عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: لحظات ثقيلة

نشوى سلامة تكتب: لحظات ثقيلة
نشوى سلامة تكتب: لحظات ثقيلة

بل قل ساعات، بل أيام ولو كنت أكثر دقة قل الزمن أصبح ثقيلا، نعم هي لحظة فارقة يتبدل بعدها الإحساس بالزمن ويصبح كسلاسل حديدية ترهق أكتافنا، تزيد من الثقل على الظهر فتسحبنا إلى السقوط أرضًا ونظل نقاوم ونقاوم فلا نحن استقمنا ولا نحن بالذي سقط، لقد أصبح الظهر منحنيًا لم يعد يقوى على الاستقامة.



ونظل هكذا يرانا الناس مجرد مكلومين حزانى، وإذا ابتسمنا انفجر الحزن من أعيننا ليفضح كذب الابتسامة، هكذا اختلفت أحوالنا لأننا فقدنا عزيز إلى الأبد، ولم نكن نتوقع ولم يكن في الحسبان، وكانت لنا حسابات أخرى ومشاريع وخطط وربما ترتيبات وإعدادات لسنوات آتية، لكننا لم نحسب أبدًا حسابات القدر ولا غدر الزمن.

هذا ما نشعر به عند وفاة أحدهم ربما فجأة، ربما لمرضٍ ربما لحادث، ولكننا عشنا اللحظات الأخيرة معهم بين أمل ورجاء، فماذا عسى هؤلاء الذين ذهب أبناؤهم ولم يعودوا؟ ولما عادوا عادوا في أكفان؟ ماذا يدور بخلد هؤلاء المكلومين عما حدث لأبنائهم، بماذا حدثوا أنفسهم عن الألم عن الوجع الذي قد يكون لحق بهم قبل أن يفارقوا الحياة قبل أن يستشهدوا، بماذا أقنع هؤلاء أنفسهم بأن من عادوا بالفعل هم ذووهم، وكيف تمكن الإدراك منهم حقًا ليستوعبوا حقيقة الأمر، ولم تحدث لهم لوثة جنون أو هذيان بأنهم مثلا في محض حلم، وأن كل هذا الذي يحدث حولهم الآن ما هو إلا أضغاث ذاك الحلم.

ربما ستقولون أنى أبالغ كثيرا، لا والله لو تعلموا ماذا يلحق بالمكلوم جراء الفقد لكنتم ألقيتم على التهم بأنني أجحف في حق هؤلاء، وما أعطيتهم قدر ما يشعرون به عن حق، لكن الأمر الذي يشغلني حقًا كيف لهم أن يتغلبوا على كل هذا الضجيج بقلوبهم وعقولهم، كيف لأفئدتهم أن تبرد وتهدأ، كيف يتخطون الأمر بسلام وأعلم أنه ليس بالهين ولا بالقليل اجتياز تلك المحنة بل أقول عليها تلك الكسرة إن أصدقت مع نفسي القول.

وقبل أن أنهي انفعالي وشعوري بوجع هؤلاء المكلومين، لن أتغافل من يتهمني ويبادرني بالسؤال: لماذا لا تساوين في جيشان مشاعرك تجاه الجميع؟ وأقصد بالتحديد الطرف الآخر الذي أسميه عدوا ويسميه الجهلة جبهات وكتائب ومسميات أخرى كثيرة، حيث إن لهم أيضا أهالي تحزن لفقدانهم، لكن هل يتساوى من وقف مدافعًا كمن اعتدى مهاجما، هل ذهبت هذه العيون التي لها نظرة غير كل العيون لتسفك دماءً اغتصابًا وتدميرًا وتخريبًا، أم أن هذه العيون باتت ساهرة تحمي أرضًا ولما حان عليها الصباح أبت أن تغمض الجفن دون أن تروي هذه الأرض بدماء الأجساد الساهرة لتظل تبكيهم وتظل باقية، أما الآخرون فلا يعرفون أرضًا ولا ينتمون إليها ولهم عيونًا جامدة لا تحمل روح، فكيف نبكيهم أو تبكيهم الأرض التي يسعون لضياعها، فلا حديث عنهم ولا سلام لهم وسلامًا فقط على شهداء ذهبت أرواحهم لتظل أوطانهم باقية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز