
عميد معهد شينجيانج يكشف لـ"بوابة روزاليوسف": حقيقة ما يسمى باضطهاد مسلمي الإيجور

كتبت - هدى المصرى
حقوق الإنسان وحماية الأقليات، ورقة الغرب وواشنطن الرابحة، في إملاء مطالبها على الدول، وبالنسبة لدولة مثل الصين أصبحت تنافس الولايات المتحدة على صدارة المشهد الاقتصادي، وباتت قضية مسلمي الإيجور ورقة تحركها الأخيرة بين الحين والآخر للضغط على بكين.
تدين واشنطن الصين بلهجة قاسية وتتهمها بانتهاكات مروعة بحق الإيغور، وذلك بالتزامن مع حملة تقودها وسائل إعلام غربية لها سياستها الخاصة.
ولكن المتابع للتطورات الأخيرة في العلاقة بين الدولتين يدرك أن هناك حدثين مهمين، يرتبط كل منهما بالآخر، أعادا قضية مسلمي الإيغور إلى واجهة الأحداث الدولية مع توقعات بأنها ستكون ورقة رئيسية في الحرب التي تشنها واشنطن على بكين.
الحدث الأول، هو تداعيات الحرب التجارية الحالية بين الدولتين وهي الأقوى من نوعها منذ عام 1947 ويعتبرها البعض معركة للقيادة العالمية بين أكبر اقتصاديين في العالم للوصول إلى النفوذ العالمي، أما الحدث الثاني فهو استضافة العاصمة الصينية مؤخرا منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في نسخته الثانية، والتي شارك فيها زعماء أكثر من المشاركين في النسخة الأولى من المنتدى عام 2017، ومبادرة الحزام والطريق هي استراتيجية صينية ضخمة، تهدف بكين من خلالها لتنمية التجارة العالمية، وذلك بمشاركة عشرات الدول حول العالم.
تاريخ القضية
للوصول إلى فهم أفضل لقضية الإيغور المسلمين وإقليم شينجيانج وما يمثله بالنسبة للصين يجب استعراض تاريخ وأهمية الاقليم، حيث تعتبر شينجيانج، التي يعني اسمها في الصين "الحدود الجديدة"، وتقع شمال غرب الصين البوابة الطبيعية لطرق الحرير الجديدة، ذلك المشروع الضخم الهادف إلى إقامة بني تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وتمثل هذه المنطقة "سدس" الأراضي الصينية وحدودا طبيعية لها مع كل من باكستان وأفغانستان والجمهوريات السوفيتية السابقة الثلاث في آسيا الوسطى ذات الغالبية المسلمة، طاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان.
كما تعد موطنا لحوالي 21 مليون شخص ينتمون إلى 13 مجموعة عرقية وأكبرها هم مسلمو الإيغور.
وكانت شينجيانج قناة تاريخية ومركزا للتبادل الاقتصادي والثقافي بين الشرق والغرب، قبل أن تصبح جزءا مهما من طريق الحرير.
ثروات الإِقليم
كما أن شينجيانج إقليم غني بالموارد الطبيعية كالبترول، حيث يعتبر ثاني أكبر إقليم منتج للنفط في الصين، وهو غني أيضًا بالغاز الطبيعي والفحم والرصاص والنحاس والزنك وخامات اليورانيوم، وتعتمد الصين على هذا الإقليم بشكل مباشر في مدها بمصادر الطاقة، ومن بين الصناعات المنتشرة في الإقليم تكرير النفط وصناعة السكر والصلب والكيماويات والأسمنت والمنسوجات، كما من بين الأسباب التي تزيد من أهمية الإقليم استراتيجيًا إنشاء أول خط سكة حديد يربط بين العاصمة "بكين" وبين عاصمة الإقليم "أورومُتشي" عام 1968.
وبالتالي ونظرًا للأهمية الحيوية للإقليم الذي يقع في قلب طريق الحرير، ويمثل واحدة من ضمن أربع مناطق حيوية بالنسبة لسلامة الصين الإقليمية وبه الكثير من ثرواتها الطبيعية ومنفذها الحدودي مع دول وسط اسيا وجسرها إلى أوروبا، وجدت واشنطن في الإقليم ورقة ضغط يمكن أن تستخدمها في مواجهة الصين.
سكان الإقليم
تاريخياً عاش الإويغور فيما يعرف اليوم بـ"منغوليا" ثم هاجروا إلى إقليم شينجيانج منذ أكثر من ألف عام واندمجوا مع شعوب أخرى، وهم يعتبرون أنفسهم دائمًا في تبعية عرقية وثقافية لآسيا الوسطى، المنطقة التي تنخرط بشكل كامل في الهوية الإسلامية، ودولها الخمس وتعرف باسم الجمهوريات الإسلامية، وتشمل قيرغيستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزباكستان وكازخستان، وغالبية هؤلاء من أتباع المذهب السني، لذا يغلب على الإيغور النزعات النضالية، التي دائما ما تحركها هويتهم الثقافية والدينية التي تستعصى على الذوبان داخل الهوية الصينية.
محطات مهمة
تلك النزعات النضالية جعلت قضية مسلمي الإيغور تثار من وقت لآخر، بين اتهامات للحكومة الصينية بارتكاب انتهاكات بحق المسلمين في الإقليم تستغلها وتوظفها بعض الدول مثل تركيا والغرب في حساباتها السياسية مع الصين، وبين اتهامات توجه لبعض الإيغور بارتكاب جرائم عنف وإرهاب.
وتشير السلطات الصينية إلى انتشار التطرف بين الإيغور وتدبير الآلاف من الحوادث الإرهابية التي أدت إلى مقتل عدد كبير من المواطنين ومئات من رجال الشرطة وخسائر مادية جسيمة، ويوثق ذلك متحف مكافحة الإرهاب أو معرض الأحداث الرئيسية للعنف والإرهاب بمدينة أوروموتشي عاصمة الإقليم، الذي قمنا بزيارته ضمن برنامج زيارة اقليم شينجيانج، لرصد أوضاع المسلمين هناك.
وفي الوقت الذي تتوالى فيه تقارير الإعلام الغربي، حول تعرض المسلمين المتواجدين في إقليم شينجيانج خصوصًا أقلية الإيغور التي يدين أغلبها بالإسلام لاضطهاد من قبل الحكومة الصينية، يرد الشيخ عبد الرقيب الذي سبق وأن درس في الأزهر لمدة 5 أشهر، وهو - الآن - عميد معهد شينجيانج الإسلامي، وإمام مسجده بمدينة أوروموتشي "من قومية الإيجور"، على تلك التقارير الغربية التي تزعم منع السلطات الصينية المسلمين من الصلاة وممارسة شعائر الدين قائلا لنا: بان الحكومة الصينية تولى اهتماما بحرية الاعتقاد الديني، ومنذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية نص الدستور الصيني على حرية الاعتقاد أو عدم الاعتقاد الديني، حيث يسمح لكل مواطن بحرية اعتناق الدين أو عدم اعتناقه وقد أصدر مجلس الدولة لوائح تنص على أن لكل مواطن صيني الحق في حرية ممارسة الأنشطة الدينية في إطار القانون، ولكن يحظر أن تخرج الأنشطة عن نطاق الدين.
وأضاف: الدولة تحمي حرية الاعتقاد الديني، وقامت بإنشاء المنشآت والمدارس الدينية وفي الوقت نفسه تدعو المسلمين وغير المسلمين للتضامن والتعايش بصورة جيدة، مشيرا إلى انه منذ عام 1982 قامت الحكومة بتعزيز التضامن بين القوميات المختلفة في البلاد.
وأكد أن إقامة المنشآت الدينية وتنظيم عملها وعمل رجال الدين فيها يخضع للدستور، مشيرا إلى ان التقارير الاعلامية التي تزعم اضطهاد المسلمين في البلاد هدفها الحقيقي هو إثارة الضجة وبث الشائعات.
ومن المعروف انه وفقا للدستور الصيني فإن شعائر الدين لا تُمارس في المنشآت العامة، ولكن تمارس فقط في أماكن العبادة وفى داخل البيوت.
وحول معهد شينجيانج للعلوم الإسلامية في أورومتشي، قال الشيخ عبد الرقيب مدير المعهد بان الحكومة الصينية أولت اهتماما كبيرا ببناء المعهد الذي تبلغ مساحته 150 ألف متر وذلك من أجل إعداد متخصصين أكفاء في علوم الدين وذوي مؤهلات علمية معادلة للمؤهلات الجامعية، مؤكدا أن مهمة المعهد تتركز في تعليم ثلاث مواد رئيسية هي: الدين والقانون واللغة.
وأن الدراسات الدينية في المعهد تشتمل على القرآن الكريم والحديث والصلاة والتفسير، والدراسات القانونية واللغوية تتناول: الدستور، مع تنظيم دورات في تعلم اللغة الصينية.
ويتواجد داخل المعهد مبنى خاص بالدراسة ومبنى آخر للإقامة ومطعم ومبنى خاص بالألعاب الرياضية واللياقة البدينة ومسجد كبير بحديقة المعهد، كما يقوم المعهد بتحفيظ الطلاب القرآن الكريم وتلقين الدروس الدينية باللغات الصينية ولغة الإيغور وتقوم الحكومة بدعم الطلاب بـ 600 يوان شهريًا لمساعدتهم.
وأوضح عبد الرقيب بان الحكومة تقدم دعم ومكافآت مالية أيضًا للطلاب المتميزين الذين يدرسون بالمعهد لمدة تمتد لـ5 سنوات، وأن الطالب يحصل في نهاية الدراسة على ليسانس في الشؤون الإسلامية، ويتخرج ليعمل كإمام أو خطيب.