عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حبيب محمد هادى صدر يكتب: ( نصر أكتوبر والنخوة العراقية )

حبيب محمد هادى صدر يكتب: ( نصر أكتوبر والنخوة العراقية )
حبيب محمد هادى صدر يكتب: ( نصر أكتوبر والنخوة العراقية )

ما إن يطل علينا ( نصر أكتوبر ) الأغر حتى تتنفس ( الرجولة العربيـة ) عمراً جديداً فترى كل عربى شهم يطبع فى هذا اليوم قبلة على كل خوذة أبية , ويزجي تحية لكل مقدام غيور ويسيل ترحمـاً على روح من انتشل بدمه الطهور مصير أمة .



أبطال أكتوبر هم من لبسوا القلوب على الدروع وفتحوا فى الوجدان الإسرائيلي جرحاً غائراَ إلى الان لم يندمل وأسقطوا أسطورة تفوق العدو وحطموا –بوقت قياسي- خرافة (خط بارليف) وغيروا استراتيجيات عسكرية درجت عليها جيوش العالم دروساً رائعة فى المناورة والخداع السوقي فهذا (موشى ديان) يعترف بـأن (أكتوبر كانت زلزالاً هائلاً ضـرب إسرائيل) وتلك (جولدا مائير) تنتحب وتقول ( حرب يوم الغفران كابوس مخيف سيلازمنى مدى الحياة )

(مصر العروبة) تلك التى فى يدها ( صولجان الحضارة ) و(مفاتيح الفرادة) وبين ثنايا أرضها الرسولية تغو أسرار التاريخ ... كلما تناسلت فى  خصرتها خناجر الحادقين تنتصب كالجبل الأشم تتحدى الأوغاد وتتأهب لوثبة كبرى وفق مقاساتها العملاقة فيما أعداؤها و شانئوها تبتلعهم مزابل التاريخ .. أما النشامى الباذلون من أبنائها فكل جنباتهم مروءات وعطاءات لما تزل نفحاتها الزاكيات تتلمس مجراها بين المهج والأرواح وقد خطوا أمجاداً كتبتها الدهور بمداد من دم ونور .

(بغداد السلام) بذكرى النصر تستحضر مشاركة صفورها من سربى الطائرات (هوكر هنتر) 8 اللذين تمركزا قبل اندلاع الحرب بستة اشهر فى محافظة (المنوفية) فضلا عن نحو (120) ضابط وضابط صف من الفنيين والإداريين والمسيطرين الجويين ولطالما استذكر أشقاؤونا المصريون مهنية وبسالة وبراعة طياريينا العراقيين وقد زارهم الرئيس (السادات) قبل الحرب زيارة سرية كما منح البعض منهم فيما بعد أنواطاً للشجاعة وزج بهم فى الضربة الحوية المركزة الاولى صبيحة الساجس من اكتوبر / 1973 م واستشهد منهم (3) طبارين هم ( النقيب الطيار وليد عبد اللطيف السامرائي ) و  (ملازم اول طبار سامى فاضل ) و( الملازم الطيار عامر أحمد القيسى ) وقذف اثنان منهم نفسيهما من طائريتهما بعد إصابتهما من قبل العدو وهما (الرائد الطيار ناطق محمد على ) و( الملازم الطيار ضياء صالح ) وتعرضا بالخطأ عند هبوطهما غرب القناة إلى الضرب المبرح من قبل الأهالى المصريين ظنا منهم أنهما إسرائيليان مما تم نقلها غلى المستشفى لتلقى العلاج . كما تم أسر ثلاثة طياريين سقطوا فى ارض العدو وهم ( النقيب الطيار عماد احمد عزت ) و ( الملازم أول الطيار عبدالقادر خضر ) و (الملازم الأول الطيار دريد عبدالقادر ). ومما يدل على فعالية الطائرات العراقية هو ان القطعات الارضية المصرية كانت تطالب قياداتعا بالاسناد من قبل الطياريين العراقيين وقد خسرت القوة الجوية العراقية (8) طائرات على الجبهة المصرية . أما على ( الجبهة السورية ) فقد دفعت (بغداد) فرقتين مدرعتين هى (الثالثة) و(السادسة) فضلاً عن لوائين جبليين ولواء مشاة و(4) أسراب ميغ 21 وسوخوى وقد استشهد (9) طيارين هم (الرائد الطيار نامق سعد الله ) و( النقيب الطيار كامل سلطان الخفاجى ) و( الملازم الأول الطيار سلام محمد أيوب ) و ( الملازم أول طيار عصام جانكير) و(الملازم الاول الطيار رضا جميل ) و (الملازم الاول الطيار قيس عبدالرحمن) و(الملازم اول الطيار ابراهيم كاظم ) و( الملازم الطيار متعب على الزوبعى ) و(الملازم الطيار سعد الاعظمى ) . ولأجل ذلك تمكنت القطعات السورية من امتصاص زخم العدو وحماية العاصمة (دمشق) ... إلى ذلك خرجت الجماهير العراقية عن بكرة أبيها إلى شوراع المدن العراقية تاييداً للمشاركة فى الحرب و ابتهاجاً بالعبور واستعداداً للتطوع وتلبية نداء الواجب القومى. وهكذا قدر لبلدينا الشقيقن أن يقفا فى كل مرة فى خندق العزة و الكرامة لمقارعة القوى الغاشمة الغاصبة من كل متزر بالشر وسادر فى الغيَ ومولع بالعدوان.

ولعل الدرس الأبلغ الذي وعته الأمة من (نصر أكتوبر) أنها لو تكاتف أبناؤها وتضامن زعماؤها واستنفرت طاقاتها فلن يقف بوجهها عدو اثم ولا مستكبر متغطرس مهما كان مدعوماً من القوى المسماة بـ(العظمى) وأنها –أى الامة—قد تمرض ولكنها لن تموت وكيف لا وهى خير أمة أخرجت للناس كما ارادها الله سبحانة.

وكأنى بماذن (الكاظم) و (النعمان) و(الكيلانى) تهفو فى هذا اليوم السعيد لعناق قباب (الازهر الشريف). وما بين الماذن و القباب فضاءات مفعمة بالعراقة وفلوات مسكونة بالقداسة وشريان حضارى متدفق أتحف شعوب الارض بزاده المعرفى النفيس وقد عجز الأعادى على أن يقطعوه . وها هى (بغداد) و (القاهرة) اليوم يواجهان الإرهاب الاهوج ذوداً عن الاشقاء وقرعاً عن الاصدقاء ... هى إذن مشيئتة سبحانة أن يتقحم الشعبان العراقى والمصرى اوزار التحديات الساخنة فى كل عصر وزمان وتلك لعمرى ... ضريبة الفرادة التى أريد أن يدفع فاتورتها الباهظة الألون كما الاخرون مذ أطلقا أول أبجدية وصاغا اول قانون وتنفسا أول ديانة توحيدية .

ومثلما تصدى الرئيس الراحل (السادات) بشجاعة الفارس وعزائم المؤمن لقرار (الحرب) تحلى أيضا بجرأة الواثق وحنكة المفكر لاتخاذ قرارا (السلام) لإيمانة بان (السلام) هو (القاعدة) أما (الحرب) فهى الاستثناء مدركا أن (السلام) و (التسامح) و (الحوار) منظومة سماوية متلازمة ابتعث الله من أجل إساعتها انبياء والمرسلين ولترسيخها ألهم قادة ومصلحين ممن اناروا بشمعة السلام كل زاوية مظلمة فى منتطقتنا المأزومة ... حتى وصفه ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية (هنرى كيسنغر) بأنه (النموذج السياسى النادر) ذاك لأنه –رحمة الله- واستطاع ان ينتزع عبر الطرق السلمية و الدبلوماسية كل ما فى قبضة اعدائه من اراضِ مصرية محتلة وهو ما عجز عنه دعاة الحروب .

سنطوى هذا العيد وسنرقب أعياداً مصرية تثلج الصدور ... زاخرة بالمنجزات ومفعمة بالتحولات ولكن هذه المرة على أيدى فخامة الرئيس (السيسى) وهو الزعيم الاستثنائى الذى انجبته (مصر) من اجل صيرورة نهضوية عملاقة ستضع البلاد خلال المدى المظور فى ركب الدول المتقدمة .

*سفير جمهورية العراق فى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز