عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

محمد أوني يكتب : وصفوا لي الصبر

محمد أوني يكتب : وصفوا لي الصبر
محمد أوني يكتب : وصفوا لي الصبر

أصبح اهتمامي بالكتابة حاليًا بمثابة شيء يومي بالنسبة لي، وقد كنتُ أخجل أمام المقربين بالحديث عنه.



كنتُ أعاني مؤخراً من ارتفاع ضغط الدم، وذلك لكثرة الانفعال، من أقل وأبسط الأشياء، فأنا للأسف انفعالي، وسريع الغضب، ما دعا الطبيب: بتوجيهي كي أغير أسلوب حياتي، رأساً على عقب، وأن أكون صبوراً، لكي أتحاشى تناول الأدوية المزمنة، باختصار، وصف لي الصبر.

ولكن هذا لم حتى واظبت على الكتابة، فأصبحت شخصا آخر بالفعل لا بالقول.

فالكتابة برأيي مثل الصيد مهنة قائمة على الصبر، تحتاج الكثير من المراجعة والتدقيق، وطول البال، وأنا لم أكن هذا الشخص على الإطلاق من قبل.

فقد كان ينقضي صبري سريعاً، في أحيان وحالات كثيرة، مثل:

*تعطل الأسانسير في أحد الأماكن، وأنا بداخله.

* لم أكن أستطع أن أنتظر سيارة تمشي ببطء أمامي، أو الانتظار فترة طويلة في إشارة المرور.

* انتظار نضج القهوة، وأنا أنظر إليها على النار.

* أن تنتهي الإعلانات التي تقطع الفيلم أو المسلسل.

* فتره الصيام ما بين العصر إلى المغرب في رمضان.

* إلى أن يصل عامل "الدليفري" بالطعام إلى المنزل.

* فترة انتظار وصول أحد المقربين عائداً من السفر داخل المطار، وأنا متشوق لرؤيته.

* انتظار أحد الأصدقاء أسفل منزله، لحين الانتهاء من ارتداء ملابسه.

* الانتظار على أن يأتي رقم دوري داخل البنك، أو حتى في عيادة الطبيب لمقابلته.

فقد كنتُ أقضي، كل هذه اللحظات، ما بين ملل ووسواس قهري، يدفعني إلى قلة الصبر.

وكأنني كنتٌ أشعر أن الصبر نوعاً من الخيال، حتى إنني لم أكن أعرف ما هو السبب، لكي يصل بي الأمر إلى هذا الحد، حتى بعد سماع أغنية "وصفوا لي الصبر" للست.

 أكاد أجزم أن إحساس الصبر نابع من قولها بالوصف.

لكنني، أدركتُ مع الأيام أن للصبر فوائد، ومعاني كثيرة.

 يقول الفلاسفة: إن "الصبر على السراء" أصعب بكثير من "الصبر على الضراء"، والأمثلة على ذلك:

• الصبر على الغنى، قد يكون أصعب من الصبر على الفقر.

• الصبر على الصحة، قد يكون أصعب بكثير من الصبر على المرض.

• الصبر على نعمة الفراغ، قد تكون أصعب من الصبر على الانشغال.

فالصبر في هذه الحالة، الاختبار الحقيقي عند المقدرة.

وأيضا يتواكب مفهوم الصبر على القدرة، على تقبل الظروف، وأن تصمد أمام الأمور المؤلمة، دون أن ترتسم ملامح الاِنفعال على وجهك، أو أن يتسرب الغضب واليأس إلى نفسك وقلبك.

فالصابرون لهم الجنة، يدخلونها بغير حساب.

مضمون رسالتي، مثل ما قاله الأستاذ "أحمد الشقيري": الصبر درج، لمن عرج إلى الفرج.

تفاءل، وصبرًا، فكل ما تتمناه، سيحدث قريبًا، بإذن الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز