عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

المزارعون الأمريكيون وراء الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين

المزارعون الأمريكيون وراء الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين
المزارعون الأمريكيون وراء الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين

كتب - هدى المصرى

يبدو أن المزارعين الأمريكيون أحد الأسباب الرئيسية، التي دفعت ترامب إلى التراجع عن لهجة التصعيد والضغط التي اتبعها تجاه الصين خلال العشرة شهور الماضية، لأغراض تفاوضية، وللضغط على الجانب الصيني من أجل قبول تقديم تنازلات تجارية لصالح واشنطن.



 فتغير موقف ترامب، من التصعيدي إلي المهادن في معركة الجمارك مع الصين، يؤكد يقينه بقدرتها في التأثير على توجهات الناخب الأمريكي خلال الفترة الممتدة من الآن وحتى الانتخابات التي ستجرى بعد نحو عام ونصف عام من الآن، وهذا التأثير يرتبط بالطبع بمصير الحرب التجارية بين البلدين.

وفيما يري مراقبون ان الصين تسلحت بحزم وعزيمة في خلافها التجاري مع واشنطن، باتخاذها أسلوب الرد السريع علي تمادي الادارة الامريكية بفرض رسوم جمركية على المنتجات الصينية التي أعتاد عليها واعتمدها المستهلك الأمريكي منذ عشرات السنين.

فإن بكين نجحت بالفعل بضرب مصالح القاعدة الانتخابية المؤيدة لترامب في أوساط المزارعين، وشركات النفط والغاز. حيث تعتبر السوق الصينية من أهم وأكبر أسواق الصادرات الزراعية الأمريكية، خصوصا فول الصويا والذرة واللحوم والنبيذ. وقد استهدفت الصين هذه السلع، مما أدى إلى خسائر كبيرة في القطاع الزراعي الأمريكي، أضطر على أثرها ترامب إلى وضع برنامج بمليارات الدولارات لتعويض المزارعين. بالإضافة الي قرار الصين بفرض رسوم جمركية انتقامية على النفط والغاز المستورد من الولايات المتحدة، أدى إلى تضرر الشركات الأمريكية التي خسرت حصة في أكبر أسواق الدول المستوردة للنفط في العالم.

وقبل أسبوعين، أقر وزير الزراعة الأمريكي سوني بيرديو بأن المزارعين الأمريكيين هم “ضحايا” لحرب الرئيس دونالد ترامب التجارية مع الصين.

وكان بيرديو قد توقع عدم التوصل إلى اتفاق تجاري بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت في اليابان أواخر الشهر الماضي، وقال أثناء مقابلة له مع قناة - سي إن إن - الأمريكية إنه يأمل في إبرام اتفاق بين البلدين بنهاية العام.

فالمزارعون الأمريكيون، وهم الكتلة الانتخابية الرئيسية التي ساعدت ترامب المنتمي إلى الحزب الجمهوري على الفوز بالانتخابات في 2016، كانوا الفئة  الأكثر تضررا من النزاع التجاري مع الصين.

وهذا ما أعترف به الوزير الامريكي وقال بوضوح: “نعم، أعتقد أنهم أحد ضحايا الخلل التجاري… كنا نعلم أنه عندما نعاقب الصين فإن الرد، إذا جاء، سيكون ضد المزارعين”.

 وهذا هو السبب الذي جعل ترامب نفسه يحاول تعويض المزارعين جراء الضرر الذي لحق بهم، حيث قدمت لهم إدارته الشهر الماضي حزمة دعم بقيمة 16 مليار دولار لتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها من الحرب التجارية المستعرة منذ عشرة أشهر مع الصين.

وكانت الصين في السابق وجهة لما يزيد على 60 بالمئة من صادرات فول الصويا الأمريكية.

في هذا السياق، يرى مراقبون أسبابا منطقية وراء السياق التراجعي للإدارة الامريكية في المفاوضات التجارية مع الصين، والتي تمثلت في الإعلان عن استئناف المفاوضات التجارية بين البلدين، مع موافقة واشنطن على عدم فرض رسوم جمركية جديدة على وارداتها من الصين بعد لقاء الزعيمين "ترامب" و"شي" على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا.

وهذه الأسباب يربطها المراقبون بالحسابات السياسية الداخلية قبيل الانتخابات الامريكية 2020، فإذا كانت بكين ليست هي من سيصوت في الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب أو ضده، إلا أنها تملك قدرة هائلة على التأثير في قطاعات واسعة من الناخبين وأصحاب المصالح في الولايات المتحدة.

وشعور الإدارة الامريكية بالقلق ازاء هذا الأمر، كشف عنه تصريح أحد المسؤولين الأمريكان لصحيفة واشنطن بوست، عندما أكد أن إدارة ترامب تراقب جهود الصين للتأثير على الانتخابات الأمريكية. وتتوقع بإن بكين لن تسلك سبلا مباشرة وعلنية، وبالطبع لديها القدرات والإمكانات التي تمكنها من التدخل والتأثير في السياسة الأمريكية بنفس القدر الذي قامت به روسيا في تدخلها بالانتخابات الأمريكية 2016.

ومما لا شك فيه أن العامل الاقتصادي من أهم العوامل المؤثرة في قرار الناخب الأمريكي، ومن هنا تكمن بواعث القلق الامريكي من استهداف الصين قطاعات محددة وعلى رأسها قطاع الزراعة؛ حيث تزيد تقليديا فرص تأييد المرشح الجمهوري في الولايات الزراعية، كما كانت هذه الولايات من بين أهم الولايات التي منحت تأييدها للرئيس ترامب.

فالصين هي رابع أكبر مستورد للسلع الزراعية الأمريكية؛ حيث بلغت الصادرات الأمريكية من المنتجات الزراعية للصين نحو 9.3 مليار دولار في عام 2018، وهو عام تأثرت فيه هذه الصادرات سلبا نتيجة فرض رسوم جمركية انتقامية في شهر سبتمبر الماضي من قبل الصين على وارداتها الزراعية، بعد أن سبق وفرضت الولايات المتحدة رسوما على الصادرات الصينية.

وسبق أن تحدثت وسائل الاعلام الامريكية عن اشتداد المعارضة لسياسات "ترامب" التجارية مع تصاعد الاحتكاكات مع بكين داخل مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، خاصة من الأعضاء القادمين من مقاطعات زراعية، بسبب ما تلقته اقتصاداتهم المحلية من ضربة صينية، إثر زيادة الرسوم على صادراتهم من جانب الصين.

والأهم من ذلك هو ما نتج عن فرض الولايات المتحدة رسوما على الصادرات الصينية من تأثير على اتجاهات التصويت في الولايات الزراعية في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في شهر نوفمبر الماضي.

هذه الأسباب من المحتمل ان تكون السبب الرئيسي في حدوث هدنة في الحرب التجارية المستمرة بين الدولتين منذ عام و التي كلفت الشركات مليارات الدولارات، و من الواضح ان بكين ليست وحدها الطرف المستفيد من هذه الهدنة التي تصب في صالح القطاع الزراعي الامريكي المتضرر أيضا جراء الحرب التجارية، حيث أكد ترامب أنه سيسمح ببيع تقنيات الشركات الأميركية لشركة هواوي الصينية، في حين ستشتري بكين المزيد من المنتجات الزراعية الأميركية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز