عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. أحمد أبـوغنيمة عبدالغني يكتب: إفريقيا بين التكالب الدولي والتكامل الإقليمي

د. أحمد أبـوغنيمة عبدالغني يكتب: إفريقيا بين التكالب الدولي والتكامل الإقليمي
د. أحمد أبـوغنيمة عبدالغني يكتب: إفريقيا بين التكالب الدولي والتكامل الإقليمي

إفريقيــا...القارة السمراء، البكــر، المغمــورة بالكنوز، القــارة الواعـدة ، التي تتمثل في 1،3 مليار نسمه ما يوازى 17،1 % من سكان العالم متضمن ما يوازى أكثر من (50%) من الشباب في سن العمل كأيد عاملة و30 مليون كم2 ما يوازى 20% من المساحة العالمية لليابسة وتعتبر أكبر تمثيلا في عدد الدول للقارات السبع ( 55 ) دولة فإفريقيا تمتلك كنوزا وموارد معدنية وطبيعية هائلة حيث لديها 75 بليون برميل من احتياطي النفط وبما يوازى 9% من الاحتياطي العالمي كما أن إفريقيا تنتج 22 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا ما يوازى 7،5% من إجمالي الإنتاج العالمى واحتياطي الغاز الطبيعي في إفريقيا نحو 477تريليون قدم مكعب ما يوازى 8% من الاحتياطي العالمي وأكبر مخزون للطاقة الشمسية حيث توجد بها أكبر وأوسع الصحارى بالعالم كما تنتج ما يوازى من 48% - 50 % ) من الإنتاج العالمى لخام الماس واحتياطى 95 % من احتياطي الماس في العالم كما أنها تنتج من 21% - 70 % من معدل الإنتاج العالمي من خام الذهب و33 % من النحاس ومن 57% - 76 % من الكوبالت وتنتج أيضا حوالي75% من البلاتين وتمتلك 90% من احتياطي العالمى لخام البلاتين، كما أنها تنتج 9 % الإنتاج العالمى من الحديد وكذلك حوالى 31% فوسفات وأيضا 49% منجنيز وتتراوح احتياطياتها من الحديد والمنجنيز والفوسفات واليورانيوم من 15% - 30 % من إجمالي الاحتياطي العالمي من هذه المعادن والموارد الطبيعية بالإضافة إلى إمكانيات هائلة لتوليد الطاقة الكهرومائية ومساحات شاسعة من الغابات والأراضي الصالحة للزراعة كما تتوج القارة البكر بوجود عدد 8 دول من أهم 11 دولة في العالم يستهدفها الاستثمار الاجنبى المباشر( FDI ) والمستثمرين وهي مصر السودان وأثيوبيا وموزنبيق وتنزانيا ومدغشقر وزامبيا والكونغو الديمقراطية علاوة على لقـب ( خــزان العـالـم ) من الثروات التعدينية في باطن الأرض حيث تملك حوالي ثلث احتياطي الثروات المعدنية في العالم.



ومن خلال الواقع الميدانى فإن إفريقيا الأكثر ثـراء قى العالم بها أكثر المفارقات وأكبر الفجوات التنموية فعلى الرغم من كل الكنــوز والــثروات الطبيعية والمعـدنيــة السابق ذكرها فإن القــارة السمراء يرتبط اسمها بمقولة ( افقر شعب في اغنى أرض ) حيث انها مزيج ما بين الكنوز المغمورة وبين الفجوات التنموية المفتعلة التي تعصف بسكانها الفقر والجوع والتخلف والمرض بخلاف الحروب والصراعات العرقية والطائفية الموروثة من حقبة الاستعمار وترسباته بالقرن الماضى الامر الذي أدى إلى عدم القدرة على النهوض والكشف والبحث عن مكامن قدراتها الطبيعية والبشرية والمادية أو تحقيق أي تقدم اقتصادي أو صناعي أو تنموى حيث أكدت الحقائق والدراسات الحديثة نفى هذه المقولة القديمة.

وتؤكد الأسباب الحقيقة الحديثة التي تكمن في التكالب والاستعمار في صورته الحديثة المتمثلة في الهيمنة الاقتصادية والشركات متعددة الجنسيات والشراكة غير الشرعية في التجارة غير الشرعية البعيدة كل البعد عن حقوق الشعوب الإفريقية والتنمية الحقيقية لهذه الشعوب والبلدان والتي زج بها إلى هذه الهاوية والفجوات التنموية المفتعلة لتحقيق الأهداف الخفية في مخططات هذه الدول الاستعمارية تجاه القارة البكر مما أدى إلى عجزها عن الاستغلال الأمثل لمواردها وثرواتها الطبيعية والمعدنية وأدخلها في ظلام حالك وحال بينها وبين استفادت شعوبها بالتنمية خلاف عدم القدرة على السيطرة على حقوق الأجيال القادمة وكذلك معرفة كيفية استثمار ما تختزنه من كنوز وثروات.

ومن خلال استعراض تقرير للبنك الدولي عن ( فقراء العالم ) الذي أفاد ان نصف فقراء العالم يعيشون في خمسة بلدان فقط وكانت على النحو التالى من بين 736 مليون شخص من الفقراء ( فقرا مدقعًا ) حول العالم عام 2015 كان 368مليون شخص أي نصفهم يعيشون في 5 دول فقط من بينهم 3 دول إفريقية جنوب الصحراء بمقياس الفقر المدقع ( وهم من يعيشون على أقل من 1.90 دولار في اليوم ) وصاحبة أقل البلدان نموا في العالم حيث تضم 34 دولة من مجموع أفقر 49 دولة في العالم ومعدلات تنمية بشرية منخفضة ومعدلات مواليد مرتفعة تصل إلى ( 35) مولودا حيا لكل ألف نسمة ومعدل خصوبة كلى يصل إلى 4،6 مولود لكل سيدة وفى المقابل معدل وفيات تصل إلى 9 لكل ألف نسمة ومعدل وفيات للاطفال الرضع أقل من عام يبلغ 50 لكل ألف مولود حى بالإضافة أنها تحمل في جوفها ( أكبر الفجوات التنموية على مستوى العالم ) والتي تعد المسافات الواقعة ما بين   ( الإمكانات والقدرات ) وما بين ( الموارد المتاحة ) بشكل عام وأيضا هي المسافات ما بين ( الاحتياجات ) بشكل عام وما بين ( تلبية الاحتياجات )،كذلك فهي كيفية ( المواءمة ) ما بين( الاستغلال الأمثل للموارد ) و( الاحتياجات البشرية) وعليه فكلما اتسعت تلك الفجـوات يعنى ذلك وجود قصـور متعمد وممنهج في أداء الحكومات والمجتمع والمؤسسات الدولية والأجهزة المعنية من توظيف وتسخير هذه الإمكانات والموارد المتاحة التي تصل بالقارة البكر إلى قمة الهرم التنموى والتي تتلخص في التالى :-

(الجهل – ارتفاع نسب الأمية – الفقر المدقع – المرض – النمو السكانى السريع - الصراعات الداخلية - التصنيع أحادية الأنشطة الاقتصادية - المركزية - الفساد - مصالح النخب الحاكمة - التكالب الاستعمارى الحديث في الهيمنة الاقتصادية - قرصنة المنح والمساعدات – قرصنة الشركات متعددة الجنسيات في أرباحها – الموروث الاستعمارى في عدم إبراز الهوية الإفريقية ) ولعل من أهم الآليات التي تقلــل من الفجــوات التنموية من وجهــه نظرى الشخصية.

1-  إدراك أن الحل الأمثل للأزمات بين دُوَل القارة ولمواجهة التهديدات المخاطر في كافة المجالات هو اتباع إستراتيجية التكامل والاندماج الإقليمي وليست العلاقات الثنــائيـــة فقط.

2-  تعزيز وإبراز الهوية الإفريقية في التأكيد على صوت واحد.

3-  إقامة شراكة اقتصادية حقيقية للدُوَل الإفريقية من خلال إستراتيجية قائمة على ( التفاوض والتعاون والمشاركة )

للوصول إلى المكسب للجميع ( win-win ) دون النظر أو التدخل للأطراف الخارجية علـى موارد وكنـوز القارة على أن تكون هذه الإستراتيجية ذات ( أهداف اقتصادية قصيـرة وطـويـلة المدي ) بمشــاركة جميـع الأطـــراف

الفاعلة ( القطاع الخاص – القطاع الحكومى – المجتمع المدنى ) تجمــع فـي طياتهـا كاـفة ملامح وآليـات إحـداث  تغيــر حقيقـــى وملموس في توجهات وإسـتراتيجيات سياسة التجارة الخارجية لدُول القارة لمواجهة غايـة الـدُوَل المعادية في أن تجعل الوضع الراهن في القارة ( محفـــزًا للصراع وليس التكامل الاقتصادي والاندماج القارى).

4-  التخطيط المتكامل النابع من السواعد المحلية والإقليمية.

5-  تفعيل التخطيط بالمشاركة المجتمعية .

6-  الإسراع في الربط الملاحى والبرى والجوى لكل القارة.

7-  الاستغلال الأمثل للثروة القوميةٌ ( الشباب ).

8-  ربط الاطار التنموى النظرى بالاطار العملى الميدانى مع الآخذ بعين الاعتبار تجارب الدول والاتحادات الناجحة.

9-  استخدام واستحداث بعض الإستراتيجيات التنموية في إطار تشاركى حيث يعد القطاع الصناعي هو قاطرة التنمية الاقتصادات الدولية وكأحد الحلول غير التقليدية التالية :-

( الصناعات التكاملية -  Integrated Industries بين الدول الإفريقية ).

( إدماج سلاسل القيمة - Value Chain المحلية مع السياسات العليا لسلاسل القيمة الإقليمية للقارة ).

( الاستغلال الأمثل للموارد المحلية المتاحة وُصولًا إلى منتج كامل الصنع ( المنتج النهائى- Final Product).

10- تفعيل وتحقيق خطوات التكامل الاقتصادي بين الدول الأقاليم بما يتلاءـم مع الإمكانات والقدرات والموارد.

11- تكاملية التخطيط والخطط بما يحقق التكامل المنشود للقطاعات الرئيسية للدول بناء على الميزة النسبية والتنافسية ودراسات بحثية ميدانية.

12- رفع معدلات وجودة التصنيع والمنتجات الصناعية.

13- العمل من خلال مخرجات مؤشر الأداء والإمكانات للاستثمار والتي تصنف كالتالى: -

- ( مجموعة الدول السباقة ) أي الدول ذات الأداء المرتفع والإمكانات المرتفعة.

- ( مجموعة الدول متجاوزة الإمكانات ) الدول ذات الأداء المنخفض والإمكانات المرتفعة.

- ( مجموعة الدول ما دون الإمكانات ) الدول ذات الأداء المرتفع والإمكانات المنخفضة.

- ( مجموعة الدول المتدنية ) الدول ذات الأداء المنخفض والإمكانات المنخفضة.

14- الإسراع في تنفيذ مراحل توحيد التعريفة الجمركية لتسهيل عمليات التبادل الاقتصادي والتجاري.

وبناء على تقريـر أهـداف التنميـة المستدامـة 2018 الصادر عن الأمم المتحـدة - بنيويورك وعلى الرغم من التقدم المحرز في العديد من مجالات خطة عام 2030 إلا انها لا تزال بطيئة وضعيفة في البلدان الإفريقية وتحتاج إلى بذل الجهود من حكومات الدول جنبا إلى جنب بالمؤسسات والمجتمع الدولي لكى تكون منظومة أهداف التنمية المستدامة أكثر فعالية وتقدما وعليه فيجب أن تخضع الحكومات والقائمين من المؤسسات الدولية للمساءلة حيث أن تفاقم خطورة اتساع الفجوات التنموية الإفريقية على وجه الخصوص دون أي معالجات وإصلاحات جذرية للأسباب التي تم سردها سوف يؤدى إلى عدم الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة بل وعدم تمكين الأجيال الحالية من تلبية احتياجاتهم بالإضافة إلى الآثار السلبية التي لا يمكن حصرها سوى بمقولة واحدة وهي ( ابتلاع الأخضر واليابس ).

وقد حرصت القيادة السياسية المصرية المتمثلة في الرئيس عبدالفتاح السيسى وحكومته على مدار الفترة الماضية على تطوير العلاقات بين القاهرة والقارة السمراء وتكثيف التواصل والتنسيق مع الأشقاء الأفارقة حيث وجه الرئيس اهتماما كبيرا على مدار الأعوام الماضية نحو أولويات القضايا الإفريقية وذلك عبر زياراته التي أجراها للدول الإفريقية التي تمثل ثلث عدد الزيارات الخارجية التى قام بها بالاضافة إلى الاهتمام الواضح للخارجية المصرية تجاه كافة القضايا الإفريقية وأيضا التأكيد من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى في القمة الثانية والثلاثين على تحقيق الهدف المنشود وهو تعزيز الرخاء المشترك والاندماج والتكامل لكافة الشعوب الإفريقية وفى هذه الفترة الراهنة أصبح الطريق ممهدا للريادة المصرية في ظل رئاستها للاتحاد الإفريقى لسد بعض هذه الفجوات التي تعتبر بمثابة ( الحاجز المنيع ) للاستغلال الأمثـل للموارد والإمكانات والقدرات الإفريقية وخلق أجيال جديدة تنعم بخيرات بلادها في ظل الاندماج والتكامل حيث تكمن كلمة السر في والذي صرح بها الرئيس عبد الفتاح السيسى في خطابه وهي          ( الاندماج والتكامل والصوت الواحد ) حيث انه اذا توفرت الإرادة والاندماج الوطنى وتوطيد روابط التعاون والتنسيق والتكامل بين دول القارة صارت قادرة على اجتياز أي حواجز منيعة تجــاه الفجـــوات التنموية والتكـالب الدولي بالإضافة إلى القدرة على رسم ووضع إستراتيجيات جديدة بما يخدم ويحقق أهدافها وطموحات أبنائها المستقبلية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز