عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

سميرة داود تكتب: الأستاذ السايس.. عائق الطريق

سميرة داود تكتب: الأستاذ السايس.. عائق الطريق
سميرة داود تكتب: الأستاذ السايس.. عائق الطريق

امتثلت الصديقة وأنصتت لصوت جرس شجي خفي من الأعماق، يصرخ يهز كيانها، يدفعها دفعا إلى التسلل والفرار من سكون المكان، واعتكافها الاختياري.



إنها حالة من شكوى الروح وضجيج النفس من رتابة الحياة وتكرار مشاهد صورها.

ركبت السيارة، وانطلقت بها مسرعة، لا تدري إلى أي وجهة هي تسير، لعل زحام الطريق وشغفها بقراءة وجوه البشر وتفاصيلها المحيرة دومًا، تؤنس وحدتها، تشمس روحها، تحرض ذاكرتها البصرية على التأمل، على تخزين لقطات ومشاهد من سينما الحياة، غير مرئية أحيانا بعيون الآخرين.

 تقودها العربة إلى طرق وشوارع غريبة عجيبة، لا تدرك أين هي وما هي فاعلة؟ هل تغادر عربتها وتترجل على قدميها تاركة إياها في مكان ما؟ هربا من زحام الطريق وتكدسه، أم تنعم بحلم العودة إلى محرابها وسكونها بنفس وروح شاكية يائسة.

وبينما هي غارقة في صراع أفكارها، في شرودها، تراءى لها على حين غرة، رجل يلوح بكلتا يديه كعادته دوما، بثياب غير مهندمة، لاستدراك عطف سائقي المركبات ".. عريض المنكبين.. يرتدي "كاب" على رأسه.. ذو مقلتين تتحركان سريعا.. ترمقان كالسهم صوب الهدف لاقتناص الفريسة"، العربة القادمة تجاه الرصيف.

 يحمل على أحد كتفيه فوطة صفراء "لزوم اللاعمل".. وفي إحدى يديه صفارة إنذار.. يتلاعب بها كيفما يشاء، غير مبالٍ، فيضيف إلى الصخب صخبا، وإلى الأنين أنينا، ولا حياة لمن تنادي، تلوث سمعي بصري.. يستشري في أرجاء المعمورة.

نتاجه سيمفونية نشاز.. عازفوها باعة جائلون.. منادي سيارات.. صوت أبواق لعربات مكدسة، وبنايات عشوائية غير متجانسة. رجل بطاقية لخفة، يختفي تارة ثم يخرج من باطن الأرض، ليعتلي خشبة المسرح تارة أخرى، بحركات تمثيلية بهلوانية لإقناع صاحبي السيارات، بأنه بطلهم المغوار وطوق نجاتهم. يركض هنا وهناك، أحيانا لركن إحدى السيارات، وأحيانا أخرى يلوح بيديه دون سابق إنذار، لإعاقة سير المركبات، لتنطلق مركبة أخرى راكنة على رصيف من لا يملكون حق الترجل عليه، بلبلة وفوضى في الطريق.

يعلو صوته دوما، كثيرا ما يثير الشغب والعراك مع بعض فئات راكبي السيارات، يتحصل على نقود ليست من حقه "جباية"، يمتلك الشارع طوله وعرضه، دون وجه اعتراض لأحد من رجالات المرور.

وبهذا يحق لنا أن نتوجه بجائزة سلبية، مزينة بلون قاتم، مخطوطة بكلمات مأثورة، ألا وهي "جائزة مهداة إلى الممثل المسرحي المبدع ذي الاستعراضات البهلوانية المتميزة الأستاذ "السايس.. عائق الطريق".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز