عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

هشام شوقي يكتب: كل عام وأنت "جارة القمر"

هشام شوقي يكتب: كل عام وأنت "جارة القمر"
هشام شوقي يكتب: كل عام وأنت "جارة القمر"

تأخذني دائمًا إلى عوالم ساحرة، فهي صوت الجبل، وذلك الكروان المحلق في السماء فهي جارة القمر، هي أيقونة بيروت التي أعشقها، هي من سهر معها العشاق الليالي، دائمًا صوتها يعزف على أوتار القلوب، تختلف الأجيال دائمًا في عشق النغم وقصيدة الشعر، لكنهم يتفقون على جارة القمر، أعشق ليالي الشتاء وأنا استمع إليها عندما تشدو بـ"رجعة الشتوية"، عن فيروز أسطر تلك الكلمات التي لا توفيها حقها فقد وهبة السعادة للملايين بأغنياتها وتحل تلك الأيام ذكرى ميلادها.



فيروز ليست فنانة من طراز رفيع فقط، بل هي تلك الأمواج المتلاطمة من المشاعر، وأغانيها هي دائما قصة حب خالدة عزفتها ألحان الرحبانية وصوتها الملائكي العذب يرويها للمحبين.

ولفيروز مع عاصي الرحباني قصة حب تستحق أن تروى، فهو لم يكن مجرد حبيب، بل كان كل شيء بحياتها الحب، النجاح، السند، العاشق، الملهم، الزوج، قال عنه نزار قباني:

"عاصي الرحباني، هو آخر الأشياء الجميلة في حياتنا

هو آخر قصيدة، قبل أن ندخل في الأمية

وآخر حبة قمحٍ، قبل أن ندخل في زمن اليَبَاس

وآخر قمرٍ، قبل أن تهاجمنا العُتْمَة

وآخر حمامةٍ تحطُّ على أكتافنا.. قبل زمن الخراب

وآخر الماء قبل أن تشتعلَ الحرائق في ثيابنا

وآخر الطفولة.. قبل أن تسرقَ الحربُ طفولتنا

به بدأ الحبُّ، وبه انتهى

وبه بدأ اللونُ الأخضر... وبه انتهى

وبه بدأ النبيذُ.. وبه انتهى

وبه صار بحرُ (أنطلياسْ)

أعظمَ من المحيط الأطلسي".

ذلك هو عاصي الرحباني، مفتاح قلب وشخصية جارة القمر، وأيقونة الحب التي عانقت الصوت الملائكي، فعزف الرحباني على أوتار فؤادها أجمل قصص الحب، وحلقت بجناحيها لتعانق القمر، حتى بعد أن دب الخلاف بين فيروز وعاصي بنهاية عام 1978 ظل حاضرًا في فنها وحياتها، ومع وفاته خلال العام 1986، بالرغم من انفصالها عنه إلا أن « الرحباني » كان السند رغم المرض، والحب رغم الغياب، وقالت جارة القمر في إحدى المقابلات الصحفية "يمكن لما مرض عاصي، بلشّت حس بإشيا كتيرة، مش كلها بقدر قولها، وبهالطريق بلشّت حس بالخوف أكتر، فيه كذا خوف يعني، فيه الخوف من أنه لما بيقدم الواحد عمل جديد، أنه يحبه الناس، هيدا طبيعي، وبعدين الطريق اللي مشيت فيه بعدين لما مرض عاصي، صرت أحس بخوف على وعلى حالي وعلى شغلنا".

وفي حفل لجارة القمر بعد وفاة "الرحباني"، كانت تُغني أغنية "سألوني الناس" ويُقال إنه عندما وصلت لمقطع "بيعز على غني يا حبيبي، ولأول مرّة ما بنكون سوا" بكت فيروز، ورُبما ذلك لأن تلك الأغنية خاصة كانت له، بينما القدر جعل منها واقعًا، مع الرحباني، صوت فيروز لم يكن ذلك الصوت النادر بقدر ما هو صوت للمشاعر الصادقة، لقد امتلكت قلوب الملايين من المحيط إلى الخليج بصدق المشاعر، عندما استمع إليها أشعر أنها تعزف على وتر الفؤاد لحن يحمل نغمات ليست كالنغمات، وكيف تتشابه، وهي تحمل بصمات ومشاعر عاصي الرحباني.

إن فيروز هي الأغنية الخالدة، هي قصة حب التي نحتها عاشقها عاصي الرحباني، قالت "آنا كورسك" مغنية الأوبرا الهنغارية، "إن صوت فيروز أجمل صوت سمعته في حياتي، هو نسيج وحدة الشرق والغرب".

وعلاقة فيروز بالوطن هي وجه آخر للحب، وكأنه شريان الحياة المتدفق، فحينما حلت الحرب في لبنان ظلت فيه رافضة هجر الوطن الجريح، وحين فقدت ابنتها ليال بعد أن تعرض منزلها لقصف صاروخي ظلت على موقفها، وبقيت فيروز طيلة تلك فترة الحرب منقطعة عن الغناء في لبنان، حتى لا تُحسب أنها منحازة لفئة ضد أخرى، بل إن حب جارة القمر لم يقتصر على لبنان، وإن كان بطبيعة الأمور هو حالة خاصة لديها، وفي دائرة أخرى وأكبر هناك دوائر أخرى غنت فيها للوطن العربي وفي القلب منه فلسطين من منه لا تزلزل مشاعره حينما يستمع لزهرة المدائن، وهنا في القاهرة نشعر بالهيام ونحن نسمع "يا مصر عادت شمسك الذهب".

تضع فيروز دائمًا نصب عينها الأوطان، والشعوب، لم تغنِ لحاكم يومًا فظلت أيقونة الشعوب، كل عام وأنت جارة القمر، وأنت المعني وهبتي الأوطان والشعوب حبك فأصبحت أيقونة الحب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز