عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

التضحية بالحب على مذبح العرش

التضحية بالحب على مذبح العرش
التضحية بالحب على مذبح العرش

كتب - عادل عبدالمحسن

ذهب الكاتب الراحل "كامل زهيري" نقيب الصحفيين الأسبق إلى صديقه الشيوعي السوداني بعدما أصبح الأخير وزيرا فوجده قد تغيرت نظرته في الحياة لم يعد ذلك الحالم عندما يستيقظ كل صباح بقيام الثورة، ولما وجد كامل زهيري هذا التغيير سأله ماذا حدث لك وما الذي غير قناعاتك؟ فأجاب الوزير السوداني عن السؤال بسؤال: ما أحلى شيء في الدنيا؟ فرد "كامل": المانجا، أنا أحب المانجو. وعاد الوزير السوداني وسأل مرة أخرى: الشيء الذي أحلى المانجا؟ فرد كامل زهيري النساء إنني أحب النساء.



واكتفى الوزير السوداني بهذا الحد من الأسئلة وأجاب هو عن سؤاله الأخير: أحلى شيء في الدنيا السلطة يا صديقي.

 

 

لإظهار مدى صحة وجهة نظر الوزير الشيوعي السوداني قبل التوزير أورد هذه الواقعة عن قصة حب أسطورية في بلاط الملك شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي الذي كان متزوجًا من زوجة جميلة الجميلات التي كانت تتصدر صورها أغلفة المجلات العالمية كنموذج للجمال الشرقي الأصيل، وكان سعيدًا بها ومعها، لكن الإمبراطورة الجميلة ثريا اسفندياري بختياري، الزوجة الثانية للشاة بعد طلاق زوجته الأولى الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق.

ومثلما لم يرزق الشاة من زوجته الأولى بوريث العرش لم تكن زوجته الثانية قادرة على إنجاب ولد يرث عرشَه ويحمل اسمه من بعده. وللسياسة أحكام لا تخضع لأحكام القلب لهذا فقد طلب من زوجته أن تسمح له بالزواج من أخرى لإنجاب الوريث الذي سيحفظ العرش في ذريته، والزوجة الجميلة تأبى فكيف لها أن تضحى بحب حياتها وهيلمان السلطة ولكنها في النهاية وافقت بعدما وضعت شروطًا عسيرة تجعل من زواجه أمرًا مستحيلًا، هي ألا يكون للزوجة الجديدة أي دور في حياة زوجها سوى إنجاب الطفل.. وألا يكون لها أي وضع في البروتوكول فلا تظهر مع زوجها الأماكن العامة ولا يصطحبها في السفريات الخارجية والحفلات الرسمية وأن يطلقها بعدما تنجب الطفل مباشرة فتتعهده ثريا بالتربية ليصبح صالحًا للجلوس على العرش في المستقبل، والشاه يحب زوجته وهي تحبه.. لكنه يحب عرشه أكثر وهذه الشروط لن تقبل بها فتاة من أسرة كريمة تليق بأن تكون أمًا لشاه المستقبل، إذن فلا مفر من التضحية بالحب على مذبح العرش.

وضحى الشاه بزوجته الجميلة وطلقها وهو يبكي! وغادرت ثريا، إيران إلى ألمانيا فهي الابنة الوحيدة للسفير الإيراني في ألمانيا الغربية خليل اسفندياري من زوجته الألمانية إيفا كارل.

وأصبحت حكاية ثريا قصة أثيرة لدى الصحافة العالمية تكتب عنها كل يوم وتنشر صورها دائمًا تحت عنوان "الجمال الحزين"! وتزوج الشاه من فتاة جميلة أخرى من عائلة عريقة، وحققت الإمبراطورة الجديدة فرح ديبا لزوجها أكبر أحلامه فأنجبت له وريثًا للعرش وأبناء وبنات واطمأن قلبه نهائيًا للمستقبل.. فالدولة في ازدهار.. و"الوريث" السعيد ينمو ويكبر.. وكل الحسابات سليمة وفي الاتجاه الصحيح.. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان وقامت ثورة شعبية عارمة باسم الدين قادها الملالى أصحاب العمائم ضد الشاة محمد رضا بهلوي وخلعته من الحكم وضاقت الدنيا بما رحب على صاحب العرش الذي كاد أن يفقد حياته ولكن تمكن من المغادرة ايران هو وأسرته منفيًا حيث عاش لاجئا ومات ودفن في لاجئا ومات ودفن في مسجد الرفاعي، مصر ولم يعد هناك عرش يحتاج إلى وريث ولا إلى التضحية بزوجة محبة من أجل إنجابه وهكذا ضاعت كل الحسابات المستقبلية أمام القدر المكتوب فلا الشاه احتفظ بالعرش ولا حافظ على حب عمره.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز