عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. خيري المرسي يكتب:هل أصبحت المضادات الحيوية كارثة طبية؟

د. خيري المرسي يكتب:هل أصبحت المضادات الحيوية كارثة طبية؟
د. خيري المرسي يكتب:هل أصبحت المضادات الحيوية كارثة طبية؟

كان اكتشاف المضادات الحيوية في بداية القرن الماضي حدثا هائلا أضاف الكثير إلى المنظومة الطبية في العالم بأثره فقد عالج الكثير من الأمراض البكتيرية التي لم تكن تعالج آنذاك ولا تزال هذه الأدوية لها أهمية قصوى في هذا الصدد ولكن أصبح سوء استخدام هذه المضادات الحيوية يمثل كارثة صحية واقتصادية كبرى للمصريين لعدة أسباب.



 أولها الاستخدام المفرط دون داعٍ حقيقي في أغلب الأحوال من قبل المريض نفسه حيث يقوم دون استشارة طبيبه بشراء واستخدام المضادات الحيوية لكثير من شكواه لا تفيد هذه الأدوية في علاج الكثير منها.

ثانيا وصف الكثير من الصيادلة لهذه الأدوية دون الرجوع للطبيب المختص وأصبحت عادة الذهاب إلى الصيدلي لوصف الدواء بدلا من الذهاب إلى الطبيب المتخصص عادة متجذرة في المجتمع المصري لأسباب اقتصادية وثقافية عدة.

ثالثا عدم إلمام الكثير من الأطباء المعالجين للدواعي الحقيقية لاستخدام هذه المضادات الحيوية وأنواعها المختلفة ودواعي استخدام كل نوع منها فأصبح الكثير منهم يصفونها إما بلا داعٍ حقيقي أو استخدام بعض الأنواع منها في غير موضعه خاصة في مجال طب الأسنان وجراحة الفم والوجه والفكين الذي أعمل به.

وقد أدى ذلك إلى كوارث طبية واقتصادية عديدة نتيجة سوء الاستخدام هذا نذكر منها عل سبيل المثال للحصر.

أولا الأضرار الصحية على المريض وبصفة خاصة الكبد والكلى اللذين يعانيان أصلا من مشاكل هائلة في مجتمعنا المصري، كما أثبتت بعض الدراسات أن كثرة تناول المضادات الحيوية خصوصا الأطفال تضاعف الإصابة بالتهابات المفاصل كما أن للمضادات الحيوية تأثيرا ضارا على النخاع العظمي ما يؤدي إلى نقص في خلايا الدم المختلفة، خاصة كرات الدم البيضاء بشكل يثبط مقاومة الجسم للأمراض المختلفة، كما أنها تؤثر على الجهاز الهضمي حيث تؤدي إلى الشعور بالغثيان والقيء، كما تعمل على نمو كثير من الفطريات بالجهاز الهضمي وحدوث تقلصات وانتفاخ بالأمعاء وبعض حالات الإسهال الشديد. وأيضا هناك مضادات حيوية أخرى قد تؤثر على الأعصاب الطرفية بالجسم وقد تؤدي إلى آثار ضارة بمراكز المخ المختلفة.

ثانيا الأضرار الاقتصادية للأفراد وتأثيرات ذلك على الاقتصاد القومي وخسارته بالمليارات سنويا دون إفادة بل ضرر حقيقي.

ثالثا على المستوى الصحي العالمي فإن استخدام المضادات الحيوية من دون سبب حقيقي أو بطريقة غير صحيحة أو الفترة الكافية اللازمة للقضاء المبرم على الميكروبات المسببة للمرض يؤدي إلى استنساخ أنواع جديدة من البكتيريا لا تتأثر بهذا الدواء وبذلك تفقد هذه المضادات الحيوية تأثيرها ويصبح استخدامها عديم الجدوى وهذا يؤدي إلى انتشار كثير من الأمراض الخطيرة وغير النمطية التي لا تؤتي المضادات الحيوية معها نفعا.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن زيادة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية نتيجة سوء استخدامها تهدد بعودتنا إلى حقبة ما قبل البنسلين في عشرينيات القرن الماضي حيث يمكن لأقل عدوى أن تكون مميتة، وهناك عدد من البكتيريا المقاومة الآن لكل العقاقير الطبية. وسيزداد الرقم الحالي إلى أعداد أكبر، ما لم تطور مضادات حيوية أقوى جديدة ويتم التوقف عن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية.

وقالت مديرة منظمة الصحة العالمية في أوروبا إن "المضادات الحيوية تعد اكتشافا نفيسا، لكننا نفرط في استخدامها ونسيء هذا الاستخدام. وهناك الآن الكثير من الميكروبات التي لا تستجيب لأي دواء "لذا نحن بحاجة لرفع حالة التأهب لأننا نقف عند نقطة حرجة في الزمن حيث مقاومة المضاد الحيوي بدأت تصل إلى مستويات غير مسبوقة والمضادات الحيوية الجديدة لن تصل إلينا بالسرعة الكافية".

ومن الجدير بالذكر أن الكثير من جراحة الأمعاء إلى علاج السرطان إلى عمليات زرع الأعضاء- يعتمد على قدرتنا على علاج العدوى، وإذا دمرت البكتيريا المقاومة تلك القدرة فإن صرح الطب الحديث بكامله سيتداعى.

وأنه "للمضي قدما من المهم جدا أن نحافظ على ما لدينا من مضادات حيوية-واستخدامها بعناية وبتدبر- وأن تقوم شركات الأدوية والجهات المنظمة بدعم تطوير وإجازة مضادات حيوية جديدة".

لذا وجب التنبيه ولفت النظر إلى هذه الكارثة الصحية الاقتصادية والاطمئنان على تجنب ما سبق ذكره.

أستاذ جراحة الفم والوجه والفكين

جامعة القاهرة

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز