عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أبو الغيط: لا استقرار حقيقيًا دون نمو شامل

أبو الغيط: لا استقرار حقيقيًا دون نمو شامل
أبو الغيط: لا استقرار حقيقيًا دون نمو شامل

كتب - شاهيناز عزام

- إن لم نحسن استغلال طاقات الشباب فسوف يتحول إلى محرك للاضطرابات بل لشتى صنوف التطرف



- المنطقة العربية ما زالت بعيدة عن إطلاق إمكانياتها الكامنة

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الوقائع التي شهدها العالم العربي في تاريخه المعاصر، أثبتت أن التنمية والأمن والاستقرار، كلها حلقات في منظومة واحدة مترابطة.

فلا تنمية متواصلة من دون مظلة من الاستقرار والأمن تُحصنها من الردات العكسية والانتكاسات، وتضمن استمرار مسيرتها دون انقطاع، ولا استقرار حقيقيًا ومُستدامًا من دون نمو شامل يلمس جوانب حياة الإنسان كافة، ويرتقي بها ويُحسن نوعيتها.

وأشار أبو الغيط أثناء كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، والتي تعقد في بيروت إلى أن تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي لا تقل عن 6 أو 7% سنويًا لفترة زمنية ممتدة.

ورغم أن ثمة تحسنًا نسبيًا طفيفًا في معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في المنطقة العربية، والتي تصل إلى 2.7% خلال العام الجاري، فإن هذه المعدلات لا زالت غير كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة، فضلًا عن أن استمرارها وتواصلها يظل رهنًا باستقرار الأوضاع السياسية والأمنية، الذي ما زالت بعضُ دولنا ومجتمعاتنا تدفع ثمن غيابه خلال الأعوام الماضية.

ورغم جهودٍ مشهودة بُذلت خلال الأعوام الماضية على صعيد النهوض بالأوضاع الاقتصادية، خاصة في مجال البنية الأساسية والمواصلات والاتصالات فإن المنطقة العربية مازالت بعيدة عن إطلاق إمكانياتها الكامنة، وتحقيق تطلعاتها المُستحقة، وما زالت أكثر من نصف صادرات العالم العربي من المواد البترولية، وتظل هناك حاجة أكبر للعمل على تنويع الاقتصادات لتحصينها من التقلبات المرتبطة بأسعار الطاقة.. ثمة حاجة كذلك لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية وتحفيز ثقافة المبادرة وريادة الأعمال.

نعم هناك تقدم نشهده جميعًا على هذه الأصعدة، وهناك إصلاحات مؤسسية ومالية تتصف بالجرأة والرغبة الحقيقية في مواجهة جوهر المشكلات الاقتصادية التي تؤرق الدول العربية وتحرمها من الانطلاق، غير أن المنطقة – باستثناءات معدودة- ما زالت تفتقر إلى الحجم الكافي من النشاط الاقتصادي ذي الإنتاجية العالية والقيمة المضافة الكبيرة، وتظل أيضا غير مهيأة للانخراط في الاقتصاد الرقمي –اقتصاد المستقبل- القائم على الابتكار والإبداع.

 

وأشار إلى أن الفجوة الرئيسية التي تفصلنا عن تطورات الاقتصاد العالمي تتعلق في الأساس برأس المال البشري، لقد صارت المعرفة والابتكار، لا التصنيع أو الخدمات، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة.

إن الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب الأمر جهدًا أكبر في تضييق الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لا زال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالإنترنت.

إن سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شبابًا، وإن لم نحسن استغلال هذه "النافذة الديموغرافية"،فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي.

إن النمو المنشود أداته الإنسان وغايته الإنسان، ولا يتحقق سوى بالاستثمار في الإنسان، تعليمًا وصحة، غذاء وكساء، ثقافة ووعيًا، والمفتاح هنا هو التعليم الذي يُعد العامل الأساسي في بناء ومراكمة رأس المال البشري.

إن العالم العربي يحتاج وقفة حقيقية مع النفس في شأن تدني مستويات التعليم واطراد التدهور فيها، والأخطر؛ هو اتساع الفجوة بين التعليم وسوق العمل، وضعف العلاقة بين مخرجات التعليم ومقتضيات النمو الشامل.

وبالنسبة للتعليم ومخرجاته، فلا نُغفل الدور المحوري للمنظومة التعليمية –وكذا الأجهزة الإعلامية- في مواجهة الفكر المتطرف وفي بناء وعي اجتماعي حقيقي رافض للغلوّ والتشدد بكافة مظاهره وأشكاله.. من دون أن يُفضي الحوار إلى الكراهية، أو يتحول الرفضُ إلى العنف.

والحقُ أن الإسراع بانتشال أكبر عدد من السُكان من هوة الفقر المدقع هو الطريق الأمثل لتجفيف منابع التطرف والإرهاب.

إن نحو 20% من سكان العالم العربي يعيشون في أوضاع تدخل تحت مُسمى الفقر متعدد الأبعاد، والذي يُقاس ليس فقط بمؤشرات الدخل، وإنما بفرص التعليم وتوفر الرعاية الصحية وظروف المعيشة، صحيحٌ أن الدول العربية حققت، في المجمل، نجاحات مشهودة في تقليل حدة الفقر المدقع، إلا أن كتلة معتبرة من السكان في عدد من الدول العربية لا تزال تتركز حوله، وقد قامت الأمانة العامة هذا العام، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، بإصدار تقرير وافٍ ومدقق حول "الإطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد"، يتضمن عددًا من التوصيات والأفكار الجديرة بالنظر والاعتبار.

يُضاف إلى إلحاح المسألة الاجتماعية، ما وقعت فيه بعض دولنا من أزمات أفرزت موجات من اللجوء والنزوح، ويأوي العالم العربي، مع الأسف، نحو نصف لاجئي ومشردي العالم، ويكفي أن نعرف أن نحو 4 مليون طفلًا سوريًا قد تركوا مدارسهم بسبب الحرب الدائرة هناك منذ سبع سنوات، يكفي كذلك أن نتابع الأزمات الإنسانية الخطيرة في كل من الصومال واليمن، دون أن يغيب عن أذهاننا أبدًا الواقع المأسوي الذي يُكابده يوميًا أهلنا في فلسطين بسبب ما يفرضه الاحتلال الإسرائيلي من إغلاق وحصار وممارسات مُجحفة، يكفي أن نعرف كل هذا لندرك أن معركة التنمية في الكثير من جنبات عالمنا العربي لا تجري في ظروف طبيعية أو في بيئة مواتية، وإنما في ظل أوضاع صعبة وبيئة هشة.

إن المأمول هنا هو إظهار قدر أكبر من التعاضد والتكافل لإسناد ودعم المجتمعات التي تضغط عليها هذه الأزمات الإنسانية، ومن بينها لبنان والأردن اللذان تحملا الكثير وفاء بدين العروبة واضطلاعًا بواجب الإنسانية.

إن تحديات تحقيق التنمية المستدامة تفرض على الحكومات العربية أن تضع المستقبل في حسابها، علينا أن نواجه الأسئلة الصعبة من دون تباطؤ أو تأجيل، أسئلة حول توفير الغذاء لأكثر من 360 مليون عربي، حول الحفاظ على الموارد المائية العربية الشحيحة، التي لا تزيد عن 1% من مصادر المياه العذبة في العالم، وكيفية تنميتها وضمان استدامتها، أسئلة حول إدارة مزيج الطاقة بالاعتماد بصورة أكبر على المصادر المتجددة، أسئلة حول الخطط العربية الشاملة لمواجهة الظواهر المربكة على الصعيد العالمي مثل التغير المناخي والتطور التكنولوجي الذي يهدد الوظائف التقليدية.

 

وأشار أبو الغيط إلى أن التفاوض اوشك حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على بلوغ غايته، وقد تم الانتهاء من نحو 95% من قواعد المنشأ التفصيلية، والمأمول هو أن تُستكمل هذه المنظومة الاقتصادية التكاملية، بما في ذلك تحرير تجارة الخدمات، في أسرع الآجال، إذ ليس مقبولًا أن تظل التجارة البينية بين دولنا عند معدلاتها الحالية التي لا تتجاوز 12% من إجمالي تجارة الدول العربية، وليس مقبولًا أن تظل المنطقة العربية هي الأقل عالميًا من زاوية التكامل الاقتصادي، مع كل الإمكانيات التي يتيحها هذا التكامل للنهوض بالاقتصادات العربية والإسهام في تنويع نشاطاتها، إن البنود المطروحة على جدول أعمال هذه القمة تتضمن عددًا من المبادرات والمشروعات والبرامج المتعلقة بالتكامل الاقتصادي، ونتطلع جميعًا إلى أن تجد هذه المبادرات طريقها إلى التنفيذ لتقربنا خطوات على سبيل التكامل الاقتصادي العربي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز