عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: ترانزيت

نشوى سلامة تكتب: ترانزيت
نشوى سلامة تكتب: ترانزيت

يقولون إن الغياب في وقت الاحتياج يقتل كل شيء جميل بداخلنا، وأنا أضيف لذلك بأن الزمن كفيل ليردم على ما قُتل ردمًا ينسينا أنفسنا وليس فقط ما بداخلنا.



دعونا إذًا نتوقف في كل أوقات احتياجنا ولو للحظة مع كل من مروا بنا، من تغيب ومن تعمد الغياب، ومن بالفعل قد غاب، ونأخذ من مرورهم، لا نجعلهم ينالوا منا، وكفانا ما قتلناه من قبل، لماذا لا نجعل بالفعل من حياتنا محطات كالترانزيت، نتأمل فيها حركة السير هنا وهناك، وجهة كل مسافر، وقت مكوثه حتى وقت المغادرة، فكلهم إما ذهاب أو إياب، وبعضهم ذهاب فقط، وقلما وجدنا عائدين.

 فلنعتبرهم جميعًا وكأنهم ينتظرون وقتًا للرحيل، تُرى كيف سيكون وقتهم معك؟ هل أنت لهم كزمن مؤقت، اقصد أنكم فقط مجرد وقت لهم أم أنكم الوقت المستقطع من حياتهم، أم الوقت الذي ضاع منهم؟

 

 

وأما هؤلاء الذين يأتونكم في أوقات فراغهم ثم يغيبون عنكم، فاصنعوا لأنفسكم ضجيجًا يشغلكم عن أيامهم، وأما هؤلاء اللذين يبحثون عنكم في تفاصيل يومهم، فاملأوا لهم الأيام بكلمات وورودٍ تليق بكل لحظة تغيبون فيها عنهم.

وأَما هَؤلاء اللذْين صَفعوا قلوبكم يومًا وغابوا عنكم عمدًا، فَردوا لَهم ما كان لَهمُ، ولَقنْوهم  في تِلكَ الصفعةِ دروُسًا لا تُنتَسىٰ، ثمَ مُروا في سلامٍ، وأما هؤلاء الذين عٓصفوا بقلوبكم وذروها واستداروا، وأتقنوا الغياب، فاتركوهم ولا تقربوهم أبدًا ستعصف الدنيا بهم وتصبح قلوبهم خاوية تبحث عمن يسكنها، عمن يلتفت إليها، ينظرها، ولكنها ستظل أبدًا متعلقة.

 

 

 لكن لا تدعوهم ينصرفون هكذا، بل أمعنوا في شكرهم والثناء عليهم، بأن تمنحوهم الرحيل الآمن، اجعلوهم يشعرون وكأنهم أبطال قد تفانوا وأنهم لولا مرورهم بحياتكم ماكنتم، ثم اجعلوهم يستغربون حالهم عن أولهم، لا يعرفون حتى أنفسهم التي كانوا عليها اجعلوهم كالغرباء، حتى إذا ما لمحوا منكم طرفة العين أنكرتهم

 

 

أبلغوهم بصمتكم أن ذاك الصدر الذي تألم به الفؤاد واعتصر، قد تعلم وأدرك أن الحياة بمتسعها أصبحت لديه بإمكانه ضمها إذا أراد، ويستطيع لفظها إذا أراد، وأنه برأ ولن يعد يعتصر، وأنه أتقن إنهاء ما قد بدأه، وأن المنتهى ليس إلا لقلب يملك إرادته ولا يتبع هواه وكما اعتبروكم مجرد وقت فذكروهم أنه حان وقت الإقلاع، فقد انتهى الترانزيت.

 

 

 

 


 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز