عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

على بنه يكتب: الرؤية في قانون الأحوال الشخصية

على بنه يكتب: الرؤية في قانون الأحوال الشخصية
على بنه يكتب: الرؤية في قانون الأحوال الشخصية

قد تتوقف الحياة الزوجية عن الاستمرار بين الزوج والزوجة، لسبب أو لآخر، فالبعض ينفصل في هدوء، متفقين على كل شيء، حماية لمصلحة الأبناء، والبعض الآخر تستحوذ عليه رغبة الانتقام ويتملكه العناد، ليفترقوا بطريقة درامية ثأرية، تتأجج فيها نيران الصراع، بتدخل الأهل والأقارب، ليكتوي بلهيبها الأطفال، التي تصبح أداة انتقام في يد الحاضن، وذلك بحرمان الرائي من رؤيتهم، غير عابئين بما سيدفعه الأولاد، ثمنًا، لتناحر ليس لهم ذنب أو دخل فيه، ويمتد الاقتتال لساحات المحاكم، لتكون المادة 20 فقرة ثانية وثالثة ورابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، والمادتان 67 و69 من قانون الأحوال الشخصية 1 لسنة2000 والمادة 4 و5 (، من قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 ) أدوات إجهاز على حق الرائي، وإراقة دماء احتياجات الطفل النفسية والاجتماعية.



هل يوجد من يستطيع أن ينكر دور الأم والأب، على حد سواء، في تنشئة وتربية الأبناء، ومن منا يستطيع التقليل من دور أحدهما، أو يقزم من تواجده في حياتهم؟ قد تشتعل نيران الخلافات بين الزوج والزوجة لتحرق كل رابط بينهما، وينفصلان بالطلاق، فيدفع الأطفال الثمن، بفقدانهم دور أحدهما في تكوينه النفسي، والذي لا يستطيع القيام به الطرف الثاني، ويحرم الأب من تواجد أولاده أمامه وحوله، ويسلب حقه في رعايتهم وتربيتهم، كإفراز طبيعي لانتقال الصراع إلى ساحات محاكم شؤون الأسرة.

حيث تنص المادة 20 في فقرتها الثانية والثالثة والرابعة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985على الآتي "ولكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، "واذا تعذر تنظم الرؤية اتفاقا نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيا، ولا ينفذ حكم الرؤية قهرًا لكن اذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي، فإن تكرر منه ذلك، جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتًا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها.

وتنص المادة 67 والمادة 69 من قانون الأحوال الشخصية 1 لسنة 2000 على الآتي مادة ( 67 ) ينفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في أحد الأماكن، التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير الشؤون الاجتماعية، وذلك ما لم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان آخر، ويشترط في جميع الأحوال أن يتوفر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير، مادة (69)، يجرى التنفيذ بمعرفة المحضرين أو جهة الإدارة، ويصدر وزير العدل قراراً بإجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة بتسليم الصغير أو ضمه أو رؤيته أو سكناه، ومن يناط به ذلك.

وتنص المادتان 4 و5 من قرار من قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000 على التالي مادة ( 4) في حالة عدم اتفاق الحاضن أو من بيده الصغير والصادر لصالحه الحكم على المكان الذي يتم فيه رؤية الصغير، يكون للمحكمة أن تنتقى من الأماكن التالية مكانًا للرؤية، وفقا للحالة المعروضة عليها وبما يتناسب قدر الإمكان وظروف أطراف الخصومة مع مراعاة أن يتوافر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير ولا يكبد اطراف الخصومة مشقة لا تحتمل:

1 - أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية

 2- أحد مراكز رعاية الشباب

3- إحدى دور رعاية الأمومة والطفولة التي يتوافر فيها حدائق.

 4ـ إحدى الحدائق العامة.

مادة ( 5) يجب ألا تقل مدة الرؤية، عن ثلاث ساعات أسبوعيًا، فيما بين الساعة التاسعة صباحًا والسابعة مساءً، ويراعى قدر الإمكان أن يكون ذلك خلال العطلات الرسمية، وبما لا يتعارض ومواعيد انتظام الصغير في دور التعليم.

هنا يجد الأب نفسه ملزمًا بقوة القانون، بأن يؤدي أجر حاضنة لام الطفل، بما يفيد في نظر القانون، أن الأم ليس من واجبها رعاية وتربية الابن، وأنها تقوم بذلك كمربية بأجر، فرضها القانون فرضًا على الأب )وكذلك يدفع لها نفقة لابنه، مأكل وملبس ومسكن ومصاريف مدارس وعلاج( وفي ذات الوقت، يكون محرومًا من حقه في رؤيته، وممنوعًا من ممارسة دوره في تربية ورعاية ولده، متحولًا بذلك إلى آلة للإنفاق على أبنائه فقط.

ولهذا فرؤية الآباء لأطفالهم، أصبحت تشكل مشكلة، للمنفصلين عن زوجاتهم، كأحد أخطر مظاهر النتائج السلبية للطلاق، وتطبيق القانون، حيث تتحول جلسات الرؤية لما يشبه قفص الاحتجاز المحدود بقيود ووقت معين، بل تقوم بعض الحاضنات، بمنع الآباء من الحديث مع أبنائهم، خلال جلسات الرؤية، حيث إن منطوق الحكم، يشير لرؤية الصغير فقط دون الحديث معه وللأسف أن قانون الرؤية المعمول به حاليا – والذي لم يتم تغييره منذ صدوره في عام 1929 حتى الآن – قد أجهز على الروابط بين الأب وأبنائه، وحرم الأطفال من احتياجاتهم النفسية لحنان الأب والشعور بالأمان المستمد من وجوده بجوارهم، لتشب الأطفال حائرة، بين أب غاب عنهم بأمر القانون لرغبة الحاضنة، وأم تعمل جاهدة على تشويه صورته في أذهانهم وزرع مشاعر الكره في نفوسهم انتقامًا منه، أو ضمانًا لاستمرار ولائهم الدائم لها، وبالتالي استمرار الحضانة حينما يصل الابن لسن الـ15 سنة، ويخيره القاضي بين استمراره في حضانة الأم أو انتقاله للأب، فيتألم الأب لنظرات الإنكار والكره من أبنائه، وهو من اختزل حياته كلها ووضع كل آماله وأحلامه فيهم، ومن هنا يكون التصدع النفسي والاجتماعي للأولاد، والانشقاق العاطفي بين الأب وأطفاله، فتبهت الروابط العاطفية رويدا رويدا إلى أن تتلاشى وتختفي.

لهذا نجد الأب، الذي يقوم بخطف أبنائه، أو يمتنع عن الإنفاق عليهم، وأحيانًا يؤثر الحبس على أداء النفقة، كرد فعل، على أم تعمدت تشويهه في نظر أولاده، وغرست مشاعر الكره في نفوسهم، يساعدها في ذلك قانون غيبه وأبعده عن حياتهم، قانون يجور على الحقوق ويغتال العدالة، قانون يلغي قوامة رب الأسرة ويشجع على عدم طاعته، قانون يجعل المرأة في وضع افضل بالانفصال، لذلك ارتفعت نسبة حالات الطلاق عن طريق الخلع، والتي وصلت إلى 76% من إجمالي تعداد حالات الطلاق، بحسب ما جاء في النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق، التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عام 2017، ليتأكد أن الرجل احرص على استمرار الحياة الزوجية، وأن بعض الزوجات يفضلن المكاسب التي يمنحها لهن القانون، في حال الانفصال، على استمرار الحياة الزوجية، قد نتساءل هل من حق الأب أن يربي أولاده ويرعاهم، ويصطحبهم في نزهات، ويقيمون عنده لبعض الوقت أم لا؟ هل من حق الطفل أن يشعر بحنان الأب ورعايته، ويستمد الإحساس بالأمان من وجوده في حياته أم لا؟ هل من صالح الطفل، أن تقوم الأم بتربيته وحدها دون الأب؟.

والإجابة تؤكد وجوب استبدال الرؤية بإقامة الطفل، مناصفة في الوقت بين الأم والأب، أو المدة التي لا تضر بالابن وتكون في صالحه، وتحددها مقرات المدارس وسبل الوصول لها، فالأصل في التشريع وسن القوانين، أن تصدر لصالح الطفل، ولا نبالغ إذا قلنا أننا أصبحنا في حاجة ملحة لتعديل وتغيير مواد القانون بأكمله، بعد أن تحولت، لأداة ووسيلة لإحراز منافع ومكاسب شخصية وتشجع بعض الزوجات، على الانفصال، في ظل المتغيرات الثقافية الجديدة التي طرأت على المجتمع. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز