عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوي سلامة تكتب: متعة السقوط..

نشوي سلامة تكتب: متعة السقوط..
نشوي سلامة تكتب: متعة السقوط..

نحن لا نستطيع التفرقة بين أوراق الشجرة الواحدة، نراها جميلة يانعة، لا نرى فيها تشوهًا، لا نرى بها مرضًا، نراها ثابتة قوية ونرى أنفسنا بجانبها وكأنها سند لنا، مظلة لنا، سبب من وجود البهجة في حياتنا ولكننا لا نرى منها غير ذلك، ولا نستطيع لأبعد من ذلك، ولا نفكر في قسوتها مثلا  حينما تلفظ بعضًا من أوراقها،



ربما تكون هذه الأوراق ضعيفة لا تقوى على الاستمرار في مواجهتها للرياح فلها العذر، أو ربما  تكون هذه الأوراق شيطانة جبانة تحاول أن تنجو بنفسها من اقتلاع الرياح لشجرتها تظن عبثًا أنها هاربة للنجاة، ولكن هل عندما تسقط هذه الأوراق، وتبقى الشجرة مستمرة لحين آخر، فهل نستطيع أن نعلم هل هي التي تلفظ هي أوراقها، لتنبت أوراقا أُخر تناسبها، أم تخلت هذه الأوراق عنها طواعية، أيضا لأنها لم تعد تناسبها؟ على من نلوم.

هكذا الإنسان حينما تعاكسه الظروف والتي لا اعترف بها معنىً ولفظًا.. يسقط كالأوراق، إما ضعيفا أو خائنا فلا عذر ولا صفح.

فمن كان نبتًا شيطانيا ضعيفًا من البداية، سيتوارى عن الشمس دائمًا، فيصبح باهتًا لا ملامح له، فاذا ما هبت رياح، سقط، فقد كان محاطًا بما لا يلائمه، كان يكذب على نفسه، فلم تكن الأرض له أبدا ليقف بقدميه عليها.

يوهم نفسه ويمنيها وهو لا يعرف قدر نفسه، ولا قدر غيره، أو ربما متناسيا، قدر غيره، فتختلط الأمور وتتخبط وتشتد ويكون السقوط الذي لا يكتفى بالأوراق وإنما بكسر الفروع.  

هكذا كسرونا بما مرروه إلينا من كلمات، سمعناها، فصدقناها، فضعفنا ولم نقو على الاحتمال فانكسرنا وهوينا إلى الأرض، هل لأنهم لا يقوون على شىء، ونحن لا نقوى على أي شىء ؟، وهل صدقنا فقط ما ألصقوه بنا ولم نصدق نحن أنفسنا، فكان انكسارنا؟

 فلم تكن أبدا هذه الأوراق مثل بعضها لتبقى متجاورة، ولكننا أبينا دون ذلك، ونحن من جعل  الوهم حقيقة، نحن من نخادع أنفسنا، ونحن من هوت الأرض بنا.

 وهكذا دائمًا، بداية الهاوية دائمًا خدعة، وفى حياة كل منا خدعة أو بمعنى أدق، زيف وقعنا في أوهامه، فهوى بنا، قد تقع أنت فريسة لشخص أضر بك، وربما كنت أنت من توهمت الزيف وكذبت على نفسك لأنك كنت رافضا تصديق الحقيقة فأوقعت الضرر على نفسك، هذا الزيف وتلك الأوهام بالرغم من ضررها قد تكون سببًا لتحول محور حياتك تمامًا ونهائيًا عن سابقه للأفضل، فقط، لأنك استعدت قدرتك على التقييم الأفضل واستطعت أن تفرق بين ما هو زيفٌ، وما هو حقيقي، تمامًا كأوراق الأشجار، فهل كنت تستطيع أن تفرق بينها قبل أن تسقط؟، فترفق بحالك حين تلومها، ولتجعل من هذا السقوط متعة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز