عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

فاطمة العسيلي تكتب : سراب الأحلام

فاطمة العسيلي تكتب : سراب الأحلام
فاطمة العسيلي تكتب : سراب الأحلام

في ليلة حالك سوادها، غائب عن السماء قمرها وباهت ضياء نجومها، يتسلل إلى باطنك حلم شارد من قفص الأحلام السوداء المقيدة في جب أسفل مخدعك، والتي تم سجنها في جبها المظلم البارد حتى لا تتسلل لأنقياء القوم وأطهرهم فتسرق راحتهم، وتغيم سماء هم، وتقتل فرحتهم، وتزرع في نفوسهم الخوف والاستوحاش فهي لا تخرج إلا في الظلام والناس نيام.



 وفي ضعف القلوب إذا استوطنتها الأحزان وملئ العقل فكرا وجهلا وظلام، وفقدت الروح لباس الأمان، وهُدمت قلاع الأمل وترنح الإيمان، وزُلت الخطى وثقُل حِمل الأزمان، وساء الظن وتقدير الأحكام، وطال الوقت في انتظار تحقيق السلام.

 حينها تُسرع أحلام الشيطان، للنيل من وهن الإنسان، فتحاصر العقل والوجدان وترفض ترك الأبدان، حتى يقوى الإيمان، ويصحو العقل ولا ينام، وتَنْفِضُ الروح عنها وهن الأحزان، فيستقيم الميزان، وتضاء قناديل الديوان، ويستدعى الروح والعقل واللسان وتبدأ محاكمة الظالم والجبان ويخرج من بينهما شاهدا حيران.

 استدعى عقله من التيه والنسيان وأخذ يفكر باهتمام: أقول الحق وأنال الجنان؟، أم باطلا وأنال البستان؟ فيه خير الدنيا وحظ وافر وخُدّام!؟

 أم الآخرة ونهر عسل وخمر وحصان، من ياقوتة حمراء وظل لا يضام، فيحتد القاضي على الشاهد الغلبان، الفقير للمال والكلام، فتُسرق من القاضي الغضبان الأقلام، ويُكسر عامود الميزان، وينفتح قفص الاتهام، ويخرج الظالم من وراء القضبان، ويضع هناك القاضي النعسان والشاهد الحيران، فيتولى الظالم أمر الديوان، ويمسك قلم القاضي ويرسم الأحكام، هذا خائن وعميل وزير نسوان، فيصيح القاضي من وراء القضبان أين الحق وكفة الميزان؟!

فيرد الظالم الجبان: أنا هنا الميزان والمتكلم الفصيح والقاضي الحولان!

فيصيح القوم: ذهب الحق وظهر الباطل !، فيمسك القاضي سلاح حاجب الديوان، وينهال عليهم بالقتل ويفتح باب الفئران.

فمن نجا من ملاقاة الرحمن! إما عضته الفئران وأصيب بطاعون الفساد والخزي والنسيان الذي أصاب الظالم الجبان، إما استطاع الهرب وألقى بنفسه في بحر الغربة والآلام، فبأي آلاء ربكما تكذبان، مُلئت بها الأرض رعدا وبرقا وبركان، فذهب الخلق جميعا في غياهب الجب مكان أحلام الشيطان، واستبدل الخالق خلقا جديدا يعيشون بالإحسان، فتعلموا من أخطاء القاضي والشاهد والظالم الجبان! أنه من رأى الله بين حاجبيه، وسكن ما بين جنبيه سار نورا متحركا يعمر الأوطان.

فكم ستدوم دنيا الأحلام يوما أم شهرا أم عام حزنا ووئام، ففي لحظة غفلة ستخرج الروح للرحمن ثم يُنصب الميزان، فماذا ستقول للديان، وقتها لن يكون هناك مال لترشوا به شاهدا حيران، ولا كرسيا يلجم للسان قاضيا حولان، ولا كذبا وقناعا يلجم الحق ويكسر عامود الميزان فلا نجد بدا من الندم والخذلان، مما اقترفت أيدينا.

فأعدد العدة واكنز لدار الحق، كي تنال الجنان ورضى الرحمن.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز