"أهالي شينجيانج " يستعيدون تراث الأجداد على طريق الحرير

كتبت - هدى المصرى

لسمائها جمال، ولأرضها حيوية، ولمواردها وفرة، وللعمل فيها إبداع، إنها " شينجيانج " الويغورية الذاتية الحكم بشمال غربي الصين.

تلك المنطقة التي تعتبر من المناطق الرئيسية على طول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير.

تكتسب فيها الحرف اليدوية والصناعات التقليدية شهرة غير مسبوقة توارثتها الأجيال جيل بعد جيل لتبرز جوانب الهوية الوطنية لدولة قوية أدركت أهمية استثمار تراثها الحرفي وغزت بمنتجاتها كل شبر في أرض المعمورة.

وفي محافظة "موهيوي" بمنطقة خوتان والتي تعتبر محطة هامة على الفرع الجنوبي لطريق الحرير التاريخي، ولها تاريخ طويل في إنتاج الحرير، حيث تتمتع المحافظة بموارد وافرة من شجر التوت وحيوان دودة القز، تزدهر ثقافة غنية من الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي تحتفظ بجمالية خاصة، تعكس براعة صانعيها رغم تطور الآلات الحديثة ومنافستها.

 

 

هذا ما يمكن اكتشافه بسهولة داخل "بوتشوك" تلك القرية الصينية الصغيرة التي مازالت تحتفظ بالعملية القديمة لصناعة الورق.

فبالرغم من أن عملية صناعة الورق في الصين بدأت قبل أكثر من ألف عام ودخلت التكنولوجيا والأساليب الحديثة في هذه الصناعة، الا ان هذه القرية الصغيرة تستخدم لحاء شجر التوت في صناعة الورق وباتت معروفة بإنتاج ورق التوت على مستوى الصين.

إيقاع الحياة في هذه القرية يسير وفقا لمقولة صينية شهيرة " العمل مع شروق الشمس والراحة مع غروبها "، ولهذا يعمل أهالي بوتشوك لساعات طويلة دون كلل في تلك الصناعة التي تحتاج صبرًا طويلًا ومجهودًا كبيرًا.

قامت "بوابة روزاليوسف" مؤخرًا بزيارة للقرية والتعرف على مراحل مهنة قديمة اشتهرت بها منطقة خوتيان لقرون، وهي صناعة الورق من أغصان شجر التوت التي تستخدم أيضا في صنع الحرير.

 

 

المرحلة الاولى :

وكما تشير احدى العاملات في هذه الحرفة فإن العملية تبدأ بنقع لحاء الشجر بعد فصله عن الأغصان ثم يقومون بتقشير طبقة الجلد الداكنة وبعد ذلك يغلي في وعاء كبير ويسلق مع التقليب.

المرحلة الثانية :

وعندما ينضج اللحاء ويصبح لينا يوضع ملح الحور ليختمر لمدة - يوم وحتى خمسة أيام - بعدها يتم غسل عجينة الورق اللباب ثم توضع في برميل خشبي وبعد ذلك يتم تصفيتها ووضعها في قوالب خشبية بمرشح "مصفي" من الشاش حيث تفرد العجينة على تلك القوالب بالتساوي - تحول المادة إلى عجين باستخدام مطارق وسكب المياه.

المرحلة الثالثة:

وفي المرحلة الاخيرة يعرض العجين لأشعة الشمس حتى يجف على القوالب ثم ينزع لتصبح ورق توت مثالية.

يحمل ورق التوت هذا، ثقافة خوتان التقليدية ويسجل تاريخها على مر العصور، وينطلق منها كغيره من المنتجات الحرفية التي تشتهر بها ليغزو ربوع شينجيانغ متجها لغزو أسواق العالم.

هكذا تشهد الحرف اليدوية والصناعات التقليدية في منطقة شينجيانغ تطورا كبيرا، بعد أن كثفت الحكومة الصينية جهودها في السنوات الاخيرة لإحياء الحرف التقليدية في المنطقة وتحويلها إلى تدابير موجهة للحد من الفقر وتوفير فرص عمل في العديد من القرى الفقيرة.

وفى هذا السياق يقول السيد محمودى محافظ موهيوي بمنطقة خوتان ان موهيوى محافظة ذات موارد محدودة لكنها أصبحت نموذجا ديناميكيا لجهود الحكومة الصينية الهادفة إلى احياء العديد من الحرف التقليدية وتصديرها إلى الخارج لتحقيق التنمية في تلك المحافظة.

ويشير إلى ان المحافظة تعتمد بشكل أساسى على زراعة المحاصيل وتربية المواشى وعبر ذلك يتم توفير العديد من فرص العمل للسكان المحليين، مؤكدا على ان الحكومة أقامت العديد من المشروعات لتخضير واستزراع مساحات كبيرة من الأراضي.

وأضاف: أن مشروع طرق الحرير الجديدة سيعزز التنمية الاقتصادية في المحافظة ويساهم بشكل كبير في تصدير الكثير من منتجاتها إلى الخارج.

 

 

ومن الجدير بالذكر أن منطقة شينجيانغ على الحدود بين الصين وآسيا الوسطى، لديها موقع استراتيجي كمركز نقل في الصين على طريق الحرير الاقتصادي، الجزء الهام من مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013‏، وتهدف إلى إقامة شبكة للتجارة البينية والبنية التحتية لربط قارات آسيا وأوروبا بإفريقيا من خلال الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، وتضم المبادرة حاليًا أكثر من 71 دولة ومنطقة.

وفي السنوات الأخيرة، دفعت شينجيانغ بقوة بناء "الطريق والحزام"، وتوسع حجم الاستيراد والتصدير مع دول آسيا الوسطى وروسيا ومنغوليا، كما شهدت التجارة الخارجية وخاصة التجارة الحدودية ازدهارا مستمرا.