عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أزمات «صفقة ترامب» للسلام!

أزمات «صفقة ترامب» للسلام!
أزمات «صفقة ترامب» للسلام!

تكتب من نيويورك- حنان البدري

كالمتوقع.. جاءت اجتماعات قادة العالم فى الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نفس سياق التحول التدريجى نحو اعتماد نظام عالمى جديد تحكمه سياسيّا حدود السوق والاقتصاد والتجارة.. وهو الأمر الجارى منذ بدء الألفية الجديدة بقيادة الولايات المتحدة، التى ضاعفت من جهود إعداد أرضية لهذا النظام (فى ظل وجود رئيس مختلف يريد تكريس مصالح أمريكا بغض النظر عن رغبات الدول والقوى الدولية الأخرى).




فداخل أروقة الأمم المتحدة (وفى كلمته الموجهة للشعب الأمريكى قبل شعوب وقادة العالم) أعلن ترامب صراحة أن الولايات المتحدة لن تستمر فى القيام بدور «شرطى العالم» مجانًا.. هذا الدور الذى ما فتئت تقوم به واشنطن لعقود طويلة، وكان بالأساس لحماية المصالح الأمريكية حول العالم. 


وفى المؤتمر الصحفى الذى عُقد بمقره (ودُعينا إلى حضوره) استمر فى التأكيد على السياسات نفسها وأعاد التلويح بالمواجهة التجارية مع الصين وبنصره الذى أحرزه فى التقدم فى ملف كوريا الشمالية.. وهو النصر الذى سيحقق للولايات المتحدة نصرًا لاحقًا (إبعاد كوريا الشمالية عن حليفها الصينى). 


وفى نيويورك كان كثيرون يتوقعون أن يعلن الرئيس الأمريكى عن تفاصيل ما يُسمى بصفقة القرن، أو مبادرته لتسوية الصراع «العربى- الإسرائيلى»، لاسيما أنه التقى الرئيس محمود عباس وتسربت بعض من تفاصيل هذا اللقاء بما فيها مناقشة الكونفيدرالية، وأجواء عدم الارتياح الفلسطينى والأمريكى على السواء!


كما تحدث بعض المصادر الأمريكية عن أن الوقت قد حان لإحداث تغييرات فلسطينية تأتى بقيادة جديدة فى رام الله وتم طرح ثلاثة أسماء لقيادات فلسطينية أمنية!


 ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكى فضّل عدم التحدث حول الأمر إلا بعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.. وساعتها أدلى بتصريحات غير مسبوقة- سرعان ما زايد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو-إذ أكد ترامب لنتنياهو أن العمل على «صفقة القرن» يجرى على قدم وساق، وأبدى سعيه إلى تسوية النزاع على أساس حل الدولتين، واصفًا إياه بأنه «الحل الأمثل الذى يعجبه». 


 وقال ترامب إنه واثق بأن الفلسطينيين يرغبون فى العودة إلى طاولة المفاوضات، وأنه يحلم بإنهاء النزاع قبل نهاية ولايته الرئاسية الأولى.


وذهب الرئيس الأمريكى إلى القول بأنه سيكون على إسرائيل بموجب صفقة «أن تفعل شيئًا لصالح الطرف الآخر» قبل أن يؤكد مجددًا مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل بنسبة «مائة بالمائة»، وفى أعقاب هذا الأمر أعلن نتنياهو أنه يفاجأ بتفضيل ترامب لحل الدولتين مع الفلسطينيين، واشترط نتنياهو لتحقيق حل الدولتين أن تكون أى دولة فلسطينية مستقبلية هى منزوعة السلاح وتعترف بالدول العبرية!


وبعد تداول تصريحات نتنياهو الرافضة لحل الدولتين أعاد الرئيس الأمريكى ترامب صياغة تصريحاته هذه- وذلك فى مؤتمر صحفى بحضور وزير خارجيته وصهره كوشنر وكبار مستشاريه بمن فيهم جون بولتون– وقال إنه منفتح على حل الدولة الواحدة للصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل إذا كان هذا هو ما يفضله الطرفان، وقال: «إذا كان الإسرائيليون والفلسطينيون يريدون دولة واحدة فلا بأس».


كان الأمر واضحًا بأن هناك تضاربًا متفقًا عليه!.. وأن هناك رسائل مقصودة وموجهة للرأى العام وكذلك للجيران العرب، إذ اشترط نتنياهو لتحقيق حل الدولتين أن تكون أى دولة فلسطينية مستقبلية هى منزوعة السلاح وتعترف بيهودية الدولة العبرية.
وهو ما سيترتب عليه بحسب مراقبين لـ«روزاليوسف» فتح الطريق أمام نتنياهو لإحداث تبادل ديموجرافى مع الفلسطينيين يجرى بموجبه نقل عرب إسرائيل إلى مناطق فلسطينية ويسمح بإعادة يهود مقيمين فى مناطق الفلسطينيين فى عملية يمكن وصفها «بتبادل السكان». 


وفى تصريحات حصرية لـ«روزاليوسف» كشف مصدر أمريكى مطلع عن بعض من مضمون صفقة القرن التى ينتوى الرئيس ترامب الإعلان عنها قبل نهاية العام الحالى.. وتتلخص المقترحات الأمريكية فى التالى: 


أ- إن التسوية التى تجرى بين الأطراف تكون بموافقة الطرفين وبمساعدة الولايات المتحدة و«الدول العربية المعنية» وغيرها من مصادر تمويل صفقة القرن.


ب- إن الولايات المتحدة منفتحة لاحتمالات القبول بحل سواء كان قائمًا على أساس دولتين أو دولة واحدة تجمع بين الإسرائيليين والفلسطينيين إذا وافق الطرفان على ذلك، وفى كل الأحوال ستكون هناك دولة فلسطينية منزوعة السلاح ويتم تأمين مناطق التماس للدولة الفلسطينية بين مصر وقطاع غزة بقوات إسرائيلية أو مصرية إذا اتفقت الأطراف على هذا، وتكون هناك مناطق التماس بين المناطق الفلسطينية فى الضفة الغربية والأردن تحت حماية القوات الإسرائيلية.


ج- وفيما يتصل بمسألتىّ القدس سبتقى الأوضاع على ما أقرته الحكومة الأمريكية مؤخرًا باعتبار القدس الموحدة عاصمة إسرائيل مع السماح باستخدام أبو ديس الواقعة إداريّا فى نطاق مدينة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وإعطاء الإشراف على الأماكن الإسلامية فى مدينة القدس الموحدة للمملكة العربية السعودية التى ستتكفل بتمويل الحفاظ على الأماكن المقدسة الإسلامية فى القدس.


د- استخدام نطاق قطاع غزة لتوطين بعض اللاجئين الذين لا يتم توطينهم فى الدول الغربية «كندا والأمريكتين وأوروبا» والبلاد العربية التى بها معسكرات للاجئين الفلسطينيين كسورية ولبنان والأردن ومصر. 


هـ- إجراء حملة لجمع هبات وتبرعات ومساعدات تتراوح ما بين 150 مليار دولار – 200 مليار دولار لتنفيذ مشروعات كبرى للبنية التحتية للمناطق الفلسطينية.


و- إقناع إسرائيل بالموافقة على عودة عدد محدود قد لا يزيد على خمسين ألف فلسطينى، وذلك وفق برنامج لَمِّ شمل للأسر الفلسطينية.
ز- منح مساعدات للدول العربية التى ستقبل بتوطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بها.


ح- العمل على تكريس استقرار المنطقة بمشروع إقليمى لتشجيع التكامل الإقليمى بين الدول الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن والسعودية فى إطار برنامج التكامل الإقليمى والذى ستكون نواته المشروع المعروف باسم «نيوم».


ط- بالنسبة للطرح الأمريكى لفكرة «الكونفيدرالية»، فهم يرون أن تكون بين كل من إسرائيل والفلسطينيين والأردن، وذلك فى المرحلة الأولى، ينتج عنها تسوية للقضية الفلسطينية فى حالة موافقة كل الأطراف، بالتوازى مع انطلاق مشروع نيوم الذى سينطلق بغض النظر عن التسوية. وهو المشروع المرشح ليكون نواة لتنفيذ أفكار أمريكية لخلق مشروع تكامل اقتصادى ممتد فى المنطقة كلها بين الدول العربية المحيطة بإسرائيل، ويضم مصر والسعودية والأردن ولبنان وفلسطين والكويت والإمارات، بحيث تقام مشاريع تعاون مشتركة متنوعة من السياحة وخطوط أنابيب غاز وطاقة وتصدير واستيراد ومواصلات والصناعات التكنولوجية والإلكترونية… إلخ.


(ى)- على أن يتم إدخال جنوب العراق لاحقًا نظرًا لأن ضمها لايزال رهنًا لتطورات الأوضاع فى الموضوع «السورى- الإيرانى» والوضع الكردى، وحيث لاتزال واشنطن غير مرحبة بعد بخلق كيان كردى مستقل على عكس إسرائيل التى ترحب وتعمل على تشجيع حدوث ذلك.


(ك)- هذه الأفكار التى يتم تداولها من فترة لاسيما المتعلقة بخلق محيط تكاملى  فى المنطقة يجمع بين الكونفيدرالية الثلاثية ودول المنطقة سيكون خاضعًا لمجموعة قوانين حديثة يتم التوافق عليها بين الكيانات المشتركة فى هذا التكامل بغض النظر عن القوانين الخاصة بكل دولة مشتركة فى هذا الكيان المتكامل.


و- على أى حال فإن كل هذه الأفكار تظل مجرد أفكار عرضة للتشاور حولها بين الأطراف، وكما ذكر الرئيس الأمريكى صراحة فإن لا شىء يمكن أن يتم من دون موافقة كل الأطراف المعنية ولو أن الإدارة الأمريكية مع ذلك لاتزال تضغط فى كل الاتجاهات لإنجاز صفقة القرن التى عجزت كل الإداراة الأمريكية السابقة منذ إدارة الرئيس الأمريكى هارى ترومان إلى اليوم، وبالتالى إذا ما تم إنجاز هذه الصفقة فإن حظوظ الرئيس ترامب فى الحصول على جائزة نوبل للسلام تكون مضمونة.
وما علينا سوى انتظار إعلان ترامب فى غضون الشهرين المقبلين عن تفاصيل هذه الصفقة تمهيدًا لفتح باب مفاوضات جادة قد يتم تأجيلها إلى مطلع العام المقبل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز