عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

كواليس مباركة بابا روما لأيقونة العائلة المقدسة وإدراج المسار المصري كأحد برامج الحج الفاتيكاني

كواليس مباركة بابا روما لأيقونة العائلة المقدسة وإدراج المسار المصري كأحد برامج الحج الفاتيكاني
كواليس مباركة بابا روما لأيقونة العائلة المقدسة وإدراج المسار المصري كأحد برامج الحج الفاتيكاني

كتب - محمد خضير

أُقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصري، ورشة عمل بعنوان "مسار العائلة المقدسة: تاريخ - عمارة وعمران - سياحة دينية"، نظمتها لجنة العمارة بالمجلس ومقررتها الدكتورة دليلة الكرداني، وذلك بالتعاون مع عدة لجان ثقافية أخرى بالمجلس الأعلى للثقافة، ومن بينها: لجان التاريخ، والفنون الشعبية والتراث الثقافي غير المادي، الآثار، والموسيقى والأوبرا والبالية، وقد انقسمت الفاعلية لجلستين،



وقد رصد المتحدثون خلالهما عدة أوجه لتأثر التراث المصري (المادي وغير المادي)؛ برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حيث جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، تاريخ وألحان"، وتحدث خلالها كل من: الدكتور إسحاق إبراهيم عجبان، أستاذ علم التاريخ القبطي بمعهد الدراسات القبطية، والدكتورة زبيدة عطا، أستاذة تاريخ العصور الوسطى والعميدة السابقة لكلية الآداب جامعة حلوان، وعضوة لجنة التاريخ بالمجلس، والدكتور ماجد صموئيل، الأستاذ المساعد بقسم التأليف والنظريات بكلية التربية الموسيقية جامعة حلوان.

أما الجلسة الثانية فحملت عنوان: "رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، فن، عمارة، عمران وسياحة"، وتحدث خلالها كل من: الدكتورة ماري ميساك، أستاذة الفن والآثار بالعصر البيزنطي بقسم الإرشاد السياحي بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان، وعضوة لجنة الآثار، والدكتور سامى صبري، أستاذ ورئيس قسم العمارة القبطية، وعميد معهد الدراسات القبطية، والأستاذ نادر جرجس، منسق زيارات العائلة المقدسة إلى مصر، وعضو اللجنة الوزارية لإحياء مشروع العائلة المقدسة سابقًا، وقد أدار النقاش بالجلستين منسق الفاعلية الدكتور شريف مرجان، عضو لجنة العمارة.

تحدث في بداية الجلسة الأولى الدكتور إسحاق إبراهيم، الذي تناول رحلة العائلة المقدسة في ثقافات الأمم والشعوب، أكد أن رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، تعد إحدى أهم الركائز الأساسية للحضارة القبطية؛ حيث أضفت إليها عمقًا واستمرارية لأن السيد المسيح بذاته جاء إلى أرضها وباركها، وتحطمت أوثان مصر خلال زيارته لها وبهذا بدأ التغيير العقائدي والفكري من المعتقدات الوثنية إلى بزوغ الإيمان المسيحي بالله الواحد، وكأنه بيديه المباركتين يطهر أرض مصر من الوثنية، ويضع حجر الأساس للكنيسة المصرية. وأخذت أرض مصر مكانتها بأنها الأرض التي قدمت الملاذ والملجأ والحماية للسيد المسيح والعائلة المقدسة، وأشار إلى أن عراقة الحضارة القبطية التي تعود نشأتها إلى بزوغ فجر المسيحية، حيث أقيمت الكنائس والأديرة بامتداد مسار العائلة المقدسة في أرض مصر، مما اعتبر من عوامل نشأة وتجمع واستقرار لمجتمعات بشرية وتجمعات عمرانية ارتبطت ببعض مواقع ومحطات هذه الرحلة المباركة، وما تبع ذلك من تأثيرات جغرافية وديموجرافية وحضارية.

وتحدثت الدكتورة زبيدة عطا، التي دارت كلمتها حول المجموعة الأثرية القبطية بمتحف الحضارة المصرية، مؤكدة أن هذا المتحف الذي تم تصميمه بتعاون مصري ياباني، يُعد أحد الأماكن السياحية الشاملة لتاريخ مصر بشكل عام، وأوضحت أن الجزء الخاص بالعرض القبطي، ينفرد بوثائق وبرديات مهمة متبادلة بين الكنيسة والدولة إبان حقبة الحكم البيزننطي، حيث أشارت إلى أن تلك الحقبة حملت اسمها نسبة إلى الإمبراطورية البيزنطية، والتي حكمت مصر آنذاك، إلا أن جموع الشعب كانت قبطية بطبيعة الحال، ثم تابعت أستاذة تاريخ العصور الوسطى والعميدة السابقة لكلية الآداب بجامعة حلوان حول أهم الأيقونات القبطية التي يذخر بها متحف الحضارة المصرية، وهي التي تمثل نماذج تبرز دور الأم والمرأة بشكل عام، والذي استقاه الفن القبطي بدوره من عميق التأمل لدور السيدة مريم العذراء بوصفها أم السيد المسيح (عليهما السلام)، وأضافت أن الفن القبطي له سماته ومزاياه التي تشكل له شخصيته المتفردة، حيث أنها حين زارت الفيوم وشاهدت مجموعات لقطع أثرية هناك ضمن فن النحت باستخدام النحاس، كما أن لهذا الفن تطبيقاته البديعة الأخرى وما إلى غير ذلك، ويضاف إلى ذلك أن للفن القبطي رموز معينة تستخدم للدلالة عن معانى معينة، مثل رمز السمكة الذي يعتبر أحد أهم وأكثر الرموز المسيحية انتشارًا في الشرق والغرب على السواء منذ عصر الكنيسة الأولى، كما أن لهذا الفن رموزه المتنوعة، التي لا يقل عددها عن 291 رمز مسيحي آخر، واختتمت الدكتورة زبيدة كلمتها بالحديث حول أواني أبو مينا، التي تمثل أحد صور التبرك بالقديسين للشفاء والتداوي، شأن قنديل أم هاشم الذي يُعد أحد أشهر رموز التبرك مثلًا، وقد صنعت أواني أبو مينا أو قارورات مارمينا على حدٍ سواء من الفخار وهي متعددة الأحجام وقد حُفر على أحد وجهى تلك الأواني القديس مينا، ووجدت بمدينة أبومينا الأثرية الواقعة غرب الإسكندرية، والغرض منها هو حفظ الماء المباركة التي نبعت من عين بجانب القبر القديس مينا وذيع عنها أنها تشفى الكثير من المرضى.

عقب هذا تحدث الدكتور ماجد صموئيل، الذي أوضح أن الكنيسة القبطية تحتفل بزيارة العائلة المقدسة كل عام في يوم 24 من بشنس وفقًا للتقويم القبطي، والموافق ليوم 1 من يونيو ميلاديًا تقريبًا، ويطلق على هذا العيد في الكنيسة القبطية التي تنفرد بالاحتفال به: "عيد دخول المسيح أرض مصر"، وقد وضعت الكنيسة القبطية بعض النصوص الخاصة بهذا العيد، في عدة طقوس ألحان وقراءات لصلوات ليتورجية، مثل التسبحة ورفع بخور عشية وباكر والقداس الإلهي، وكلمة "ليتورجية" في اللغة اليونانية الكلاسيكية تعنى خدمة عامة تؤدى لأجل الجماعة، إذ هي مشتقة من كلمتين، وهما:"ليور" أو "ليؤس" وتعنى الجماعة، وكلمة "أرجيا" أو "أرجيؤو" وتعنى العمل، وأكد أن الكلمة في حد ذاتها؛ تمثل أعلى حكمة وصلت إليها البشرية؛ لذلك فإن ألحان الكنيسة تؤدى بواسطة الأصوات البشرية فقط بالكلمات أو الحروف المتحركة، وبعد أن اختتم كلمته قدم الدكتور ماجد صموئيل مجموعة مختارة من ترانيم هذا العيد، قام بأدائها الكورال الكنسي المصاحب بالورشة، ومنها إبصالية (ترتيلة) دخول المسيح أرض مصر، التي لاقت تجاوبًا ملحوظًا من الحضور وحازت تصفيقهم.

ثم بدأت الجلسة الثانية، حيث تحدثت الدكتورة ماري ميساك، التي دار حديثها حول رحلة العائلة المقدسة كما صُورت في الفن القبطي وتأثيره على السياحة الدينية في مصر، حيث إنه لا شك أن الفن القبطي قد عمل على تخليد هذه الرحلة المقدسة، وهو ما يتضح في العديد من الأيقونات الشهيرة، والتي تصور عدة مشاهد لتلك الرحلة الطويلة، حيث شمل برنامج الرحلة 25 مسارًا تزيد مسافتهم الكلية عن 2000 كم، بداية من شبه جزيرة سيناء وصولًا إلى صعيد مصر، ومرورًا بالعديد من الأديرة والكنائس والمزارات الدينية المسيحية المباركة، وعن تأثير رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، على السياحة الدينية المصرية، أشارت إلى أنه حدث كبير، ومن الطبيعي أنه سيتبعه دفع وتنشيط للسياحة بشكل عام على كل الأصعدة الدولية، وعلى السياحة الدينية لمصر بصفة خاصة.

فيما جاءت كلمة الدكتور سامى صبري حول وصف لعمارة وعمران المناطق الأثرية التي تشملها الزيارة السياحية، وإمكانية تحقيق أفضل استفادة مرجوة منها، وحرص الدكتور سامي صبري على تقديم عدة أمثلة في هذا الإطار، ومن بينها: دير القديسة العذراء بوادي النطرون، دير القديس أبو مقار بوادي النطرون، وقد أوضح عناصر مشروعه المقترح تتمثل في تجميل المناطق المحيطة بكنيسة العذراء مريم (الشهيرة بالظهور)، وذلك عبر إنشاء بحيرة صناعية صغيرة في وسط الساحة المركزية، مع توفير حدائق عامة تزينها النخيل والأشجار، وإقامة نفق للسيارات أسفل شارع طومانباي، وإنشاء بوابات وأسوار تحيط الموقع، وإنشاء مسارات مسقوفة للمشاة، بالإضافة لشُرفة دائرية عُلوية تلتف حول الساحة، إنشاء فندق ثلاثة نجوم بسعة خمسين غرفة، مع إقامة مطاعم ومقاهٍ تُلائم الزوار باختلاف أذواقهم وإمكانياتهم المادية، وتابع حديثه مشيرًا إلى أهمية إنشاء قاعدة متعددة الأغراض، ملحق بها متحف ومكتبة عامة، وإنشاء مكتب استعلامات، ودورات مياه، وخدمات عامة للزوار والعاملين بالمشروع، كما يتوجب بجانب ما سبق أن يتم إنشاء مستشفى تسع لما لا يقل عن مئة سرير، مع توفير معمل للتحاليل ومركز للأشعة، وإنشاء دار للمسنين وأخرى للمسنات، ومركز طبى لطريحي الفراش، وأخيرًا إنشاء مشغل ومركز لتعليم الحرف اليدوية التراثية، وإقامة معارض لترويج تلك المنتجات وعرضها بشكل لائق للزوار.

عقب هذا تحدث آخر المشاركين، منسق زيارات العائلة المقدسة إلى مصر الأستاذ نادر جرجس، الذي تناول كواليس مباركة بابا روما لأيقونة العائلة المقدسة وإدراج المسار كأحد برامج الحج الفاتيكاني، حيث بدأ كلمته مشيدًا بتاريخ العلاقات الدولية المصرية الفاتيكانية، حيث حظى البلدين بعلاقات ودية مستقرة منذ أن انطلق تبادل العلاقات الدبلوماسية بينهما، وشدد على أهمية اعتماد مسار العائلة كبرنامج حج سياحي، التي تتمثل في عدة جوانب، ويأتي على رأسها تحسين الصورة الذهنية العالمية لمصر، وبصفة خاصة بعدما تفشت أحداث القتل والعنف والتخريب في الشرق الأوسط تحت اسم (تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام - ISIS)، والتي كان نتاج جرائمها أن يتولد ما يُطلق عليه "الإسلاموفوبيا" لدى الغرب، ويضاف إلى ذلك جانب آخر مهم، وهو ترسيخ مكانة مصر العالمية؛ فمصر التي احتضنت الأديان السماوية كافة على أرضها، وهو ما يعكس عظمة شعبها على مر الأزمنة والعصور، كما أنها تُعد أفضل رسالة أمان وحب وسلام ستستطيع مصر المباركة تقديمها وبثها للعالم أجمع، فضلًا عن أنها تمثل إضافة جديدة ونقلة نوعية، ستدفع في اتجاه تعددية وتطوير الوجهات السياحية المصرية بالعموم، وأوضح أن فكرة إحياء مسار العائلة المقدسة إلى مصر دشنها الراحل البابا شنودة الثالث، والراحل البابا جون بول الثاني بابا الفاتيكان، ولكن لم يكتب لها النجاح، إلا إننا الآن نشهد حالة جيدة لعلاقات مصر والعالم الغربي، خاصة بعد زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، والتي التقى خلالها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، وقبل ذلك أيضا كان اللقاء الذي بادر به صاحب السماحة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، مما رسخ الحوار بين الأديان من جديد ورأب أي صدع حاول المغرضون في افتعاله، مما أوصلنا لهذا الإنجاز وهو إدراج مسار العائلة المقدسة في مصر كأحد برامج الحج الفاتيكاني، موضحًا أن المسار قد استقبل خلال شهر يناير الجاري، وفد سياحي إيطالي قوامه 36 فردًا، ومن المنتظر أن تتَّابع الوفود خلال الأيام المقبلة لزيارة النقاط المؤهلة مرحليًا بالقاهرة والمحافظات، حيث تم الانتهاء من تجهيز خمس نقاط منها، وهى: دير الأنبا بيشوي، ودير السريان، ودير الباراموس بوادي النطرون، ومغارة أبي سرجة والكنيسة المعلقة بمصر القديمة، ودير العذراء بالمعادي، ويستمر العمل لتجهيز ثلاثة مواقع أخرى، وهى: جبل الطير بمحافظة المنيا، حيث توجد كنيسة الملكة هيلانة، ودير المحرّق بجبل قسقام في أسيوط، وكذلك دير السيدة العذراء بجبل درنكة في أسيوط.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز