عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ماذا قالت الصحف يوم «23 يوليو»؟

ماذا قالت الصحف يوم «23 يوليو»؟
ماذا قالت الصحف يوم «23 يوليو»؟

كتبت: ابتسام عبدالفتاح



تباينت مواقف الصحف المصرية فى تغطيتها وتناولها لأحداث ثورة 23 يوليو 1952، بين مؤيد ومعارض. وبينما اتسمت مواقف بعضها بالتحفظ تجاه الثورة فى البداية ثم تحولت تدريجيًا إلى تأييدها، وقفت الصحف التى كانت تمثل بعض التيارات المقربة من الملك فاروق وأعوانه فى الجهة المقابلة المتحفظة والرافضة لتلك الثورة. وانعكست مواقف الصحف فى الأيام الأولى للثورة على الوضع الصحفى اللاحق بعد نجاحها، وذلك باستمرار الصحف المؤيدة فى الصدور، بل تحول بعضها إلى معبر عن الثورة ونظامها.



الصحافة قبل الثورة

تباينت مواقف الصحف إزاء بعض القضايا التى حدثت قبل ثورة 23 يوليو 1952، مثل معاهدة 1936، وتدخل 4 فبراير 1942، وانتفاضة 1946، وحرب فلسطين 1948، وحريق القاهرة 1951، وصولاً إلى ملف الملكية الزراعية.


وفيما يتعلق بمعاهدة 1936، حظيت بتأييد كبير من قبل الصحف الوفدية، فى حين هاجمها «الأحرار الدستوريين». وبدأت الصحف المصرية حملة قوية تطالب حكومة «النقراشى» بالتحرك لبدء مفاوضات لتعديل المعاهدة، خاصة جريدة «الوفد»، و«روزاليوسف» المستقلة، التى نشرت مقالات تدعو فيها الشباب إلى اتباع طريق الاغتيال، إذ لم يتمكن زعماؤهم من تحقيق أمانيهم الوطنية فى الاستقلال، ما عرضها للمصادرة.


وتناولت الصحافة أنباء تظاهرات «انتفاضة 46» بطريقة مؤثرة، بهدف إشعال نار الحقد والكراهية ضد الوزارة والإنجليز، ما اضطرت الوزارة إلى الاستقالة، وتولى إسماعيل صدقى تشكيل الوزارة الجديدة، لكن المظاهرات استمرت وحدث اشتباك بين المتظاهرين والإنجليز وصل ذروته فى 21 فبراير 1946، حين أطلقت المركبات العسكرية المسلحة النار على المتظاهرين ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد منهم.


واستغلت الصحافة هذه الحوادث لتوجيه ضرباتها ضد بريطانيا، ما أدى لاستياء القائم بالأعمال البريطانى، ودفعه لمطالبة إسماعيل صدقى بالحد من هجوم الصحف المصرية على بريطانيا.


لكن الصحافة المصرية لم تستسلم للتهديد، وامتلأت صفحاتها، على اختلاف اتجاهاتها السياسية، بالتنديد بالإنجليز، وكتبت جريدة «الوفد» داعية المواطنين إلى الإضراب، باعتباره وسيلة للاحتجاج ضد الاستعمار، فتمت مصادرتها، كما نشرت «أخبار اليوم» وثيقة بريطانية تضمنت أمراً عسكريًا بإطلاق النار على الجنود المصريين.


وبعد فشل مفاوضات «صدقى» فى فيينا، بدأت الصحف المصرية فى الدعوة إلى ترك سياسة المفاوضات واللجوء إلى الأمم المتحدة، فكتبت «صوت الأمة» منددة بسياسة المفاوضات قائلة: «إن الروح بلغت الحلقوم بجمود المسئولين المصريين المتولين فى هذا العهد ولا يطيق عقل أن تكتفى مصر بالبيانات والنداءات والمذكرات البريطانية».


وتواصلت حملة الصحف المصرية ضد بريطانيا، بقيادة صحيفتى «المصرى» و«أخبار اليوم»، التى نشرت عدة مقالات تحت عنوان: «كيف تحول الحلفاء إلى أعداء»، عملت فيها على تأريخ المواقف الإنجليزية المضادة للحركة الوطنية.


وشنت «الأهرام» و«المصرى» هجومًا شديداً على بريطانيا، لعدم اعترافها بإلغاء معاهدة 36، ونشرت فتوى من رجال الدين تبيح قتل المستعمرين الإنجليز، وهاجمت الصحف الحزبية والمستقلة تصرفات الإنجليز فى منطقة القناة.


حكاية شعب 


وتنشر صحيفة «الاشتراكية»: «لا تراجع بل إلى الأمام»، لتثير روح النضال فى النفوس وتطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الإنجليز وتصفهم بالسفاحين، كما تنشر «الأهرام» حوادث إطلاق النار على القوات المسلحة المصرية.

واحتضنت الصحافة المصرية قضية فلسطين، وأخبار القضايا المتفرعة عنها مثل قضية الأسلحة الفاسدة. ويُجمع الرواة الذين عايشوا هذه الفترة، وأبطال أحداثها، على أن قضية الأسلحة الفاسدة من العوامل المباشرة التى عاونت وعملت على التعجيل بثورة 1952.


واعتبر الصحفيون إثارة قضية الأسلحة الفاسدة واجبًا وطنيًا ضمن قضايا الوطن، وقال إحسان عبد القدوس وقتها إن معركة الصحافة مع السلطة الحاكمة، ممثلة فى القصر الملكى والحكومة، هدفت إلى إثارة الرأى العام العسكرى لكى تحدث حركة فكرية داخل الجيش المصرى، بعد أن التهبت عواطف الجماهير وسائر قطاعات المواطنين.

 



الصحافة خلال أيام الثورة


اتخذت «الأهرام» موقفاً مؤيداً بصورة قوية لثورة 23 يوليو 1952، بل لعبت دورًا تحريضيًا فى إشعالها، بعد أن واصلت نقد الملك ونظامه قبل فترة وجيزة من الثورة.


ونشرت «الأهرام» البيان الأول للثورة، وكانت أول صحيفة تذكر أسماء ومواقف «الضباط الأحرار»، وهاجمت الأحزاب و«الوفد»، رغم أن موقفها قبل الثورة اتسم بالحياد، وكانت لا تفضل حكومة على أخرى وتقف بشكل عام مع الاستقلال والحياة الدستورية.


أما صحيفة «البلاغ» فاتخذت موقفاً «متحفظًا» فى تأييد الثورة، خلال أيامها الأولى، لكن هذا الموقف بدأ فى التحول التدريجى مع سيطرة القادة الجدد على البلاد، حتى تحولت إلى التأييد فى نهاية المطاف.
وجاءت عناوين «البلاغ» فى 23 يوليو 52: «القائد العام يمر بشوارع القاهرة .. احتلال محطة الإذاعة اللاسلكية»، وفى يوم 24 نشرت الجريدة موضوعاً بعنوان: «مرشد الإخوان المسلمين لا يشترك فيها.. هدوء الحالة فى جميع أنحاء البلاد».


وفى يوم 29 يوليو، نشرت الجريدة هذه العناوين:


وثائق تضم الدليل على الفساد والرشوة. 


الشعوب العربية تشارك الشعب المصرى ابتهاجه.


الملك السابق أغفل رغبات الشعب.


وأيدت جريدة «أخبار اليوم» الثورة منذ أيامها الأولى، وزاد حماسها للقادة الجدد وخطواتهم بعد ذلك، واستخدمت مصطلحات مثل «التطهير»، و«تم بحمد الله سيطرة الجيش»، وذلك فى وصفها لتحركات «الضباط الأحرار»، كما نشرت صورًا للرئيس محمد نجيب وهو يجوب شوارع القاهرة.


 واتخذت «أخبار اليوم» قبل الثورة موقف العداء من حزب «الوفد» والاقتراب من الملك، وبعد الثورة راهنت على جمال عبدالناصر ووقفت معه للنهاية.


وجاء فى مانشيت «أخبار اليوم» يوم 25 يوليو 52: «وقد تم بحمد الله للقوات المسلحة إقرار الأوضاع والأمن العام فى العاصمة ونما إلينا من بعض المصادر أن بعض ضباط القلم السياسى وهو القسم المخصص بوزارة الداخلية يعملون على الأخلال بالأمن العام ونهب المواطنين عدم الاستجابة لمروجى الفتنة والتزام كل فرد بواجبه فى حدود القانون».


أيدت مجلة «روزاليوسف» الثورة بصورة قوية منذ يومها الأول، فى الأعداد من 23 لـ28 يوليو 1952، وركزت على انتقاد الملك فاروق وذكر مساوئه وعيوبه، كما نشرت خطابات حركة الجيش، وتفاصيل أملاك الملك فاروق فى الخارج بعنوان: «قصر الملك السابق فى إنجلترا».


وسعت «روزاليوسف» لإظهار مساوئ وعيوب الملك فاروق، من خلال مقال لـ«إحسان عبدالقدوس» حمل العناوين التالية:


من كان يعلم أن الملك سينزل عن العرش؟


ملوك كتشينة وملك إنجلترا.


التقرير الذى وضع عن الملك بعد حادث القصاصين.


إن الطغاة لا يستسلمون ولا ينسون؟


لماذا نرحم الملك؟ هل رحمنا الملك؟


الرجل الذى أفسد الملك السابق.


واتسم موقف صحيفة «البصير» بالحياد فى تغطيتها لأخبار الثورة، وأخذت مسافة شبه متساوية بين الأطراف الداخلية والخارجية كافة، وغطت الأخبار بصورة شبه موضوعية، وذلك بوصفها الأحداث بأنها «حركة جيش»، لكنها غطت استقبال الرئيس محمد نجيب فى الإسكندرية ووصفت استقبال المواطنين له بالحاشد.


ونشرت الصحيفة بوم 24 يوليو: «حركة سريعة محكمة يقوم بها الجيش بقيادة محمد نجيب بك ومعاونة جماعة من الضباط».


وبينما كان موقف جريدة «المصرى» الوفدية مؤيدًا للثورة فى البداية، لكنها بدأت فى معارضتها عندما رأت استخدام شعار «التطهير» كحجة للقضاء على الحياة الحزبية وإلغاء الدستور.


أما جريدة «الاتحاد المصرى» التى كانت تصدر فى الإسكندرية لماهر حسن فرج فتابعت الأحداث، لكنها لم تشر بوجود ثورة إلا فى عددها يوم 29 يوليو بخبر عن «إجماع الدول العربية على تأييد حركة الجيش فى مصر» وأن «بريطانيا تعلن حدادها إزاء حوادث مصر الداخلية».


جريدة «مصر» لصاحبها لبيب المنقبادى جاءت مع الاتجاه العام المؤيد للثورة، وتحدثت عن الأخطاء السياسية للملك ومعاونيه، متهمة إياهم بالفساد ومبشرة بعصر سياسى جديد. واهتمت الصحيفة بنشر بيانات الجيش وأخبار الوزارة الهلالية، وبردود الفعل العربية تجاه حركة الجيش، بجانب قرار الرقابة العسكرية على الجرائد نظرًا لتشويه بعضها لحركة الجيش.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز