عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

شوكة «ناصر» التاريخية فى حلق الجماعة الإرهابية!

شوكة «ناصر» التاريخية فى حلق الجماعة الإرهابية!
شوكة «ناصر» التاريخية فى حلق الجماعة الإرهابية!

كتب - عبد المنعم شعبان

فى الساعة الثامنة إلا خمس دقائق من مساء يوم الثلاثاء 26 أكتوبر من العام 1954، وبينما كان يخطب جمال عبد الناصر، رئيس وزراء مصر حينها، فى ساحة ميدان المنشية بالإسكندرية، أطلقت فى اتجاهه ثمانى رصاصات، وسادت الفوضى فى الساحة المزدحمة بآلاف المواطنين الذين حضروا للاستماع إلى خطاب عبد الناصر الذى سيلقيه بمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء مع الإنجليز فى 19 أكتوبر من نفس الشهر.




أمسك عبد الناصر الميكروفون وردد فى كلمات مرتجلة: أيها الأحرار حياتى فداء لكم، دمى فداء لمصر.. أيها الرجال، أيها الأحرار، أتكلم إليكم بعد أن حاول المغرضون الاعتداء على، فدمى فداء لكم وحياة عبد الناصر ملك لكم. وأضاف: «أنا لست جبانا، أنا أعيش من أجلكم، من أجل عزتكم وكرامتكم وحريتكم».. تعالت هتافات الجماهير: «الله معك يا جمال»، ليحقق جمال الزعامة ويحتل القلوب، من موقف كان مخططًا أن يُقتل فيه.


وفى اليوم التالى، تم إعلان القبض على محمود عبد اللطيف الذى كان يعمل سمكرى فى إمبابة، ومعه ثلاثة ينتمون إلى جماعة الإخوان الذين دبروا محاولة اغتيال جمال عبد الناصر.. وأثبتت التحقيقات انتماء المتهم محمود عبد اللطيف إلى الجهاز السرى لجماعة الإخوان، وأن محاولة الاغتيال كانت جزءا من مؤامرة كبرى لاغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة و160 من ضباط الجيش للاستيلاء على الحكم.


وبعد الحادث بأيام، أصدر مجلس قيادة الثورة برئاسة عبد الناصر أمره بتأليف محكمة خاصة لمحاكمة المتهمين بمحاولة اغتياله باسم محكمة الشعب، وخرج ناصر من محاولة اغتياله رابحًا واحدة من أهم جولاته فى مواجهة الإخوان.

 

 


مواجهات حاسمة


محاولة اغتيال عبد الناصر التى جاءت فى إطار مؤامرة كبرى للاستيلاء على الحكم تشير بوضوح إلى أن أطماع الجماعة فى الحكم لها جذور تاريخية، وأن ما نشاهده الآن هو امتداد طبيعى لجماعة حاضنة تاريخية للإرهاب لا تؤمن بالوطن وتفعل كل شىء وأى شىء للوصول للسلطة، ويتضح أيضًا أن محاولة جماعة الإخوان الإرهابية استغلال ما جرى فى مصر منذ أحداث 25 يناير 2011 لصالحها بالقفز على الحكم، والتحريض على القتل والتخريب فى محاولة لهدم الدولة لم تكن هى الأولى، فقد سبق لهم وأن حاولوا اختطاف ثورة 23 يوليو إلا أن يقظة الزعيم جمال عبد الناصر أدت إلى إفشال مخططاتهم.


لكن المواجهات بين ناصر والإخوان كثيرة.. وكلها تشير إلى أن ناصر كان شوكة فى حلق الجماعة وعُقدتها التاريخية، رغم أنه عقب اندلاع ثورة 23 يوليو، حاول عبدالناصر احتواء الجماعة عبر الاستعانة بهم فى تأمين المنشآت، وهو الهدف الذى كشف مغزى اقترابه منهم، ومحاولة استمالتهم إلى جانبه، فقد كان يدرك أن لهم ظهيرا شعبيا فى الشارع ويستطيعون إلهاب عناصر البسطاء باستخدام الدين، فأمن مكرهم وفى نفس الوقت ليوظفهم فى خدمة وحماية الحركة الثورية الوليدة.. ومع ذلك وبمجرد أن أعلن عبدالناصر نهاية عصر الإقطاع وهو أحد أهداف قيام الثورة من الأساس، وألا تزيد ملكية الأراضى الزراعية للفرد على 200 فدان، خرج مرشد الإخوان وقتها حسن الهضيبى، ليعترض لأنه كان يمتلك أكثر من 500 فدان من أجود الأراضى الزراعية، ما مثل إحدى الصدامات المبكرة بين عبدالناصر، وجماعة الإخوان.


 جاءت المواجهة الثانية عقب طلب عبد الناصر من القوى الوطنية ترشيح بعض من يرونه يصلح لتولى حقائب وزارية من بينهم، وحدث أن جرى تخبط شديد من جانب مكتب الإرشاد والمرشد وأرسلوا إلى الضباط الأحرار قوائم عديدة وهنا اختار عبدالناصر الشيخ أحمد حسن الباقورى وزيرا للأوقاف فقد كان أزهريا وسطيا وفى ذات الوقت عضوا بمكتب الإرشاد، ولكن لم يكن اسمه ضمن الأسماء التى أرسلها الإخوان إلى عبد الناصر ليختار من بينها من يصلح لتولى حقائب وزارية.


طلب مكتب الإرشاد من الشيخ الباقورى، أن يتقدم باستقالته من الوزراة وعندما رفض جرى فصله من عضوية مكتب الإرشاد، كما رفض عبدالناصر طلبا من الهضيبى بالإطاحة بالشيخ الباقورى، بقوله إن الثورة نجحت ولن نقبل وصاية من أحد. كما رفض عبدالناصر طلبا للهضيبى بفرض الحجاب على نساء وفتيات مصر فى الوقت الذى كانت فيه نجلة الهضيبى تذهب إلى الجامعة دون حجاب.

 

 


ابتلاع الدولة


أكدت المواجهات السابقة أن ابتلاع الدولة من قبل الجماعة هو هدف أصيل وأكدت أيضًا أنه شىء مستحيل فى ظل وجود عبدالناصر، ولذلك بدأت جماعة الإخوان فى الانقلاب على الثورة من خلال تشويه 23 يوليو عبر أحد أهم رموزها وهو سيد قطب، الذى ابتدع ما أسماه «الحاكمية لله»، وهى القاعدة التى استندت عليها عناصرهم المتطرفة ومن خرج من عباءتهم فى إراقة دماء آلاف الأبرياء.
تم اعتقال سيد قطب، على خلفية «حادث المنشية»، وحُكم عليه بالسجن 15 عاما.. وفى عام 1964، تم الإفراج عنه، بموجب العفو الصحى، وكان من المفترض أن تهدأ الأوضاع لكن أفكاره وتحركاته أشعلا الموقف فقد كانت كتب «منظّر الجماعة» سببًا رئيسيًا فى التفات الأنظار إليه ومتابعة تحركاته، وتوصلت المخابرات المصرية إلى أن «قطب» أعاد إحياء التنظيم السرى للجماعة، ويخطط لاغتيال الرئيس وعدد من الشخصيات فى الدولة، بالتعاون مع دول أجنبية أمدت التنظيم بالمال والسلاح، فتم إلقاء القبض على جميع أعضاء التنظيم.. وبالفعل انتهت أحلام «قطب» فى أواخر عام 1965 فى زعامة الجهاد، والوصول بالجماعة إلى الحكم خلفًا لـ«عبد الناصر».


«تنظيم 65»


الوقوف أمام الاتهامات الموجهة لـ»تنظيم 65» جديرة بالاهتمام لإنها تشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه فى العديد من المواقف، فبعد تحويل القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا، تم تقسيم المعتقلين إلى 4 مجموعات، أكبرها وأشهرها المجموعة الأولى وكان على رأسها سيد قطب.


وكان نص الاتهام فى أوراق القضية رقم 12 لسنة 1965م: «المتهمون فى الفترة من سنة 1959 حتى آخر سبتمبر 1965 بالجمهورية العربية المتحدة وبالخارج حاولوا تغيير دستور الدولة وشكل الحكومة فيها بالقوة، بأن ألفوا من بينهم وآخرين تجمعا حركيا وتنظيما سريا مسلحا لحزب الإخوان المسلمين المنحل يهدف إلى تغيير نظام الحكم القائم بالقوة، باغتيال السيد رئيس الجمهورية والقائمين على الحكم فى البلاد وتخريب المنشآت العامة وإثارة الفتنة فى البلاد».


وأضاف نص الاتهام «أن أعضاء الجماعة تزودوا فى سبيل ذلك بالمال اللازم، وأحرزوا مفرقعات وأسلحة وذخائر، وقاموا بتدريب أعضاء التنظيم على استعمال هذه الأسلحة والمفرقعات، وحددوا أشخاص المسؤولين الذين سيجرى اغتيالهم، وعاينوا محطات توليد الكهرباء والمنشآت العامة التى سيخربونها، ورسموا طريقة تنفيذ ذلك، وتهيأوا للتنفيذ الفعلى، وعينوا الأفراد الذين سيقومون به، ومنع ضبطهم إتمام مؤامراتهم، وكان المتهمون السبعة الأول هم المتولين زعامة التنظيم».


ورغم إفساد المخطط وتنفيذ حكم الإعدام فى سيد قطب يوم 29 أغسطس 1966، فإن أفكاره وكتبه بقيت دستورًا لكل الجماعات المتطرفة التى خرجت من رحم الإخوان وقد شاهدنا بعد الإطاحة بحكم الإخوان وعزل مندوبهم فى قصر الاتحادية محمد مرسى فى ثورة 30 يونيو المجيدة بدأت الجماعة الإرهابية فصلا جديدا من تاريخها الدموى رافعين شعار «يا نحكمكم يا نقتلكم» فى وجه المصريين.. لتثبت أنها لم تكن يومًا دعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، بل كانت دعوة سياسية تتستر بالدين وتطمح إلى السلطة وتفرض أفكارها بالقوة، ولا تتردد أو تتورع فى سبيل تحقيق أهدافها عن إرهاب الخصوم وسفك دمائهم، وتشويه كل من يكشف مخططاتهم التدميرية. لذلك لا تفوت جماعة الإخوان الإرهابية أى مناسبة خاصة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلا وجددت الهجوم عليه، وإلحاق كل الاتهامات به.. ولعل ذلك يكون لنا عبرة ودرسًا تاريخيًا فيما يعيده أحفاد البنا حاليًا من تدمير وتخريب وتشويه وادعاءات كاذبة وباطلة تطال رجالا وأبناء مخلصين لهذا الوطن.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز