عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام شوقي يكتب: "الثانوية العامة مستقبل وطن

هشام شوقي يكتب: "الثانوية العامة مستقبل وطن
هشام شوقي يكتب: "الثانوية العامة مستقبل وطن

تبدو أشبه بشبح مرعب لكل ولي أمر، وطالب حالم بمستقبل مختلف يري فيه نفسه طبيب بارع أو مهندس ناجح ، وولي أمر خائف من بورصة الدروس الخصوصية، يقتطع من قوت يومه من أجل حلم الطب والهندسة، ومستقبل مبهج لفلذة كبده، بينما أصبح سرطان الدروس الخصوصية ورم عصي علي أمهر الجراحين فهو لا يفني بل يستشري في كامل الجسد .



فالجميع لا سبيل أمامه إلا ماراثون الثانوية العامة للوقوف على باب التنسيق وبين أول يوم دراسة وآخر يوم امتحانات طريق مخيف محفوف بمخاطر البدء في المجموعات الخاصة قبل الدراسة، والحفظ والتلقين، ثم دوامة المراجعات ليلة الامتحان و البحث عن جمعيات تأخذ من ميزانية الأسرة ، تذبحها من أجل أبنائها ، أنها بورصة لا تعرف سوي مؤشرات الصعود المستمر لا تفرق بين غني وفقير أنها مثل الكفن لا يفرق بين عباد الله . 

فواقع الأسرة التي  بها طالب ثانوية عامة هو واقع تراجيديا مؤلمة لا يرحم أب كاهله مرهق بمطالب حياتية يومية لا يستطيع التخلي عنها ومستقبل بناء الأبناء، وفي النهاية مخرج تعليمي لا يتمكن في أغلبه أن يملك مهارات الحصول علي فرصة عمل حقيقية ، بل أصبحت مخرجات التعليم هي الأخري مأساة  وعبء علي الوطن بدل من أن تكون ثروة بشرية يمكنها تحقيق الرفاهية للوطن.

أعلم أنني قد أسهبت طويلا في وصف حال التعليم، وهو مأساة تتحرك أمام العيون يومياً ، و بالرغم من ذلك الواقع المؤلم إلا أن تغيره ليس مستحيل، نعم لا نملك عصي سحرية ، لكن نملك عقول وخبرات في مجال التعليم ورغبة حقيقة لدي الدولة و المواطنين في تغير الواقع .

نحتاج إلي فتح حوار مجتمعي و أكاديمي للوصول إلي رؤية تستمر فيها الدولة علي كافة المستويات تسمح بحل أزمة الكثافة داخل الفصول ، واستطيع أن ألمح إرادة سياسية في ذلك الاتجاه من خلال توجيهات من جانب الرئيس بالتوسع في بناء المدارس، لكن السؤال هل تستطيع الدولة وحدها تحمل تلك الكلفة في وقت يتناسب و طموح المجتمع ، في اعتقادي أننا في حاجة لتحمل رجال الأعمال لجانب من المساهمة في مشروع قومي كبير للمساهمة في إنجاز ذلك الحلم من واقع المسئولية الاجتماعية ، وهو مفهوم سائد في الغرب، وهو موجود في مصر ، لكنها جهود  مبعثره هنا وهناك تحتاج إلي رؤية يتم صياغتها بالتعاون مع مؤسسات الدولة .

ليس التعليم في ظل الوضع الراهن مسئولية الدولة وحدها ، إنما هو مسئولية مشتركة بين الجميع، إن كانت الدولة تتحمل الجانب الأكبر منها، بل أن مسئولية صياغة رؤية مستقبلية للتعليم بقدر ما هي مسئولية لوزارتي التعليم والتعليم العالي إلا أنها مسئولية علماء التربية وأساتذة الجامعات في الداخل و الخارج.

ليس بالنقد وحده تنطلق الأمم إلي عصر العلم ، بل بتقديم الحلول الإبداعية التي تصلح للقري والنجوع والأقاليم كما تصلح لعواصم المحافظات، لقد سطرت تلك الكلمات من أجل أن يشارك الجميع في طرح وجهات نظر تأخذنا جميعاً علي الطريق الصحيح ، ربما د. طارق شوقي وزير التربية و التعليم يحمل عبء تلك الوزارة التي تحمل بداخلها هموم الأسرة ومستقبل الوطن ، أري أن العالم الجليل يحمل رؤية تحتاج إلي مساندة تنطلق من حوار أكاديمي ومجتمعي ، و مساندة تنطلق من المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال.

علينا أيضاً النظر في أحوال المعلمين علمياً  ووضع نظام يسمح ببعث المعلمين للدول المتقدمة علمياً لبناء قاعدة من المعلمين تتمكن من بناء الإنسان المصري الذي يصنع الحضارة والفكر الراقي، فالبداية الصحيحة من المعلم رسول المعرفة ، صاحب رسالة اقرأ.

بالرغم من تراجيديا الواقع إلا أن الأمل والاجتهاد يصنع المستحيل ، إن دول كثيرة تمكنت من الخروج من النفق المظلم بالتكاتف والإرادة والرغبة في تحقيق التنمية المستدامة ، ولنا في اليابان وسنغافورة نموذج يحتذي وخارطة طريق ، ولدينا علماء وأسماء ساهمة في صناعة عصر العلم ، فقط تغير البيئة الحاضنة للعلم.

إن واقع الاقتصاد العالمي يؤكد أن قوة  اقتصاد أي دولة يمكن قياسه بمدي امتلاك الدولة للمعرفة، وما مدي حجم إضافتها لدوائر العلم المعرفة، إنه عصر العلم و اللاحق به ليس ترفاً بل فرض عين علي كل أبناء الوطن.            

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز