهي المبرر الأساسي لنشأة الأمم المتحدة، وعلى الرغم من جهود المنظمة الدولية في نزاعات عديدة مثل جنوب السودان وإفريقيا الوسطى ومالي، فلا شك أن تلك الجهود ما زالت قاصرة عن إيجاد التسوية النهائية للنزاعات.. وهناك حاجة ماسة لحشد الموارد لمساعدة الدول الخارجة من نزاعات على إعادة تأهيل مؤسساتها وبدء إعادة البناء والتنمية.

والقضية الأساسية هي أن تتم ترجمة هذا المبدأ إلى دعم محدد للجهود الوطنية لتجاوز الصراعات وبناء الدول وفقا لأولوياتها مع تجنب فرض نماذج مستوردة للحكم أو التنمية أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سيادتها.

ولا يمكن أن نتحدث عن تسوية المنازعات كمبدأ مؤسس للأمم المتحدة، ومؤشر على مصداقيتها، دون أن نشير إلى القضية الفلسطينية التي تقف دليلًا على عجز النظام الدولي عن إيجاد الحل العادل المستند إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، والذي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. ومرجعيات الحل العادل ومحددات التسوية النهائية معروفة، ولا مجال لإضاعة الوقت في سجال بشأنها. فالمطلوب هو توفر الإرادة السياسية لاستئناف المفاوضات وإنجاز التسوية وفقا لهذه المرجعيات، وسأكرر هنا ما ذكرته في سنوات سابقة على هذا المنبر، من أن يد العرب لا تزال ممدودة بالسلام، وشعوبنا تستحق أن تطوي هذه الصفحة المحزنة من تاريخها.

السيدة الرئيس

أما المبدأ الثالث فهو الالتزام بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة بوصفها الشرط الضروري لنظام عالمي مستقر، وأفضل سبل الوقاية من النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية.

ومع الترحيب بالتوافق الذي توصلنا إليه جميعا في إطار الأمم المتحدة حول خطة 2030 للتنمية المستدامة، فإن تنفيذ تعهدات هذه الخطة الطموحة، يقتضي معالجة مشكلة تمويل التنمية من خلال توفير مناخ دولي ملائم لتدفق الموارد اللازمة للتنمية دون مشروطيات، ودعم الجهود الوطنية لحشد التمويل للتنمية، لقد بات إصلاح هيكل المنظومة الاقتصادية والمالية العالمية أمرًا غير قابل للتأجيل. ونحن نتطلع للأمم المتحدة كمحفل لبلورة الأفكار الكفيلة بتحقيق هذا الإصلاح، خاصة فيما يتعلق بإيجاد آليات تتيح إيقاف التدفقات المالية غير المشروعة من الدول النامية، وتسهيل استعادة تلك الموارد الحيوية لأصحابها.

السيدة الرئيس

"إن الالتزام الدولي بالحفاظ على الدولة الوطنية، والتسوية السلمية للنزاعات، وتكثيف التعاون لتحقيق التنمية الشاملة ومعالجة أوجه الخلل في النظام الاقتصادي العالمي تمثل شروطًا ضرورية لأي حديث جاد عن تفعيل منظومة الأمم المتحدة، واستعادة مصداقيتها".

"وفي هذا الإطار هناك أيضا ثلاث قضايا أساسية تمثل أولويات ضرورية لتطبيق هذه المبادئ، ومن ثم تحديد مصداقية ومستقبل الأمم المتحدة والنظام الدولي برمته، وهي:

أولا: تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، ويهمني هنا بشكل خاص الإشارة إلى التجربة الناجحة للشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، بوصفها نموذجًا يحتذى به في اقتسام الأعباء والاستفادة من المزايا النسبية لكل طرف لمواجهة التحديات المعقدة في قارتنا التي تمثل المقصد الرئيسي للجهود الأممية في مجال حفظ وبناء السلام والمساعدات الإنسانية والتنموية.

ومع اقتراب تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي عام 2019، فإننا نتطلع لتفعيل الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد والأمم المتحدة عبر برامج ذات مردود ملموس على القارة، والبناء على التقدم المحرز لإحياء سياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، بما فيها استضافة مصر لمركز الاتحاد الإفريقي المعني بتنفيذ هذه السياسة، وكذا مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب.

ثانيا: استكمال العمل لإنفاذ المبادرة التي أطلقتها مصر خلال عضويتها في مجلس الأمن الدولي لإيجاد إطار دولي شامل لتطوير السياسات وأطر التعاون لمكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق، فإننا نرحب بمبادرة السكرتير العام بعقد مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في يونيو الماضي، في أعقاب انتهاء المراجعة الدورية لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب".

"إن مصر كما تعلمون أطلقت منذ مطلع العام الجاري العملية الشاملة (سيناء 2018) لمكافحة الإرهاب ودحره نهائيًا من خلال إستراتيجية تتناول الجوانب الأمنية والأيديولوجية والتنموية.. استطيع بناء على هذه التجربة وعلى خبرة مصر في دعم مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط إفريقيا أن أؤكد لكم أن حجم التمويل ونوعية التسليح والتدريب ووسائل الاتصال التي تحصل عليها الجماعات المتطرفة، فضلا عن التساهل في انتقال وسفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب، تشير إلى أنه لا مناص من بناء منظومة لمكافحة الإرهاب حيثما وجد ومواجهة كل من يدعمه بأي شكل.

ثالثًا: معالجة أوجه القصور الكبير في تعامل المجتمع الدولي مع قضايا حقوق الإنسان فلا مجال لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة طالما استمر الملايين يعانون من فقر مدقع أو يعيشون تحت احتلال أجنبي أو يقعون ضحايا الإرهاب والصراعات المسلحة، أن حماية حقوق الإنسان لن تتحقق بالتشهير الإعلامي وتسييس آليات حقوق الإنسان وتجاهل التعامل المنصف مع جميع مجالات حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

إن مصر تمتلك أساسًا دستوريًا راسخًا لحماية حقوق الإنسان بأشمل معانيها، وقد شهدت قفزات نوعية خاصة في مجال تمكين المرأة والشباب.. فباتت المرأة تشغل 25% من المناصب الوزارية وأكثر من 15% من مقاعد البرلمان، كما يتم الاعتماد على الشباب في مختلف المناصب القيادية في الدولة وصارت المؤتمرات الدولية للشباب التي تعقد في مصر سنويا محفلًا دوريًا وثابتًا للتواصل بين الشباب والتعريف بشواغلهم وأولوياتهم.

ونحن عازمون على أن نجعل قضية التمكين الاقتصادي للمرأة إلى جانب قضايا الشباب وقضايا العلوم والتكنولوجيا والابتكار في طليعة أولويات رئاسة مصر لمجموعة الـ77 والصين كنموذج عملي لتطبيق التزامنا بمفهوم شامل للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بأوسع معانيها.

"سيدتي الرئيس.. إن لمصر كما للغالبية من شعوب ودول العالم مصلحة أكيدة في استعادة مصداقية العمل الدولي متعدد الأطراف ودور الأمم المتحدة كقاطرة له، ونحن نؤمن بأن المنظمة قادرة على تجاوز التشكيك في جدواها ومصداقيتها من خلال استعادة المبادئ السامية التي تأسس عليها ميثاق المنظمة والعمل وفقا للأولويات التي تناولتها والتي تعكس طموحات شعوبنا.. فبذلك فقط تستعيد منظمتنا مصداقيتها وتستعيد شعوبنا ثقتها في مستقبل قائم على السلام والتعاون واحترام الآخر".

"أشكركم لحسن الاستماع.. ووفقنا الله وإياكم لما فيه الخير لكل شعوبنا.. وتحيا مصر.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز