عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية جنيه إدريس.. والنبوءة

حكاية جنيه إدريس.. والنبوءة
حكاية جنيه إدريس.. والنبوءة

كتب - عادل عبدالمحسن

تروى المعلومة بألف صياغة ويبقى أصلها وحيدًا لم تغيره طريقة روايتها، هكذا حيكت الروايات حول وضع رجل مصري ذات لحية بيضاء على الجنيه المصري، ‏‏يوم‏ 4 ‏يوليو 1924،



الرواية الأولى عن صورة إدريس على الجنيه

كان إدريس الأقصري، يعمل في معية الأمير فؤاد الذي اختير فيما بعد، سلطانًا خلفًا للسلطان حسين كامل، ثم لقب بالملك فؤاد بعد وضع دستور 1923.

وقال له ذات يوم: "أبشر لقد حلمت بأنك ستكون ملك مصر وستلبس التاج وتجلس على العرش "هنا نهض الأمير فؤاد وضحك ووعد إدريس خيرًا أن تحقق حلمه، وكان حلما بعيد المنال، ولكن سخر القدر الإنجليز، لأن يبحثوا من وراء الكواليس عمن يولونه عرش مصر ويدير دفة الحكم لصالحهم، ووجدوا في فؤاد ضالتهم فهو الوحيد من وجهة نظرهم الذي يمكن أن يخدم إمبراطوريتهم ويحركونه كما يشاءون، فنصبوه سلطانًا على مصر ثم ملكا عليها وجعلوا الملك وراثيا في أسرته.

وتحقق حلم إدريس أفندي الأقصري، وكافأه الملك فؤاد أعظم مكافأة، حيث وضع صورته على أول جنيه مصري من العملة الورقية يطبع باسم المملكة، والذي عرف بجنيه إدريس أفندي وهو من أندر العملات في مصر والعالم وزيادة على ذلك التخليد منحه لقب الباكوية وأصبح إدريس بك.

 

 

القصة مروية بطريقة أخرى

اسمه إدريس ووضع على الجنيه المصري لأغرب سبب يمكن أن يخطر على بال، فهو لم يكن ملكا أو قائدا عسكريا أو أميرا أو وزيرا، بل كان إدريس فلاحا مصريا بسيطا ربما حتى لا يعرف القراءة ولا الكتابة، بدأت حكاية العم إدريس مع الجنيه في أحد الحفلات التي كان يقيمها أحد علية القوم في مصر، والذي أحضر إدريس للحفل ليس كمدعو بل (كنمرة) لتسلية الحاضرين.

وكان يقوم بقراء أكفة الحاضرين ويحاول إخبارهم عن حاضرهم وماضيهم، وفي الحفل تقابل مع أحد أمراء الأسرة العلوية وقراء له كفه وأخبره بأن طالعه ينبأ أنه سيكون ملكا على مصر والسودان، فسر الأمير جدا وأستبشر بقارئ الكف العجوز وأخبره وهو يضحك بأنه إذا حكم مصر "أي الأمير"، سيضع صورة الفلاح إدريس على الجنيه.

بقي أن نعرف أن هذا الأمير هو الملك فؤاد ملك مصر والسودان حيث تحققت نبوءة إدريس ولم ينسه الملك ووفى بوعده له ووضع صورته على الجنيه، وهو أغرب سبب وضعت صورة إنسان بسببه على عملة في أي مكان في العالم.

ولتصبح العملة التي وضع عليها وجه إدريس قارئ الكف والتي سميت (جنيه الفلاح)، أندر وأغلى عملة مصرية فثمنها يساوي عشرات الألوف من الجنيهات، وهي حلم لكل هواة جمع العملات القديمة.

 

رواية ثالثة:

جنيه إدريس من أشهر الإصدارات للجنيه المصري ولصاحب هذا الوجه على الجنيه روايات عديده أشهرها أن صاحب هذا الوجه كان (البستاني) بقصر السلطان فؤاد وذات ليله وهو نائم رأى رؤية وهي أن السلطان فؤاد سيصبح ملكا على مصر، وفي الصباح قص هذه الرؤية على السلطان فؤاد الذي وعده بوضع صورته على الجنيه إذا تحققت رؤيته، وقد كان.

 

رواية رابعة:

حينما‏ ‏صدر‏ ‏المرسوم‏ ‏الملكي‏ ‏باعتماد‏ ‏الجنيه‏ ‏المصري‏ ‏في‏ ‏يوم‏ 4 ‏يوليو 1924، ‏تساءل‏ ‏كثيرون‏ ‏من‏ ‏أبناء‏ ‏الشعب‏ ‏المصري‏ ‏عن‏ ‏الصورة‏ ‏التي‏ ‏طبعت‏ ‏عليه‏‏، فلم‏ ‏تكن‏ ‏صورة‏ ‏السلطان‏ ‏العثماني‏ ‏الذي‏ ‏كانت‏ ‏مصر‏ ‏تحت‏ ‏لوائه‏ ‏وإن‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏ضعف‏ ‏حكمه‏ ‏وقلت‏ ‏هيبته‏، ‏خاصة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏وضعت‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الأولي‏ ‏أوزارها‏، فقد‏ ‏أصبح‏ ‏هو‏ ‏ودولته‏ ‏علي‏ ‏وشك‏ ‏الانهيار‏، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏أيضًا‏ ‏صورة‏ ‏لأحد‏ ‏الزعماء‏ ‏الأبرار‏ ‏كالزعيم‏ ‏مصطفى‏ ‏كامل‏ ‏الذي‏ ‏ظل‏ ‏طيلة‏ ‏حياته‏ ‏حتي‏ ‏وافته‏ ‏المنية‏ ‏في‏ ‏سن‏ ‏صغيرة‏ ‏ينشد‏ ‏باسم‏ ‏مصر‏ ‏وباستقلالها‏، ‏أو‏ ‏صورة‏ ‏الزعيم‏ ‏الخالد‏ ‏الذي‏ ‏التف‏ ‏إليه‏ ‏جموع‏ ‏المصريين‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏مكان‏ ‏ينادون‏ ‏باسمه (سعد‏ ‏زغلول)، ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏حتى‏ ‏صورة‏ ‏ملك‏ ‏البلاد‏ ‏فؤاد‏ ‏الأول‏ ‏ذلك‏ ‏الملك‏ ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏قاسيا‏ ‏وساذجا‏، ‏وإنما‏ كانت‏ ‏الصورة‏ ‏لرجل‏ ‏فلاح‏ ‏مصري‏ ‏يحمل‏ ‏سمرة‏ ‏الجنوب‏، ولحيته‏ ‏البيضاء‏ ‏المتناثر‏ ‏فيها‏ ‏السواد‏ ‏تغطي‏ ‏الجزء‏ ‏الأكبر‏ ‏من‏ ‏وجهه‏، ‏وتغطي‏ ‏التجاعيد‏ ‏الجزء‏ ‏المتبقي‏ ‏وعلي‏ ‏رأسه‏ ‏عمامة‏ ‏بيضاء‏ ‏وفي‏ ‏عينيه‏ ‏نظرة‏ ‏رضا‏ ‏وسكينة‏ ‏وعلي‏ ‏كتفه‏ ‏عباءة‏ ‏بسيطة‏، ‏وهذا‏ ‏ما جعل‏ ‏الناس‏ ‏يتساءلون‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏الشخص‏ ‏من‏ ‏يكون‏ ‏ولما‏ ‏وضعت‏ ‏صورته‏ ‏على‏ ‏تلك‏ ‏العملة‏ ‏التي‏ ‏طالما‏ ‏يوضع‏ ‏عليها‏ ‏صور‏ ‏الملوك‏ ‏والسلاطين‏.

الجواب‏ ‏لتلك‏ ‏التساؤلات‏ ‏كان‏ ‏في‏ ‏ميناء‏ ‏إيطاليا‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏السفينة‏، ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏تحمل‏ ‏في‏ ‏داخلها‏ ‏ذلك‏ ‏الأمير‏ ‏المديون‏ ‏المسرف‏ ‏الساذج‏ ‏فؤاد‏ ‏والذي‏ ‏كان‏ ‏مسافرا‏ ‏في‏ ‏أدنى‏ ‏درجة‏ ‏بها‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏فقد‏ ‏كل‏ ‏ما يملك‏ ‏وأفلت‏ ‏من‏ ‏ديون‏ ‏القمار،‏ ‏وبجانبه‏ ‏ذلك‏ ‏الرجل‏ ‏الطيب‏ ‏الخادم‏ ‏له‏ ‏منذ‏ ‏عشرين‏ ‏عاما‏ ‏والذي‏ ‏يرحل‏ ‏معه‏ ‏ويذهب‏ ‏معه‏ ‏أينما‏ ‏ذهب‏ ‏إنه‏ إدريس‏ ‏الأقصري الذي‏ ‏قام‏ ‏من‏ ‏نومه‏ ‏علي‏ ‏حلم‏ ‏جميل‏ ‏أراد‏ ‏أن‏ ‏يقصه‏ ‏على‏ ‏مولاه‏ ‏الأمير‏، لكن‏ ‏الأمير‏ ‏المديون‏ ‏لا يهمه‏ ‏حلم‏ ‏خادمه‏ ‏فهو‏ ‏دائما‏ ‏مهموم‏ ‏لا‏ ‏طاقة‏ ‏له‏ ‏بسماع‏ ‏حلم‏ ‏ساذج‏ ‏من‏ ‏خادم‏ ‏ثرثار، ‏ولكن‏ ‏أصر‏ ‏إدريس‏ ‏أن‏ ‏يقصه‏ ‏علي أفندينا، وقال‏ ‏له‏: لقد‏ ‏حملت‏ ‏أنك‏ ‏أصبحت‏ ‏ملك، ‏مصر‏ ‏وفجأة‏ ‏غير‏ ‏فؤاد‏ ‏نظره‏ ‏إلي‏ ‏خادمه‏ ‏وتلك‏ الكلمات‏ ‏المستحيلة، ‏وفي‏ ‏ذهنه‏ ‏صورة‏ ‏السلطان‏ ‏المريض‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏ولكنه‏ ‏تراجع‏ عن‏ ‏ذلك‏ ‏بابتسامة‏ ‏ساذجة‏، فقد‏ ‏تذكر‏ ‏أن‏ ‏للسلطان‏ ‏وريثا‏ ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏يوجد‏ ‏في‏ ‏أسرة‏ ‏محمد‏ ‏علي‏ ‏من‏ ‏هو‏ ‏أولي‏ ‏منه‏‏، فهو‏ ‏بعيد‏ ‏كل‏ ‏البعد‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏كما‏ ‏أنه‏ ‏عاجز‏ ‏عن‏ ‏حكم‏ ‏بلد‏ ‏لا يعرف‏ ‏فيها‏ ‏أي‏ ‏شيء‏ ‏حتي‏ ‏أنه‏ ‏لا يستطيع‏ ‏النطق‏ ‏بلغته‏ ‏، واستمر‏ ‏إدريس‏ ‏يكرر‏ ‏حلمه‏ ‏علي‏ ‏أفندينا‏ ‏مؤكدا‏ ‏أنه‏ ‏رآه‏ ‏يجلس‏ ‏علي‏ ‏عرش‏ ‏مصر‏ ‏في‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏، والجميع‏ ‏ينحني‏ ‏له‏ ‏لكن‏ ‏فؤاد‏ ‏زجره.‏

 

 

‏وقال‏ ‏له: ‏اصمت‏ ‏فأنت‏ ‏مجنون‏ ‏وحلمك‏ ‏مثلك‏، ‏ولكن‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏في‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏حدث‏ ‏مالم‏ ‏يتوقعه‏ ‏الأمير‏ ‏فقد‏ ‏تنازل‏ ‏الوريث‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏عن‏ ‏عرش‏ ‏أبيه‏ ‏السلطان‏ ‏حسين‏ ‏كامل‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏بعث‏ ‏إليه وثيقة‏ ‏يطلب‏ ‏فيها‏ ‏إعفاءه‏ ‏من‏ ‏حكم‏ ‏مصر‏ ‏لأنه‏ ‏يكره‏ ‏هذا‏ ‏العرش‏ ‏الساذج‏ ‏الوهن‏، الذي‏ ‏يسيطر‏ ‏عليه‏ ‏الإنجليز‏ ‏ويحتقره‏ ‏الشعب‏، ‏ورجع‏ ‏السلطان‏ ‏إلي‏ ‏رغبة‏ ‏ابنه‏ ‏وتنازل‏ ‏الوريث‏ ‏عن‏ ‏حكم‏ ‏مصر‏، ونشرت‏ ‏المقطم‏ ‏ذلك، ‏وبعد‏ ‏وقت‏ ‏غير‏ ‏قليل‏ هبطت‏ ‏السفينة‏ ‏الحاملة‏ ‏للأمير‏ ‏فؤاد‏ ‏وخادمه‏ ‏إدريس‏ ‏إلي‏ ‏ميناء‏ ‏الإسكندرية‏ ‏، فجأة‏ سمعا‏ ‏حامل‏ ‏الجرائد‏ ‏وهو‏ ‏يصيح "اقرأ‏ ‏خبر‏ ‏الأمير‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏يتنازل‏ ‏عن‏ ‏عرش‏ ‏مصر"، هنا‏ اندهش‏ ‏فؤاد‏، ‏وقرأ‏ إدريس‏ ‏الخبر‏، ‏ولكن‏ ‏ذلك‏ ‏لم‏ ‏يغير‏ ‏من‏ ‏الأمير‏ ‏شيئا‏ فهناك‏ ‏من‏ ‏يرث‏ ‏العرش‏ ‏كالأمير‏ ‏عبد‏ ‏المنعم‏ ‏بن‏ ‏الخديو‏ ‏عباس، ‏ ونسي‏ ‏فؤاد‏ ‏ذلك‏ الأمر‏ ‏كله‏ ‏فهو‏ ‏أبعد‏ ‏ما يكون‏ ‏عنه‏ ‏، ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعلم‏ ‏أن‏ ‏الأمير‏ ‏عبد‏ ‏المنعم‏ ‏قد‏ ‏رفضه‏ ‏الإنجليز‏ ‏واعترضوا‏ ‏علي‏ ‏توليته‏ ‏عرش‏ ‏مصر‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏أن‏ ‏الأمير‏ ‏كمال‏ ‏الدين‏ ‏قد‏ ‏هاجر‏ ‏هو‏ ‏وزوجته‏ ‏إلي‏ ‏فرنسا‏ ‏تاركا‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏، ‏وظل‏ ‏بعيدا‏ ‏عن‏ ‏الأحداث‏ حتى ‏فوجئ‏ ‏بدعوة‏ ‏لمقابلة‏ ‏المستر‏ ‏وينجت‏ ‏المندوب‏ ‏السامي‏ ‏الحاكم‏ ‏الحقيقي‏ لمصر‏، ‏ولبى‏ ‏فؤاد‏ ‏دعوة‏ ‏اللورد‏ ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يعرف‏ ‏ماذا‏ ‏يريد‏ ‏ذلك‏ ‏اللورد‏، ‏ولكن‏ ‏فاجأه‏ ‏اللورد‏ ‏بأنه‏ ‏تم‏ ‏اختياره‏ ‏ليكون‏ ‏ملك‏ ‏مصر‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏يموت‏ ‏السلطان‏ ‏حسين‏ ‏كامل‏ ‏وأمره‏ ‏، بألا‏ ‏يبلغ‏ ‏أحدا‏ ‏بذلك‏ ‏وأصاب‏ ‏فؤاد‏ ‏ذهولا‏ ‏طويلا‏ ‏حتي‏ ‏رحل‏ توًا ‏من‏ ‏أمام‏ ‏اللورد‏ ‏متجها‏ ‏إلي‏ ‏بيته‏ ‏فوجد‏ ‏إدريس‏ ‏جالسا‏ ‏فابتسم‏ ‏إليه‏ ‏وقال‏ ‏له‏ ‏انهض‏ ‏يا‏ ‏إدريس‏ ‏بك‏ ‏واستغرب‏ ‏إدريس‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏فلم‏ ‏يعط‏ ‏الرتب‏ ‏والألقاب‏ ‏غير‏ صاحب‏ ‏الجلالة‏ ‏الملك‏‏، فكرر‏ ‏فؤاد‏ ‏عليه‏ ‏وقال‏ ‏له‏ ‏لقد‏ ‏تحقق‏ ‏حلمك‏ ‏وأصبحت‏ ‏ملك‏ مصر،‏ ‏وستكون‏ ‏صورتك‏ ‏على‏ ‏أول‏ ‏جنيه‏ ‏تصدره‏ ‏حكومتي‏ ، وظهر‏ يحمل‏ ‏صورة‏ ‏إدريس،‏ ‏وسمي‏ ‏بجنيه‏ ‏إدريس‏ ‏في‏ ‏يوم‏ 4 ‏يوليو‏ 1924.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز