عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د.طارق الغنام يكتب: حكاية مدفع رمضان

د.طارق الغنام يكتب: حكاية مدفع رمضان
د.طارق الغنام يكتب: حكاية مدفع رمضان

يعتبر مدفع رمضان بشكله التقليدي أهم المظاهر الرمضانية، إذ يضفي على أيام وليالي هذا الشهر الكريم مذاقًا خاصًا، رغم التطور الذي واكب الحياة الحديثة، ويرتبط مدفع رمضان لدى الكثيرين بذكريات وأيام جميلة، فمازال العديد يسعدون لسماع صوت مدفع الإفطار، ويسترجعون ذكرياتهم أيام طفولتهم، حينما كانوا ينتظرون أمام بيوتهم المزينة بزينة رمضان الشهيرة بشغف سماع صوت المدفع الذي ما أن ينطلق حتى يسارعون في إنشاد الأهازيج الرمضانية الشهيرة، ثم يندفعون مسرعين إلى بيوتهم في فرحة، فيستقبلوهم أهلوهم بالترحاب، ويجلسونهم على مائدة رمضان العامرة بصنوف الطعام الرمضاني المعروفة، والمحاطة بمشاعر الود والحب لتبدأ طقوس الإفطار.



والباحث باستقراء التاريخ يجد أن أول مدفع انطلق للإعلان عن الإفطار في العالم الإسلامي كان في القاهرة، وبعدها انتقل إلى محافظات مصر، ومنها إلى مدن الشام والعراق، ثم دول الخليج، وكذلك اليمن والسودان وأنتشر هذا التقليد حتى دول غرب إفريقيا وشرق آسيا التي تدين بالإسلام، والمرجح – وفقًا لموقع الموسوعة الثقافية، أن أول مدفع انطلق للإعلان عن الإفطار بالقاهرة كان في عهد السلطان المملوكي خوش قدم الناصري المؤيدي الرومي في عصر دولة المماليك البرجية (الشراكسة)، خلال الفترة من 865 ه: 872 هـ، ففي أول أحد شهور رمضان في تلك الحقبة وعند غروب الشمس أراد السلطان أن يجرب مدفعا جديدًا فصادف قبولًا عظيما من الناس الذين ظنوا أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين، فقرر استمرار إطلاق المدفع طوال شهر رمضان، وإن كانت هناك رواية ثانية تقول إن إطلاق مدفع رمضان بدأ في مصر إبان حكم محمد على باشا سنة 1805م، حيث أراد تجربة أحد المدافع في لحظة الغروب في أول أيام شهر رمضان وظن المصريون أنه علامة للإعلان عن الإفطار وصادف قبولًا واستحسانًا منهم، فتقرر استمراره طوال الشهر الكريم، إلا أنه يوجد رواية ثالثة تقول إن هذا التقليد بدأ في عهد الخديو إسماعيل، حيث انطلقت من أحد المدافع دانة على سبيل الخطأ وقت الغروب، أول أيام رمضان فبتهج بها المصريون وظنوا أنه علامة للإعلان عن الإفطار وقررت الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل المشهورة بحب الخير والعلم حينئذ استمرار إطلاق المدفع وقت الإفطار والإمساك من كل عام خلال شهر رمضان؛ فأُطْلق على المدفع "الحاجة فاطمة".

وإلى وقت قريب كان يوجد بالقاهرة خمسة مدافع للإفطار، اثنان في القلعة، وواحد في كل من العباسية، وحلوان، ومصر الجديدة، وظل مدفع القلعة هو الرئيسي.

وبعد ظهور الراديو، توقف مدفع الإفطار عن عمله لفترة، وكانت الجماهير تفطر على صوته المسجل في الإذاعة، لكنه عاد مرة أخرى في ثمانينيات القرن الماضي بناء على أوامر وزير الداخلية "أحمد رشدي"- حينئذ- الذي أمر بتشغيله ثانية، ومن المكان نفسه فوق سطح القلعة، طول أيام شهر رمضان وخلال أيام عيد الفطر أيضا، إلا أن هيئة الآثار المصرية وقتها اعترضت خشية تأثر المنطقة الأثرية بالقلعة والمنطقة المحيطة بها من صوت المدفع، حيث تم نقله إلى جبل المقطم لارتفاعه عن باقي أنحاء القاهرة وإمكانية سماعة بواسطة أكبر عدد ممكن من الناس.. وبالرغم من أن المدفع بات يقتصر سماعة عن طريق الإذاعة ومحطات التليفزيون، إلا أنه سيظل محفورًا في ذاكرة التاريخ، باعتباره مظهرًا من مظاهر شهر رمضان الفضيل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز