مرثية مصري مات على جسر الغربة

كتب - صبحى شبانة

يا أهل "القضابة" الهوينا.. الهوينا وأنتم توارون الحسين تحت الثرى

 

اليوم يواري ثرى "القضابة" جثمان من عرّفنا بها، من حملها بين جوانحه إلى كل بقاع الدنيا، أتَذكر يا رفيق الغربة وأنت العالمي كيف كان قلبك هناك، كيف كان اسمها أنشودة تتغنى به، كيف كنت عاشقا لناسها ونسماتها وحقولها ودورها، أتَذكر الساعات التي قضيناها وأنت تسبح بين تاريخ سطره أجدادك لم يمهلك القدر لكتابته، يا الله، يالتصاريفك من أقدار، "اللهم لا اعتراض".

يا أهل "القضابة" الهوينا، الهوينا وأنتم توارون الحسين تحت الثرى، فـ"القضابة" اليوم هي قرية "الحسين"، هذا جزء من رد الجميل لمن عرف الدنيا بكم، من أصر على أن يكون قبره بينكم، (لو شاء لدفن بالبقيع)، إن جسد الحسين سوف يكون ينبوعا فواحا وريحانا ومزارا ملهما لكم فلا تخذلوه، سوف ترفرف روح "الحسين" فوق سمواتكم، فأمعنوا وأطيلوا النظر، سوف تشعرون بها في أغاريد الصباح، ونفحات المساء، تعطروا بها فهي ورد الخزامى التي كان يتزين بها.

أتذكر حينما كنت تكرر اسم "القضابة" وأقول لك إن قرانا ليست سوى مدافن لأمثالنا ممن امتهنوا السفر، وتنقلوا بين مطارات الغربة، يحملون هم الوطن، فها هي "القضابة" التي كنت تحلم بها متحفا لك ولأجدادك تضمك بحنان، وتلقاك بحب، فقد كنت هائما متيما بها عاشقا لجداولها، ومدافنها، لن تخذلك "القضابة" فأهلها كما أخبرتني طيبون أصلاء.

يا رفيق الغربة سوف يظل اسمك خالدا، سوف تظل حكاية نجاح، أسطورة ترويها الأجيال، يتناقلها أصدقاؤك وتلاميذك حول العالم، يوما ما سوف تكون (حكايتك) مقررا لطلاب كليات السياحة والفندقة في مصر، كما في سويسرا التي تعلمت فيها حتى أضحيت أحد أساطير جامعتها وفنادقها.

يا للهول، كيف لي أن أعتلي الفيصلية وأنت لست فيها، لن يطاوعني قلبي، أقول والله لن يطاوعني قلبي أن أعبر أمامها، لن تجرؤ عيناي النظر إلى "البلورة" مجلسك المفضل.

يا رفيق الغربة، يا صديق الروح لقد تركت فينا بفراقك، ألما أدمى القلوب، عزائي أنك باق معنا، بتاريخك، بسيرتك العطرة، بقلبك الطيب، بروحك الطفولية البريئة، نعم لقد غيب الموت جسدك لكن روحك حية عفية باقية.

ادعو للرجل الطيب العظيم "حسين حتاتة".