عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

عرض "سينما مصر" يخوض معركة النهوض بالسينما المصرية

عرض "سينما مصر" يخوض معركة النهوض بالسينما المصرية
عرض "سينما مصر" يخوض معركة النهوض بالسينما المصرية

كتبت - سوزى شكرى

أقف أمام مسرح مركز الإبداع الفني "ستديو المواهب" الساعة الثامنة مساء، موعد عرض" سينما مصر" 67 شابًا الدفعة الثانية قسم التمثيل رؤية وإخراج خالد جالد، وعلى باب المسرح يستقبلك الأستاذ بكل ما في الجملة من معنى الأستاذية المخرج "خالد جلال" وبترحاب وابتسامة تفاؤل، ويدعوك لدخول المسرح، وبمجرد دخولك ستجد أمامك ستارة المسرح، تحتضن شاشة السينما كحالة العشاق الذين فرقتهم الأزمنة وعاد كل منهما إلى الآخر بنفس اللهفة.



 نعم.. إنها سينما على المسرح، على خشبة المسرح يقف نجوم شباب وشابات يشاهدون فيلم " الليلة الأخيرة" بطولة فاتن حمامة ومحمود مرسي وأحمد مظهر، ويعاد المشهد تكرارًا ومرارًا، وبصوت الرائعة فاتن حمامة وهي تقول "أنا نادية مش فوزية"، من هنا كانت بداياتي وحيرتي مع العرض، "نادية" تلك الشخصية التي تحمل ذاكرة مشوشة مغيبة بفعل فاعل وبسوء نية، واستغلها " شاكر" محمود مرسى وجعلها تعيش شخصية غير حقيقتها ترفضها بقلبها وعقلها.

ويبدأ العرض بنجوم الشباب، وتمثيل مشاهد متفرقة، وتوليفة من أروع وأهم أفلام الزمن الجميل، والتي شكلت الوجدان المصري الجمعي على مدار 100 سنة، مشاهد نُقلت إلينا من شاشة السينما إلى خشبة المسرح، قدمها الشباب بمرونة وتوافق وربط سياق الأداء السينمائي بالأداء المسرحي، لأن الوقوف خلف الكاميرات يختلف عن الوقوف على خشبة المسرح أمام جمهور لمدة ثلاث ساعات متواصلة، وكم تمنيت إلا ينتهي العرض.

لقطات الأفلام من اختيار الشباب بأنفسهم من بينها: "الزوجة الثانية، ابن حميدو، صغيرة على الحب، بين القصرين، شباب امرأة، اسماعيل يس في الأسطول، أين عمرى، جميلة بو جريد، الحفيد، عفريتة إسماعيل يس، سكر هانم، سلامة في خير، أيام السادات، عرق البلح، معبودة الجماهير، وغيرها من اللقطات قدمها 67 نجمًا طاقات إبداعية لا حدود لها، من الجانب التمثيلي هم لم يقدموا تقليدًا أو محاكاة لشخصيات رغم التزامهم بالنصوص الأصلية للمشهد، وهما أيضا ليسوا متشابهين مع نجوم الزمن الجميل في الشكل أو الملامح، إلا أن التطابق الوحيد في قدراتهم على اقتناص روح الشخصية، وأضافوا بصماتهم على الشخصيات.

منح المخرج "خالد جلال" الشباب الحرية في اختيار المشاهد بأنفسهم، إلا أن من اختياراتهم وصلتنا العديد من الرسائل المعلنة والضمنية، الاولى: رسالة محبة وعشق واحترام لنجوم الزمن الجميل، والثانية: رسالة عتاب ولوم إلينا جميعًا ومعهم كل الحق في هذا العتاب، بالفعل ماذا حدث للسينما المصرية بعدما تركوها عملاقة التمثيل؟، والرسالة الثالثة: أن خالد جلال المخرج يخوض معركة النهوض بالسينما المصرية بأولاده من الشباب، ومن مرجعية التراث، الذي مهما حاول الأعداء التشويش عليها، سنجده يقف على مسرح الإبداع ومن خلفه محاربون يصرخون بأنهم أحفاد العملاقة وسيظلون منهم ولهم.

وعلى جانب آخر من العرض، الإبهار والتكامل في أن يقوم 67 شابًا وشابة تنفيذ هذه المشاهد بهذه القدرة والكفاءة المتقنة، والبارعة التي تهتم بالتفاصيل البسيطة «المخرج المنفذ علا فهمي»، تبديل الديكور دون أن نرى من الذي قام بالتبديل، مجموعات من المكعبات - مقعد – مكتب – منصة – سرير وغيرها، الإضاءة جزء كبير من التأثير الدرامي لبعض المشاهد، الأزياء والملابس، وعامل جذب لا يقل أهمية عما قدم في التمثيل، لابد أن نشيد به، هو الاصوات الشابة الغنائية والربط بين المشاهد بنغمات وكلمات تمس القلوب، أصوات تعزف تسحبك معها إلى عالم آخر، إنها أشعار عماد عبدالمحسن وألحان منار الشاذلي.

ومن بين مشاهد الأفلام، نجد ظهورًا متكررًا لشخصية" نادية " التي تحاول أن نستعيد ذاكراتها، وتجد في طريقها "صلاح " حبها الأول، والطيب المعالج "مجدى"، والاثنان يدعماها لتعود إلى حقيقتها، نجد "شاكر" يحاربها بقسوته لتظل مغيبة، ومع تتابع المشاهد نجد أن شخصية "شاكر" ليس شخصًا واحدًا، بل إن في الحياة حولنا قد نتقابل مع كثيرين أمثال " شاكر"، هم أعداء التاريخ الذين يتعمدون أن نفقد هويتنا لنكون بلا هوية إلا أن جيل الشباب يرفض نسيان تاريخه، جيل جاء ليحمى تراثه، ويعيد إليه الروح، ويعود بنا إلى جذور الفن الأصيل، التي حين افتقدناه انفصلنا عن المسار الصحيح للفن..

الشباب على خشبة المسرح، زهور تتفتح أريد أن أمنح كل منكم "وردة"، مكتوب عليها " تعيشي يا ضحكة مصر"، ممثلون وممثلات وأداء تمثيل عالٍ، ففي الأداء الدرامي لبعض المشاهد بكيت معهم، كأني جزء من المشهد، وفى الأداء الكوميدي ضحكت من القلب تلك الضحكة التي نطلق عليها "ضحكات زمان"، إلا أنى بين مشهد وآخر احتبست بعيني دمعة، وأخفيت وجهي بيدي وتحدثت مع نفسي بحسرة وندم وألم إلى هذا الحد وقعنا في فخ النسيان أم تناسينا دون قصد.

 وقبل نهاية العرض، وجدت طيفًا دون ملامح، كون بفعل دخان على المسرح، أنه خيال ضبابي يشبهني تمامًا، نعم هذا أنا أقف خلفكم على المسرح، وأقول: أنا "نادية وسأظل نادية، نادية الحب والخير والجمال والأصالة، ولن يجرؤ - أي شاكر- أن يفقدني هويتي المصرية الاصلية، فهم من علمونا لنبقى، وهم صناع التاريخ لنحيا، اختيار المخرج خالد جلال، أن يكون فيلم "الليلة الاخيرة" هو ربط رمزي تم توظيفيه للوصول إلى ما ذكرناه من رسائل، ويبقى لي أن أتفرغ في المقالات المقبلة.. إليكم أيها المحاربون الجدد نجوم سينما مصر.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز