عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. أحمد فاروق عبدالقادر يكتب: عودة الجماهير إلى ملاعب كرة القدم

د. أحمد فاروق عبدالقادر يكتب: عودة الجماهير إلى ملاعب كرة القدم
د. أحمد فاروق عبدالقادر يكتب: عودة الجماهير إلى ملاعب كرة القدم

تغيب الجماهير المصرية عن مدرجات مباريات الدوري الممتاز المصري منذ عام 2012 بعد الواقعة الشهيرة، التي سميت بمجزرة بورسعيد، والتي راح ضحيتها (72) مشجعًا مصريًا لكرة القدم، وفي 14 من أغسطس 2018 وافقت الحكومة المصرية على رؤية وزارة الشباب والرياضة على عودة جزئية للجماهير إلى الملاعب والاستادات في مباريات الدوري المحلي، اعتبارًا من سبتمبر 2018، تركزت هذه الرؤية على عودة جزئية للجماهير للملاعب من خلال حضور خمسة آلاف مشاهد في المدرجات في كل مباراة.



وقد جاء اقتراح هذه الأعداد بعد الدراسة التي قامت بها وزارة الشباب والرياضة وتضمنت الاستعانة بطلاب الجامعات للتشجيع من المدرجات بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والاتحاد المصري لكرة القدم، وبعد التنسيق مع الوزارات والجهات المعنية وممثلي الأندية، وطالب حينها رئيس مجلس الوزراء ضرورة تضافر جهود الجميع من أجل نجاح رؤية عودة الجماهير لحضور المباريات من المدرجات، وأن تكون عودة الجماهير للظهور في المدرجات بصورة حضارية تعكس الروح الرياضية، والتشجيع المنضبط، مع ضرورة التعامل بحسم مع أي خــــروج عــــــــن القواعد والضوابط.

وأكد وزير الشباب والرياضة، أن الدولة حريصة على عودة الجماهير إلى المدرجات في المباريات المحلية، كما أكد على أنها حريصة جدًا على تأمين حضورهم للمباريات والحفاظ على سلامتهم، وتضمنت الرؤية وضع تصور لتوعية الجماهير بتفاصيل هذا التدرج في العودة لدخول الاستادات وفقًا لنسب الدخول التي تم التنسيق فيها مع الجهات المعنية بمنظومة كرة القدم.

وأيضا تضمنت رؤية عودة الجماهير إلى الملاعب إنشاء بطاقة المشجع المصري التي تسمح للجماهير بشراء تذاكر المباريات مع تسجيل كل البيانات الضرورية لذلك، والتي تحفظت عليها بعض الجهات الأمنية بسبب احتواء البطاقة على جميع المعلومات الخاصة بالمشجع مثل الرقم القومي وعنوان إقامته تخوفًا من الاستخدام الخاطئ للبيانات الخاصة بالمشجعين.

ويعلم الشارع الكروي المصري تمامًا أن عودة الجماهير للملاعب هو قرار مشترك بين عدة جهات، تمثل حلقات أربعة في سلسلة عودة جماهير كرة القدم إلى المدرجات، وتتمثل هذه الحلقات في:

الحلقة الأولى: السلطات الأمنية: والتي تتحمل العبء الأكبر والمسؤولية الأولى في قرار عودة الجماهير وتنفيذه، ولا شك في أنها تعمل بإخلاص وبكل جد وحرص شديدين على تأمين هذه العودة؛ مقترنة بضمان سلامة جميع من يتقرر وجودهم داخل مباراة لكرة القدم في الدوري المحلي؛ سواء الجماهير أو اللاعبين أو أفراد الأجهزة الأمنية أنفسهم. والتي حدثت مشكلات كبيرة قبل ذلك بين الجماهير ورجال الأمن بالاستادات ونشرت صور ومشاهد لرجال الأمن في طريقة تعاملهم مع الجماهير أثناء الدخول وعمليات التفتيش التي تصل في بعض الأوقات إلى زيادة في حدودها، ومع معاملة مثيري الشغب الذين يضبطون في كثير من الأحيان في محاولات لزعزعة استقرار الدوري وسير المباريات.

الحلقة الثانية: وزارة الشباب والرياضة: ويتمثل دورها في ضبط النواحي التنسيقية بين الأجهزة والسلطات الأمنية وبين اتحاد كرة القدم والأندية، وتبذل الوزارة من الجهد الكثير في محاولة إيجاد صياغات وبنود تضمن عودة الجماهير، من خلال منظومة للتعاون الكبير بين الأندية والإتحاد والسلطات الأمنية.

الحلقة الثالثة: اتحاد كرة القدم: الذي يرتكز دورة على النواحي الفنية والتنسيق مع الأندية ووضع جداول المباريات واختيار مراقبينه وحكامه، وتوقيتات مبارياته، وملاعبة واستاداته بالتعاون والتنسيق التام مع السلطات الأمنية، والتي كثيرًا ما ينتج عن الجداول ومواعيدها وتوقيتاتها مشكلات تنتج بين الأندية وبعضها مما يؤدي إلى تأجج الجماهير.

الحلقة الرابعة: أندية الدوري: وتعمل أندية الدوري الممتاز، خاصة الجماهيرية منها على عودة الجماهير التي تمثل نقطة مهمة في منافساتهم على البطولات المحلية، وهذا ما دفع بعض الأندية بالتهديد بعدم استكمال مباريات فرقهم في بطولة الدوري الممتاز حال استمرار منع الجماهير من حضور المباريات، والتي تسبب لهم ضغطًا على إدارات الأندية حيث تعتبرهم الجماهير هم المسؤولين عن حضورهم للمباريات.

الحلقة الخامسة: الجمهور: وهو الحلقة الأهم التي تبذل كل الجهات ما لديها من جهد لعودته إلى المدرجات لأثراء منظومة كرة القدم بوجود أهم عنصر فيها، فلا حياة لملاعب ومباريات كرة القدم دون جمهور ولا وجود لدوريات أو مباريات أو أحداث رياضية دون تشجيع، وتمثل روابط المشجعين حجر الزاوية في التشجيع المثالي المنضبط الذي يأمله الشارع الكروي، ولاشك أن الجماهيري أيضا هي أحد الأسباب الرئيسية في منع دخولها نتيجة بعض الممارسات والعادات الجماهيرية غير المرغوبة والتي تسبب انزعاج شديد للمنظومة الرياضية، سواء الجهات التنظيمية أو الأمنية أو اللاعبين أو إدارة الأندية، كما أنه هو أحد الأسباب الرئيسية في رؤية عودته نتيجة بعض الظواهر الجديدة من تشجيع اللاعبين والفرق رغمًا من الهزيمة وظهور آليات تشجيعه جديدة للأندية واللاعبين لاستمرار أدائهم الفني عالي المستوى أو الخروج سريعًا من بعض العسرات.

ولا يختلف أحد في ضرورة عودة جماهير كرة القدم للملاعب حتى تعود الروح مرة أخري إلى الدوري وتزداد حدة المنافسة الرياضية، ولا يختلف أحد أن عودة الجماهير في صالح المنتخبات الوطنية المصرية لكرة القدم، وللوصول إلى هذه الآمال نقترح عدة عوامل قد تساعد بشكل جيد في عودة آمنة للجماهير المصرية إلى ملاعب كرة القدم وهي ما يلي:

أولًا: الجهات الأمنية: ضرورة اعتماد وزارة الداخلية المصرية إنشاء إدارة خاصة لتأمين الملاعب الرياضية يكون الأساس فيها معتمدًا على خريجي كليات التربية الرياضية بعد تأهيلهم عسكريًا، وفي هذا الأمر نتوقع أن يخف الضغط كليًا على القوات المسؤولة عن الأمن العام والتي تصبح الحلقة الأمنية الثانية في حالة حدوث أي مواجهات غير محسوبة بين قوات تأمين الاستادات والجماهير، كما أن هذا الأمر يدفع بوجوه أمنية جديدة تراها الجماهير وبأسلوب جديد من رياضيين مؤهلين للتعامل مع جماهير الرياضة.

ثانيًا: وزارة الشباب والرياضة: وللوزارة هنا مهمتان الأولي: ضرورة الإسراع بوضع باب مستقل في تعديل قانون الرياضة 71 لسنة 2017 خاص بشغب الجماهير؛ وعقوباته على كافة أركان المنظومة الرياضية، وتحديد عقوبات مثيري الشغب والمشاركين فيها ويمكن الاعتماد هنا على قانون شغب الملاعب في إنجلترا الذي استطاع وقف أعمل الشغب بشكل كبير في الملاعب الإنجليزية، أما المهمة الثانية فتتمثل في ضرورة استكمال المنظومة الإلكترونية للاستادات المصرية من كاميرات المراقبة، وبوابات الدخول الإلكترونية الخارجية والداخلية، والحواجز بين جماهير كل فريق، وأماكن دخول وخروج مختلفة ومؤمنة لجمهور كل فريق، وحجز تذاكر المباريات إلكترونيا بحيث تجمع المعلومات الضرورية عن كل مشجع.

ثالثًا: اتحاد كرة القدم المصري: وضع جداول المباريات وتوقيتاتها سنويًا والعمل على عدم تغيرها حيث لا يوجد دولة واحدة في عالم كرة القدم الأوروبية يغير جداول المباريات أو أماكنها مهما حدث من متغيرات لدرجة أن الأندية لكبيرة باعت كامل تذاكر دخول مبارياتها حتى عام 2020.

تطبيق شديد لقرارات لجنة المسابقات والانضاط بشكل سريع وحاد.

 وابتكار وسائل جديدة لمنع مثيري الشغب من دخول المباريات، ووسائل لتخفيف حدة التنافس بين الفرق ونشر مفاهيم اللعب النظيف والتشجيع المثالي قد تصل إلى عمل إعلانات مدفوعة الأجر بالقنوات التليفزيونية.

رابعًا: أندية الدوري الممتاز: على الأندية تفكيك روابط المشجعين الحالية، وإعادة إنشائها بضوابط جديدة وملامح انضباطية تكون تحت مراقبة مستمرة من الأندية تعتمد فيها على أعضائها العاملين، وعليها أن تبتكر وسائل جديدة للتواصل مع جماهيرها من تنظيم حلقات نقاشية، أو منتديات إلكترونية تكون وظيفتها تثقيفية تعمل على خفض مستويات الشحن الجماهيري ونشر مفاهيم التشجيع المثالي وإطلاق المبادرات الإصلاحية بين الجماهير.

 

خامسًا: الجماهير: وهي محور الحديث وعليها أعباء ضرورية لابد من الوفاء بها تتمثل في ضبط السلوك والتحلي بالروح الرياضية، والتخلي عن بعض العادات الجماهيرية المعتادة كالأكل والشرب في المدرجات واللافتات العدائية، واستخدام الصواريخ والشماريخ التي من المتوقع وقوع مستخدميها تحت طائلة القانون، مع ضرورة تشجيع الجماهير المعتدلة على الحضور في المدرجات لوجود أنواع جديدة من الجماهير تعمل على وجود أنواع جديدة من التشجيع الجماهيري. وليعلم جميع مشجعي كرة القدم أن التجاوز بعد ذلك سوف يؤدي إلى منع حضورهم مرة أخري.

الحضور الجماهيري هو حجر الزاوية في وجود دوري كرة قدم عالي المستوي من الناحية الفنية، وهو جزء من حل بعض المشكلات التمويلية للأندية نتيجة العائد من المدرجات، وخاصة للأندية الصغيرة أثناء مواجهتها مع الأندية الجماهيرية، نأمل مع هذه المقترحات عودة آمنة وواعية لجماهير كرة القدم المصرية إلى المدرجات.

 

*أستاذ الإدارة الرياضية كلية التربية الرياضية للبنين جامعة حلوان

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز