عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الأزهر في إفريقيا: دعاة لله.. أطباء للإنسان.. رسل سلام للأوطان

الأزهر في إفريقيا: دعاة لله.. أطباء للإنسان.. رسل سلام للأوطان
الأزهر في إفريقيا: دعاة لله.. أطباء للإنسان.. رسل سلام للأوطان

كتب - السيد علي

القارة الإفريقية ضمن أجندة جولات الإمام الأكبر الخارجية



وقوافل الأزهر الدعوية والتعليمية تواجه الفكر المتطرف

ووساطة الأزهر تقود المصالحة في إفريقيا الوسطى

وقوافل الأزهر الطبية تخفف آلام 100 ألف مريض

وطلاب من 46 دولة إفريقية يدرسون في الأزهر

يتميز دور الأزهر الشريف في القارة الإفريقية بأنه يجمع بين التاريخ العريق والواقع المشرف المزدهر، فإذا كانت علاقات الأزهر مع أبناء القارة السمراء تعود لمئات السنين، وتشهد بذلك أروقة الجامع الأزهر التي حملت أسماء العديد من بلدان وأقاليم إفريقيا، فإن الأزهر الشريف نجح في السنوات الأخيرة، بتوجيهات من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في ترسيخ دوره الريادي في القارة الإفريقية من خلال مضاعفة جهوده وتنويعها؛ لتشمل قوافل إغاثية وطبية لمساعدة المحتاجين وعلاج غير القادرين، وقوافل للسلام لنشر ثقافة التعايش والتسامح بدلا من الكراهية والعنف، إضافة إلى استقبال طلاب 46 دولة إفريقية للدراسة في جامعة الأزهر ومعاهده، وتدريب الأئمة الأفارقة على آليات مواجهة الأفكار المتطرفة والتعامل مع القضايا المستحدثة، وإنشاء معاهد أزهرية ومراكز لتعليم اللغة العربية، فضلًا على الدور المحوري لبعثات الأزهر التعليمية والدعوية في نشر تعاليم الإسلام السمحة في ربوع القارة الإفريقية.

 

 

تاريخ حافل يمتد لألف عام

ترجع علاقة الأزهر الشريف بأبناء القارة الإفريقية إلى السنوات الأولى لنشأته، حيث توافد أبناء الشمال الإفريقي إلى أروقة الجامع الأزهر لتلقي العلوم الشرعية والعربية، وتم إنشاء رواق المغاربة للطلاب الوافدين من برقة، وطرابلس، وتونس، والجزائر، ومراكش، وموريتانيا، ومع انتعاش الحركة العلمية للجامع الأزهر في عهد المماليك، احتلت دول القارة الإفريقية مكانًا بارزًا في أروقة الجامع الأزهر، فتم إنشاء رواقي السنارية والدارفورية لطلبة السودان، ورواق "دكارنة صليح" لطلاب إقليم بحيرة تشاد، ورواق الفلاتة لطلاب إفريقيا الوسطى، فضلًا عن رواق البرنية لطلاب برنو بإقليم غرب إفريقيا، بالإضافة إلى أروقة البربر والجبرتية، وقد ساهمت المعاملة الكريمة التي حظي بها الطلاب الأفارقة الدارسين بالأزهر في توثيق العلاقات بين أبناء الشعب المصري وإخوانهم من شعوب إفريقيا.

وفي الوقت الحالي، يضم الأزهر الشريف بين جنبات معاهده وكلياته أكثر من 30 ألف طالب وافد من 110 دول حول العالم، من بينهم نحو خمسة آلاف طالب وطالبة من 46 دولة إفريقية، يدرسون في مختلف المراحل التعليمية، ومعظمهم حاصلون على منح دراسية، يتكفل الأزهر بمصاريف دراستهم وإقامتهم، كما يحرص الأزهر على تنظيم العديد من الدورات التدريبية والتثقيفية والترفيهية للطلاب الوافدين، فضلا على الندوات التوعوية والدينية؛ لحمايتهم من أي محاولات لاستقطابهم من جانب الجماعات المتطرفة والمنحرفة، وتحصينهم عبر تزويدهم بأسس المنهج الأزهري الوسطي المعتدل.

 

معاهد أزهرية في قلب إفريقيا

لا تقتصر جهود الأزهر التعليمية في إفريقيا على استقبال الطلاب الوافدين للدراسة بالقاهرة فحسب، بل حرص الأزهر الشريف على المبادرة والذهاب بمنهجه وعلمائه إلى قلب إفريقيا، وذلك من خلال 16 معهدًا أزهريًا تنتشر في كل من: الصومال وتنزانيا وجنوب إفريقيا وتشاد ونيجيريا والنيجر وأوغندا، وذلك وفق بروتوكولات تعاون بين مصر وهذه الدول، حيث يعمل الأزهر من خلال هذه المعاهد على تحسين الأوضاع التعليمية في هذه الدول الشقيقة، ونشر المنهج الأزهري الوسطي، من خلال إمداد هذه المعاهد بالمناهج الدراسية الأزهرية وإيفاد مدرسين في العلوم الشرعية واللغة العربية.

وبالتوازي والتكامل مع هذه المعاهد ينتشر 537 مبعوثًا أزهريا في مختلف دول القارة السمراء، لنشر تعاليم الإسلامية الصحيحة، وفقا للمنهج الأزهري الذي يحظى بالقبول في جميع أرجاء إفريقيا، لما يتميز به من انفتاح وقبول للآخر، ورفض للتعصب والفرقة والكراهية، وحث على التعايش والتكافل بين أبناء المجتمع الواحد على اختلاف أديانهم وأعراقهم، ويحرص الأزهر على انتقاء هؤلاء المبعوثين من بين خيرة أبنائه، ممن يتميزون بالفهم الواعي والقدرة على مواجهة المشكلات والقضايا المعاصرة، انطلاقا من رسالة الأزهر العالمية التي تستهدف نشر ثقافة التعايش والسلام ومواجهة الفكر المتطرف وتأكيد قيم الحوار والاندماج الإيجابي.

 

 

تدريب الأئمة الأفارقة

وتكتمل أضلاع التواجد الأزهري في إفريقيا من خلال فروع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، التي تنتشر في كل من "تشاد والسودان ومالي وجزر القمر والصومال وكوت ديفوار وجنوب إفريقيا ورواندا ونيجيريا وتنزانيا وكينيا والنيجر"، وتستهدف المنظمة من خلال فروعها وبرامجها تفعيل قوة الأزهر الناعمة، والمتمثلة في خريجيه المنتشرين عبر العالم، والتواصل معهم بما يجعل للأزهر صوتا مسموعا في كل ربوع المعمورة؛ تأكيدًا لريادته العالمية، ومنهجه الوسطي، وحفاظًا على قيم الأمة وتعاليم الإسلام السمحة، وهو ما تبلوره النصيحة الجامعة التي وجهها فضيلة الإمام الأكبر لرؤساء فروع المنظمة خلال اجتماعه معهم في القاهرة، يناير 2018م، حيث طالبهم بضرورة الاندماج في المجتمع والتواصل الإيجابي مع أفراده، فالأزهري لا ينفصل عن الناس ولا يخالفهم، ما دامت تصرفاتهم لا تخالف الشريعة، مؤكدا أن الإسلام لا يحب النزعة الانفصالية، ويحث المسلم على التفاعل البناء والمساهمة الفاعلة في المجتمع.

كما نظم الأزهر، من خلال مجمع البحوث الإسلامية والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر، العديد من الدورات التدريبية للأئمة الأفارقة، لتأهليهم على مواجهة أفكار الجماعات المتطرفة وما تروجه من شبهات، والتعامل مع القضايا والمسائل الفقهية المستجدة، وفقا للمنهج الأزهري الوسطي المستنير، الذي يحترم التعددية الدينية والمذهبية والفكرية، ويدعم التعايش السلمي المشترك بين الشعوب، ويبرز سماحة وإنسانية الإسلام، كما تم دعم هؤلاء الأئمة بمجموعة من المؤلفات الأزهرية التي ترسخ لوسطية الإسلام واعتداله واحترامه للآخر.

 

 

الإمام الأكبر في إفريقيا

وقد حرص الإمام الأكبر على وضع القارة الإفريقية ضمن أجندة جولاته الخارجية، ففي مايو عام 2016م، استهل فضيلة الإمام الأكبر، أولى جولاته لقارة إفريقيا، بزيارة إلى دولة نيجيريا، التقى خلالها بالرئيس النيجيري/ محمد بخاري، لمناقشة سبل مواجهة الفكر المتطرف، كما وجه فضيلته كلمة للشعوب الإفريقية من العاصمة "أبوجا" أكد خلالها أن جماعات التطرف والإرهاب تسعى دوما لتشويه صورة الإسلام، وتصويره على أنه دين عنف ودماء، وهو ما يجب التصدي له وتفنيده.

كما زار الإمام الأكبر مخيم للاجئين في العاصمة النيجيرية "أبوجا" في رسالة تؤكد تضامن الأزهر الشريف، مع النازحين من بلادهم جراء الحروب والصراعات.

وفي مارس عام 2018م، زار الإمام الأكبر العاصمة الموريتانية نواكشوط، في ثاني جولاته الإفريقية، حيث التقى الرئيس الموريتاني/ محمد ولد عبد العزيز، وعددا من كبار المسؤولين السياسيين والدينيين، كما عقد جلستين علميتين مع كبار علماء الدين في موريتانيا، الأولى حول المقاربة الفكرية لظاهرة التطرف والانحراف، والثانية حول التقارب العلمي بين الأزهر والمحاظر في موريتانيا، كما شهد فضيلته توقيع بروتوكولات للتعاون بين جامعة الأزهر وجامعة العلوم الإسلامية والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بموريتانيا.

 

 

قوافل السلام ومبادرات للمصالحة

انطلاقا من دوره في ترسيخ قيم الحوار والتعايش، أطلق الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، خمس قوافل سلام شملت كلًا من: جنوب إفريقيا، وتشاد، وإفريقيا الوسطى، ونيجيريا، وكينيا؛ بهدف ترسيخ الخطاب الديني الوسطي، وتحقيق التواصل الفعال بين أبناء القارة الإفريقية. وشملت أجندة هذه القوافل عقد لقاءات مع عدد من القيادات السياسية والتنفيذية والدينية، وإلقاء عدد من الدروس الدينية والندوات بمشاركة شباب مسلمين وغير مسلمين لتأكيد أهمية السلم الداخلي في استقرار الأوطان وسعادة الإنسان، مع التركيز على موقف الشرع الحنيف من نبذ العنف والتطرف.

كما نظمت هذه القوافل زيارات لعدد من المراكز الإسلامية، إضافة إلى عقد لقاءات مع القيادات الدينية والتنفيذية الإسلامية للوقوف على أوضاع المسلمين، وبحث سبل التعاون العلمي والثقافي بين الأزهر وهذه الدول؛ بهدف إقرار السلم وتعزيزه بين أبناء القارة الإفريقية. وكان للقافلة الدعوية وقافلة السلام اللتين أرسلهما الأزهر بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين إلى إفريقيا الوسطى، دور كبير في تحقيق مصالحة وطنية، ونبذ الفرقة بين أبناء الشعب من المسلمين والمسيحيين، وكذلك رفع المعاناة عن المسلمين الواقعين تحت اضطهاد وعنف جماعة "أنتي بالاكا" المتشددة، وهو ما حظي بترحيب كبير من مختلف أبناء إفريقيا الوسطى.

 

تخفيف آلام المرضى والمحتاجين

استحدث الأزهر الشريف في السنوات الأخيرة دورًا بالغ الأهمية في خدمة القارة الإفريقية، وذلك عن طريق تسيير عدد من القوافل الطبية والإغاثية، بلغ عددها إحدى عشرة قافلة طبية وإغاثية، إلى كل من: النيجر والصومال والسودان ونيجيريا وتشاد وإفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، اصطحبت معها قرابة 47 طن من المستلزمات الطبية والأدوية والمواد الغذائية والإغاثية، للتخفيف من معاناة المحتاجين وآلام المرضى، ومتضرري الصراعات والنزاعات المسلحة، انطلاقا من الدَّور الإنساني والاجتماعي الذي يضطلع به الأزهر الشريف، والذي يعد مكملا لدوره الدعوي والتعليمي.

وضمت هذه القوافل العشرات من أساتذة كليات الطب بجامعة الأزهر في جميع التخصصات، بالإضافة إلى طاقم من الممرضين، حيث قامت القوافل بإجراء الكشف الطبي المجاني على ما يقرب من 100 ألف مريض، بالإضافة إلى إجراء ما يقرب من ثلاثة آلاف عملية جراحية متنوعة، وتوزيع الدواء المجاني المناسب لكل حالة، مع تحويل بعض الحالات الخطيرة والمعقدة لتلقي العلاج في مستشفيات جامعة الأزهر بالقاهرة، على نفقة الأزهر الشريف.

 

 

لجنة الشؤون الإفريقية بالأزهر

ومع تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال عام 2019م، حرص الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على استثمار وتوظيف كل عناصر الثقل الأزهري في إفريقيا لمواكبة التحركات المصرية تجاه القارة السمراء حيث قرر فضيلته تشكيل لجنة مختصة بالشؤون الإفريقية بالأزهر، تكون مهمتها العمل على وضع البرامج والخطط والأنشطة التي من شأنها دعم دول القارة الإفريقية وشعوبها، من خلال بحث زيادة عدد المنح المقدمة للطلاب الدارسين في الأزهر، وزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين في دول إفريقيا، وتكثيف البرامج التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ الأفارقة، بالتوازي مع زيادة عدد القوافل الدعوية التي يرسلها الأزهر لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تبثها الجماعات المتشددة ونشر الفكر الوسطي، فضلًا على تيسير القوافل الإغاثية والطبية للدول الإفريقية الأشد احتياجا، والتي بها عجز في الطواقم الطبية للتخفيف من معاناة المرضى، وترتيب عدة زيارات خارجية لشيخ الأزهر إلى إفريقيا، وبحث إمكانية افتتاح مراكز لتعليم اللغة العربية، وتكثيف أوجه التعاون التعليمية والدعوية بين الأزهر والمؤسسات الإفريقية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز