عاجل
السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي

خليل الذوادي يكتب : كويت واضحة

خليل الذوادي يكتب : كويت واضحة
خليل الذوادي يكتب : كويت واضحة

إن البث التليفزيوني وقبله الإذاعي قد أسمها كثيرًا في التعريف بهويتنا وبفنوننا وفنانينا وإبداعات أبنائنا.



هذه العبارة "كويت واضحة"، كنا في الستينيات مساء كل يوم نتداولها ونسمعها مع بدء البث التليفزيوني في دولة الكويت الشقيقة، عندما كان لاقط البث التليفزيوني على أسطح المنازل، ويتم توجيهه لالتقاط الإشارة التليفزيونية من الكويت، خصوصًا إذا كان الجو رطبًا فلم يكن وقتها الإرسال عبر الأقمار الصناعية مثل يومنا الحاضر.

وكان أحد أفراد الأسرة يتبرع للذهاب إلى سطح المنزل ويقوم بتوجيه "الإيريل" الهوائي، وعندما تكون الإشارة واضحة من تليفزيون الكويت نقول "كويت واضحة" ويقوم ساعتها بتثبيت الاتجاه، وإذا اختفت الإشارة فما عليه، إلا أن يعيد الكرة من جديد.

كان أهل البحرين قبل ذلك يستمتعون ببرامج تليفزيون أرامكو، الذي يبدأ في المساء وينتهي قبل منتصف الليل وكانت أعداد الذين يملكون جهاز تليفزيون محدودة في المدن والقرى وبعض المقاهي فما يكون من الجيران إلا التجمع ليليًا عند من يملك هذا الجهاز، الذي كان السلوى الوحيدة، وكان تلفزيون شركة الزيت أرامكو في المملكة العربية السعودية الشقيقة يبث الأفلام الأمريكية، وأشهرها ما كان يسمى "القصة الطويلة"، وهي أفلام سينمائية تبث كل يوم خميس ليلة الجمعة، وكان الإرسال وقتها يمتد إلى منتصف الليل، وكنت مع الأصدقاء وقتها نذهب إلى بيت المرحوم محمد بن خميس بوصالح في البديع الجنوبي، لأنه كان الوحيد الذي أقتنى التليفزيون الأسود والأبيض، فكنا نتجمع في مجلسه رحمه الله، وكان سعيدًا بأن يرى هذا العدد من أبناء البديع يأتون إليه ليليًا، حتى اقتنى بعده المرحوم سعيد بن عبداللطيف الدوسري طيب الله ثراه تليفزيونًا ووضعه في مجلسه، وأصبح أهل البديع الشمالي يذهبون إليه، وكانت شعبية ابنه المرحوم أحمد بن سعيد عبداللطيف الدوسري كبيرة فهو يرحمه الله كان يرحب بالأصدقاء.

كان تليفزيون أرامكو قد أنتج برنامجًا للأطفال، قدمه ابن المدينة المنورة الأستاذ جميل حطاب باسم "بابا حطاب"، وتشارك في تقديمه الأستاذة المصرية أمينة عفيفي، وكان هذا البرنامج ناجحًا، بالإضافة إلى برنامج ثقافي ذي وزن ثقيل قدمه المحامي إسماعيل الناظر يتكلم فيه عن حصاد الفكر باستعراض أحد الكتب للمؤلفين العرب، وكان الديكور عبارة عن مكتبة أرففها مليئة بشتى أنواع المعرفة، أما البرنامج الرياضي الأشهر فقد كان "المصارعة الحرة" وكان الناس في البحرين والمملكة العربية السعودية وعموم الخليج العربي يأنسون بتعليقات المرحوم الأستاذ عيسى الجودر طيب الله ثراه، فقد كان يرحمه الله على دراية تامة باللغة الإنجليزية وقواعد لعبة المصارعة الحرة، لكنه بظرفه ودمه الخفيف أضفى على التعليق مسحة من خفة الدم والتعليقات اللاذعة الظريفة، وعندما أنهى الأستاذ عيسى الجودر تعاقده مع أرامكو ساهم في التعليق على المصارعة الحرة عندما بدأ تليفزيون البحرين إرساله الملون صيف عام 1973م، كان تليفزيون الكويت وقتها مميزًا فمن خلاله تم بث التمثيليات والمسلسلات الكويتية والعربية والمسرحيات، بالإضافة إلى أشهر المغنيين وقتها كسعود الراشد، وعبدالله فضالة، وحمد خليفة وعوض الدوخي إلى جيل عبدالكريم عبدالقادر وغريد الشاطئ، وشادي الخليج ويحيى أحمد، وعائشة المرطة بالإضافة إلى أغاني البحر والغوص والدور الشعبية وفرقة معيوف، وفرقة بن حسين إلى فرقة التليفزيون في زمن وكيل الوزارة المساعد لشؤون التليفزيون محمد ناصر السنعوسي أطال الله في عمره إلى معزوفات الفرقة الموسيقية بألحان أحمد باقر وحمد الرجيب وقيادة نجيب رزق الله، واستضافت دولة الكويت وقتها فرق ومطربين خليجيين وعرب فكانت مادة ثرية للبث التليفزيوني والإذاعي لدولة الكويت.

وعندما تم الاحتفال هذا العام بالعيد الوطني، وعيد التحرير لدولة الكويت الشقيقة بمملكة البحرين بحضور كريم من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه. كانت لفتة من سعادة سفير دولة الكويت بمملكة البحرين الشيخ عزام مبارك الصباح عميد السلك الدبلوماسي في مملكة البحرين باستضافة عدد من فناني الكويت، الذين أثروا بأعمالهم تليفزيون وإذاعة الكويت، وقد تشرف الحضور بالسلام على صاحب السمو الملكي الأمير رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه وحديث هؤلاء الفنانين مع سموه والاستماع من سموه وتقديره للفنانين، عمومًا وإبداعاتهم ودورهم في إدخال السرور على متابعي فنونهم وتأكيد سموه الدائم على رسالة الفنانين والصحفيين والإعلاميين من أجل بناء المجتمعات والإسهام في الثقافة والإبداع الوطني، فسموه حفظه الله الحريص على تشجيع ودعم كل مبدع في مختلف المجالات.

إن البث التليفزيوني وقبله طبعًا البث الإذاعي، قد أسهما كثيرًا في التعريف بهويتنا وبفنوننا وفنانينا وإبداعات أبنائنا، وكان الإعلاميون بما أوجدوا لهم من كيانات إعلامية، بدءًا من لجنة التنسيق العليا المشتركة في السبعينيات التي كانت تجتمع بالتناوب بين دول الخليج العربي إلى وكالة أبناء الخليج العربي إلى مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربي إلى مركز التدريب الإذاعي والتليفزيون إلى جهاز تليفزيون الخليج إلى مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك إلى مهرجان الخليج للإنتاج الإذاعي والتليفزيوني، ومن خلالهم تعرّف المبدعون الخليجيون وتعاونوا في كثير من الأعمال الإبداعية وشاركوا في مهرجانات عربية وعالمية ونالوا العديد من الجوائز، بالإضافة إلى عضويتهم في اتحاد إذاعات الدول العربية واللجنة الدائمة للإعلام العربي التابعة لجامعة الدول العربية واللجنة العليا للتنسيق بين القوات الفضائية إلى مهرجانات عربية في جمهورية مصر العربية والجمهورية التونسية ومملكة البحرين.

إننا بحاجة في وقتنا الحاضر إلى النقاء الإبداعي والتميز الفني والثقافي وبحاجة لأن يكون الإعلام في وطننا العربي كله ناطقًا بما يجمع بيننا من وشائح وروابط وبما يعلي من ثقافتنا، ويؤكد حضارتنا وقيمنا، إعلام يجمع ولا يفرق، إعلام البناء والتنمية، إعلام يؤكد رسالته ودوره في وحدتنا والمحافظة على أمننا القومي العربي.

وعلى الخير والمحبة نلتقي

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز