عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب: الإبداع والابتكار

خليل الذوادي يكتب: الإبداع والابتكار
خليل الذوادي يكتب: الإبداع والابتكار

إن الإدارة التي تطور نفسها هي بالضرورة تطور من أدائها بما ينعكس إيجابًا على المؤسسة نفسها وعلى المجتمع بالتبعية



عندما انتهجت الحكومة في مطلع التسعينيات وبالتعاون مع القطاع الخاص وكلية الخليج للتكنولوجيا في مملكة البحرين نظام التعليم الإداري المستمر، وكان وقتها الدكتور على محمد فخرو وزيرًا للتربية والتعليم، التحق عدد من منسوبي الوزارة من المدرسين والإداريين بجامعة البحرين وكلية الخليج للتكنولوجيا في دراسات، تؤهلهم إما لنيل البكالوريوس أو الدبلومة حسب التخصص والمجالات المفتوحة، كان الهدف تطوير قدرات ومهارات موظفي الدولة وموظفي القطاع الخاص، وكانت فرصة للجميع لكي تتلاءم الخبرة والتجربة الواسعة مع العلم والمعرفة، بحيث يكون هناك لُحمة بين النظرية والتطبيق، والتحقت أفواج من الراغبين في الدراسة في هذا النظام أو قل الفرصة المتاحة، وقد تفهم ديوان الخدمة المدنية يومها أهمية مثل ذلك وأعد العدة لكي يكافئ من نال الشهادة العلمية في الترقي، وكان أيضا ذلك بمثابة الحافز للجميع للإقبال على الدراسة، خاصة أن الوزارات والهيئات والمؤسسات تكاتفت وشعرت بواجبها تجاه موظفيها وأهمية إتاحة الفرصة لهم للترقي، وفي نفس الوقت اللحاق بركب العلم وتقنياته والاستفادة من تجارب الآخرين، وبالفعل كنت ولله الحمد أحد هؤلاء الذين التحقوا بنظام التعليم الإداري المستمر مع كوكبة من موظفي الحكومة والقطاع الخاص، وكانت بالنسبة لنا تجربة رائدة، تعرفنا على بعضنا بعضًا أكثر، واستفدنا من تجربة كل واحد منا، وشعرنا يومها أنّ العلم لا حدود له، وعندما تتزاوج الخبرة مع التحصيل العلمي فإن ذلك يسهم في تطوير الأداء.

كان الأساتذة الذين تلقينا العلم منهم من رجال البحرين، الذين تقلدوا مناصب رفيعة وصقلتهم التجارب والعلم والمعرفة وأساتذة من تركيا، وأوروبا، وأمريكا ممن عملوا في جامعات أو شركات أو مؤسسات كبيرة، وعلى ما أذكر تحديدًا أن جاء إلينا أستاذ من أمريكا تجاوز السبعين عامًا، وقال بكل تواضع "أنا لا أملك شهادة الدكتوراه في علم الإدارة، لكنني عملت في إدارة ست شركات كبيرة في أمريكا ووجدت نفسي بعد التقاعد، بحاجة إلى أن أنقل تجربتي الإدارية العملية والنظرية لأمثالكم من الشباب الطامح لتطوير نفسه وأدائه"، فكانت محاضرات هذا الأستاذ بمثابة درس عملي رغم اختلاف بيئة العمل، لكن ستظل بعض المعايير والقيم الإدارية موجودة سواء في الغرب أو الشرق، والمطلوب منا أن نستفيد بما تمليه علينا ظروفنا ومعطيات المهمات التي نضطلع بها.

سعدت كثيرًا اليوم بالدعوة الصادقة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ضمن برنامج عمل الحكومة، لتنمية الكوادر الوطنية وتبني فكر "مسابقة الابتكار الحكومي" وجاء في تقديم الفكرة المسابقة "إيمانًا من الحكومة بالشراكة والتطوير، تهدف المسابقة إلى تحفيز الإبداع والابتكار لدى موظفي القطاع الحكومي وإتاحة الفرصة أمامهم للتنافس في تقديم مقترحات فاعلة للارتقاء بمستوى الأداء الحكومي".

وتأتي هذه الدعوة الرائدة ضمن الرؤية الوطنية لمملكة البحرين 2030، ونحن نعلم أن الإدارة التي تطور نفسها هي بالضرورة تطور من أدائها وهذا الأداء المتطور ينعكس إيجابًا على المؤسسة نفسها وعلى المجتمع بالتبعية، وفي علم الإدارة أيضا هناك التزامات تجاه المؤسسات على المجتمع والدولة بالتأكيد، وكلما تطور الأداء كلما أصبح الناتج مثمرًا وطيبًا.

والدعوة كما أتضح من أدبياتها أنها تدعو الجميع في القطاع الحكومي لتقديم مقترحاتهم المدروسة من قبل فرد أو مجموعة (من 4 أفراد كحد أقصى) والأفكار المبتكرة والمبنية على الخبرة والتجربة، والعلم لا شك أنها مفيدة لذات المؤسسة أو الجهة المعنية بالاختصاص، ومن هنا فإن الإدارة سوف تستلم هذه الأفكار بكل عناية واهتمام وتوليها الرعاية اللازمة لخير الجميع وتحديدًا الارتقاء بمستوى الأداء الحكومي الذي هو جزء أساسي من بناء الدولة وتطوير مرافقها ومؤسساتها.

وقد عرفت مملكة البحرين باقتحامها لكثير من المشاريع الرائدة، وكان لها السبق في المجال التجاري، والاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي، والصحي، والقانوني، والسياسي، والرياضي، والشبابي وتبوأت المراكز المتقدمة في التعليم والتنمية البشرية المستدامة وتمكين المرأة ورعاية الطفولة والأمومة وتجارب رائدة في مختلف المجالات، مما يفرض علينا مواصلة هذا الأداء الراقي والمتميز، وعندما تشعر أي وزارة أن التفاعل بين الرؤساء والمرؤوسين قائم على أساس مصلحة الأداء وتحقيق الرسالة التي أنشئت من أجلها الوزارة أو المؤسسة الحكومية، فإن ذلك يشعر الجميع بأهميته ويغرس في نفسه الأمل والطموح لتقديم الأفضل، فالمؤسسات يمكن اعتبارها كالكائن الحي، الذي يتفاعل وينفعل من أجل تطوير الأداء والتسابق في نيل قصب السبق في مختلف المجالات.

أنا على ثقة بأن التفاعل مع هذه الفكرة "مسابقة الابتكار الحكومي" سيكون إيجابيًا وصادقًا وأمينًا بصدق وأمانة، هذه الفكرة؛ فالهدف واحد والغاية واحدة هي الأداء المتميز وخدمة المؤسسات بما يعود بالخير على الوطن والمواطنين، وفي هذا الخير فليتنافس المتنافسون ولنحقق جميعًا الغاية وهي رفعة هذا الوطن ومنعته وأمنه واستقراره ورخاءه.

وعلى الخير والمحبة نلتقي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز