عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الدكتور شريف دلاور: الشباب هم "دينامو" الثورة الصناعية الرابعة في مصر

الدكتور شريف دلاور: الشباب هم "دينامو" الثورة الصناعية الرابعة في مصر
الدكتور شريف دلاور: الشباب هم "دينامو" الثورة الصناعية الرابعة في مصر

حوار - مي كرم جبر

الرئيس السيسي أعطى تعليمات واضحة لحماية الصناعة المصرية الرقمية



الثورة الصناعية الرابعة تحقق وفرا في التكلفة وزيادة في الجودة

الدول النامية لن تتكبد خسائر فادحة بسبب التحول الاقتصادي

الجامعات المصرية تعمل حالياً على ربط الدراسة بسوق العمل

٢ مليار شخص سيفقدون وظائفهم الحالية في الـ١٠ سنوات القادمة

الثورة الرابعة ستخلق فرص توسع لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة

الألعاب الرقمية أكبر بيزنس على مستوى العالم بعد السلاح والمخدرات

 

الشباب المصري منفتح على التكنولوجيا بشكل مذهل، لكن مناخ التشريعات يحتاج إلى إعادة نظر، مصر تسير بقوة نحو الثورة الصناعية الرابعة بكافة قطاعاتها، تكنولوجيا الثورة الرابعة تخدم تطوير الصناعات الثقيلة و توسع المشروعات الصغيرة.. قراءة جديدة للمستقبل يحاول من خلالها د. شريف دلاور، الخبير الاقتصادي، أن يشرح فرص المستقبل الواعد التي تتحقق بالمضي نحو تفعيل الثورة الصناعية الرابعة، ومواكبة التطور الاقتصادي في هذا الخصوص، وما تدره من فرص تنتظر الشباب وتعلى من أسهمهم، وتمنح مشروعاتهم الأمل في الانتشار والتوسع داخل مصر وخارجها، وذلك في الحوار الذى أجرته معه بوابة روزاليوسف.

 

مصر تسير نحو الثورة الصناعية الرابعة بخطى سريعة، فهل يمكن أن تبسط لنا مفهوم هذه الثورة، وما النفع المباشر الذي سيعود على المواطن؟

التحول الرقمي أو الثورة الصناعية الرابعة هي تطبيق التكنولوجيا الرقمية ، فى كل القطاعات سواء كانت مؤسسات عامة أو خاصة ، وهو ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته بالمنتدى الأوروبي- الأفريقي الذى عقد في العاصمة النمساوية فيينا ديسمبر الماضي، عندما تحدث عن التحول الرقمي و الذكاء الاصطناعي ، لان التحول الرقمي مبنى على الذكاء الاصطناعي و إنترنت الأشياء ، وهذا يعنى تواصل الأجهزة و المعدات ببعضها عن طريق الإنترنت  ، وهذا يمكن من سريان وتيرة العمل و التصنيع ميكانيكياً من خلال اتصال الآلات ببعضها البعض ، وأيضا الثورة الصناعية الرابعة تعتمد على الطابعة ثلاثية الأبعاد و هذا مفهوم جديد فى الإنتاج و طرق صناعية شاملة يمكن تطويعها فى كافة المجالات وليس الصناعات الثقيلة فقط ، فمثلاً تكنولوجيا الطباعة الثلاثية يستخدمها أطباء تجميل الأسنان و فى تشكيل أطقم وعدسات الأسنان وبالتالي الثورة الصناعية الرابعة هي طفرة حقيقية عي مختلف القطاعات.

ينصب ٨٠٪ من تمويل رواد الأعمال في العالم والصناعات والمشروعات الصغيرة على التكنولوجيا الحديثة، إذا لأول مرة يحدث ترابط بين العالم الافتراضي والحقيقي بشكل إيجابي يخدم الأفراد والدول أيضاً.

 

ماذا عن تكلفة هذه التكنولوجيا هل هي مرتفعة؟

تكلفتهما أقل من تكلفة إقامة المصانع على الأساليب القديمة، فهذه الطابعات على سبيل المثال يوجد منها ما يمكن استخدامها في المنزل لتأسيس مشروع صغير، وكل ما شرحته سلفاً يصب فى مصلحة أصحاب المشروعات الصغيرة و المتوسطة و يضع أمامهم العديد من الفرص للتوسع.

 ولكن الإشكالية هي مرحلة تحول الاستثمارات القديمة إلى استثمارات تواكب الحداثة في العالم كله، فهذه التكنولوجيا تتحقق وفر فى التكلفة و زيادة فى الجودة أعلى بكثير لذلك هي ثورة صناعية بحق ، و بالتالي الإشكال يكون للدول النامية التي تبنى المزايا النسبة لها على توفير العمالة الرخيصة ، لأن التكنولوجيا الجديدة ما ينتج عنها هو خُمس و أحيانا عشر التكلفة لأقل عمالة رخيصة للدول النامية ، وأقصد بالتكلفة هنا الإنتاج والخدمات و بالتالي نحن أمام معضلة اقتصادية كبرى أمام الدول النامية، التى اعتمدت على شكل معين فى اقتصاد القرن العشرين ،مزاياه النسبية القائمة على العمالة الرخيصة وبالتالي ستفقد هذه الميزة تماماً ، لكن لهذه الدول ميزة أخرى، وهى أنها لا تمتلك هياكل الإنتاج المتطورة كالتي تمتلكها الثورة الصناعية الثالثة، وبالتالي التحول لن تنتج عنه خسائر فادحة كما يحدث فى دول أخرى.

 

إذًا، كيف سيتم التحول الاقتصادي الرقمي فى مصر دون زيادة معدلات البطالة؟

يجب أن نسير في مسارين  الأول ترك بعض الخدمات و الصناعات الريفية ، و توجيه العمالة الخاصة بها نحو الاستفادة منهم فى المنظومة الاقتصادية الحديثة التى تسير الدولة نحور تحقيقها ، أما المحور الثانى والمعنى بباقى شرائح البطالة فالعالم كله يدرس وضع خطط للاستفادة منهم ، تلخصت هذه الدراسات فى ثلاث محاول هي أولا تدريب العمالة على المهن المترابطة بالاقتصاد الجديد و الجامعات المصرية بدأت بالفعل العمل على دمج مجالات دراسية حديثة يتطلبها سوق العمل الجديد لتأهيل وتدريب الشباب حتى لا تحدث فجوة مستقبلية بين التعليم وسوق العمل ، أما المحور الثاني فهو خاص بالتشغيل على أن يكون التصور له هو تخفيض أيام العمل ، ولا أقصد هنا حركة الإنتاج نفسها ،وبل أقصد تحقيق أعلى نسب التشغيل لأكبر عدد من العمالة بالتناوب ، بهدف تقليل البطالة أثناء فترات التحول و إعادة التأهيل ، لأن التوقع الذي خرجت به جهات بحثية كبيرة يشير أن حوالي ٢ مليار شخص سيفقدون وظائفهم الحالية فى ١٠ سنوات القادمة،  و بالتالي المؤتمرات العالمية تناقش سبيل لتلافى أضرار هذا التحول لأنها ستطال كافة الدول و بالتالي فالأمر ليس قاصراً علينا وحدنا.

المحور الثالث هو منح أدنى مرتب ثابت للأفراد، و دولة مثل الصين اقترحت أن تمنح مرتبات لمن يقوموا بأعمال تطوعية، إذا يوجد أفكار كثيرة مطروحة للتعامل مع البطالة، لأن الثورة الصناعية الرابعة فى طريقها لاجتياح العالم كله لما لها من مكاسب عظيمة على اقتصاديات الدول .

كل التقديرات الموثوق بها تقول أن الذكاء الاصطناعي سيدر ١٦ ترليون دولار للناتج الإجمالي مع حلول عام ٢٠٣٠ لذلك علينا أن ننظر لحصتنا من الآن .

بالإضافة إلى ذلك فمعظم تكنولوجيات التحول الرقمي هى تكنولوجيات نظيفة غير ملوثة للبيئة ، إذا الاستدامة و الاقتصاد الأخضر تحقق الثورة الصناعية الرابعة ، وبالتالي السير نحو الثورة الصناعية الرابعة ليس اختياراً فهو أن نكون أو لا نكون .

 

ما هي الشريحة العمرية التي ستستفيد من هذا التحول؟

"مافيش غير الشباب " التحول الرقمي لا يمكن أن يقوم سوى على الشباب و المشروعات الصغيرة و المتوسطة ، هم دينامو التحول الاقتصادي الرقمي فى العالم كله ، لانهم من يمتلكون التمكن التكنولوجي و أدوات العصر ، الألعاب الرقمية على سبيل المثال أكبر بيزنس على مستوى العالم بعد السلاح و المخدرات و ليس المقصود منها الألعاب فقط بل لأن الشباب يجيدون لغة الثورة الصناعية الجديدة ، وهذا ما ألمسه بنفسي فى جولاتى بالمحافظات ، فالشباب المصري منفتح على التكنولوجيا بشكل مذهل ، لكن مناخ التشريعات يحتاج إلى إعادة نظر ، وكذلك منحهم تسهيلات من جانب الحكومة فبعض الدول تساند الشباب بأن تدفع عنهم إيجار مقرات عملهم لمدة ثلاث سنوات ، و دول تمنح شركات التدريب على التكنولوجا الحديثة إعفاء ضريبي، ويجب أن نفكر فى المنظومة ككل لنمتلك القاعدة المصرية الوطنية للثورة الصناعية.

 

ماذا عن توجيهات الرئيس السيسي؟

تعليماته واضحة، والعمل بدأ بالفعل على مناحٍ عدة، مثل الشمول المالي والخدمات والحوكمة الإلكترونية  والمناطق التكنولوجية العشرة ، و كذلك تعليمات سيادته لكل الوزارات بخصوص الاقتصاد الرقمي ، إذا مصر تخطو نحو المستقبل بخطى واثقة ،و كذلك المجلس الأعلى للتحول الرقمي و المجلس الأعلى للمدفوعات أيضاً ضمن منظومة التطوير ، والمجلس الأعلى للأمن السبرانى ، كل هذا يعنى أننا بدأنا بالفعل الثورة الصناعية الرابعة ، و بدأنا بناء الاقتصاد الرقمي في مصر ، و نأمل أن اتحاد الصناعات و جمعيات المستثمرين يستوعبوا حجم التغير الذى سيطرأ على الاقتصاد مستقبلاً.

 

هل سيجد هذا التحول مقاومة من أصحاب المصالح القائمة بالفعل؟

قد يجد تحت ستار الحفاظ على مصالح قائمة قد يركزون على المشكلات دون النظر للحلول المنهجية التى وضعتها كبرى المراكز البحثية فى العالم، و قد يضعون عواقب، وأنا اعتبر هذا نوع من " الخيبة " لأنها نظرة ضيقة تحمى مصالح محدودة، الرأس مالية المصرية مازالت تنظر تحت قدميها ولا أعمم الوصف فهناك المنفتحين على المفاهيم الحديثة للاقتصاد ويدركون حجم النفع الذى سيعود عليهم وعلى البلد.

 

ماذا عن تمويل المشروعات التي ستشكل اللبنة الأولى للاقتصاد الجديد؟

هناك اقتراحات أن الشركات الدولية الكبرى التى تستفيد من الاقتصاد الرقمي الجديد مثل ميكرو سوفت وفيس بوك تتولى تمويل الفترة الانتقالية ليس من خلال الضرائب وحدها بل بحصص أيضاً.

 

سوق الصناعة الرقمية عالمياً هي سوق شرهة وتتدخل بها بعض الاعتبارات السياسية، إذا كيف يمكن حماية الصناعة المصرية الرقمية لتحقيق الاستفادة منها داخلياً و الحيلولة دون هروبها للخارج، وأن ننتج نحن التكنولوجيا التى نحتاج إليها، بدلاً من استيرادها وخضوعنا للشروط التى تفرضها بعض الدول وفقاً لمصالحها؟

نحن لدينا الكوادر لتحقيق هذا ،  فالاستقلال الرقمي هو الشغل الشاغل لكل دول العالم ، الهند كانت من الدول السباقة فى وضع استراتيجية للاستقلال الرقمي ، ونحن أيضاً نسير نحو استراتيجيتنا الخاصة من خلال تأسيس بنية رقمية و معلوماتية خاصة بنا ، و هذا فى إطار تعليمات واضحة من الرئيس السيسى لوزير الاتصالات ، و تحقيق نوع من الحماية للصناعات المصرية الرقمية و هذا لا يعنى منع المنافسة بل يعنى تحقيق التوازن .. ومنع الاستحواذات والاندماجات التى تأتى من شركات أجنبية تستحوذ على المشروعات الواعدة التى يأسسها الشباب و تنقلها خارج البلاد و تستفيد منها وحدها ، فالصناعة الرقمية المصرية تتطلب نوع من الحماية ، و أن يكون لدينا محركات البحث المصرية ،و كذلك تدريب المسئولين فى الحكومة على الحفاظ على سرية المعلومات و أخيراً الأمن السيبرانى ، إذا مفهوم الاستقلال الرقمي هو من أهم الأشياء لمنع ما أطلقت عليه الهند الاحتلال الرقمي.

 

ما هى أهم التشريعات المطلوبة خلال هذه المرحلة؟

صدر فى ٢٠١٨ تشريعات كثيرة منها تعديل قانون الشركات و القانون الواقي من الإفلاس و التأجيل التمويلي و إنشاء هيئة التنمية الصناعية وصلاحياتها و عدد كبير جدا من التشريعات الأخرى ، وما أتوقعه فى ٢٠١٩ صدور قانون البنك المركزي و تعديل قانون البنوك ، قانون تنظيم المدفوعات ، قانون التأمين .. و كلها تشريعات مطلوبة وموجودة على أجندة الدراسة، ومطلوب تشريعات خاصة بتنظيم عمل الشركات الصغيرة   التى تتعامل مع الاقتصاد الرقمي  ، فأوبر و كريم على سبيل المثال ظهروا  في السوق المصري ثم ظهرت معهم الحاجة إلى وجود قوانين تنظم عملهم ، العالم الآن يسن تشريعات لكل الأنظمة الرقمية سواء فى حماية العمالة أو حماية المستهلك أو نظام الضرائب لان الاقتصاد الجديد يحتاج إلى تشريعات جديدة ، والاقتصاد التعاوني مهم جدا فى مصر ويحتاج أيضاً إلى قانون جديد .

 

ما هى محاور الاستفادة التى يمكن أن نحققها مع الدول الأفريقية ؟

يجب أن نعلم أن أفريقيا ليست أفريقيا الستينات أو ما بعد الاستقلال وليست مصر كما كانت أيضا ، أفريقيا تقدمت جداً فى العديد من النواحي وخاصة على نطاق النخب المطلعين على ما يدور فى العالم لانهم يجيدون اللغات الاجنبية بطلاقة ، و لذلك يجب التعامل معهم مفهوم المنفعة المتبادلة "نفيد و نستفيد " ، بعض الدول الافريقية بنيتها الأساسية ليست جيدة ونحن ماهرون فى إنشاء البنية الأساسية لذلك أن قدمنا خبراتنا لهم نفتح بذلك باب للتعاون معهم فى مجال نستفيد نحن منه ، السوق الأفريقية تشارك به كل دول العالم الكبرى ، لذلك أفريقيا لم تعد كالسابق ، ويمكن الاستفادة فى المشروعات المشتركة فى الاقتصاد الجديد وخصوصا الصحة والتعليم ، و المهم أن أفريقيا قارة الموارد الطبيعية التى تخدم الثورة الصناعية الرابعة كما كانت تخدم الثورات الصناعية السابقة والزراعية أيضاً ، وأهم مادة خام فى العصر الحالي الكوبالتس الذى يوجود في دولة الكونغو ٨٠٪ من مخزونه العالمي ، وهو عنصر خام لا يمكن الاستغناء عنه فى بنية الاقتصاد الرقمي ، لذلك كل شركات العالم تتجه نحو أفريقيا لانها تعد بوابة  الاستقلال الرقمي و الحصول على المواد الخام التى تساعد على الصناعة .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز