عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

علي بنة يكتب: قانون الأحوال الشخصية والمتغيرات الثقافية

علي بنة يكتب: قانون الأحوال الشخصية والمتغيرات الثقافية
علي بنة يكتب: قانون الأحوال الشخصية والمتغيرات الثقافية

صدر قانون الاحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920، في ظل ثقافات مجتمعية، وشرائع دينية، كونت  مفاهيم وعقائد وأعراف الناس، ليخرج من رحمها مواد القانون، التي تنظم العلاقة بين الزوج والزوجة،  وتحدد مسؤلية وحقوق كل منهما تجاه الآخر، في حال الاختلاف او الطلاق ، وتم تعديله عدة مرات ( القانون 25 لسنة  1929 والقانون رقم 100 لسنة 1985والقانون رقم 1 لسنة 2000 ) وأنشئت محاكم الاسرة بالقانون 10 لسنة 2004، الا أنه طرأت على المجتمع متغيرات ثقافية،  فتبدلت المفاهيم والعقائد المجتمعية بأخرى جديدة، وظل قانون الاحوال الشخصية بلا تغييرأو تعديل، مما القاه في قفص الاتهام، ونعته بالانفصام في الشخصية، حيث تحولت بعض مواده لأداة تأديب، في يد بعض الزوجات، والتحايل عليها من قبل بعض الازواج، مما يجعل الحاجة لتعديله، وتغيير بعض مواده،  ضرورة ملحة، تتطلبها المتغيرات الثقافية الجديدة، لتحقيق العدل بين الزوج والزوجة، ومراعاة مصلحة الاولاد، والحد من حالات الطلاق، التي يشجع عليها القانون، كظاهرة، طفحت على سطح المجتمع مؤخرا.



ففي ثقافات العقود  الماضية، كان يتم التنبيه على البنت، بانها لاتخرج من البيت الا مرتين، مرة من بيت ابيها لبيت زوجها،  ومرة من بيت زوجها لقبرها، وتؤمن بان واجبها ودورها، هو خدمة الاولاد والزوج، لاعتمادها عليه في معيشتها وكل امور حياتها، فتسلم بانه رب الاسرة وكبيرها، والكلمة الاولى والاخيرة له، وطاعته واجبة عليها،   بل ذهبت بعض ثقافات المجتمع، في حال سير الزوجة مع زوجها، فلا تتقدمه، وتسير وراؤه، حاملة طفلهما، ومخالفة ذلك يعد عيبا، ينال من كبرياء وحق الرجل، فكانت المرأة تعيش في مجتمع ذكوري، يفرض ثقافاته عليها، فتسلم بها، وتتحمل استبداد  وطغيان بعض الرجال، وترضى بحالته الاقتصادية المتدنية أو المتعثرة، خوفا من ان تحمل لقب مطلقة، فيلفظها المجتمع، الذي يحملها الأسباب، ويعفي الرجل من أي مسؤولية، وينظر لها الجميع، بنظرات الشك والاتهام، واحيانا الازدراء، وعملا بالمثل القائل - ظل رجل ولا ظل حيط -  وكان الأب هو من يوافق أو يرفض من يتقدم للزواج من أبنته، بناء على معايير، تحددها ثقافاته المستمدة من شريحته المجتمعية، ، أساسها من سيصون ويحافظ على أبنته، تتصدرها الأخلاق، وتأتي في نهايتها ألمادة، والحالة الاقتصادية للمتقدم، وفي حال نشوب خلافات زوجية، كانت تحل، عن طريق كبار الاسرتين من الرجال،  في مجالس عرفية، بل ذهب بعض الآباء، حين تلجأ له ابنته غضبى، يقول لها، الليلة سوف تعودين من نفسك، لتبيتين في بيت زوجك، لهذا كانت لا تصل للمحاكم، الا حالات نادرة، من الخلافات الزوجية.

تغيرت ثقافات المجتمع، وأصبح الأب حريصا على تعليم ابنته وعملها، حتي لا يتحكم فيها رجل، بأعتمادها عليه في معيشتها، وتغيرت معايير أختيار الزوج، تتصدرها الحالة المادية للمتقدم، كاساس للقبول أو عدم القبول،  وقد يكون متفقا مع البنت قبل ان يتقدم لوالدها، ويتم عقد القران، لاصرار الفتاة على العريس، رغم عدم موافقة الأب، في حالات كثيرة، لعيوب يراها بخبرته، في من سيتزوج ابنته، وخرجت المرأة تعمل، في جميع المجالات جنبا الى جنب مع الرجل،   وشاركت الرجل في الثورات، وباتت معه في الميادين، وتساوت معه في الحقوق والواجبات، وكفل لها الدستور ذلك، واصبح المجتمع يتقبل ويقر، الطلاق كحق مشروع للمرأة، وتلاشت النظرة السلبية للزوجة المطلقة، فاصبحت لا تخشاه، بل كثيرات منهن، يسعين للطلاق،  للتخلص من قيود وسيطرة الرجل، أو لاسباب أخرى، مشروعة أو غير مشروعة، أخلاقية أو غير أخلاقية، لان لها دخل وراتب، تستطيع به الاستغناء عن نفقات الزوج.

فخرجت المادة الاولى،  من قانون الأحوال الشخصية 100 لسنة 1985، تؤكد على حق الزوجة الكامل، في نفقتها على زوجها،  وتدعم استقلالها وتحريرها، من تبعيتها لزوجها ، بالخروج من مسكن الزوجية، والعمل، دون اذنه،  حيث نصت في فقرتها الخامسة على الآتي:

"ولايعتبر سبباً لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يُباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى بع عرف أو قضت بها ضرورة، ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة، وطلب منها الزوج الامتناع عنه"

من هنا اصبح للزوجة الحق، في الخروج من مسكن الزوجية، والعمل،  دون اذن الزوج، ولها زمتها المالية الخاصة بها، والغير ملزمة بالانفاق منها، بعضها او كلها، على نفسها، او في مصاريف البيت لأن الزوج هو الملزم شرعا وقانونا بالانفاق عليها،  ( ماكل وملبس ومسكن ومصاريف علاج) هنا يشعر الزوج الذي مازال يحمل ارثا من الثقافات الماضية، بأن حقه في كامل وقت زوجته وطاعتها له قد انتقص، فيطالبها، وخاصة ممن يعاني من تدني دخله وراتبه، بالمساهمة في مصاريف البيت،  بل ذهب بعض الرجال، لمطالبة زوجاتهم بكامل راتبها،

 

كثيرات من النساء، يشاركن في مصاريف البيت،  فيشعرن انهن انداد لازواجهن، فيرفضن سيطرتهم،   وذهبت بعضهن، الى محاولة اخضاع رجالهن لهن، وان يكون الزوج تابع لها في كل الامور،وهي الناهي الآمر، وفي ذات الوقت تقابل برجل يستمد  قناعاته من موروثه الثقافي القديم، الذي يعطيه الحق كاملا في ان تطيعه زوجته، وهو الذي يأمر فيطاع، فيكون الصراع بين الزوج والزوجة على من له السيطرة والسيادة، فتتفجر المشاكل، ويزيدها اشتعالا، عدم تاهيل الاولاد والبنات، لتحمل مسؤوليات الزواج، والحالة الاقتصادية ، وتدخل الأهل، في الخلافات الزوجية،

فيتحول قانون الاحوال الشخصية لأداة لممارسة البلطجة ووسيلة لتأديب وتهذيب الرجل، الذي من جانبه يقوم بالتحايل على نصوصه في مواجهة زوجته، ليدفع الاولاد، ثمن صراع،  ليس لهم ذنب فيه

فنجد بعض الزوجات، يقمن برفع دعوى نفقة، على ازواجهن، بالادعاء الكاذب،  ويكفي الزوجة، ان تقول في دعواها، انه لا ينفق عليها هي والاولاد، دون شهود أو مستندات أو اوراق،  وتعلن زوجها، مستغلة سلبيات المحضرين، أو على عنوان غير متواجد فيه، فيصدر لها حكما بالنفقة، دون ان يعلم الزوج، (برغم ان الزوج يقوم بالتزاماته المالية، والانفاق عليها هي والابناء) وتحتفظ به ،كسلاح، تستخدمه في الوقت المناسب،  لتاديب زوجها، وفرض شروطها ومطالبها، أو تحسبا لشئ يخبئه المستقبل، ( بعد عام - أو اثنان - أو عشرة أعوام - او اي مدة ) حيث لايسقط دين النفقة الا بالاداء او الابراء، بنص المادة الاولى من قانون الاحوال الشخصية الذي جاء فيها

تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه فى الدين.

ولا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة.

وتشمل النفقة الغذاء والكسوة والمسكن ومصاريف العلاج وغير ذلك مما يقضى به الشرع.

ولا يجب النفقة للزوجة إذا ارتدت, او امتنعت مختارة من تسليم نفسها دون حق او اضطرت الى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج, او خرجت دون اذن زوجها.

ولا يعتبر سببا لسقوط نفقة الزوجة خروجها من مسكن الزوجية- دون إذن زوجها – فى الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد فيه نص او جرى به عرف او قضت به ضرورة, ولا خروجها للعمل المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق, او مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه.

وتعتبر نفقة الزوجة دينا على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه , ولا تسقط إلا بالإداء او الإبراء .

ولا تسمع دعوى النفقة عن مدة ماضية لأكثر من سنة نهايتها تاريخ رفع الدعوى.

ولا يقبل من الزوج التمسك بالمقاصة بين نفقة الزوجة وبين دين له عليها الا يزيد على ما يفي بحاجتها الضرورية.

ويكون لدين نفقة الزوجة امتياز على جميع أموال الزوج, ويتقدم فى مرتبته على ديون النفقة الأخرى.

وفي الوقت الذي تريد  فيه الزوجة، الانتقام من الزوج او تاديبه،  او الضغط عليه للحصول على شئ ترغبه ( كان تريد مثلا ان يحرر لصالحها عقدا بمسكن الزوجية  ) فتفاجئ الزوج، بمتجمد نفقة، لمدة خمس سنوات، أو عشرة مثلا، واجب سدادة بحكم حبس نهائي، لا يستانف، ولا يطعن عليه، وتزيد في البطش، حينما تقيم دعاوى حبس،  لمتجمد نفقة لكل ثلاثة شهور، من مجموع متجمد النفقة الكلي، لتصل بمجموع اشهر الحبس، لسنة مثلا، أو اكثر، لتضع الزوج مجبرا، أمام خيارات، اما الدفع او الحبس، أو الازعان لطلبات وشروط الزوجة او الهروب.

بعض الزوجات يذهبن  غضبى، أو في زيارة لأهلها، وتحكي لأمها أو ابيها عن مشاكلها مع زوجها، ليكون القرار، اجلسي هنا، ولا تعودي له،  حتى يعرف قيمتك، وقيمة وجودك، ويكون الزوج ملزم بالانفاق عليها، وهي في بيت ابيها، وترفع دعوى النفقة على الزوج، لتحكم لها المحكمة،  بالرغم من عدم تواجدها في منزل الزوجية.

وتتاكد كارثة اجراءات التقاضي،  في قانون الاحوال الشخصية، حينما يكون الزوج المقام ضده دعوى نفقة، لا يعمل في الحكومة وليس له مرتب معلوم،  فتتخذ المحكمة، من تقرير تحريات المباحث، عن دخل الزوج، سندا لتقدير مبلغ النفقة، حسبما جاء في التقرير، الذي يحرره  امين الشرطة، لصالح الطرف الغني، ويوقع عليه رئيس المباحث، فتكون التحريات ظالمة، للزوج او الزوجة، لانها مخالفة للواقع والحقيقة.

 

تسعي كثير من الزوجات،  للطلاق بخلع ازواجهن، لسبب أو لآخر،   فيكفيها ان تقيم دعوى الخلع، وتقول انها تبغض العيش مع زوجها،  دون ابداء اسباب، فتلبي المحكمة طلبها -- يشجعها على ذلك،المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000 التي تنص على الآتي...

للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع ، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها ، حكمت المحكمة بتطليقها عليه . ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين ، وندبها لحكمين لموالاة (18) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (19) من هذا القانون ، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض . ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار ، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم . ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن . ويكون الحكم – في جميع الأحوال- غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن.

وبهذه المادة تستطيع الزوجة الطلاق، بطريق خلع  زوجها، بحكم نهائي، غير مستأنف، على ان ترد للزوج،  مقدم الصداق، اذا كان 25 قرش او جنيه، وكذلك تتنازل، عن مؤخر الصداق ونفقة المتعة، مع احتفاظها بحقها في حضانة الصغار، ونفقتهم، وبالتالي الاحتفاظ بالمسكن، الذي قد تتزوج فيه مرة أخرى،  من آخر عرفيا، ويكون الزوج المخلوع، مطرودا في الشارع، وكذلك تحتفظ بحقها، في قائمة المنقولات، التي يكون الزوج اعد معظمها، فتقيم عليه جنحة تبديد، مستندة للمادة 341من قانون العقوبات، في حال رفض الزوج تسليم منقولاته،  التي اشتراها من ماله، أو رفض دفع قيمة، الذهب، الذي في حوزتها، لأنه مدون في قائمة المنقولات .

والجدير بالذكر، حينما يبغض الزوج الزوجة ويقوم بتطليقها لسبب أو لآخر، فيلزمه قانون الاحوال الشخصية، بان يدفع للزوجة المطلقة،  نفقة متعة لا تقل عن سنتين، وسقفها مفتوح تعويضا عن الضرر الذي اصابها، جراء التطليق، و حينما تخلع الزوجة زوجها، دون ابداء اسباب، وتكتفي المحكمة بقولها، انها اصبحت تبغض العيش معه، لتطلقها بحكم نهائي، لا يستانف ولا يطعن عليه باي من طرق الطعن، فانها لا تدفع تعويضا للاضرار التي أصابت الرجل، مما يعكس التناقض وازدواجية المعايير، ويتاكد عوار القانون، حين يقال ان نفقة الزوجة على زوجها نظير احتباسها، فكيف يكون الزوج محتبسا لزوجته وهي بيدها تحرير نفسها وكسر احتباسها بخلع زوجها؟ ،   

تذكر الإحصاءات والبيانات الرسمية المصرية للعام 2016، أن حالة طلاق واحدة تحدث كل 4 دقائق في مصر، وان اكبر نسبة طلاق عن طريق الخلع، حيث بلغت 76% من إجمالي عدد حالات الطلاق.

وفي عام 2018 تنظرخمسة محاكم فقط ، من محاكم الاسرة على مستوى الجمهوريةـ وهي محاكم أسرة 6 أكتوبر وإمبابة، وزنانيرى، ومصر الجديدة ، ومدينة نصر  1896 دعوى خلع، مما يعكس كارثية قانون الخلع، ويؤكد في الحاح حاجتنا الى تغيير وتعديل قانون الاحوال الشخصية.

فيجب ان تعدل المادة 20 من القانون 1 لسنة 2000، بأن تقدم الزوجة في حال طلبها الخلع من زوجها، اسبابا تستجيب لها المحكمة أو ترفضها، كما يجب ان تعوض المرأة الرجل عن الاضرار التي تصيبه جراء الخلع، اسوة بما يقدمة الزوج من تعويض في حال تطليق زوجته، للحد من حالات طلب الزوجة الخلع.

كما يجب تعديل المادة 1 من قانون الاحوال الشخصية 100 لسنة 1985 بانه لا نفقة للزوجة على زوجها، طيلة مدة تواجدها عند اهلها، وتركها منزل الزوجية لسبب أو لآخر، للحد من تشجيع اهل الزوجة لتركها منزل الزوجية، وحتى لا يكون  وسيلة للتأديب، وان لا يكون من حق الزوجة، رفع دعوى حبس، لعدم سداد متجمد نفقة، لمدة اكثر من عام، بعد صدور حكم بالنفقة لها، للحد من حصول الزوجات على احكام بالنفقة بادعاء كاذب.

حان وقت النظر في قائمة المنقولات الزوجية، وذلك بالغاء ان يدون الذهب فيها، وان تكون قاصرة على المنقولات، التي اشترتها الزوجة فقط، فقد تطلب الزوجة الخلع لتتزوج بآخر بمنقولات الزوج المخلوع.

 
 
 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز