عاجل
الخميس 10 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

البابا تواضروس يكشف "حقيقة أقباط المهجر"

البابا تواضروس يكشف "حقيقة أقباط المهجر"
البابا تواضروس يكشف "حقيقة أقباط المهجر"

إعداد - كلوج ماهر

لأول مرة منذ اختير للجلوس على الكرسي البابوي خلفاً للبابا شنودة الثالث، أجرى قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أول حوار إذاعي لإذاعة الشرق الأوسط، تناول خلاله العديد من القضايا الوطنية والاجتماعية والكنسية.



جاءت أسئلة الحوار وإجابات قداسة البابا كالتالي:

** فكرت كتير جدًا أبدأ من أين، فوجدت أن محطة قداسة البابا الإنسان هي الأولى أن نبدأ بها فاسمح لي قداستك ما بين أسيوط والإسكندرية ودمنهور ووادي النطرون ولندن ومحافظة الدقهلية تحب أبدأ منين قداستك؟

قداسة البابا: أنا اتولدت في المنصورة عشت فيها خمس سنوات ووالدي اتنقل لسوهاج وعشت فيها ثلاث سنوات دخلت فيها المدرسة. ونُقل مرة أخرى للبحيرة فعشت في البحيرة كل سنوات عمري حتى وصلت مرحلة الثانوية العامة ثم ذهبت للجامعة في الإسكندرية بكلية الصيدلة لكن اقامتي كانت في دمنهور واتخرجت واشتغلت في دمنهور فترة وكان لدي دراسة لاهوتية، الكلية اللاهوتية. ثم سافرت لإنجلترا ودرست "quality control" وكنت بادرس زمالة هيئة الصحة العالمية.

وبعدها رجعت دمنهور مدة سنة، ثم دخلت إلى الدير بوادي النطرون مكثت في الدير 4 سنوات كراهب، ثم رسمت كاهن ورجعت أخدم في دمنهور 7 سنوات، ثم أسقف مساعد لمطران البحيرة ظللت بها ١٥ سنة في البحيرة في نهايتها ويوم عيد ميلادي الستين تم اختياري أكون بطريرك الكنيسة المصرية.

* وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن.. عبارة خرجت من قلب البابا كالرصاصة في قلوب أعداء الوطن.. خرجت من فم البابا وكانت العبارة التي واجهت الرغبة في تقسيم الأوطان في وقت عصيب مر به الوطن.. كيف ترى قداستكم آلية تصحيح هذه الصورة؟

لو رجعنا بالذاكرة فترة قصيرة في ٢٠١٣ كانت سنة اضطرابات في مصر وحصل اعتداء على الكنائس في أغسطس، وأنا كنت بطريرك فترة سبعة أو ثمانية أشهر كانت خبرتي محدودة ومسؤوليتي كبيرة. لكن حين حدث اعتداء، كنت متأكدًا أن كل المصريين المسلمين لم يعتدوا على هذه الكنائس وكنت في حالة حيرة لأن أبسط تعليق من أي طرف قد يسبب مشكلة كبيرة.

وكان فيه حرق وتدمير وتكسير وكنت في الدير أعلم بكل هذه الأحداث وكان خوفي على البلد كبيرا جدًا ففكرت وصليت ما الذي يمكن أن أقوله، وظهر في ذهني ما يحدث في سوريا فخطر في بالي أن الوطن أولًا ثم الكنيسة فقلت هذه الجملة. مثل "اللي معاه أموال يجيب السيارة الأول ولا المنزل"؟ فكانت دي الفكرة الرئيسية.

ونشكر ربنا كانت عبارة فاصلة توعية للناس والدولة، مشكورة رممت كل الكنائس للمرة الأولى وكله تم والحمد لله وأصبح لنا مشروع الكاتدرائية والمسجد بأمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بنيا في خلال سنتين بينما كاتدرائية "نوتردام" بنيت في 200 سنة.

*العالم كله حينما يحترق التاريخ بتبكي الإنسانية.. فكيف كانت مشاعر قداستك بعد معرفة حريق كاتدرائية "نوتردام" بفرنسا؟

كاتدرائية "نوترادم" من أكبر الكنائس في العالم وكنت قرأت عنها كثيرًا وكنت أتطلع لزيارتها، حادثة مؤثرة جدا، وهذا احتراق للتاريخ والأثر المادي له معانٍ كبيرة جداً، كاتدرائية "نوترادم" يزورها مليون شخص شهريا يعنى كل ثلاثة أيام يزورها 100 ألف شخص، الكاتدرائية لها شهرة كبيرة ولها تاريخ وتحكي عصورا كتيرة، في الحقيقة ألم كبيرة ولكن أنا واثق مع الزمن يتم إعادة بنائها بإذن الله.

قداسة البابا الكنيسة المصرية كانت سباقة بفكرها وبوضعها صعيد مصر في قلب الكنيسة وإن بدأت القيادة السياسية الاهتمام بصعيد مصر.. كيف ترى قداستكم الأمر؟

طبعا صعيد مصر فيه كثافة سكانية عالية ونقص من خدمات ومشروعات التنمية بسبب الكثافة السكانية المستمرة.

فالكنيسة دورها الرئيسي هو الدور الروحي ولكن لها دور آخر وهو الدور الاجتماعي ومن خلال هذا الدور تخدم المجتمع المحيط بها، إن الكنيسة يكون لها دور في المجتمع وخدمة الناس فمثلا إقامة بعض المدارس والمستشفيات في الصعيد، وافتتحنا مستشفى من شهر ونصف الشهر في بني مزار، وجارٍ تجهيز مستشفى في نقادة، وكل التبرعات تجمع لبناء مستشفيات في صعيد مصر، ويوجد كيان في الكنيسة اسمه أسقفية الخدمات الاجتماعية والعامة تقوم بجميع الخدمات الاجتماعية وتخدم جميع ابناء الوطن.

تساعد الكنائس في الأنشطة الاجتماعية للمصريين كلهم. لدينا برامج توعية ومحو أمية وبرامج توعية ضد بعض الأمراض. يوجد برامج تعليمية تخدم وتدرب بعض العمالة على الأعمال المهنية وهذا يساعد في تنمية المجتمع ويوجد التفات من الدولة لمشروعات الصعيد وهذا شيء جيد.

*قداستك دائمًا تتحدث بابتسامة ومن القلب.. هل هذا هو المفتاح السري لقلوب المصريين؟

أنا متعود أن أتحدث عما بداخلي، فنحن كلنا خدام من أجل الوطن.. وهذا هو المفهوم الأساسي، كل شخص يخدم الآخر بطريقة مختلفة، ولا نستطيع الاستغناء عن شخص فعندما تمسكين رغيف خبز، هناك من زرع ومن حصد ومن طحن ومن نقل ومن خبز، كل هؤلاء أشخاص نحن لا نستطيع الاستغناء عن أحد منهم.

* رؤية قداستكم الواسعة جعلت من أقباط المهجر قوة ناعمة بالخارج.. كيف استطعت قداستك استعادة ثقة أقباط المجهر في الوطن.. وكيف تنقل الصورة ما يدور على أرض مصر الآن؟

أولا أحب أن أقول إن كلمة "أقباط المهجر" ليس تعبيرا دقيقا لأن "أقباط المهجر" مصريون ديانتهم المسيحية، ولكن لتَجَمُّعَهم في الكنائس أصبح التعبير دارجا، لكنهم مسيحيون، ديانتهم مسيحية يعيشون في بلاد مختلفة. المهاجر الذي في الخارج يسافر ويترك قلبه في مصر وكنائسنا التي في العالم هي أماكن مصرية يتجمع فيها الأقباط للعبادة ونتجمع بصورة منتظمة ولدينا ٣٥ إيبارشية في العالم في أمريكا وأوروبا وأفريقيا وأورشليم وأستراليا ومنطقة الخليج. العمل منظم لذا فالتواصل سهل.

وشيء هام الاستفادة من خبراتهم. والدولة تعمل على ذلك من خلال مؤتمرات وزيارات. والعلماء الذين في الخارج يكونون ممثَلَين في مجلس علمي يتبع مؤسسة الرئاسة لمتابعة الأنشطة العلمية، مثل د. مجدي يعقوب ود. فاروق الباز وم. هاني عازر وهكذا.

*ما رأي قداستكم في فكرة مؤتمرات "مصر تستطيع" التي أتت بفكرة العقول المهاجرة للاستفادة منها بالداخل؟

رائعة، لسه من حوالي أسبوعين كنت مع المهندس إبراهيم سمك وهو صاحب ابتكارات متعددة في الطاقة الشمسية وأفكار هؤلاء الناس واختراعاتهم ورؤيتهم ونظرياتهم العلمية يخدمون بها مصر. يوجد تواصل دائم وهذا شيء هام وحضرتك تعلمين "البعد جفاء". وباحاول الزيارة باستمرار للكنائس في الخارج وأرسل آباء أساقفة إلى هناك.

*الدين لله والوطن للإنسان واحدة من مقالات قداستك في جريدة الأهرام.. ولكن يرى البعض إشكالية في خلط الدين بالسياسة.. كيف تفسر لنا الأمر قداستك؟

الدين من الله والسياسية من الأرض والبشر. يمكن وصف الدين بشكل البيضة والسياسية بالزلطة، إذا وضعتهم مع بعض البيض يتكسر وفقدنا قيمة الأكل والزلط يلوث فقدنا قيمة البناء، لهذا فهناك ضرورة أن يكون هناك فصل كامل ما بين هذا وذاك. نذهب للكنيسة والمسجد للعبادة. لكن حضرتك تقصدين المواطنة وهذه لنا كلنا مجرد ولادتي على أرض مصر أصبحت مواطنا مصريا لي حقوق وعليَّ واجبات. وأتذكر العبارة التي ذكرت في ثورة ١٩ "الدين لله والوطن للجميع، الدين للديان والوطن للإنسان".

* من خلال متابعتي لمقالات قداستك في الأهرام بنعتبرها حكم وخلاصة للدراسات بنستشعر فيها بخيط أدبي كبير؟

بالرغم أن دراستي صيدلة لكن بعد التخرج ذاكرت "النحو". وقرأت لتوفيق الحكيم وأنيس منصور ومحمد حسنين هيكل. القراءة شيء مهم، كانوا دائمًا يعلمونا شيئا مهما، "read to lead" اقرأ لتقود. اليوم أقرأ في مجالات كثيرة.

*كيف ترى الفن بمفهومه الأصلي السامي؟

الفن أو Art إذا وضعنا حرف e في الأول وh في آخر الكلمة تصبح earth فالفن يحول الفراغ إلى شيء جميل أو ما هو خراب إلى كلمة مقدسة وكريمة. والفن العامل الأساسي به هو أصابع اليد، الرسم أو الخزف أو العزف وفي أصابع اليد الله يعملنا أشياء كثيرة لأنه يجب التنوع في حياتنا والتنوع سبب الغنى والجمال والتنوع يكملنا والتكامل يجب أن نفهمه كلنا لكي نعيش.

* ورد بالكتاب المقدس، رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ".. كيف ترى قداستك التغير الذي طرأ على روح الفكر المصري بعد ثورتين، خاصة أننا نجد البعض خرج عن الأصول التي تعودناها وتربينا عليها؟

بلا شك أعتقد أن علماء الاجتماع لديهم حاليًا، مادة غزيرة على التغير الذي حدث في السلوكيات المصرية. وفي ناس فهمت الثورات خطأ.

وعايز أقول لحضرتك أننا شعب متدين نحب الدين من أيام الفراعنة فهم تركوا لنا معابد ومقابر وإخناتون تحدث عن التوحيد كل هذا يؤكد أننا شعب نحب الدين. وفي نفس الوقت نرفض أن نحاكم بالدين وربما هذا بعض الاخطاء التي حدثت سابقا. ونشكر الله أن مصر تستعيد صورتها السابقة وعدم وجود ثقافة وتعليم كافٍ والدور السلبي للإعلام، كل هذه عوامل غيرت في الشعب المصري. ومصر معتدلة ونحن نعيش حول نهر النيل ونتعلم منه الاعتدال والوسطية، وحتى الآن النهر يمثل واجهة اجتماعية ونتعلم منه روح الوحدة. والوحدة الوطنية لم تتم بفعل فاعل بل بفعل الجغرافيا. الفرق الوحيد أن حضرتك تدخلين مسجدا وأنا كنيسة ولكننا نعيش في كل شيء في التعليم والشوارع.

 

** لقد فطرنا الله على حب الحياة وكافة الديانات حرمت قتل النفس ورغم ذلك يوجد بيننا المتطرفون والإرهاب الذين يجعلوننا نموت في كل لحظة مابين الكنيسة البطرسية ومسجد الروضة كيف ترى قداستكم مواجهة الفكر والإرهاب ؟


 مواجهة الفكر المتطرف تبدأ بقاعدة قوية من التعليم، يكون فعال وقوي ونتعلم فيه حب الله والآخر والطبيعة، فهي مسكننا الأوسع ونحافظ عليها.
التعليم هو المدخل الصحيح لحفظ سلامة المجتمع ويجب أن يوجد تجديد في التعليم وزيادة جرعات الثقافة في كل مكان. والفن أحد الوسائل الراقية فكيف تكون الثقافة راقية ؟ والقراءة أيضًا ومحبتها ثم الإعلام يجب أن يصدر صورة حقيقة وليست سلبية بل تقديم العناصر الإيجابية الفعالة ويجب توافر عنصر التشجيع والفنون التي كانت في مدارسنا الحكومية. هذه العناصر تُوجِد لدى الإنسان رغبة وتجعل نفسية الإنسان مستريحة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز