عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام شوقي يكتب: "فاطمة" إمرأة من فولاذ وقلب من الياسمين

هشام شوقي يكتب: "فاطمة" إمرأة من فولاذ وقلب من الياسمين
هشام شوقي يكتب: "فاطمة" إمرأة من فولاذ وقلب من الياسمين

حقا إنها امرأة من فولاذ وقلب من الياسمين، سيدة من زمن الحب الجميل، أم بكل ما تحمل الكلمة من معاني الرحمة، والحب والحنان، في شموخ الجبال، هي معنى الصبر، والوفاء، هي كل قيمة إنسانية، عافية في مواجهة الشدائد ترتدي عباءة الرجال، إنها فاطمة بنت قرية "وروارا" مركز بنها، سطرت قصتها الزميلة النابهة نيفين طه الصحفية بجريدة "اليوم السابع" كاشفة عن سيدة تحدت الزمن في صبر لتربي الأبناء دون كلالا أو شكاوي من الزمن وضياع السند.



هي امرأة في منتصف العقد السابع من العمر رسم الزمن على وجهها علامات الصبر تجاور علامات الأمل، لقد حملت على ظهرها عبء تربية الأبناء بعد رحيل الأب بكته، وهي تستعد للخروج للعمل في أصعب مهنة يمتهنها الرجال من أصحاب الأجساد، وفي ريف بلدي يطلقون على صحاب تلك المهنة "الفواعلي" من يحمل "القصعة"، ويرفعها فوق كتفه صاعدا على تلك الألواح الخشبية، التي تحتاج لقدرات خاصة لصعودها وتصعب على الرجال، فما بالك بسيدة أربعيني تحمل الهموم والقصعة معا صاعدة وهابطة تارك أبنائها خلفها من أجل لقمة العيش.

كانت تخرج من بيتها قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من أجل لقمة العيش الحلال، كان الخوف يضرب قلبها لكن ذكر الله كان حافظا لها وكتاب الله الذي حرصت على حفظ أبنائها له حفظها مرت أكثر من ثلاثة عقود، وهي تعمل وترتدي ثوب الرجال، ويجاورها أحد أبنائها في العمل لمواجهة مصاعب الحياة، تحمد العلي القدير على نعمة الرزق الحلال، ربما لم تتمكن من ادخار قيمة مصاريف العمرة التي تحلم بأداء مناسكها، لكنها راضية قانعة.

تقترب من متصف العقد السابع وترفض التقاعد عن العمل من أجل أن تعيش من عرق الجبين الذي لم يتوقف لحظة منذ أكثر من ثلاثة عقود، وأنا أسطر تلك السطور كنت أرها "امرأة من فولاذ "، بينما وأنا اتفحص وجهها، وأقراء قصتها، شعرت أني أكتب عن سيدة من سيدات أهل الجنة، لقد حولتها مشاعر الأمومة الرقيقة إلى رجل يخرج مع فجر كل يوم بحثا عن قوت يومه، ومع عودتها إلى أبنائها إلى أم ملائكية، هي سيدة من فولاذ وقلب رقراق من أوراق الياسمين.

يطوف قلبها كل يوم ببيت الله الحرام، يحلم كل لحظة بزيارة مسجد الحبيب والصلاة في الروضة الشريفة، ورفع يدها من كعبة الرحمن شاكرة لفضل الله عليها ونعمة الصبر التي منحها الرحمن إياها.

ادعوا لك يا سيدتي أن يستجيب الرحمن لدعائك علها تكون ساعة إجابة، إن فاطمة نموذج نادر الحدوث بتلك الرقة والصلابة معا، أن قصتها يجب أن تروي لطلاب المدارس، علنا نصنع جيل مختلف يحمل قيم الصبر، يتعلم أن العمل شرف والعطاء قيمة لا يمكن أن يزنها المال، إننا كمجتمع في حاجة لنشر قيم ذلك النموذج، فهي شعاع أمل بين جنبات واقع يعاني بعض شبابه من الإحباط.

إننا جميعًا في حاجة إلى أن نستمد من تلك الأم الرائعة تلك الإرادة الفريدة حتى نبني وطن بسواعد من فولاذ وقلب من ياسمين، شرفت بسطوري القليلة عنك دمتِ تاجا فوق الرؤوس.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز