عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

لما البنت تشتغل حدادة ..الأيادى الناعمة تطوع الحديد (فيديو )‎

لما البنت تشتغل حدادة ..الأيادى الناعمة تطوع الحديد (فيديو )‎
لما البنت تشتغل حدادة ..الأيادى الناعمة تطوع الحديد (فيديو )‎

الدقهلية - مي الكناني

قبل 15 عامًا، كانت تختبر بوسي سعد "الكار نار"، آلة الحدادة البسيطة الأكثر شعبية حينها، ومرت سنة تلو الأخرى تأخذ من نضارة شبابها، وتترك لها من هموم الحياة جبالًا، لكنها ظلت بثياب سود ووجه أكثر جدية وحزما أمام قطع حديد أذابتها النيران، وأخرى تشبهها صلبة أو تدعي الصلابة.  



لم تهب "بوسي" شرارة النيران التي تتطاير في وجهها، واعتمدت على يدها وقوتها في تشكيل وتصنيع الحديد، وزاحمت مهنة اقتصرت على الرجال، لتصبح أول حدادة بمدينة المنصورة.

30 عامًا قضتها بوسي في المهنة التي بدأتها في سن السابعة، وتحملت عنائها ومشقتها بكل شجاعة وقوة لتساند والدها في تربية شقيقاتها الـ 10، وتشربتها حتى أتقنتها، ونقلتها لنجلها الأكبر.

انتقادات كثيرة تلقتها بوسي ووالدها بسبب حرصه على تعليمها واثنتين من شقيقاتها أصول المهنة التي ورثها هو الآخر عن والده، وكيف لفتيات أن يقتحمن مجال الرجال ويقفن بينهم، لكنه لم يبالي وواصل طريقه أملًا في أن يكن سنده في الحياة.  

التشجيع المستمر منح بوسي ثقة كبيرة في نفسها، ومكنها من حفر إسمها وسط عتاولة الحدادة، وتخصصت في تصنيع "سبيونة الشبابيك، والأجنة، والمسامير، والمدقات"، وأصبح لها زبائنها.

الاعتماد على النفس ومساعدة الأب كانا هدف بوسي وراء امتهان الحدادة لسنوات طويلة، حتى تزوجت من نجل عمها ورزقت بـ 4 أطفال محمد ويوسف وآدم وأحمد، وقررت التفرغ لتربيهم، لكن سرعان ما عادت لتقف بجوار والدها حتى توفى. 

المسؤولية التي تتحمها بوسي جعلتها تتدارك صدمة وفاة والدها بسرعة، فمازالت تعول شقيقتها الصغرى و3 زوجات لأبيها، بجانب عائلتها الصغيرة، وما أن مرت أيام الحداد، عادت للعمل رفقة زوجها ونجلها "محمد"، لتسليم الأعمال المطلوبة في موعدها.

تقول بوسي إن أصعب ما تواجهه في مهنة الحدادة هو الوقوف أمام النيران وحمل "المرزبة"، والتخلي عن أنوثتها وتحمل التعب والمشقة في سبيل الحصول على لقمة العيش، ومسادة زوجها في متاعب الحياة. 

"ليا زبايني اللي بيجولي مخصوص، والكل بيعاملني باحترام، أصل الزبون ملوش غير إن شغله يتسلم في معاده، ودا اللي مديهم ثقة فيا، علشان كلمتي معاهم راجل"، بتلك الكلمات عبرت بوسي عن سبب شهرتها في سوق الحدادين، فالجميع يعلم مدى التزامها وتفانيها في العمل.

وعلى الجانب الآخر ورغم أُميتها، حرصت تلك السيدة على تعليم أبنائها، وتوفير جو مناسب لهم أملًا في تعويض ما فاتها، وحصولهم على شهادة تمكنهم من العمل في مجال وظروف أفضل منها، "كنت بتمنى اتعلم وأخد حتى لو دبلوم علشان أذاكر لولادي، لكن ظروف ابويا مكنتش تسمح، ونفسي أعوض دا في عيالي، ويطلعو حاجة كويسة، أنا شغلتي مشرفة وبتشرف بيها، لكن ولادي عايزاهم يبقو احسن الناس، وميقفوش قدام النار ويتبهدلو".

كما يعتبر زوجها داعمها الأول في استكمال مسيرة والدها والعمل في الحدادة، فمتى تحتاج مساعدته تجده بجوارها، يده بيدها، دون أن يتخلى عنها يومًا، فعملها بالنسبة له مصدر فخر. 

ضربت بوسي مثلًا في تحدي الظروف ومواجهة العادات والتقاليد، وإثبات أن المرأة لا تخشى أي مهنة، "الست تقدر تعمل كل حاجة، وتقف تبقي بميت راجل وتحمي نفسها في مهنتها وحياتها، وتربي عيالها وتشيل المسؤولية".
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز