موسم التحرش بدارون

اتفضل.

اتفضل والله يا أستاذ.

اتفضل نورنا يا أخي الكريم.

في قاعات العرض الممتلئة عن آخرها بالناشرين للإصدارات الدينية والتاريخية والتراثية بالنسخة الجديدة من معرض الكتاب، يستقبلك الموظف -الملتحي غالبًا - بوجه تعلوه البشاشة ذات الأغراض التجارية، وربما يهديك كتابًا بعنوان "تحذير وإنذار من خطر الشيعة الأشرار"، لفك الركود وجلب الزبون المريد، فتري ما لا يخطر علي البال من الكتب والتراجم.

من بين عناوين، تحمل بعض صفات التسامح بإصدارات الأزهر، تستقبلك عند البعض الآخر عناوين فك السحر والربط والعلاج بالقرآن والمسيح الدجال، حتي لا تخطئ عيناك جديد هذا العام بعنوان مثل "السحر الحلال".

يظهر متجليًا "الإعجاز الدوائي في القرآن" من بين عناوين الإعجاز العلمي فيه

 

 

هل أصاب خطب ما كوكب الأرض هذا العام؟ لا جديد.

تحاصرك كالعادة في كل مكان ما اصطلح عليه البعض بـ"الأدلة الشرعية"، بعناوين مثل "أسرار الأرض المسطحة الثابتة"، والتي تقطع بتسطيحها وثباتها مفحمة -كما يعتقد مؤلفوها- كل من سولت له نفسه التفكير في كرويتها.

ولكن مهلًا، ففي بعض الإصدارات الأخرى، يتساءل المؤلف متعجبًا من قال إن النص ينادي بتسطيح الأرض؟! لقد فسره كذلك هؤلاء بطريق الخطأ بل إنها كروية.

 

 

لقد نادي النص بذلك – في تطور جديد - لكن أخطأ بعض الآخرين، حين قال إن الأرض تدور حول الشمس، بل العكس صحيح، فالشمس والكواكب والنجوم هي من تدور حول الأرض.. الأرض يا سادة هي مركز الكون، كما ثبت قطعيًا بالأدلة الشرعية بحسب رأيه.

لن تخرج حتى تتعجب من غزارة مواهب البعض، وقدراتهم الخارقة في إفحام وتفنيد آراء ونظريات صاحب كتاب أصل الأنواع السيد "شارلز دارون" بسيل عرمرم من الكتب والتراجم، وفقًا لنفس الأدلة الشرعية، كما يعتقدون تنتهك صوره ورسومه التوضيحية علي أغلفتها المزركشة وصفحاتها الممتلئة.

بحلول ذكري ميلاده يجعلنا كل ما سبق نتساءل بأسي غاضب، من المسئول عن إجازة نشر تلك الإصدارات التي لا تمت للعلم بصلة؟

متي يجرم المشرع تلك الممارسات؟ وهل ننتبه لخطورة تلك الإصدارات وأثرها السلبي علي مستقبلنا العلمي والحضاري بوجه عام؟